الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسن البنا: سقوط بلا حدود 1/2

حمادي بلخشين

2012 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


حسن البنا: سقوط بلا حدود 1/2


البــنّا هلــمّ نمجّد ه / قد دّمرنا سلمت يده !

إن الفكر الإخواني الذي ملأ الدنيا يضجيجه الأجوف، لا يتعدى كونه صياغة عقليّة شابّ صوفيّ الخلفية والتكوين(1) سلفي التصوّر و السلوك، ممّا جعل العاطفة(2) والمزاج الشخصيّ(3)، و مراعاة رضا" وليّ الأمر" ، تصبغ معـــالم فكره الذي نكبت به أمة الإسلام إلى يوم الناس هذا و إلى ما شاء الله .

و للتأكد من عاطفيّة البنا انظر حادثة مـقتل الخازندار من قبل مجموعة "متمرّدة "من الإخوان وكيف اجهش حسن البنا بالبكاء و سارع إلى دفع ديّة القاضى القتيل الذي كان شديد الولاء للأنكليزّ! ناهيك انه قد حكم على بعض الوطنيين اللذين آذوا بعض جنود الإحتلال بالسجن لمدة عشر سنوات!( انظر الحصاد المرّ من صفحة 42 إلى صفحة46) و هاكم ما كتبه الظواهري تعلـيقا على إنزعاج حسن البنا لتصفية ذلك العميل:" و لعلّ السرد السابق المتعلق بحادثة إغتيال القاضي يظهر صدق ما قلناه من عــدم تبني الإخوان للحكم الصريح في الواقع الذي يواجهونه، بل انهم للأسف الشديد يتبنون حكما مخالفا للحقّ.. فقد إتفق حسن البنا و أحمد عادل كمال و محمود الصباغ و عمر التلمساني على ما يلي: تحقّ له الديّة، إعتبار حكم القاضي بسجن من ألقى القـنابل على الأنكليز في حكم المقبول ولو أخطأ ": إهـ(الحصاد المرّ ص 46) مع العلم أن من ألقى تلك القـنابل هم شباب الأحزاب العلمانية المعارضة! فكيف تكون صورةالمسلمين في نظر غير الملتزمين بالإسلام غير صورة المرتمين تحت جزمة الحاكم و المدافعين العمي عن أسيادهم الأنكليز، خصوصا و أن حسن البنا كان يرى ضرورة الإلتزام بمعاهدة 1936 التي تعطى الأنجليز وجودا شرعيا بمصر كما سنري ذلك!

اذن، وعلى خلاف الدعاية الأخوانية المزيفة التي كادت ترفعه الى مصاف الأنبياء والصديقين، فقد تكاملت في حسن البنا كل صفات فقيه السلطان، وصاحب شرطته، فقد كان حسن البنا يدعو اتباعه الى تلقّي الصفعات ورد الإساءة بثمرة، كما كان يدعو في دروسه الى ضمان استتباب الأمن الملكي العلماني.لأجل ذلك كان حسن البنا مقربا من الملك، مدّاحا له بالباطل، كما كان وصوليا من الدرجة الأولى، و براجماتيا لا توقفه النصوص القرآنية الزاجرة عن التحالف مع أعداء الإنسـان والشريعة والوطن. كما كان مسايرا لسقوط ملك مصر في مستنقع مظاهرة النصارى على المسلمين، مؤيدا له في قبول دستورهم العلماني و احتلالهم مصر، كما كان حسن البنا يبحث عن اعتراف عالمي بالشكل الجديد للإسلام المعتدل الذي ابتدعه، لذلك سعى للتعريف بنفسه عن طريق إتصالاته بمجلس الأمن، لتهنئته بيقظة ضميره العالمي! جاهلا أنّ أوان استخدام جماعته لم يحن بعد، كما كان يجهل ان جماعة الإخوان ستبقى على الرفّ الى حين ظهور حركات جهادية على ساحة العالم الإسلامي(ولو كانت سلفية عشوائية كتنظيم القاعدة) يحتاج معها الغرب الى تطعيم نظم الإرهاب العلماني الحاكم بثدييات إخوانية تخدم مصالحه و توحي للسذج بقرب الوصول" للحل الإسلامي".
( لم يحدث هذا السيناريو، فلم تتعرّض النظم الإرهابية الحاكمة في وطننا الإسلامي، لا في تونس و لا في مصر و لا في ليبيا و لا في اي بلد عربي الى ضغط مسلح ذي قيمة من قبل حركات جهادية، الذي حدث هو قيام شعوب عربية و بدافع غريزيّ بحت ـ نتيجة الفاقة و نشدان البقاء ـ الى استهداف سلطات علمانية جوّعت الشعوب فسارعت امريكا الى الإستعانة بالإخوان مدعومين بمنح من صندوق النقد الدولي التهدئة الشغب في مناطق عربية بها استثمارات و مصالح غربية يحتاج استمرارها الى الأمن ).

