الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زهرة

هاشم مطر

2012 / 4 / 16
الادب والفن


«حكاية امرأة لم تغادر»
فيلم للمخرج محمد بكري

مساء رائع جمع العراقيين الديمقراطيين من المهتمين بالفن والثقافة، لبوا دعوة تيار الديمقراطيين العراقيين في الدنمارك لحضور الامسية الاحتفالية بالفنان محمد بكري.
في الثاني من نيسان لبى الاستاذ بكري مشكورا دعوة العراقيين الديمقراطيين لأستضافته وتكريمه وعرض فلمه الموسوم «زهرة» الذي يحكي قصة أمرأة لم تغادر ارض فلسطين، زهرة، المرأة الطيبة-المشاكسة كثيرة العناد والصبر، فكان نتيجة رفضها البقاء في مخيمات اللاجئين في لبنان اجيالا من الزهور ملأوا حياتها واصبحت بنكهة السلام الذي ينشده الفلسطينيون في كل مكان. منهم من تعلم في الداخل والخارج ومنهم من عمل في مناحي الحياة حاملا هويته الفلسطينية اينما حل.

وفي اللقطات التي تظهر فيها زهرة في الفيلم -وهي كثيرة- بوجهها المنير الطافح بالارادة والعينين الرائيتين، تبدو اشد تمسكا بأرضها وهي تستفيض بالحكايات عن تاريخها ومجد آبائها. تستخدم اللهجة الدارجة بسرد الحكاية، ولا تنسى أن تُذكر الجميع بالحق والواجب وتزرع في نفوسهم جذوة المحبة والعطاء. فتجد الاخرين ممن قابلهم مخرج الفلم وممثله محمد البكري بذات العزيمة-اللوثة التي ارادت لها الحاجة ان تحيا في نفوسهم وضمائرهم.
المحبة هي ثيمة الفلم الرئيسة التي عولت عليها زهرة لتكون رابطهم الأبدي، وهي الكلمة السحرية التي سيتجلل رضاؤهم بضيائها. بسلسلة من الوصايا والاحداث المرافقة لأناس لم يغادروا (البيوت) ومزارع الزيتون والهضاب المطلة على أجمل أرض، أوصلت زهرة رسالتها من دون ورقة وقلم ففاقت أعتى المحللين والادباء بوضع البدايات والنهايات باحداثياتها الفطرية، محولة الوهم الى حقيقة والحلم الى واقع.

ذكرتنا الحاجة زهرة نحن العراقيين بأمهاتنا من الباسلات اللواتي كن يوصين أبناءهن بالعودة إلى أرض العراق فهي خير البلاد وأولى بهم من أية ارض. هذا النسغ المتصاعد من ذاكرة الحاجة زهرة فاض بمعناه الدرامي فكان بكري خير من تصدى له وجعله في خابية من النور الفياض كخوابي زيتون بلدته، وهو يعارك سبعين دقيقة من انتاج رائع باهر، لم يترك الواقعة تفلت منه تحت مغريات اللون والصورة والمنظر ولا حتى العبارة الانيقة وفداحة الألم الذي فجرته الحكايات. تلك التداعيات التي ذهب القائلون لتفكيكها وفق وقائع تاريخية بعضها موثق بعمر الزمن الذي عاشوه، كما في تشكيلهم أول جمعية مشاعية للشيوعيين في فلسطين بعد التهجير. ورصدوا عالما من المرارة رافق سيرتهم وبأسهم ومقارعتهم لمظالم الاحتلال.
التقط المخرج أول ليلهم بفاتح فلمه عن عودة الحاجة الى قريتها في ليلة مرعدة-ماطرة ثم نغم حزين (يطولوك ياليل ويقصروك ياليل). انه الليل الذي يطول ولم يستطع أن يلغي وجودهم على أرضهم، فكانت ثمرته صورة الأجيال التي تناصت وتكررت على وقع الروي (التاريخ يعيد نفسه) إنما بصورة أعمار تفاوتت وثقافة تجذرت وإرادة تصدرت جميع همومهم. ولتلك الأجيال أهدى المخرج فلمه (الى أولادي وأولادكم).
بتقديم موصول بالنهاية ينطلق صوت الراوي مع صورة بيت الخالة زهرة متبوعاً بأخرى لوجهها المنير وصورة الأجيال الجماعية التي لم تكتمل -رغم محاولة المخرج مرتين لجمعهم- كتعبير عن انشغالاتهم وانخراطهم بالحياة، «هون خلقت خالتي قبل ثمانين سنة وربتنه». يبدأ أولى مشاهده بالأرض المعطاء، وبداية الحياة في القرية وبساطة اهلها بفاتح تزويج زهرة من إبن عمها حسن الذي سمع كلام ابوه «بدك تتجوز زهره مافيش غيرها» الفتاة البسيطة التي كانت تخاف الزواج. واصل الراوي بعدها عباراته الانيقة البسيطة بتزامن مع روح المغامرة بالبقاء مع نتف الحكايات فكانت الروعة بتكامل المشهد الحسي السينمائي الذي أسر المشاهد وقدم الحكاية على طبق الذهب الذي جعله محمد البكري من مقتنيات الحاضر.

