الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
محمود عباس يلعب شطرنج الكلمات مع نتنياهو
شوقية عروق منصور
2012 / 4 / 14القضية الفلسطينية
لعبة الشطرنج كانت قديماً لعبة الملوك والأمراء, وكانت تسمى لعبة الملوك التي لا تشيخ. أيضاً الشطرنج لعبة الأذكياء ، والتي يخلو قاموسها من عبارة "الخصم" إذ أن اللاعب الآخر يدعى راسيل، أي الذي يراسلك الأفكار والخطط والمتعة. والرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) يدخل شطرنج السياسة بأصابع المرتاح, الذي يرتدي القفازات الناعمة. ملامح وجهه, المسيطرة على المشهد الفلسطيني, تدل على شخص يتحرك وفق معادلة مريحة وناعمة، كأنه سائح دائماً في حالة سفر, وليس معادلة احتلالية نزعت وتنزع يومياً, وفي كل لحظة، ما يتبقى من أحلام وطموح الفلسطيني الذي تزداد همومه ومشاكله وضيق حياته وسلب أرضه وحريته وخوفه من زحف المستوطنات, التي بعثرت خريطته الحياتية ووصلت إلى ساحات البيوت وقامت بتخريب روحه التي وصل لهيب شموخها إلى حد الانطفاء والتعب.
إن من يسمع يومياً تصريحات الساسة في إسرائيل نحو الشعب الفلسطيني, ونحو قيادته, والرد البارد الذي يتسلق أحيانا اللا مبالاة في المقابل الفلسطيني, يعرف أن هناك شيئاً غامضاً أو شيئاً قد اقتحم الإرادة الفلسطينية وسجنها, أو حوّلها إلى حالات التمزق حتى أصبح من الصعب جمعها من جديد. وظيفة القائد والزعيم والرئيس القلق والخوف والبقاء في حدود اليقظة والمواجهة, دفاعاً عن الشعب والدولة والمستقبل. فكيف يكون الخوف واليقظة والقضية الفلسطينية تخسر يومياً قلاعاً جديدة ومواقع جديدة وأرضا وآمالاً وأحلاماً وشعباً؟! إن الذي يريد تزيين الواقع الفلسطيني ببالونات التصريحات الكرتونية والشعارات الفضفاضة قد ينجح في تبديد الفراغ. لكن الواقع المأزوم يغلي تحت الأرض وفوقها، من اللقمة إلى سوس البطالة الذي ينخر في خشب الصمود، إلى العجز الكامل في التصرف والرد إزاء لعنات المستوطنين التي تنصب حمماً فوق رؤوسهم. والغريب أن يأتي الرئيس محمود عباس ويبعث إلى نتنياهو رسالة في عز حرارة الوجع الفلسطيني وصدى الصرخات المنطلقة من كل مكان، حتى من المناشدات التي تفرزها المواقع الالكترونية الفلسطينية وموجهة للرئيس محمود عباس من قبل أناس يعانون من مشاكل صحية واجتماعية وسياسية. وغالباً ما تكون هذه المشاكل من أناس بسطاء لا يملكون الا رسالة موجهة للرئيس, بصفته الأب والمسؤول المباشر عن حل المشاكل. سمعنا عن رسالة عباس لنتنياهو، ولا نعرف فحواها, الا أن نتنياهو أعلن انه سيرد عليها لاحقاً..!