كان "الإمام الشهيد يربّي عبيدا" :

ضمن كتيّب من سلسلة "أعلامنا"(أعلام الإخوان!)، و تحت عنوان المرشد العام الثاني للإخوان المسلمين حسن الهضيبي، و في ص 29 ورد ما يلي:" أما عن رأيه [ الهضيبي] في جمال عبد الناصر، فلم يكن يصرّح به لأنه كان رجلا عفّ اللّسان[!] و كان يحسب للغيبة ألف حساب" إهـــ[!]
فأي خلط فاحش في مفاهيم الإسلام !؟ فالغيبة المنهيّ عنها شرعا ما كانت في حقّ المسلم العامي ّغير المجاهر بفسقه، أمّا من خلع جلباب الحياء فيجب ذكر فسقه تحذيرا للمسلمين من إستوداعه أمانة أو إقراضه مالا أو تزويجه. هذا بالنسبة لعـوام الناس فكيف بحاكم علماني محارب للإسـلام و أهله؟! وهل هناك مسخ لديـن الله و تلاعب بأخطر ما في عقيدة التوحيد( الكفر بالطاغوت) أكثر من هذا؟ و إلاّ، فمن أطلق لقب" أبى جهل" على الحكم بن هشام غيررسـول الله؟ ومن أطلق لقب" مسيلمة الكذاب" على مسيلمة مدّعي النبوّة غير رسول الله؟ و من أطلق لقب أبي عامر الفاسق على أبي عامر غير محمد صلى الله عليه و سلم ؟! ألم يكن عليه السلام يحسب للغيبة حينها، ألف حساب، كمرشد الإخوان الذي انفق حياته سادنا للدستور العلماني؟! حين اطلق على هؤلاء كل تلك الألقاب المشينة؟( لو كان فهم الصحابة للإسلام كفهم زعماء الإخوان ذوي الورع البارد، لكانت حركة الردة التي أعقبت وفـاة الرسول كفـيلة بإقتلاع الإسلام من جذوره، وفي أحـسن الاحتمالات حبسه في حيّز ضيّق من جزيرة العرب، لتحرّج ابي بكر الصديق من إغتياب مسيلمة الكذاب و مانعي الزكاة، فضلا عن عتابهم ! فاين حـزم رجال الله، من رخاوة تلامـذة البنا الكافّـين السنتهم عن غيبة أبالسـة الإنس، و المتلقين الضربات بكل سرور عملا بقاعـدة شيخهم الصوفي "
كونوا مع الناس كالشجر، يرميها الناس بالحجر و ترميهم بالثمر!"(4). و أين التوصيات الإخوانية من دين خير البريّة الذي يأمر بردّ العدوان بعدوان مماثـل في القوّة عملا بقوله عز وجلّ (( من إعتدى عليكم فأعتدوا عليه بمثل ما اعتـدى عليكم )) وقوله تعالى ((و جزاء سيئة سيئة مثلها)) أين ديـن الإخوان من دين أثـنى فيه الديّان على صفوةأتباعه و هم خير امة اخرجت للناس بأنهم ((إذا أصابهم البغي هم ينتصرون)) أي (إذا نالهم ظالم لم يستسيغوا ظلمه كما ذكر القرطبي؟ .