تعرض الفيلم لإشكالية الارض والوجود والانتماء مرفق بالحب وفق حس درامي-مغامر لا يعبأ بالقصاص الذي ناله المخرج نفسه قبل الفيلم ذاته. كانت طريقة كفاح مبتكرة جعلته في سلم الريادة وهو يفكك الوقائع ببساطة مذهلة، يمتلك حسا فنيا راقيا وقضية لم تغب عن ذهنه، فيعود للمفصل-المشكل وقت الحاجة. كان ذلك بسلسلة اللقاءات مع اناس عايشوا الفترة واجيال ولدوا بعدها وكأنهم من بيئة سطوة الرحيل ذاته.

ذاكرة المكان لـ زهرة عثورها على دارة الحاج ابو حميد ولم تعثر على بيت سيدي محمد بكري الذي تحول الى مصنع مهجور. واصرار المخرج ان يتتبع أثر رحيلها الأول لتتلمس عدسته سطور الحياة على وجه الحاجة زهرة مع استرجاعها الذكرى التي طحنتها الوقائع، لكن مهما تغيرت الملامح فالانسان باق في ارضه يورثها الأجيال. بدا من العودة في مخيم في لبنان مصحوبا بعبارات التندر على اللاجئين «ينعلك هل الوجه مثل وجه اللاجئ» والاصرار على امتلاك هوية تثبت وجوده في أرضه. ذلك التتابع المثير والاسقاطات المفاجئة من قبل المخرج لمشاهد جديدة في غزة وقنابل فسفورية -من دون ادانة عربية- واضحة لجرائم القتل، نشطت الذاكرة كما اليهود انفسهم بسوقهم الى عنابر الموت -انه التاريخ الذي يعيد انتاج نفسه- على نحو غبي. ذكرنا المشهد نحن العراقيين بجريمة مماثلة للكتلة البشرية من (الاكراد الفيليين) في عهد صدام وابعادهم عن ارضهم الى ايران ومصادرة ما يملكون واعتقال شبابهم وقتلهم، كما يظهره الفلم بتقسيم المهجرين وفق الأعمار يعتقل الرجال منهم كما (عمي محمد) ويقتل شباب اخرون، «اخذوهم صفوهن ورشوهن» اربعة شباب حفظتهم الحاجة زهرة بالأسماء والانتماء -من بينهم مسيحي- واحد. الكرد الفيليون كما الفلسطينيون شعب مستباح بلا ارض وان تغيرت (حكمة الزمن) تبقى ذيول الجريمة بوقعها واثرها اشد مرارة من الجريمة ذاتها على الاجيال.

حكايات الاصرار يوجزها المخرج بارادة المرأة التي ولدت لوحدها، قطعت حبل المشيمة بالحجارة «لفته وحملته ومشت» تقول الحاجة زهرة، حتى انها تجاوزت بخطاها الاصحاء الذاهبين الى المجهول، «فاتتنا وضلت ماشية» ترى بماذا كانت تفكر تلك الشابة في تلك اللحظة وهي تغادر وحدها؟!.. يرفق المخرج مشهده باسقاط مفاجئ بمشهد الخنزير الذي يقتل وتنهشه الكلاب سوى انه يقيم في جبله؟!. انه مشهد درامي محمول بسطوة تعبيرية هائلة وضخ تساؤلي غير مسبوق. انه ادانة مزدوجة لأحقاد تاريخية-دينية التجأت الحاجة زهرة الى تفسيرها وناهضتها بكرم ضيافة العائلة المسيحية في «كفر سمير» العائلة التي آوتهم واطعمتهم، كذلك في وقت آخر كانت عائلات من نفس الطراز تخفي الفلسطينيين المطلوبين والمهددين بالقتل. ومن نتف الحكايات التي تأصلت بالارض والتي ولدت من رحم قرية صغيرة اختار المخرج سيرتها لتكون مادة فلمه، اكدت وقائعها الغريبة بالحصول على الهويات للكل. قرار واحد يرغم السلطات ويضمن الحقوق، حتى تخلص جميع النصوص الى عبارة اثيرة «ان قرية البعنة انقذت الجليل»، ويختم المخرج مشهده بأثارة شاعرية-عاطفية لقصيدة محمود درويش (.... واطفالي ثمانية وتاسعهم...)، ويمهد من بيئة القصيدة والشعر الى مشهد آخر في عصب الفيلم يُظهر مدى تعلق اهل القرية بأرضهم والعمل على حد سواء. انه التعبير الموجز لإرادة البقاء ولي عنق المستحيل. حيث يتابع المخرج تفاصيل مهمة تتعلق بالعمل والشقاء والبقاء. ويخلص الى ايجاز تأملي للحاجة زهرة بزيارتها محجر زوجها ووقوفها على اطلاله «بين مدة ومدة خالتي زهرة تجي لهون يمكن عشان تستعيد احلى الذكريات». ايام كان زوجها يمتلكها سبعين محجرا على نفس الأرض، «عاشوا منها اهالي البعنه والدير ونحف»، لحين مصادرتها بكل السبل التي كان يجانب فيها الاحتلال الحقيقة وسبل سرقته الأرض وإن كانت بإثارة الفتن بين الاهالي.

