الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-المعاريض-.. وأحضان -الحبايب-

إكرام يوسف

2012 / 4 / 15
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ينشر هذا المقال مع الاحتفال بأقدم أعياد مصر، عيد شم النسيم، فكل عام وجميع المصريين في حرية وخير، وبعد يوم من احتفال اخوتنا شركاء الوطن بعيدهم، أعاده الله على أقباط مصر جميعا ـ مسلمين ومسيحيين ـ بالسعادة والمحبة.
وتأتي المناسبتان وسط خوف ـ أصاب كثير من المسيحيين ـ من نجاح مرشح للإسلام السياسي في الوصول إلى سدة الحكم في مصر. وهي حالة تقع مسئوليتها على عاتق ذلك التيار، الذي لم ينجح سوى في تنفير الناس من الإسلام السياسي، وأكاد أقول من الدين نفسه!
ففي الشهور الأخيرة، تصدرت جماعة الإخوان المسلمين بحزبها الحرية والعدالة مع حزب النور السلفي، المشهد السياسي في مصر. وتميزت ممارسات التيار ـ خاصة جماعة الإخوان وحزبها ـ بقدر بالغ من استعراض العضلات، وتركيز الجهود على إعلاء المصالح الحزبية فوق مصالح الوطن، حتى دفع الكثيرون لإبداء الندم على تصويتهم لصالح مرشحي هذا التيار في الانتخابات! وبدأ البعض يفكر في انتخاب أحد فلول النظام الساقط رئيساً، لدفع شر هذا التسلط.
ومع صعود نجم الإخوان بعد الثورة، بسبب تقاربهم مع المجلس العسكري الحاكم، كتبت بعنوان "الاخوان وتحديات العمل العلني" ناصحة لهم ـ كما فعل كثيرون غيري ـ ألا يتعجلوا المغانم، ويكرروا خطأ مسلمي أحد. وناشدتهم ـ مع كثيرين ـ البقاء ضمن الصف الوطني، وألا يعيدوا خطأ اقترفوه كثيرا ولم يتعلموا منه؛ فمع كل حاكم جديد يسارعون إلى خطب وده على حساب بقية التيارات الوطنية. ويقبلون أن يستخدمهم في ضرب هذه التيارات. وما أن ينجحوا في ذلك، ويطمئنوا إلى أن قلبه صفا لهم وحدهم، حتى يظنوا أن الدنيا دانت لهم، ويشرعون في فرد عضلاتهم، وإذا به يقلب لهم ظهر المجن. لكن رغبتهم الدائمة في المغالبة وسرقة الكاميرا، أصمت آذانهم عن سماع نصائح المخلصين، فارتموا دون حذر في أحضان المجلس العسكري، ولم يتركوا رمزا من رموز الثورة الحقيقيين ـ الذين دعوا إليها، وحددوا أماكن تجمع المظاهرات وانطلاقها، وخطوط سيرها، إلى ميادين تحرير مصر، ونظموها قبل أن تعلن الجماعة بعد أيام، رجوعها في قرار عدم المشاركة فيها ـ من دون أن يرموه بتهم شوهت الثورة في أعين كثيرة؛ فمن اتهامات بالماسونية، إلى العمالة، إلى الكفر.. إلى تشهير بأي تحرك لمطالبة المجلس العسكري باحترام استحقاقات الثورة. واتهام المشاركين في المليونيات بالكفر والسعي إلى "الوقيعة بين الجيش والشعب".. من مليونية حماية الثورة في الأول من أبريل، ثم مليونية الغضب الثانية في 27 مايو التي نجح الثوار في حشد الجموع الغفيرة لها في 18 محافظة .. مرورا بأحداث ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء، وصولا لاعتصام المطالبين بحقوق شهداء بورسعيد في محيط وزارة الداخلية. . لم يترك الإخوان والسلفيون نقيصة إلا ولصقوها بالثوار؛ مروجين بين الناس بأن هدفهم إسقاط الدولة وتعطيل عجلة الإنتاج وتخريب البلاد وحرقها.. ولم يكلف أي من هؤلاء نفسه عبء مطالبة أصدقائه الجدد بالاعتذار لكرامة هذا الشعب، عندما تبول جنودهم فوق رأس ابنائه، أو عندما اجترأت وحوش آدمية على "ست البنات" وجردوها من ملابسها، وانهالوا على أخريات ضربا وسحلا وتحطيم عظام.. بل بلغت بهم الجرأة حد التساؤل الاستنكاري "هي إيه اللي وداها هناك؟" وترك بعضهم المسألة برمتها ليناقش نوع ملابسها الداخلية وعباءتها! ولم يتحرج أحد نوابهم، عن إعلان نيته التقدم بمشروع قانون لقمع التظاهرات؛ عندما صور له الوهم أن جماعته لم تعد بحاجة للمتظاهرين الذين أخرجوهم من السجون وأوصلوهم إلى مقاعد البرلمان.