كان "مجدّد" الخيبة يعيّن الكاهن الأعظم للدستور العلماني بنفسه!:

كان حسن البنا يعدّ من رجال القصر المقرّبين، الى درجة انه كان يستشار في أدقّ شؤون الحكم،" فعندما و قع إختيار الملك على تولّى إسماعيل صدقي الوزارة، بعث برسول إلى حسن البنا ليستشيره في أمر مجيء رئيس الوزراء الجديد، ولم يخب ظن فاروق فقد سرّ المرشد العام من أنه أصبح يستشار في أمور السياسة العليا، و وافق موافقة تامّة على الإختيار "(الحصاد المر ّ109) كما أعفته تلك الملكية الصديقة ولقاء تلك العلاقة المحرّمة قلت لقد اعفت علاقة حسن البنا بالملك الفاسد فاروق من تبعات ما يدفعه الدعاة من تضييق و أذى، فحسن البنا و كما يشهد التاريخ ، لم يؤذ لا في جسده و لا في حريته و لا في ممتلكاته أبدا فلم يسجن و لم يعذب، بل لم يفصل من وظيفته العمومية التي يعاقب بها أبسط مسلم في وقتنا الراهن كل ذلك لكونه " أداة نافعة بيد القصر"!

كان "الإمام الشهيد" مدّاحا من الطراز الأول:

إن نافق الشعراوي فقال في أنورالسادات انه لا يسأل عمّا يفعل، فليس ذلك بعجيب، فتلك سنّة من سبقه من علماء السلطان و مساخره، و لكن أن يصدر ذلك عن "الإمام الشهيد، معـرّي الباطل، والرافض للمساومة على حساب المبدأ" فتلك قاصمة الظهر.

فقد كان لحسن البنا معرّة السبق في مدح الحاكم الجليّ الردّة، بصيغة لو قيلت في عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعدّ قائلها آثما، بإعتبارأن الإسلام يأمر بحثّ الـتراب في وجوه المدّاحين، فما بالك و قد قيل ذلك المديح و بتلك الصيغة المبالغ فيها، في ملك علماني كفر من جهتين، من جهة تعطيل شرع الله ، ثم من جهة تحالفه مع الأنكليزي المحتلّ؟!

كما كانت لحسن البنا أيضا، معرّة الرّيادة، في إعطاء الضوء الأخضرلأصحاب الكفر البواح من الحكّام لخداع العوامّ بالمظاهر الشكليّة للإسلام، بإعتبار تلك القشور كافية للدلالة على إيمانهم،حتى طلع علينا من عتاة العلمانيين من سمّى نفسه بالرئيس المؤمن أو خادم الحرمين أوحامي الوطن والدين كما طلع عليناعبد الناصر، الذي كان يأمر باغتصاب الملتحين في معتقلاته، بتشييد مسجد سمّاه بإسمه، كما هي الموضة الشائعة في هذا الزمن الإخواني المثير للغثيان (5) .

كان"فضيلته" رائدا في معرّة التنصّل من أحكام النصوص القطعية الدلالة!:

كما فـتح حسن البنا الباب واسعا لمن بعده، للتنصل من صريح النـصوص و رميها وراء الظهر، لو وقفت أمام المصلحة الحزبيّة. حتى إني لم أفاجأ حين سمعت تصريح قيادي اخواني معروف اعلن فيه انه: " تاب من قال الله، قال الرسول"!(6) ( و ها نحن نسمع براشد الغنوشي و هو يصرح بقلة حياء تحسده عليه البغايا بانه وفي للمدرسة البرقيبية ذات الإتجاه العلماني الكاره لأبسط اشكال التدين و ها نحن نسمع حمادي الجبالي رئيس الوزراءا التونسي و هو يغازل الكيان الصهيوني في زيارته لواشنطن( إن كنت شخصيا لم أستغرب قول النحناح و من بعده الغنوشي ، بإعتبار قناعتي الرّاسخة بأنّ القيادي ألإخواني هو عبارة عن تجويف يمكن أن يملأ بأي مادّة مائعة أو صلبة، فلا شيء يحول بين قياديّ اخوانيّ و بين إعتناق أي نحلة فاسدة، أو القيام بأي دور قذر لقاء مصلحة حزبية تساق إليه، ما دام قد إنقطع عن وحي السّماء، وأنفصل عن التمسّك بالعروة الوثقى التي لا إنفصام لها، و ما دام بالخصوص قد أمن النقد و المساءلة ممن هم دونه في السلم القياديّ، لغيـاب الأمر بالمعـروف والنهي عن المنكر بين صفوف الجماعة.

