الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حتى لا تحترق مصر

مصطفى مجدي الجمال

2012 / 4 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


أهم درس يمكن أن نتعلمه أن النظم الحاكمة القبيحة في الوطن العربي، المدعومة أمريكيا والمهادنة والعميلة لإسرائيل والمعادية لجموع الشعب، هذه النظم تساوي بين نفسها وبين الدولة، بل بينها وبين الوطن بأكمله.. بمعنى أن إزاحة أي نظام ستنتج تدمير الدولة ونشر الفوضى في المجتمع وجعل البلد بأكمله منكشفًا أمام الطامعين في الخارج، وأمام غيلان الرجعية والتخلف والاستغلال في الداخل، وأمام الجريمة والعنف والتخريب والفوضى..
بالمثل فإن جماعات الإسلام السياسي تتعامل مع الثورة على أنها مجردة أداة لوصولها إلى السلطة وليس إلى تحرير المجتمع بمشاركة، ولمصلحة، مجمل طبقاته وتياراته الوطنية والثورية.. ومن ثم فإنها انتهجت وتنتهج ممارسة شبيهة بممارسات النظام السابق، ولكن بالمقلوب، فإما أن تأتي الثورة بالسلطة والهيمنة الكاملة لهم، ولهم وحدهم، وإما التآمر على الثورة وتضييعها وإدخالها في متاهات وصفقات وربما إدخال البلد كله في حالة من الاضطراب والفوضى.
أما القوى التي كانت وقود الثورة فتعاني من العزلة والتفكك والتنابذ.. بل وحتى الصراعات الشخصية السمجة.. وأبسط دليل على ذلك هو تعدد مرشحي التيار اليساري دون أي معنى أو فرصة حقيقية في تطوير الوعي الشعبي على الأقل.. وحتى لا نظلم اليسار كلية.. فلا بد من الإشارة إلى تلك الاتجاهات المريبة التي "تآمرت" على الحركات الشبابية الجديدة لعزلها عن اليسار ولإفقادها زخمها الثوري، مستفيدة من صفات بنيوية ملازمة بالضرورة لتلك الحركات، وفي مقدمتها طبيعتها التنظيمية الفضفاضة.
فمنذ البداية، وحتى قبل الثورة، عملت قوى عديدة على فصل الحركات الشبابية الجديدة عن القوى والأحزاب السياسية، بدعوى أنها حركات ضمير وليست حركات طالبة للسلطة.. كما عملت هذه القوى على توسيع الفجوة الجيلية المصطنعة أصلاً، وكأن على الحركات الشبابية الجديدة أن تبدأ من الصفر وأن تتعالى على كل ما هو "قديم".. ثم كان الأخطر هو عمليات الاستقطاب والاستيعاب والإفساد الواسعة بهدف خلق قيادة "إعلامية" مصطنعة من مشاهير الشباب وأنصاف الشباب وغيرهم يُفرضون فرضًا- من خلال برامج التوك شو مثلا- كقادة للثورة حتى وإن كانت أدوارهم هامشية أو مريبة.
المهم أن الحالة الراهنة لليساريين، ومعهم الليبراليون والقوميون بالمرة، لا تسمح لهم بالتصدي الفعال لمخطط فلول النظام السابق (نحن أو حرق البلد) ومخطط القوى الإسلامية الصاعدة (كل شيء لنا أو حرق البلد).. هكذا نحن أمام دكتاتوريتين تتصارعان، فإن انتصرت إحداهما على الأخرى، أو اتفقتا على حل وسط بينهما، سنكون نحن الخاسرين في كل الحالات..
ولما كانت الأوضاع المتسارعة لا تسمح للقوى اليسارية والديمقراطية- بحالتها الآن- بالتصدي الحقيقي والناجز للمشروعين الدكتاتوريين (وربما الفاشيين) فلا بد من التفكير بطريقة جديدة..
أول ما أقترحه من عناصر هذا التفكير الجديد، عدم الانجرار إلى الصراع السلطوي بين العسكر والإسلاميين.. وليس معنى هذا بالطبع أن نقف دائمًا على مسافة متساوية تمامًا بين الاثنين.. ولا أن نكون سلبيين تمامًا في الإجابة على الأسئلة الاستراتيجية أو المرحلية أو الوقتية.. وإنما معناه أن يكون هناك دائما خط ثالث ومختلف..
ثانيًا: ألا نتوقف إطلاقًا عن النضالات الجماهيرية في مواقع العمل وفي الميادين من أجل مختلف القضايا الاجتماعية- الاقتصادية والسياسية..
ثالثًا: لا بد من تصور واضح للمرحلة الانتقالية يتجاوز المخطط الذي يتم تنفيذه حاليًا، والذي يحتمل جدًا قطع مساره في الأسابيع المقبلة، وفي مقدمة هذا التصور يجب أن يتنازل جميع المرشحين اليساريين لمنصب الرئيس، حيث لا توجد أي فرصة ذات مغزى أمامهم.. وأن يتم الاصفاف وراء مرشح واحد شرط الحصول منه على كل الضمانات الضرورية في مجالات السياسة والاقتصاد والمواطنة والعدالة الاجتماعية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. على حلبة فورمولا 1.. علماء يستبدلون السائقين بالذكاء الاصطنا


.. حرب غزة.. الكشف عن نقطة خلاف أساسية بين خطة بايدن والمقترح ا




.. اجتماع مصري أميركي إسرائيلي في القاهرة اليوم لبحث إعادة تشغي


.. زيلينسكي يتهم الصين بالضغط على الدول الأخرى لعدم حضور قمة ال




.. أضرار بمول تجاري في كريات شمونة بالجليل نتيجة سقوط صاروخ أطل