الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بسمة البوعبيدي تكشف الجغرافيا السرية للمرأة التونسية

مصطفى لغتيري

2012 / 4 / 15
الادب والفن


بسمة البوعبيدي تكشف الجغرافيا السرية للمرأة التونسية
إنها لمتعة حقيقية أن يقضي المرء جزءا من وقته مع كاتبة تحسن حرفة الكتابة ، و تأتي بالجمال مضاعفا في نصوصها الإبداعية.. لقد جمعتني بالكاتبة التونسية لحظات جميلة في ورشة القصة القصيرة ضمن فعاليات المهرجان الوطني للأدب والفنون بالجريد ، و تجدد اللقاء عبر الإبداع ، أقصد إبداع الكاتبة بسمة البوعبيدي حينما عكفت على قراءة روايتها "موسم التأنيث" ، و قد استبدت بي أجواء هذه الرواية ، التي تكشف من خلالها الكاتبة خبايا المرأة التونسية في الجنوب ، من خلال التوغل عميقا في أسرارها ، و حياتها الخفية ، مسلطة الأضواء على اللحظات الحميمة ، فتنقلها بصوت السارد حينا و من خلال عيون الشخصيات ذكورا و إناثا حينا آخر ، و من ذلك ما جاء في الرواية بعين صبي ، يتلصص على عروس تعدها جدته للزواج ، فيتماهى مع الحدث ، من خلال أحلام اليقظة ليرى نفسه عريسا لمريم الشهية، بعد أن تحضرها له الجدة الخبيرة في هذه الأمور تقول لساردة : " فيراها مستلقية ، و هي تغطي وجهها بكلتا يديها ، و جدته تضع قطعة من عجينها العجيب بين فخذيها ، تبسطها و تجذبها فتنتفض الصبية بين اليدين اللتين نضبتا من ماء الشباب و لين الأنوثة من زمن بعيد ، فجفتا و تغضنت جلدتها ، فتئن المسكينة بينهما حينا و تند عنها بين الحين و الحين صرخة كتومة ، يتمنى عند سماعها لو أن باستطاعته إنقاذ صاحبتها من بين اليدين الجافتين المتغضنتين .
و لكن في الليل و حين يضع رأسه على مخدته يرى مريم عروسا بين يدي جدته تعدها له".
و تستمر الكاتبة في لعبة الكشف محاولة أن تبرز بلغة شفافة ، تناسب إلى حد كبير أجواء الرواية العابقة بأنفاسها الأنثوية ، فتقول " قالت لها إحدى رفيقاتها يوما و هما تستحمان في العين ، و تنعمان بمائها، الظلل ، حين أبدت لها تبرمها من اقتراب فصل الخريف ،موسم التمرو قرف موسم التمر، قالت لها و هي تقرصها من ردفيها و قد التصق بهما الثوب يفضح حلمتيها، و الردفان متكوران ، و النهدان نافران " أليس الفضل في كل الذي أرى لحجين التمر؟ و لا تأكلي و تنكري؟ و أضافت مقهقهة : يخيل إلي أن زوج المستقبل سيكون سعيد الحظ إذا عصر هذين النهدين ، فهما سيقطران عسل التمر مصفى و سيشرب منهما حتى يسكر" ص
69.
و حين تتجاوز الفتاة خجلها ، و تسأل عمتها عن سبب إعراضها عن الزواج ، تجيب العمة " كان يأتيني كل ليلة ينساب في أحلامي.. يغطي جسدي بضوء النجوم ، ثم يتركني للرجفة و يمضي.."ابتلعت ريقها ، ثم استأنفت قائلة :
- ثم عاد إلى بلده البعيد .
عادت تدندن : "صب الرشاش سرد بحتوقي.. حمة ما جاش ضاقت خنوقي ".
هذه الأجواء الأنثوية الأثيرة ، تبدع الكاتبة بسمة البوعبيدي في وصفها بكثير من الألق ، فالمرأة في هذه الرواية متنوعة و متعددة ، لكنها تشترك في التوق و الشغف بشتى أنواعه ، كما أنها أقصد المرأة تتحرك في زمان و مكان يلائم طبيعتها، و كأنه جزء منها ، فلنتأمل الساردة و هي تتحدث عن الخريف ، فتقول "للخريف في بلد الفردوس طعم مختلف، طعم الحياة ، تبعث في اللاشيء فيكون.. للخريف في بلد الفردوس ريح أخرى.. ريح هاربة من الجنة ، ريح تلون الأشياء .. تلون الأنفس.. تلون الألوان...
"
و ليس هذا الفردوس سوى الواحة المتخمة بجريدها ، حيث تجري أحداث الرواية ، و من نسغها ترتشف الشخصيات مبرر وجودها ، مما يعنى أن المكان و الزمان عند البوعبيدي يتلونان بلون الذات ، أقصد ذوات الشخصيات.
هذا الاحتفاء العاطفي بالزمان و المكان داخل المتن الروائي يمنحه ملمحا محليا بارزا ، يجعله أقرب إلى نفس القارئ ، فيشعر بأمن حكايات الشخوص هي نفسها حكايته ، فلا يمكن إلا أن يتفاعل معها و يعشقها.
إن "موسم التأنيث " للكاتبة التونسية بسمة البوعبيدي رواية جميلة ، و باذخة بأجوائها و شخصياتها و اهتمامها بالزمان و المكان ، و الأهم من ذلك توظيفها للغة سردية راقية ، اتخذت لنفسها طريقا وسطا ما بين وظيفتها السردية ، التي أبدعت فيها الكاتبة و روح الشعر التي تخللتها ، ولعل هذا ما أهل الرواية لتقديم نموذج ناجح لحساسية روائية نسائية ، تستحق أكثر من وقفة و تأمل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف


.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس




.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في


.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب




.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_