وفي عالم المتغيرات الجديدة وبانتقالات من بنية السياق نفسه، يبرز عالم التحدي العلمي باصرار (عمي حسن) على ارسال ولده الى موسكو ليصبح طبيبا، «كيف ما بعرف» يقول محمد الإبن، لكنه يسافر رغم تهديد السلطات بقتل والده، الذي يحصل فعلا على اثر تسمم مفاجئ. هنا الكثير من الكلام اوجزه بالانتباهات الدرامية للمخرج والتقاطاته الخادمة للفكرة، فمع وصول الرسالة رقم 44 الى الابن من والده الذي كان يرقم رسائله تحسباً لمصادرتها، يكون (عمي محمد) قد غادر الحياة فيحل ابنه العائد بصفة الجيل الجديد بصحبة زوجته الروسية جنيا وابن لهما، «واقف اطلع ادور عليه وسط الناس» يقول محمد، رغم معرفته المسبقة بموت ابيه!. وفكر بتهديد بن اسحق له «من ترجع متلاقيش ابوك». هنا لي كلمة عن التعامل مع الفقدان الذي يتلبس محمد وكأنه يرفض اية مغادرة حتى وان كانت واقعا، بطبيعة الحال مصحوبة بتأثيرات عاطفية استطاع المخرج توظيفها بمشهد رائع من خلال انفعالات عميقة تجدد الحدث، وتجعل الحكاية حية طليقة وليست كسلسلة ذكريات هائمة.
بمعنى اخر القدرة على المزج بين التوثيق والمعالجة السينمائية والنظرة الروائية. يتركها ثم يعود لها بصفة التوالد المستمر للأجيال ويختمها بمصائر ابطاله المختلفة مع الكثير من الإصرار، رفيقة التي اعتنت بالعائلة ورفضت عروض الزواج الكثيرة، «انا عندي اولاد اثنين» وآثرت تربية اولاد اخيها، بكري المحامي الناجح، وحسام الذي يتباهى بثمرة عمله في مطبعة الاتحاد ويكشف اضابير الجريدة التي طبعها بأصابعه وربما مايزال يوزعها، مازن العامل الإجتماعي، ورفيق الصحفي السياسي-الشيوعي الملتزم والمحرض الناجح، سميرة المتعلمة العاطلة عن العمل، محمد الذي تدمي قلبه الذكريات لكنه في قلب الاحداث والعمل والحياة فيتزوج من ابنة عمه ويخلفان جيفارا. وابنه حسن الذي يتعلم الطب في نفس جامعة ابيه ويتزوج من ابنة عمه فاطمة ايضا. هذه الوحدات الحياتية يضعها المخرج في صيغة «التاريخ يعيد نفسه»، انما بصفة مشرقة وعلى نحو لواحظ من الامل والتفاؤل. ولم ينس المخرج ان يضيف لمسات انسانية رائعة لـ جينا التي تعالج المرضى مجانا لارضاء ذاتها كونها روسية منتمية لقضية زوجها حتى رحيلها المبكر فتدفن بأرض (اهلها) الفلسطينيين حيثما انجبت إبنها الثاني. اعتقد هنا انه كان بإمكان المخرج ان يستفيض اكثر عن حياة جينا في فلسطين، ذلك لكونها تشكل عنصرا روائيا هاما من فكرة الهجرة ذاتها مع دلالات الانتماء الجديدة اضافة لانتاج جيل متلاقح من مجتمعين مختلفين.

تلك اللمحات الدرامية تشكل من حيث الواقع ثيمة راوائية بذاتها. تشارك الام، أي الحاجة زهرة، نفس احساس ابنها فتعكف على زيارة قبر زوجها يوميا، وفي الايام الماطرة تأخذ (البلاستك) تغطيه حتى سمعت زهرة في احدى المرات كلام ام علي أمينة «الميت زي الميات (الماء) اللي ينكبوا تعرفي تلميهن»؟!، فغيرت اسلوب حياتها، وجاء سردها للحكاية مفعما بالعاطفة واضح المعالم عظيم بتأثيره الواقعي،. فأستأذنت زوجها الميت على الغياب وباعدت زيارتها القبر حتى اصبحت مرة كل اسبوع وكل شهر وكل عيد، ثم الى وقت غير معلوم. اختارت الحياة: خوابي الزيت والزيتون والحقول واشترت عنزة تدر على العائلة بالحليب وتلد كل عام توأم!. انه مشهد اخر يذكرنا بالرواية الماركيزية العظيمة بتجدد الحياة والخير الذي يتدفق، والبحث عن مخارج لها تحت وقع الحيف والمظالم وتعاسة الاحداث. لم تتسع حياتها لغير ما ملكت يداها كما لم تمتد الام في رواية ماركيز الى الكنز العظيم رغم حاجتها فهو ليس لها حتى يذهب هباء.