شعب يُنكل فيه يومياً من قبل المستوطنين, الذي تحولت خلاياهم إلى أفراد يستمتعون بالهجوم وعرقلة حياة الفلسطينيين اليومية, وسحب الراحة والإنسانية من بين أصابعهم التي تقطعت بفضل الاتفاقيات العلنية والسرية والمفاوضات التي لم نعد يعرف الفلسطيني إلى أين هي ذاهبة.! في هذا الخضم لم تعد للكلمات والورق أية قيمة، ورسالة الرئيس محمود عباس لنتنياهو إذا كانت بحسن نية قد نعتبرها مثل باقي مواقفه البلاستيكية التي تنحني وتنطعج حسب الظروف. لكن إذا كانت نوعاً من التصميم والعناد السياسي, الذي يقابله كبش ذو قرون يدعى نتنياهو يريد نطح كل شيء أمامه، فهذا ضياع للوقت الثمين إسرائيليا الذي تحول إلى مكنسة كهربائية تريد كنس كل شيء فلسطيني، وتحول فلسطينياً إلى رحلة تزلج على جليد الصراع والمؤامرات والخيانات العربية إلى الهدوء المستتب في الضفة الغربية. لعبة شطرنج هي أن كلمات الرئيس أبو مازن تصل إلى كتابة المقالات. فمن المضحك أن يترك مشاكل شعبه و يكتب عن يهود العراق، ولا نعرف ما الذي دفع الرئيس إلى كتابة مقال عن يهود العراق وينشره على المواقع وفي الصحف, حيث أبدى إعجابه بكتابات اليهود الذي كتبوا عن العراق وتأثرهم بالحضارة والثقافة العربية. تصوروا لو أن نتنياهو يكتب عن شعر نزار قباني أو احمد شوقي, أو غيرهم من الشعراء العرب, أو يكتب عن محمود درويش أو غسان كنفاني..!! رجل بحجم "أبو مازن", قضيته اكبر من حجم العالم, يجد الوقت لكي يكتب عن يهود العراق, ممتدحاً نشاطهم وكتاباتهم، مع العلم أن أحفاد هؤلاء اليهود الآن هم من يقودون السفينة العنصرية. فلماذا هذا التصرف المستهجن؟! لمن كتب أبو مازن هذا المقال؟! ولماذا في هذا الوقت بالذات؟!
وفي المقابل نرى الاستقبالات والسجاجيد الحمراء، وأبو مازن يرتدي رئاسة الدولة والدولة بعيدة جداً عن التحقق. فأين هي الدولة والحواجز العسكرية الإسرائيلية ما زالت تقف بالمرصاد للتحرك الفلسطيني الذي يقف بالساعات أمام اصغر جندية قادمة من أثيوبيا، حيث بإشارة منها توقف أي مسؤول حتى لو كان " في أي بي فلسطيني"؟!! لا نريد شطرنج الكلمات، فاللعب بالكلمات والرسائل موضة سياسية لا تنفع على منصة الأزياء السياسية الإسرائيلية. ثم عندما تكتب رسالة من حق الشعب الفلسطيني معرفة فحواها، فالكلمة عندما ترسلها للقيادة الإسرائيلية ليست كلمة فقط، لأنها تتحول إلى تصرف وسلوك إسرائيلي اتجاه الشعب الفلسطيني, الذي لم يعد يتحمل. وإذا ظهرت الاستطلاعات, التي تبين لائحة أكثر الشعوب سعادة, إن الشعب الإسرائيلي يأتي بالمرتبة الرابعة عشرة بين شعوب العالم, فأن الشعب الفلسطيني بدون مرتبة، لأن تعاسته اكبر من كل الأرقام..!
هناك قول للشاعر السوري محمد الماغوط وجهه للزعماء العرب مفاده أن "حافة القبعة تؤثر في رأس بوش الابن والأب والعم والخال والخالة، أكثر مما تؤثر فيه كل المهرجانات والمسرحيات والمعلقات العربية المعاصرة والجاهلية". فيا أيها الرئيس.. إن الرسائل وكتابة المقالات التي تبرز طهارة يهود العراق وغيرهم لن تؤثر على مشاعر أي مسؤول إسرائيلي قد يغامر ويشكرك على نيتك الحسنة, لأن الغابة لم تعد تحتوي صغار العصافير..!!
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الدبلوماسية الأمريكية: أي أمل لغزة ولبنان؟ • فرانس 24
.. هاريس - ترامب: أيهما أفضل للعالم العربي والمنطقة؟
.. تونس: ماذا وراء حبس -صنّاع محتوى- بتهم أخلاقية؟ • فرانس 24 /
.. ما أسباب توقيف طالب فرنسي في تونس بقرار من القضاء العسكري؟
.. تونس: السجن أربع سنوات ونصفا لناشطة تونسية على إنستغرام بتهم