الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأرض لنا والفتى ولدنا:

فلورنس غزلان

2012 / 4 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


اعتُقل، عُذِب، أو قُتل...ففي النهاية قضى..جراحه نطقت...أشلاءه ظلت تصرخ بين لحدٍ وآخر...ظلت تلهج بكلمة واحدة...حرية..حرية ..حرية ...نعتوه بكل أنواع الخيانة...لكن الوطن حمله نحو فضاء الحلم..نحو الأفق المشتعل باللهفة بعشق لماءٍ توضأ به نوح وحنا المعمدان...عمدَّه ُاليسوع...ثم شرب منه مُحمد..ماء يخرج من شرايين الفتى السوري المقتول..على هذه الضفة وفي ذاك الزقاق من حمص إلى حوران..من الفرات إلى بردى...فعروقه تمتد وتتفرع ..من آرام إلى غسان..ومن خالد حتى الحسين...فما الفرق..إلا باسمٍ منحته له مرضعته الأولى ..العذراء كانت أم آمنة؟!!...فهو من قام من كفنه ليحيي مامات فيكم من ضمير ولينفض عنكم وَهمَ الخوف ورعب الخَرس بوجه الطاغوت..هو ابنكم الأكبر منكم..هو كتفكم التي عجزت عن حمل الوطن، هو صوتكم المختنق والذليل أمام وضوح الحقيقة، وإغماضة عيونكم على قذى العنف وموات روح النخوة في جوفكم الموؤد...اعتذروا " عما فعلتم" اعتذروا لأبناءكم...فقد فاقوكم توغلاً في بحرٍ تتكاثف غيومه وتتلاطم أمواجه نتيجة لعبث المكائد وانغلاق الأبواب التعبيرية أمام قدرة العقل على التحليل والتركيب، على الإبداع وكشف الغايات، التي تريد أن تهدر طاقاتهم التواقة لحرية لااستثناء فيها ولا إقصاء لطرف من أطرافها، قاوَموا الأمواج العاتية، ويقاوموا حيتان القرش وأنياب الظلم...اعتذروا لهم وافتحوا صدوركم عما خبأتموه طويلاً من تاريخ شُوِّهَ عمداً...تاريخ يحفر عميقاً في جذور نشأتكم..في حضارتكم المدفونة والمحصورة حكراً في بيت الطاعة العروبية وقوميتها التي تبعدكم عن أخوتكم السورية لبناء الوطن من جديد...فهل من تعارض بين الانتماء العام بالمحيط مع الانتماء الخاص بالأسرة؟ !
اذن حافظوا على توازنكم مع أبنائكم لاتكونوا زجاجاً هشاً أمام جحافل أقدامٍ تسعى لتحطيم روابطكم..وتعزيز اختلافكم...ورش روائح النرجس كمصائد في نفوسكم..انفخوا جيداً هواء صدوركم فوق جمرات المحبة لتشتعل من جديد وتستعيد عُرى بريدٍ انقطعت رسائل تواصله منذ أحرق الدجال كل المراكب المُقلعة نحو أفق الهواء النقي..نحو ساحات تنشد عشق الأوطان وتكشف بالبرق والغيث ألاعيبه النارية ، تضيق الخناق على منافذه التي يرصدها أتباعه ويحشدها معاونيه للابقاء على لغة التوحش المسلوبة من إنسانيتها ومن خُلق العالم المتحضر، وأصول الحق البشري في رسم دروب الغد لشباب كُسرت خواطرهم وحوربت أحلامهم...كونها ترفض الانصياع للرق ولعبودية الفرد..فقد آمنوا وعاهدوا الوطن منذ شرارتهم الأولى أن يكون كل فرد فيهم "سبارتاكوس" حارته.
كونوا لهم آباء يليقون بهم..كونوا لهم قلوباً مفتوحة على المحبة..وعقولاً تنير ما تآكل عبر العقود الماضية من أضلاع البيت السوري...القائم منذ الأزل على التآخي..على التعاون..على وحدة البستان الذي يضم كل أنواع الزهور وكل أنواع الثمار على اختلاف ألوانها وطعمها..علموهم واعملوا معهم على هدم جدران العزل والفصل التي بنتها يد التفرقة، كي تسود الشمولية وتُنتهك من خلالها كل الأعراف والحرمات...امحوا بأيديكم وحنانكم الأمومي والأبوي..دموعهم الحزينة...وكل غشاوة يمكنها أن تعلق فوق صدورهم المتصدية للحديد والنار...ولمخططات سرية أو علنية...تُخفي مآربها وتسير في مشارب غير مشاربنا..ويمكنها أن تسير كذلك في نعوشنا...كي لاتمر عليهم تجاربنا..
لشارعنا وضوحه ولشوارع الآخرين غموضها..وما نحن إلا شعب يحب النور ...فلا تسيروا وأبناءكم في ركب من ظل يعيش عصر الخدر..عصر متاريس تقام بين الأخ وأخيه..بين امراة ورجل...عصر كهوف مفروشة بأحدث أنواع التكنولوجيا ، وتفتقر لنوافذ الهواء ..تفتقر لضوء الشمس...فالشمس إن دخلت منزلاً ...خرج من بابه المرض.
ــ باريس 15/4/2012.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يضع الكرة في ملعب حماس للتوصل لاتفاق هدنة ويلمح لتعمد


.. نواب فرنسيون يشكلون علم فلسطين بألوان ملابسهم في البرلمان




.. القوات الإسرائيلية تقتحم مدينة جنين و سط اشتباكات مسلحة مع م


.. مباراة كرة قدم في الجزائر تتحول إلى حلبة أعمال شغب




.. سلطات في مدينة هيوستن تستخدم شاحنة لرفع تمساح استقر داخل خند