الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق الشعوب في التنمية

عبدالله تركماني

2012 / 4 / 16
حقوق الانسان


لعل مقولة التنمية أمست اليوم قاسماً مشتركاً لمعظم العلوم الإنسانية وتطبيقاتها، وقد عرّف إعلان " الحق في التنمية " الذي أقرته الأمم المتحدة في العام 1986 عملية التنمية بأنها " عملية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، تهدف إلى تحقيق التحسن المتواصل لرفاهية كل السكان وكل الأفراد، والتي يمكن عن طريقها إعمال حقوق الإنسان وحرياته الأساسية ".
وهكذا فإنّ التنمية عملية مجتمعية يجب أن تساهم فيها كل الفئات والقطاعات والجماعات بشكل متناسق، ولا يجوز اعتمادها على فئة قليلة، ومورد واحد. فبدون المشاركة والحريات الأساسية لا يمكن تصوّر قبول الشعب بالالتزام الوافي والخلاّق بأهداف التنمية وبأعبائها والتضحيات المطلوبة في سبيلها، أو تصوّر تمتعه بمكاسب التنمية ومنجزاتها إلى المدى المقبول، كما لا يمكن تصوّر قيام حالة من تكافؤ الفرص الحقيقي وتوّفر إمكانية الحراك الاجتماعي والتوزيع العادل للثروة والدخل.
ومن هنا اكتسب مفهوم التنمية البشرية رواجا كبيرا منذ العام 1990 حين تبنّى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مضموناً محدداً ومبسّطاً له، شمل ثلاثة أبعاد: أولها، خاص بتكوين القدرات البشرية، مثل رفع مستوى الرعاية الصحية وتطوير القدرات المعرفية. وثانيها، يتعلق باستخدام البشر لهذه القدرات للاستمتاع في الحياة وزيادة إنتاجية العمل. وثالثها، ينصرف إلى نوع ومستوى الرفاه الإنساني بجوانبه المختلفة.
ولعله من المفيد التركيز على العناصر الأساسية التالية كمؤشرات للتنمية الشاملة:
- التنمية عملية وليست حالة، وبالتالي فإنها مستمرة ومتصاعدة، تعبيراً عن تجدد احتياجات المجتمع وتزايدها.
- التنمية عملية مجتمعية، يجب أن تساهم فيها كل الفئات والقطاعات والجماعات، ولا يجوز اعتمادها على فئة قليلة أو مورد واحد.
- التنمية عملية واعية، وهذا يعني أنها ليست عملية عشوائية، وإنما عملية محددة الغايات، ذات استراتيجية طويلة المدى، وأهداف مرحلية وخطط وبرامج.
- التنمية عملية موجهة بموجب إرادة تنموية، تعي الغايات المجتمعية وتلتزم بتحقيقها، وتمتلك القدرة على تحقيق الاستخدام العقلاني المجدي للموارد المادية والبشرية، بموجب أسلوب حضاري يحافظ على طاقات المجتمع.
- إيجاد تحولات هيكلية، وهذا يمثل إحدى السمات التي تميّز عملية التنمية الشاملة عن عملية النمو الاقتصادي. وهذه التحولات - بالضرورة - تحولات في الإطار السياسي والاجتماعي والثقافي، مثلما هي في القدرة والتقنية والبناء المادي للقاعدة الإنتاجية.
- بناء قاعدة وإيجاد طاقة إنتاجية ذاتية، وهذا يتطلب من عملية التنمية أن تبني قاعدة إنتاجية صلبة وطاقة مجتمعية متجددة لم تكن موجودة قبلاً. وأن تكون مرتكزات هذا البناء محلية ذاتية، قدر المستطاع، متنوعة، ومتشابكة، ومتكاملة، ونامية، وقادرة على التعاطي المجدي مع التغيّرات في ترتيب أهمية العناصر المكونة لها، على أن يتوفر لهذه القاعدة التنظيم الاجتماعي السليم، والقدرة المؤسسية الراسخة، والموارد البشرية المدربة والحافزة، والقدرة التقنية الذاتية، والتراكم الرأسمالي الكمي والنوعي الكافي.
- تحقيق تزايد منتظم، عبر فترات زمنية محددة، قادر على الاستمرار في المدى المنظور، وذلك تعبيراً عن تراكم الإمكانيات واستمرارية تزايد القدرات وإطلاق الطاقات وتصاعد معدلات الأداء المجتمعي، وليس تعبيراً عن تغيّرات متأرجحة تلقائية المصدر غير متصلة السبب.
- زيادة في متوسط إنتاجية الفرد، وهذا يمكن التعبير عنه بالمؤشر الاقتصادي المعروف " تزايد متوسط الدخل الحقيقي للفرد " إذا ما أخذ بمعناه الصحيح، وإذا ما توفرت له إمكانية القياس الصحيح.
- تزايد قدرات المجتمع هو الوسيلة لبلوغ غاياته، وهذا التزايد الذي يجب أن يكون متصاعداً، يجب في الوقت نفسه أن يكون بالقدر النسبي المقارن بالنسبة للمجتمعات الأخرى.
- الإطار الاجتماعي - السياسي، ويتضمن آلية التغيير وضمانات استمراره. ويتمثل ذلك في نظام الحوافز القائم على أساس الربط بين الجهد والمكافأة، إضافة إلى تأكيد انتماء الفرد لمجتمعه من خلال تطبيق مبدأ المشاركة بمعناها الواسع، وكذلك جانب العدالة في توزيع ثمرات التنمية وتأكيد ضمانات الوجود الحيوي للأفراد والجماعات، وللمجتمع نفسه.
إنّ الجوانب، الموصوفة أعلاه، بالإضافة إلى كونها تمثل أهداف التنمية، هي في الوقت نفسه مصدر قوة وسائلها وفاعلية وكفاءة أدائها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. صعود أقصى اليمين بالجولة الأولى من الانتخابات يثير ق


.. مصير المعارضة والأكراد واللاجئين على كفيّ الأسد وأردوغان؟ |




.. الأمم المتحدة تكشف -رقما- يعكس حجم مأساة النزوح في غزة | #ال


.. الأمم المتحدة: 9 من كل 10 أشخاص أجبروا على النزوح في غزة منذ




.. فاتورة أعمال العنف ضد اللاجئين والسياح يدفعها اقتصاد تركيا