سجل الفلم مقتناه الأثير بالحفاظ على الارث الثقافي والمعرفي الفلسطيني وفسر بقاء اللغة الأم رغم عتو الثقافة البديلة. تلك الازدواجية المريرة التي يعيشها الفلسطيني داخل ارضه ومغرياتها العطرية مجملة المظهر، وجدت مضونها الهادئ بحركة الاجيال الذاهبة للمدارس والجامعات فرسموا ملامح جيل الأمل وليس الهزيمة كما قيل عنهم.
ومن حيث الموازنة كان الفلم بارعا في قول الحقيقة احيانا بصمت الكامرا ووجوم الوجوه والتأمل، ومن جهة اخرى وازن بين الواقع والرغبات. فالجميع يحاول ان ينهل من منهلين: الفلسطيني وواقع الارض. الكل يتعلم الكل يعمل والكل يرفض طمس الهوية. ومن ناحية الموازنة الفنية جاء متكافئا بين الروي والرواية وصدق الواقعة، اضافة الى نجاح المخرج بجدلية الاحتراف والممثل اليومي لشخصياته التي تلبست الدور الذي اراده لها من حيث الحرفة والاتقان. هنا لابد من القول بأن جميع الشخصيات ادركت موقعها في الفلم كعناصر محركة فاعلة وليست طارئة. اتقنت الدور حتى بزيها ومظهرها البسيط من دون اقحام يثير البهرجة والتنافر.

المهنة الشاقة التي اختارها البكري كانت عصية على الاحتواء فجاءت رسالة الرفض تجلل صفحة الفلم حتى النهاية. لا أستطيع أن أخفي قلق المخرج وهو يستخدم عدته بجعل الفلم مقبولا عالميا، وبنفس الوقت من دون مأخذ عليه بالتحريض المباشر. اضافة الى ظروف الانتاج التي لا اعتقد انها من دون رخصة رسمية من السلطات، مع الأخذ بنظر الاعتبار التقنية المبسطة بكامرا واحدة كانت كافية لرصد المشهد من زوايا مختلفة، وهي إن قارناها بواقع الأمر نرى ان مداخل الانتاج رغم صعوبتها ممكنة. وهي القاعدة التي اعتمدها مبدعون فلسطينيون كـ أميل حبيبي ومحمود درويش وسميح القاسم وتوفيق زياد وغيرهم. هذا الأمر يربك سلطات الاحتلال اكثر من البندقية ذاتها. وهؤلاء سكان ارض الفلم الأثير يأخذ بأيديهم المخرج، يستخدمون المتاح بأثراء حكاية الحاجة زهرة عن الارض والوطن والاجيال ويوصلون رسالتهم الأثيرة من دون ضجيج.
اين نصنف الفلم: أينما نصنفه اكاديميا فهو يحمل الوجوه جميعها، وهذه الصفة هي صفة عصرية محدثة للانتاج السينمائي لا تخلو من المغامرة حيث المدارس الحديثة تتصدى للمشكل بارهاق الفكرة وليس العكس، وتعتمد على اخلاقيات السينما الجادة الحديثة بتقديم وجبة سهلة الهظم عظيمة الطاقة تعتمد الواقعة في ثناياها. ربما من المهم هنا ان نشير الى تجارب مذهلة للرواية الحديثة التي احدثت بجرأتها انتقالة رائعة بالسينما من خلال طريقة المزج بين المتخيل والواقع حصلت ثلاث منها على جائزة نوبل خلال عقد ونصف.
من هنا ادرك المخرج تلك المفاصل فعكف على صناعة جديدة لاتخلو من المغامرة -كما بعض الشعراء والقصاصين العراقيين المحدثين. فهو على شفى الفشل فيما لو افلتت من كامرته-عينه الرائية ومضة عين، او ان يكون قد اخذه واربكه مغرى وجوده المكاني وطيب الاحاديث، التي لا اشك انه شذبها وقطعها لسبب واحد هو ان تكون في مرأى الحقيقة من مشاهدي الفلم. بمعنى آخر جودة الصناعة وقوة الفكرة وتوظيف الحدث، حتى وان افتقد الى عدة تقنية متقدمة. ربما من المفيد هنا، التذكير بالفلم الكلاسيكي الرائد (المدرعة بوتمكين) للروسي سيرغي أيزنشتاين الذي اعتمد مشاهد تعبيرية مذهلة باخراجه الفيلم، حتى أن المنتج البريطاني «جون جيرسون» وهو من أشهر منتجي الأفلام التسجيلية يقول (إن حركة الأفلام التسجيلية البريطانية ولدت من آخر بكرة لبوتمكين). وما مازال الفلم يدرس في معاهد السينما العالمية المهمة.
هذا بمجمله اضفى على فيلم البكري صفة العالمية ذلك ليخرج عن الطوق الذي نحاصر فيه منتجنا محليا ويكون فقط مثارا للتداعي والحسرة. هنا لابد من القول ان محمد البكري يعرف بدقة مواصفات الانترفيو السينمائي فهو يعرف عما يبحث وما يريد، لذلك لم ترهق مشاهد الفلم بالضخ الاعلامي الممل، يقطع بأداته السينمائية الاحاديث ويلحقها بصورة الواقع ويكملها بومضات سريعة لأية فكرة تخدم المشهد.
مشاهد الروي جاءت في بنية السياق السينمائي، فلا تجد ذلك التعثر بالجوهر ونقل المشهد، وان ابتعد المشهد فهو يمهد له بتلقائية تبقي على الاسترخاء بانتظار الجديد القادم. وهذه الصفة هي صفة مهنية تمتاز بها الصنعة المتقنة كالنجارة والحدادة، بأضافة لمسات جمالية بحرفية متقنة تتصف بالابهار، خالية من التزويق والبهرجة، وهي معادلة صعبة بحد ذاتها تقع فيها غالبا افلامنا المحلية من ذات الطراز.

