الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تقسيمات على مقام الثورة السورية

نبراس دلول

2012 / 4 / 15
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لا أدري من أين يبدأ المرء ووطنه يحترق أمام عينيه دون جدوى من اخماد الحريق الذي لن يبقي على سوريا, موطن الآبجدية, الا مزرعةً لا تحتوي الا على الرماد!
ثلاثة عشر شهراً مرت على ثورة الكرامة السورية, وبدل ان تعلمنا التجربة الثورية الكثير مما فقدناه خلال خمسين عاماً, بدا وللآسف الشديد أنها تعيدنا للوراء كثيراً, وهذه ليست سمفونية للاستهلاك بقدر ماهي واقع حقيقي كنا قد حذرنا منه منذ البداية ولكن صدق الشعر حينما قال:
لبيت ان ناديت حياً لكن لاحياة لمن تنادي
منذ عام 2001 وأنا انشط في صفوف المعارضة السورية , الكثير من اصدقائي ابتعدوا عني والكثير من أقاربي كانوا يتجنبونني ( لشبهة المعارضة) التي كانت تستوجب وحتى يوم 15- أذار -2011 السجون والملاحقات الامنية والاستدعاءات التي ليس لها اول من أخر, والتي كان لها الدور الرئيسي في مجيئي للعيش في الامارات براتب زهيد بعد أن اجبرني الآهل على هذا الخيار مخافةً من اعتقالي.
كان العقد الماضي مليئاً بالكأبة بالنسبة لنا ونحن نشاهد الناس تنأى بنفسها عنا, ولكن الاكثر حزناً وكأبةً أن نرى هؤلاء الناس نفسهم يتصدرون المشهد الثوري اليوم ويبيعون مستقبل الثورة لكل من ترضاه مخيلتهم المريضة.
منذ بداية الثورة, وبسبب من معرفتي المباشرة للشعب السوري, لم أتوقع عكس ذلك بل ذهبت الى أبعد من ذلك عندما تبنيت الثورة بشريطة( الثورة ضمن الثورة أولاً وتعرية اي خلل ثوري بشكلٍ قاسٍ ثانياً) لكن ما فاجأني كانت الشدة وليس النوع او الصنف , كما يقال.
انتقدنا, ولانزال, جميع المظاهر السلبية المقرفة التي أقدم عليها ثوار اليوم لآننا كنا نريد لثورتنا أن تكون عصية على الشبهات والانتقادات, كانت بوصلتنا ولاتزال هي: حق الشعب السوري بالثورة على نظامٍ فاسد قمعي سياسته هدر الكرامات الوطنية والانسانية, لذلك كان نقدنا مترافق مع النزول الى الشارع ودعم الثوار وتنظيم شئ بسيط من امور الاغاثة التي تحتاجها بعض المناطق المنكوبة.
الكثير من الثوار لا يشبهوننا لا فكرياً ولا ثقافياً ولا حتى سلوكياً!! ولكننا مازلنا نصر على ان الوضع السوري المعقد وعدم استجابة النظام ولو لشئ يسير من مطالب ثورة الكرامة يلعبان دوراً في هذا المنحى الخطير الذي يسلكه ثوار اليوم.
حاولنا منذ البداية وبجهد كبير أن نعطي الناس حقها وأن نسمي الآشياء بمسمياتها, فبقيت حماة بالنسبة لنا مدينةً محافظةً ,تزداد جمالاً بنواعيرها ,لامدينة ثوريةً على طريقة هافانا او لننغراد كما حاول أغلب العلمانيين المعارضين تصوير هذه المدينة ألآبية تحت حجج البروباغندا الساقطة. كذلك بقي الشارع بالنسبة لنا يميل ميلاناً ترجيحياً كبيراً لصالح النفس الديني المحافظ وهذا ما كتبته في شهر حزيران الماضي عن اهمية دخول مدينتي حلب ودمشق على خط الانتفاضة كي تحدثا توازناً مع نفس الارياف المحافظة والتي هناك جزء منها ينحو نحو الانعزال الديني على الطريقة السلفية.
لقد أثبتت الانتفاضة السورية أن البلد مقبل على حرب أهلية تقود الى نزاع اقليمي شرق- اوسطي خصوصاً في ظل تعنت النظام الذي يساهم في هذا الموضوع بنسبة تصل الى ثمانين بالمئة بينما يتحمل الثوار والمعارضة المنضوية تحت ما يسمى بالمجلس الوطني على ذمتهما العشرين بالمئة المتبقية, ونلاحظ هنا أن نصيب النظام من مسؤوليته, حال توجهت سوريا نحو الحرب الآهلية, هي في تراجع نظير تقدم للمعارضة في حصتها عن تلك الحرب اللعينة.
ان الشعب السوري يعيش منذ بدايات الانتفاضة ما يمكن أن نسميه (بروفة حرب أهلية), وان الانقسام الحاصل هو انقسام طائفي في المقام الآول, هناك نفس محافظ يميل نحو التشدد في البيئة السنية يقابله تقوقع طائفي عند بقية الطوائف.... صوت العقل ملغى وصوت الضمير مكبوت خدمةً للطوائف وأربابها, او قل: لديوكها الرومية بتعبير نيتشه.
المتظاهرون يطالبون العلويين بالدخول على خط الثورة كي يسقط النظام, متناسين أن حلب والرقة , المدينتين السنيتين, مازالتا تدافعان عن النظام! لا ادري كيف يجرؤ الكثير من الناس على القول بأن العلويين هم حماة النظام بينما هم يشاهدون رئيس النظام يذهب لصلاة عيد الاضحى في الرقة ويهتف له أهلها علماً أنها مدينة ومحافظة لا يوجد فيها علوي واحد ,, بل ان جل سكانها من القبائل العربية السنية ولاوجود لغير أهل السنة الكرام في هذه المحافظة!!.
الكثير من الآسئلة يجب أن تطرح اليوم, فلا ثورة بدون الآسئلة الكبيرة التي تشكل اجاباتها جسراً نحو سوريا المستقبل. على المعارضة أن تعي مهامها جيداً وأن تبتعد عن التعامل بأسلوب ومنهجية النظام لآنها بذلك تخسر قطاعات كبيرة من المترددين في الانخراط في هذا الحراك الشعبي, الذي نأمل ان يحقق لسوريا مستقبلها المشرق المنشود.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الأميركية تعتقل متظاهرين مؤيدين لفلسطين وتفكك مخيما ت


.. -قد تكون فيتنام بايدن-.. بيرني ساندرز يعلق على احتجاجات جام




.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف


.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام




.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا