الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


باي باي... دانييل بايبس

منى زكي

2005 / 1 / 23
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


نستطيع التصفيق للرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في قرار واحد على الأقل، أو بالأحرى في عدم اتخاذ قرار، ونعني الإمتناع عن تجديد عضوية دانيل بايبس في المجلس الأعلى لمعهد السلام الأمريكي الحكومي.
وللأمر دلالات خاصة إذا تذكرنا حقيقتين:
1 ـ أنّ بايبس، وباعتراف أصدقائه قبل أعدائه، صهيونيّ النزوع، مفرط في الانحياز الاعمى لدولة إسرائيل، متشدد في العداء الاعمى للفلسطينيين، إلى جانب أنه يضمر للإسلام والمسلمين بغضاً صريحاً يندر أن يجاهر به باحث من ديانة أخرى. ويكفي القول إنه يعتبر الإسلام عموماً، وليس الإسلام المتطرّف أو الإسلام السياسي فقط، الخطر الأكبر والأوحد في عالمنا المعاصر.
2 ـ أنّ الرئيس بوش عيّنه في عضوية المجلس، وفي موقع حساس للغاية هو الإشراف على الإعانات والبعثات الدراسية لمؤسسة فولبرايت، متجاهلاً معارضة شخصيات أساسية في الكونغرس (من أمثال إدوارد كنيدي وتوم هاركن وكريستوفر دود)، وعلى الرغم مواقف بايبس التي لا تليق بعضو رفيع في مجلس يُعنى بشؤون التآخي بين الشعوب وليس إشعال الحروب الثقافية والعقائدية بينها.
ولقد كُتب الكثير في نقد مواقف بايبس، وفي وسائل الإعلام العربية تحديداً، ولن نعيدها أو نستعيدها. ولكن لعل ما يجهله الكثيرون في العالم العربي أن بايبس لا يحمل مشاعر عنصرية ضدّ العرب والمسلمين وحدهم، بل ضدّ جاليات أخرى من المهاجرين ذوي الأصول الآسيوية غير المسلمة. فقد اندلع مؤخراً سجال عنيف بين بايبس وعدد من منظمات حقوق الإنسان حين صرّح أنه اليوم يؤيد قرار الحكومة الأمريكية الذي اتخذته أثناء سنوات الحرب العالمية الثانية، وقضى باحتجاز المواطنين الأمريكيين من أصول يابانية في معسكرات اعتقال جماعية. ليس هذا فقط، بل إنه يمتدح شروط الحجر ويعتبر المعسكر مطابقاً للمواصفات الإنسانية.
وبالطبع، كان أمراً مستنكراً أن يصدر هذا الموقف عن رجل يهودي سبق لأسلافه وأبناء جلدته أن سيقوا إلى معسكرات اعتقال نازية، في أوشفتز وتريبلينكا، ليس لسبب آخر سوى أنهم كانوا يهوداً وديانتهم ليست محبذة في لوائح العقائد التي يقبل بها الرايخ الثالث. وكان مدهشاً أن بايبس، الذي يبث الذعر في نفوس الأمريكيين من "المسلمين المتعطشين للدماء" ومن "اللاسامية الإسلامية"، هو الذي يدعو إلى لاسامية من نوع جديد ضدّ الآسيويين، وليس بالضرورة ضدّ المسلمين حصراً.
وبين الردود العديدة على بايبس، كتب البروفيسور جوان كول أستاذ التاريخ في جامعة ميشيغان: "ليست مفاجأة كبيرة أن يحثّ رجل تحريفي وصهيوني متطرّف مثل دانييل بايبس على ملاحقة المواطنين الأمريكيين المسلمين وحجرهم في معسكرات اعتقال جماعية، على غرار ما جرى مع المواطنين الامريكيين من أصل ياباني. المفاجأة أن تنشر أقواله البغيضة هذه صحيفة أساسية في البلاد، وأن يكون مرشح الرئيس بوش لعضوية معهد السلام الأمريكي. لقد كان ذلك الحجر مشيناً أخلاقياً، وكان يتناقض تماماً مع حقوق المواطن التي يكفلها الدستور. وإنه لأمر يثير القلق أن يعود بايبس إلى تأييده بعد أكثر من نصف قرن".
ويبقى أننا لا نعرف حقيقة دوافع الرئيس بوش في عدم تجديد عضوية بايبس، خصوصاً وأنّ تسعة أعشار التعيينات في الإدارة الجديدة تؤكد اتجاهاً رئيسياً واحداً هو تعزيز قبضة المحافظين الجدد (وبايبس واحد منهم، بل هو أشرسهم)، واليمين المتشدد المتعاطف مع إسرائيل، وتثبيت الصقور واستبعاد الحمائم.
الأسابيع القادمة قد توفر لنا إجابة شافية، حين تتضح أكثر معالم سياسة بوش الشرق ـ أوسطية في ولايته الثانية، كما ستديرها كوندي رايس وزيرة الخارجية الجديدة. وفي الإنتظار، وأياً كانت دوافع قرار بوش، لا نستطيع إلا أن نبتهج به ونقول: باي باي دانييل!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بكاء ومعاناة نفسية وذكريات جميلة.. تفاصيل مراحل مختلفة عاشته


.. فرنسا تدعم مسعى الجنائية الدولية لإصدار مذكرات توقيف بحق قاد




.. ما رمزية وتداعيات طلب مذكرة توقيف بحق نتنياهو؟


.. إيران تبدأ تشييع رئيسي.. ومجلس خبراء القيادة يعقد أول اجتماع




.. الحوثيون يعلنون إسقاط مسيرة أمريكية في محافظة البيضاء| #الظه