الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما حال القصيدة إن انقطعت الكهرباء

حسين سليمان- هيوستن

2005 / 1 / 23
الادب والفن


في الماسنجر ترد علي: أبدا! وأقول لها ممكن فترد حاضر. ثم َتطلقْ زاوية الشاشة تنبيه الهات ميل: لديك رسالة!
فأسألها لحظة كي أقرأ الرسالة.
كانت من أختي "مرحبا حسين عيد الاضحى على الأبواب وكل عام وانت بخير إيمتى تجي...اسمع هذه النكثة منشان تضحك:
البارحة كانت مريومة عندنا زيارة ( حيث سكنوا الميادين ) ونكثت النكثة التالية : مرة واحد صاحب خير دخل على مسجد وكان يحمل سكينا في يده , فقال لجموع المصلين من فيكم يحب الله , وماحدا رد , ثم كرر ذلك عدة مرات حتى قام احدهم وقال انا احب الله , فأخذه معاه الى المنزل وذبح له ذبيحة واكل وشرب , ورجع صاحب الخير الى المسجد لوحده وثيابه عليها آثار الدماء , وكرر نفس السؤال مرات كثيرة (من يحب الله) فأشار احد المصلّين الى الامام وقال هذا يحب الله , فرد عليه الامام وقال انا أحب الله ياابن القحبة؟
نشوفك بخير سلام"

فضحكت. لصقت النكتة في الماسنجر كي يقرأها ميخائيل ايضا وسمعت كلماته عالية. "هاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاهاها انني اضحك مثل بطيخة تتدحرج وراء شروال جنوبي لبناني يلعب بشواربه النكتة رائعة يا عزيزي اضحك ان الله مع الضحوكين انني اكتب مقاطع من كتابي واشعر بملل عجيب من تفاصيله المملة وهذا الويسكي امامي يرفع المعنويات حتى السقف."
لكنني لم أر ضحكة على شفتيها. اكتفت بلصق وجه مبتسم في الماسنجر من دون كلمات هي دوما هكذا. حاضر. لا يكون زعلانة... لا ابدا. فاسألها: أكتبي لي قصيدة إذن! فتكتب:

أما البنت المشاغبة التي طبعت قبلة سريعة في عيون صاحبها
وَضّبت كتبها في الساعة
وركضت ترقص بجديلة ومنديل هوى إلى المدرسة

ثم تتوقف- تصمت على بياض. لحظة بياض. كأنه يعوم أمام عيني. هل أنت هنا؟ لكن مشكلة النت هي دوما. حيرة. أبحث عن كلماتها وحروفها. تقع من يدي فتنكسر. وجهها ليس كما في الصورة على يمين نافذة الماسنجر. وجهها يختفي بين مقاطع الكلام. لا تومض الشارة البرتقالية- فهناك انقطاع. لقد حدث خلل في الهات ميل بينما كان يعبر المحيط. اظن أن السمكة قفزت وابتلعته لمرة واحدة.... شعرها الفتاة التي ركضت سقطت في المياه... لا وقت للغرق الآن. والشاعرة لا يد لها في الأمر:

"أردت أن أقف على البحر
مثلما اقف على اليابسة
..........................
لكنني غرقتُ
وها أنا أقبع في زاوية من البحر
........................
لا أرى من السفن
غير أسفلها
ومن الطيور غير ظلالها
ومن البشر
غير أصواتهم
ومن الماء
غير الماء"*

هناك شعر يغرق كما التيتانك منذ مئة عام تقريبا. على سطحها قصيدة حب مسافر. الريح يعبث بشعرها البني بينما تقف مصلوبة. ماذا؟ من أين تجيء كلمات الكهرباء إذن. حالة إطفاء! فوقع كل شيء من يدي. وقعت الروح فتشظت. أرض زجاج... والرنين والدوران ولّدا فيّ شعور القصور الذاتي..النبذ...العطالة.. سأظل أنتظر في حالة كسلى عند الطاولة أرمق ظل الشاشة البيضاء. هناك ثلج في شيكاغو الآن. سميك مرتفع بارد. كتب مرة محمود سعيد "ثلج بارتفاع قدمين، ظنه صلباً، وضع قدمه عليه، غاصت حتى الركبة، هشاشة وقتية خادعة، بعد يومين يتصلب." الثلج الصلب ثلج الشاشة المكسور.. البرد.. وهناك ريح يأتي من نافذة المطبخ المثلومة.
ربي لم الكهرباء؟
إن الورق الأبيض...
أرسم وجهك عليه وألونه بألوان الحبر حتى يمسي على حائط الغرفة كما لوحة لفان كوغ:

Van Gogh In Arles. The Metropolitan of art. September 1964 to September 2000. The Exhibition Has Been Made Possible By The Rose of Nile.
----------------------------------------
* القصيدة للشاعر العراقي عبد الكريم كاصد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد


.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش




.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??


.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??




.. فنانة تشكيلية فلسطينية قصفولها المرسم??