قصة الفلم: هي فكرة لدى المخرج تماما كما ظهر في ملحمة اميل حبيبي الخالدة التي تعد من عيون الأدب العربي. فهو يغامر بالنص من اجلها، لكنه ينجح ويكتمل بالمحمول الروائي. وبجنوح بسيط الى المسرحية التي قدمها (المتشائل) قبل يومين من عرض الفلم، نجد ان محمد بكري يقتفي الأثر نفسه الذي شغله على مدى اكثر من 500 عرض باللغتين العربية والعبرية. هذا المخرج المطبوع، ولا الغي عنه صفة الاكاديمي، انما اقول هو موهوب من حيث الحس الانساني وروعة الفائدة التي يجنيها من نتاجه ويهبها للمشاهد، وان لم يرسم الخطوط بفرشاة الكلاسيكي انما يظهرها ببراعة وروعة الانطباعي الباهرة.
ماحدث في العرض المسرحي من تلقائية مبهرة يظهر خلفية المخرج الاكاديمية، متنقلا بين المشاركة والتغريب والحد من الطرفة بالرجوع الى العقل والتبصر، للحد جعل المشاهد مشاركا ومعترضا في العرض، واداة في تكوين المشهد الدرامي. وهذه الصفة البارعة بالإدخال نجدها في الفيلم حيث يدخل التفصيلات بعفوية اعجازية مثيرة، وهي المكونات التي تعترض طريق الكامرة صدفة من حجارة او طبق او (بصل محروق) او تساؤل او حتى الحاجة زهرة نفسها التي اصبحت بعد لحظة ممثلة بارعة تفهم لغة الكامرة، واجزم ان محمد بكري لم يطلب منها القيام بأي دور، ولو فعل لفشل. حتى في احد المشاهد وهي تروي تنتبه الى اختلاجات المخرج وانفعالاته فتقول له «شو كانك تبكي عليه». تلك الحاسة المصحوبة بالمعرفة جعلت من الفلم كتلة لونية، ناطقة، وابداعية ملهمة، وظف المخرج من خلالها صغائر الاشياء لتخدم ثيمة الفلم وهي المرأة التي لم تغادر عشها المبلول المهدم، بل عكفت على بناءه بسعي نحلة بدافع الحب.

تبقى هناك مشكلة أثيرة تتعلق بنظرة العرب الى فلسطينيي الداخل. فقد احتارت هذه الكتلة البشرية من أمرها بين الاحتلال والواقع، بين خيار البقاء والنقد اللاذع، بين حملهم لجواز سفر اسرائيلي ومواطنة مزدوجة، بين بقاء شقي وبين هروب. فاختارت جانبا آخر للقضية والحقيقة، فالأرض ارضهم فلن يتركوها ليعودوا الى المطالبة بها كما اليهود انفسهم قبل اكثر من الفي عام.

النص لو كتب بصفة روائية اجزم بأنه سيكون سيرة فلسطينية-ملحمية ماركيزية على نحو مائة مام من العزلة». ولا اعتقد ان الأمر خافيا على واضع السيناريو. فبلاشك كانت بحيازته ثروة كتابية كبيرة تشكل مادة ليست اولية فحسب بل كافية لانتاج رواية رائعة. عدد كبير من الشخصيات الرئيسة والثانوية تتصدرهم الأم، هي الباقية من ارث الماضي وصلته بالحاضر، تجمعهم حكاية في مكان معلوم وامكنة ترتبط بالحدث ذاته وأزمان مختلفة-موصولة، سرد روائي وجزئيات جاهزة للتفعيل الفني، منافذ خيالية عظيمة. جميع تلك الاحداث والشخوص والامكنة تشتبك وتتوالد، وتنتج مصائر مختلفة. واذا ما اضفنا عوامل التأثير الاخرى- اقصد التفاعلات التاريخية كفعل بشري في الزمن مرفق بواقع السياسة والمصالح وانتاج بيئة معينة- فنكون قد وصلنا الى بنية رواية كبيرة.