يتبع
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) صوفية البنا لا غبار عليها... فالمرشد تسمية صوفية خالصة... . ثم انظر الي ما قاله البنا عن دعوته " إن دعوة الإخوان المسلمين دعوة سلفية و طريقة سنيّة و حقيقة صوفية"! (الموسوعة الميسرة في الأديان و المذاهب المعاصرة ص 26) إهـ ... إن اخطر ما في الأمر استعمال البنا أسوأ مصطلحات الصوفية دلالة على انغماس و تورط صاحبها في الدروشة الصوفية، فالحقيقة لدى الصوفية، هي خلاف الشريعة التي تعني ما فهمه الصحابة من النصوص الشرعية إعتمادا على ما جاء في القرآن و قاله الرسول و دلّت عليه لغة العرب. أما الشريعة بمفهومها الصوفي فهي تفسير النصوص اعتمادا على أدوات أخرى مثل الإلهام والكشف و الفيوضات الشيطانية ( حدثني قلبي عن ربّي) فالدين لدى الصوفية لبّ و قشور، فالحقيقة هي اللب، والشريعة هي القشور. و لو اكتفى حسن البنا بتعريف دعوته بكونها سلفـية لكفـتنا دلالة على وهن أمره، وغثاثة دعوته، لأن السلفية ترى وجوب طاعة الإنقلابي الفاسق و الحاكم الوراثي، و لا تشترط لشرعية الحاكم تحليه بالعلم و الورع !( و كأنها بصدد انتداب زعيم مافيا وليس خليفة يطبق شرع الله!).. و لكن يبدو أن البنا قد جمع المساوئ من أطرافها: دروشة الصوفية، وخنوع السلفية، و ذلّ المصري و مسكنته.
(2)عاطفة زائفه سرعان ما يتخلّى عنها إذا تعلّق الأمر بالمساس بالمؤسسة العلمانية لينقلب الى آلة قتل لا ترحم.
(3) هل قدر أمتنا أن تحكم وفق أمزجة فرد وحيد، فيضيع اسلامنا برمته كما ضاع بيت مقدسنا بعد إستفزازات و استدراجات رسمتها السياسة اليهودية إعتمادا على شخصية عبد الناصر الهوجاء و تقلباته النفسية؟!
(4) قاعدة حسن البنا، لا تمثّل فحسب الوجه الثاني للعملة المسيحيّة: من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدـك الأيسر، بل يعتبرالخنوع المسيحي اذا قورن بما طرحه البنا من قبيل سوء الأدب إزاء المعتدي الذي ينصرف وفق التصور المسيحي فارغ اليدين بعد فراغه من لطم أتباع البنا. دون أن يزوّد إخوانيا بما يكفي "من الثمر" للتقوّى من جديد على العدوان!
(5) في مدح الملك فاروق، و تحت عنوان حامي المصحف، كتب حسن البنا في مجلة الإخوان:" أثناء رحلة الملـك للصعيد أخرج أحد المرافقين له فصّا أثريّا و قال أنه يجلب له الحظ والخير، و أخرج آخر مفـتاحا و أدّعى مثل هذه الدعوى، فما كان من فاروق إلاّ أن أخرج مصحفا و قال إنّ هذا هو مفـتاح كلّ خير!"(الحصاد المرّ ص 20).
( كان عبد الناصر أوّل من سنّ من العلمانيين بناء مسجد رئاسي لغرض دعائي بحت، ممّا جعل أحد الظرفاء يسميه المسجد الحرام لأنه شيد من مـال حرام!) .
(6) " و قد أعلن محفوظ النحناح زعيم حركة حمس( حركة مجتمع السلم) صراحة توبته من البعد الإسلامي لتوجه حركته في أحد اللقاءات الصحفية بقوله :" لقد تبت من قال الله قال الرسول"و أكّد أن حزبه ذو طابع جمهوري و تحّدى الحضور من الصحفيين بأن يكتشفوا أي إشارة في برنامج حزبه المعدّل لتطبيق الشريعة الإسلامية في الجزائر، كدليل على تنصّله من خلفيته الإسلامية السابقة .( محّرر" مجلة العصر" في موقعها من الأنترنيت بتاريخ 4 ماي 2002) .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال