الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصة: بمعنى أخر

لحسن هبوز

2012 / 4 / 14
الادب والفن



... هل تستهويك الحياة كما تستهويني؟
طفل صغير يملأ لعبته بماء الصابون، وما هي إلا نفخات من شدقيه، ليرسم لوحة فنية.. فقاقيع بكل ألوان الطيف تزدان الفضاء، ينبهر الطفل مشرئبّا إلى فقاقيعه.. يتمنى ألا تتفتقأ وتموت. هكذا أراها تستهويني فقاعة صابون تحملها النسمات.. حياتي فقاعة جميلة ترسم لي إيحاء الفن،والجمال، وهذا يجعلني أدرك أن دور الزوال سيأتي لا محالة... لا أعرف لكن الموت يجعل كل واحد منا يزيد عشقا للحظات حياته. فمن منا يحب المنية وشجونها؟ حتى الانتحار وعذابه، ماهو إلا اختيار لعشق الحياة، لكن بشكل مؤسف فقط..
بدوري أتجاوب معها بشكل جنوني ومعقول، "وفــــاء" تتكلم بمنطق مغاير للحساس الأنثى الذي نتصورها في عقلنا الجمعي، هذا ما أحس به في أغلب اللحظات، تعشق الحياة بنفس سيناريو عشقي لها، أنثى تعشق بنفس العشق الذكوري للأشياء... أليس هذا تجاوز للتصور الذكوري النتن؟
ــ ههههههه "حســـــن" ماذا تتمتم؟
ــ لاشيء، كنت فقط كعادتي ألعن المجتمع في خيالي... هههههه تقزز مفاجئ عندما أفكر فيه.
ــ أنصحك.. لا تفرط من التفكير فيه، فربما يخلق لك نوع من عقدة النقص تجاهه.
ــ ههههه أتمنى أن يخلق لي عقدة الهروب منه.
ــ ههههه لاشيء يستحق الالتفاتة هههههه لاشيء...
ضحكتها الخفيفة المعهودة جعلتني أقوم لأغير وضعيتي فوق الأريكة، أصابعها النحيلة ترسمان لوحات من فراغ على الهواء.. في المقابل أرمقها بحس ناقد فني فاشل، لا أستطيع أن أعطي مدلول لكل لوحاتها الوهمية.. أكثر من هذا، المشهد لوحة سريالية بعيدة عن فصّ ملح الواقع. أريكة جلدية مهترئة، قمحية اللون.. طاولة خشبية، مستطيلة الشكل، تقف على أربع، وتتوسطها مساحة زجاجية. فوقها تصطف قنينات مختلفة الشكل واللّون، لكن بمعنى واحد. الخمر تيمة تجمع بينها.. سطح الطاولة يتوسطه كأس يختزن في قعره رغوة البيرة. إنه لها، أما أنا وفي لعادتي القديمة، أحب أن ألحس فم القنينة بأطراف شفتي.. السر من فمها إلى فمي دون وسيط، وليس هناك أحسن من سر ينقل إليك بدون وسيط على ما أظن.
ــ أتعلم من الأحسن أن نشغل أنفسنا بشيء.. الليل مازال مبكّر
ــ بشيء مثل ماذا؟ أنا صراحة لم أعد أستسيغ مذاق الأشياء..
ــ اه اه اه "حســن"، لا أعرف لكن لي رغبة في سماعك... إحكي شيئاً.
ــ ؟؟؟ هههههه ولي رغبة في مضاجعة.
ــ ههههههه لي رغبة جنونية، في سماع حكاية طفولتك الريفية... أتعرف أصل أمي بدوي، دائما ما كانت تحكي لي، قصص عن البداوة، عن رجالها، شواربهم الفظّة، بسالتهم... كانت تحكي كل شيء، حتى أني أجبرتها على مرافقتي، مرة إلى بيت خالي، الذي يسكن في أحد الدواوير الممتدة بين" أكادير" و"الصويرة"... قضيت عطلتي هناك، بالرغم من الجو العائلي الفاسد، أعجبتني فحولة البدويين المفرطة، نسيم صباحهم القاسي والعنيد، نومهم المبكر... حقاً تعجبني عدالتهم، وهم يتكالبون على مائدة الطعام، ينتظرون من كبيرهم حصة كل واحد منهم من اللّحم، حقاً إنها توزع بشكل متساوي. هذا ما أريد صديقي، إحكي لي فأنا أشم فيك رائحة ريفي معتّق... أرجوك قل شيء.
ــ ماذا تريدين أن أحكي لك؟ من أين أبدأ ؟ عهدي بالبداوة مرّ، مرارة فرج، للا "عتيقة"، أقدم مومس المدينة..
ــ ههههههه كل شيء، ابدأ من أي شيء، المهم أريج رائحة تراب صدرك...
لا أعرف إن كنت فعلا سأحكي ما تركت ورائي، أو أختلق قصة بطولية لطفولتي، أسردها بكل رذاذ فخر الفارس المغوار، أختار نفسي بطل سيناريو مختلق، أشخص الدور الذي إخترته لنفسي بكل عناية، اوبالأحرى أمثله وأتقن البطل، وألصق له نهاية سعيدة... المهم صديقتي الجميلة تتسلّى ببداوتي المصطنعة.
ــ لا أعرف لكن من المحتمل أن تكون بعض أشيائي، سقطت مني فجأة بدون إنذار... كما تسقط لفافات التبغ من علبتها ونحن ننتشي بها... "وفــاء" سأحكي لك كل شيء، لكن من الأحسن قبل ذلك، أن تمدني ببيرة أخرى فلي رغبة جامحة في الشرب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طنجة المغربية تحتضن اليوم العالمي لموسيقى الجاز


.. فرح يوسف مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير خرج بشكل عالمى وقدم




.. أول حكم ضد ترمب بقضية الممثلة الإباحية بالمحكمة الجنائية في


.. الممثل الباكستاني إحسان خان يدعم فلسطين بفعالية للأزياء




.. كلمة أخيرة - سامي مغاوري يروي ذكرياته وبداياته الفنية | اللق