ينهي المخرج الاشتباك بارساء ثيمة الفلم عن المحبة من خلال صور الاجيال وقصيدة جبران الأثيرة عن المحبة بصوت فيروز «اذا المحبة أومأت اليكم فاتبعوها»، التي اختارها بعناية فائقة ذلك لدلائلها المتنوعة والكبيرة ولما تحمله من معاني باهرة، ولعلاقتها الدقيقة بثيمة الفلم، مع اخر صورة لملامح جيل جديد حسن وزوجته أبنة عمه كتواصل رائع لاستمرار الحكاية مع مقاطع من الفرح تجمع الأجيال. ويغرق شاشة العرض بالسواد على مدى دقائق كرمزية تعبر عن طول الليل الذي بدأه بأغنية (يطولوك ياليل). وهذا حتما ما خطط له السناريست الذي كان يعرف نهاية الفيلم او كان قد وضعها فعلا قبل الشروع برسم مشاهده. الامر الذي جعل المخرج يلاحق الاحداث من دون ارتباك وعلى وفق معادلة صورية وموازنة تؤلف مادتها مشاهد متخيلة اولا قبل أن يبسطها على ارضية الانتاج. هذا الملمح الاكاديمي الصرف القادم من كلاسيكيات السيناريو يجهز المخرج بعدةٍ متاحة لتركيب البداية مع النهاية -وهي التفاتة اخراجية مهمة- بانضباط يختاره المخرج بحرية. ذلك انه يضمن حدوده فيتنقل بحرية. وعلى اساسه أسس لشخصياتة واطلاق مشكلاتها وازاد عليها، أكثره مخطط له وبعضه طارئ أنتجته بيئة العمل ذاته. هنا اعتقد ان السيناريو كان ينبسط امام مخيلة ترتكز الى الواقع والمعايشة وتستدل بمجسات خبير، بمعنى اخر ان واضع المشاهد خبر واقع التجربة معرفيا واثراها حسيا وهي من عناصر الإقناع الاساسية التي شكلت رؤيا المخرج باطلاق السيناريو للحياة. وعندما يرقى الامر ان يكون السينارست والمخرج مع ادخال شخصه (ذاته) بالصورة وصوت الروي يكون المخرج قد قبل التحدي والمجازفة التي تضعه على المحك وتسهل على (المتصيد-الناقد) امر التهامه بسهولة. هنا لابد من رفع القبعة لـ محمد بكري الذي افلت على متصيديه نشوة الصيد.

ما الجديد في الفلم، سيما ان القضية الفلسطينية عمرها بعمر (موسى)!. هنا يتعقد الأمر فيصبح كمن يمتلك شبكة يصد بها العاصفة او الغربال الذي يمنع تسرب خيوط الشمس. وكلاهما حاضر أي العاصفة والشمس. ترى الى أي مدى استطاع المخرج من توظيف الحكاية وتسخير ادواته بتقديم الجديد؟!. ذلك ما عكف المخرج على بناء لوازمه من دون افصاح مفضوح وأوصل رسالته التي تتجلل واقعيتها بامتلاك مشروعيتها من خلال خالته زهرة والاجيال المتعاقبة جميعها، وهو أمر سيكون مثارا للجدل لعقود أخرى، وهو الجرأة بسبر الواقع وامتلاك ادوات (العدو) بما يضمن سلامة الأجيال وحقوقها. فما معنى العودة من دون أرض وما معنى الدولة او الدولتين بغير سلام، وما معنى الكثرة من دون علم، وان حصل فإلى أين سيتجه الفلسطينيون وفلسطين؟! هنا المشكل اكثر تعقيدا لموروثه السياسي، بين النكسة والهزيمة بين التهجير والبقاء بين الاحتلال والارض المشتركة. سيتدخل السياسيون حتما لافساد جهد المفكر ورؤية المبدع بسحب الواقع من السياق اليومي. آثر المخرج ان يبقي على تلك التساؤلات حية يقظة بذهن الجيل الحالي -الذي اهداهم الفلم «الى اولادي وأولادكم»- ومن دون اقحام خيالي او التعكز على العاطفة ومرارة تجتر في كل مرة. اتمنى ان يسعف الوقت محمد البكري ومبدعين آخرين بأكمال مشروعهم الفني-النهضوي الجريء الجديد.

فلم يشبه صاحبه. محمد البكري مبدع عميق التفكير بسيط التصرف، وتلقائي (مزعج). فهو يربك المقابل ببساطته. لكنه يتحول الى العناد في المفاصل المهمة انما بروية وهدوء وبطريقة تسمح لمداخله من اتمام فكرته واستيعابها من قبله شخصيا. من ثم تسبق حديثه ابتسامة وحركة يدين وجسد كما المسرح لزيادة الاطمئنان وسلامة المدخل، فتكون افكاره منظمة ومنسجمة وبصلب الموضوع، لا يستطرد ولا يأخذه المعنى وتقبل واصغاء الآخرين له، يتوقف وقت المقاطعة ويكمل من اينما انتهى. اعتقد انها صفة اوربية-متحضرة انتقاها واسس لها. كذلك يظهر بالحياة مبتسما بعينين تتحسس ما حولهما من دون اي مظهر للقلق، يرتدي اللباس البسيط ويترك الباقي من المغريات. رأيته ينطوي على احزان لم يعرب عنها بعد. انه فنان وشخص ملفت (غرت منه).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفلسطينى وواقع الارض
على عبدالكريم عبداللة ( 2012 / 4 / 16 - 11:50 )
الصورة كانت حقيقية وتعبير أصيل عن الواقع وأنا شخصيا سمعت الكثير من أخواننا الفلسطينين عن نساء تولد فى مزارع الزيتون وتقطع حبل المشيمة بحجر.صور رائعة تمثل قضية عمرها بعمر موسى كما ذكرتها أبا نخيل ويبقى خيط الحريرقويا جاذبا بين التمسك بالهوية والارض وحلم العودة لها فى زمانا مفقود