ولكن يبدو أنهم ـ كالعادة ـ بدأوا يدركون أنه "حتى في أحضان الحبايب شوك" كما تقول الأغنية.. وعندما أحسوا "وخز" هذا الشوك، عادوا يتملقون الميدان، الذي طالما أنكروا شرعيته، زاعمين أن "الشرعية صارت للبرلمان" الذي سيطروا عليه عليه. وأن من بقوا في الميدان "قتلاهم ليسوا شهداء ثورة، ومصابوهم ليسوا مصابو ثورة" على حد قول المتحد الرسمي باسم الجماعة.
وبمجرد الإعلان عن ترشيح اللواء عمر سليمان، مدير المخابرات السابق والنائب الأول والأخير للمخلوع، حتى أحس القوم أكثر بوخز الشوك الذي هو "في أحضان الحبايب"!..وسرعان ما قرروا الخروج في جمعة تحاكي تلك الجمع التي طالما أنكروها وكالوا لأصحابها الاتهامات.. فرفض العديد من القوى مسايرتهم عملا بالحديث الشريف "المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين"..فإذا بالجمعة الماضية تختفي منها أعلام السعودية وترتفع بدلا منها الرايات المصرية، وتعلو أصوات الأغاني الوطنية، وترتفع نفس هتافات "الماسونيين، الأناركيين، العملاء، العلمانيين، الملاحدة، الكفار، دعاة التخريب...إلخ".. هي نفسها الهتافات من دون تغيير، ولكن بأصوات الإخوة الذين حرّموها سابقا. ولم يتوقفوا لحظة للسؤال عن صحة "عجلة الإنتاج"! بل أن صاحبنا "الفلوطة" متبني مشروع قانون قمع المظاهرات، لم يسأله أحد إن كان قانونه ينطبق على هذه الجمعة.. ولم يحدد ما إذا كانت هذه الجمعة حلالا، أم حراما أم مكروهة أم جائزة!
على أي حال، مازلنا نأمل في وحدة الصف. وعودا حميدا إلى الميدان، بشرط أن تكون عودة حقيقية، وليست مناورة كمناورات اعتدناها من أجل تحسين شروط صفقة جديدة في الطريق. ويظل على الإخوة إثبات حسن النوايا ـ إن كانوا يريدون فعلا استعادة ثقة الآخرين ـ وأن يتحلوا ولو مرة واحدة في تاريخهم الطويل، بفضيلة الاعتراف بالخطأ. فليعلنوا ما أقره بعضهم على استحياء، من أن شعار "الدستور أولا" كان هو الأصوب ولم يكن كفرا، وأن التصويت بـ "لا" على التعديلات الدستورية لم يكن حراما، ولا يخرج من الملة، وإنما كان الموقف الأصح. لكن القوم لم يمارسوا أبدا هذه الفضيلة، ولم يعترفوا أبدًا بخطأ! وحتى عندما يثبت الخطأ على بعضهم، لا يترددون في اتباع القول"ليسوا إخوانًا وليسوا مسلمين"، إيمانا بأن الحرب خدعة وأن "المعاريض" مندوحة عن الكذب.
وبالمناسبة، أين هي الأدلة على تورط عمر سليمان في قتل المتظاهرين، التي قال بعضهم أنها تحت يديه؟ ولماذا ظلت تحت يديه طوال هذا الوقت من دون تسليمها للعدالة؟ وهو نفس السؤال الذي يجب توجيهه للواء الذي زعم أن لديه أدلة على تورطهم في حرق الأقسام وغيرها من جرائم مزعومة؟ فهل هناك أدلة بالفعل يخفيها كل طرف لملاعبة الطرف الآخر على حساب العدالة وحقوق الشعب؟ أم أن الأمر لايعدو كونه نوعا من أنواع "المعاريض" يمارسه الطرفان؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. متداول.. أجزاء من الرصيف الأميركي العائم تصل شاطئا في تل أبي


.. قطاع الطاقة الأوكراني.. هدف بديل تسعى روسيا لتكثيف استهدافه




.. أجزاء من الرصيف الأمريكي الذي نُصب قبالة غزة تظهر على شاطئ ت


.. حاملة طائرات أمريكية تصل إلى كوريا الجنوبية للمشاركة في تدري




.. طلاب فرنسيون يحتجون من أجل غزة بمتحف اللوفر في فرنسا