2 - زهره والحب
احمد الخضري ( 2012 / 4 / 17 - 13:47 )
استطاع محمد البكري ان يستفز حس النقد في هاشم مطر لينتح عن ذلك مقال جميل يدل على جهد كبير مليئ بالحب ايضا ليزخرف سماء زهره بنجوم قد فاتت المشاهد حين لحظة عرض الفلم ..المقاله طويله ورائعه تدل على حرفيه ودرايه بجوهر الفن السينمائي وتأثيره. كان ممكن ان تكون على حلقيتين او ثلاث ...فهي تناقش محاور كثيره في الفلم وتناقش تفاصيل دقيقه جدا تعكس متابعه هاشم مطر المتأنيه لاحداث الفلم
نجح هاشم مطر في تقريب المسافه بين محمد بكري والمتلقي برصده للجوانب الفنيه والتقنيه التي مارسها البكري في فيلمه
كما البكري في فلمه لم يستطع هاشم مطر تجاوز فكرة الالم المترسخه داخله بسبب الفقدان لذلك وبخبره رائعه ينتهي هاشم الى الحب كما فعل البكري
شكرا هاشم مطر على مقالك الجميل


3 - مفهوم الوطنيه
قيس الصراف ( 2012 / 4 / 17 - 18:13 )
اختلف القانون ورجاله في تفسير مفهوم الوطنيه والائنتماء للوطن واختلفنا معهم في تحديد ديباجته والية تنظيمه فالمواطنه حق يكفله الدستور ويحميه وللمواطن واجب نحو الوطن وللوطن فيض للمواطن والكل بالكل متداخل وهكذا اضحى الوطن بلا مواطن والمواطن بلا وطن فضاعت فرص تعميد الانتماء للوطن بل توفرت سلمات اصبح بها الوطن سليبا , مستعارا او موجودا في مكان اخر بعيدا جدا عن ذلك الائنتماء وعندها تحللت قوانين المواطنه وإستعيرت بأخرى حتى ان محمد بكري رحب بعودت اليهود الى بلادهم بعد 1000 عام


4 - professionalism
M Zalal ( 2012 / 4 / 17 - 20:24 )
Dear Hashim
What can i say more about the wonderful and deeply professional analysis of the film(Zahra).
your criticism is both intellectual and political and it is really touch my heart.thanks for that.


5 - زهرة ـ ملحمة فنية يرويها فلم هادِف
نادر علاوي ( 2012 / 4 / 18 - 00:07 )
لقدأتاحَ لي جهدك الطيب والمُتفاني فرصة التحليق في سماء الإبداع الفني، وعلى وجه الخصوص ما يتعلق بميدان الإنجازات السينمائية المُتقدمة.. لقد وجدتُ في مقالتك بُغيتي وسلوتي وعميق فهمي لرسالة الفلم الذي أخرجه المخرج المبدع محمد بكري
زهرة ــ قرينة المجد وصفية العز وعشيقة الكرامة والشرف، آثرتْ أن تمتطي صهوة العُلى، لتسير قدماً نحو علياء المآثر والتضحية، انها رمز الثبات والإصرار على رفض تجرع كؤوس المرارة والهزيمة
عزيزي هاشم ـ ـ أحي فيك دأبكَ المتواصل من أجل نشر أركان الثقافة الإنسانية الهادفة، وكل ما يتصل بالأعمال الفنية المتقدمة، وأعرب عن غبطتي وإعجابي بفكرك المنير وإيمانك بقضايا الإنسان المكافح من أجل حقه وحقوق شعبه في أرضه وتراب وطنه.. دمت رائعاً ومتميزاً كما أعرفك، تحية إحترام وتقدير كبيرين


6 - الى الدكتور علي عبد الكريم
هاشم مطر ( 2012 / 4 / 18 - 21:26 )
شكرا لمرورك على المادة والتقاطتك الجميلة. لقد سعدت بحضورك. محبتي


7 - الأعز احمد الخضري
هاشم مطر ( 2012 / 4 / 18 - 21:37 )
مرورك الجميل وحضورك الملفت وحرفك الانيق يكمل فكرة الحب التي جللت الحكاية. لقد اسعدتني بالتقاطاتك عن الموضوع وطريقة النقد التي اتبعتها في تناولي الفيلم. ومعك حق، كان بالامكان جعلها على مرحلتين، لكني اثرت ان اطلقها جرعة واحدة. شكرا لحضورك ومحبتي لك


8 - الى الاخ قيس الصراف
هاشم مطر ( 2012 / 4 / 18 - 22:05 )
بقدر ما يتعلق الأمر بالفيلم فأن فلسطينيي الداخل هم كتلة بشرية تعتمد وجودها المكاني مشفوعة بهويتها الفلسطينية تمثلت بحفاظها على اللغة والعادات والدين..الخ. ولا اعتقد ان هناك اختلاف على امر كهذا. اما بقدر ما يتعلق الأمر بحيازتهم جواز سفر اسرائيلي كمواطنين فهذا امر يقرروه بأنفسهم. لاشك انها معادلة صعبة. لا اعتقد ان البكري قد رحب بعودة اليهود الى فلسطين بعد الف عام كما ذكرت؟! فلم اشاهد ذلك في الفيلم. ربما فاتك ان تقول فكرتك على نحو اوضح، آمل ذلك. شكرا على مرورك وحضورك ورأيك. تقبل تحياتي الخالصة


9 - الى الفنان محمد زلال
هاشم مطر ( 2012 / 4 / 18 - 22:10 )
شكرا مضافا على حضورك ذلك انك فنان مسرحي، مخرج وممثل. افخر برأيك واعتز بقولك. دمت فنانا مبدعا ومرة اخرى اشكرك على هذه المفاجأة الرائعة باطلالتك المميزة.


10 - الى نادر علاوي
هاشم مطر ( 2012 / 4 / 18 - 22:29 )
المثقف الرائع نادر علاوي، يفاجئني في كل مرة بكلام رائع ويتحفني بتوصيفه الأنيق. كما يفعل الآن وكأنه يكمل النقد ويثري الكلام بعباراته الانيقة. شكرا لك على تقوله بحقي وانه محل اعتزازي وتقديري ودواعي سروري. شكرا لحضورك الدائم. محبتي وشكري


11 - الى فاطمة الفلاحي
هاشم مطر ( 2012 / 4 / 18 - 22:41 )
ان يحضر شخص مختص ويترك توقيعه فذلك شهادة اعتز بها . فما بالك من مبدعة شاعرة وناثرة وقاصة متألقة كـ فاطمة الفلاحي التي وضعت تعليقها ببصمة سحرية انيقة كما عبارتها الشعرية؟! فذلك امر مدهش ورائع. شكرا على حضورك ومرورك ايتها القديرة فاطمة. اعتز بشهادتك. محبتي وتقديري


12 - الى هادي الخزاعي
هاشم مطر ( 2012 / 4 / 18 - 23:18 )
الفنان المخرج والممثل هادي الخزاعي واحد من رموزنا الثقافية، يدنو بكرمه وفيض معرفته من معاينة المادة وفق حس فني مختص. صراحة قبل ان اقرأ ما كتب كنت توجست من ان مختصا مقتدر يقرب من النص ويتفاعل معه بعدد من السطور العميقة والنظرة الثاقبة، ويلقي كرمه بشادة اعتز بها واجلها. مسكك لمفاصل الفلم من خلال المادة النقدية جعلني بمسؤلية واحتراس كبيرين، وان كنت قد اثنيت كثيرا على ما كتبت وانا فخور بذلك، اقول انك الفنان والمعلم.
استاذي الفاضل اشكرك جزيل الشكر على ما قدمته، واتمنى ان اكون كذلك قد وفقت في معالجتي. محبتي


13 - الى نيزك الصراف
هاشم مطر ( 2012 / 4 / 18 - 23:28 )
انا سعيد بمرور شبابنا على ما نكتب، ذلك هو الامل ومبعث الفرح، بأننا نتواصل مع اجيالنا بالمعرفة والانجاز. شكرا لك عزيزي نيزك على حضورك ومرورك وتعليقك الجميل. محبتي


14 - الهواية والاحتراف وما بينهما
صباح الأنباري ( 2012 / 4 / 19 - 03:20 )
الصديق المبدع المتألق بكتاباته الفريدة هاشم مطر
اعرف انك مقل في الكتابة دوما، ومقل في النشر ايضا، واعرف انك لا تحب الاعلان عن نفسك كمحترف فيها لكني أقر باحترافيتك يا صديقي لا لشيء الا لأنك تكتب النقد باسلوب احترافي غاية في البساطة والتعقيد..انه السهل الممتنع كما اطلق عليه الراحل الكبير طه حسين..الا ترى ان كل من قرأ نقدك أقر انه شاهد الفيم بعينيك المدربتين وهذه رسالة لا يقدر على ايصالها الا ذوي الخيرة والدربة في الكتابة.. لقد اخترت لك منطقة وسطى ما بين الهواية والاحتراف وهذه سمة من لم يغتر بنفسه أو ينرجسها كما يشاء.. محبتي لك ايها المبدع على امل ان لا يطول انتظاري لمقالة منك تعزز رأيي فيك بالتأكيد.


15 - الى المبدع صباح الأنباري
هاشم مطر ( 2012 / 4 / 20 - 09:10 )
الصديق الكاتب والناقد الرائع الاستاذ صباح الانباري
فعلا كما تقول فأنا لا أحترف الكتابة انما اضعها في مكان آخر هو مقدار ما تمتعني، ومدى الحاح المادة علي بكتابتها، ثم انهج منهج التبسيط بفك عقدها والمصطلح النقدي قدر الامكان. ذلك كي تصل المادة الى القارئ بنفس البساطة والتلقائية التي تكون قريبة مني من حيث الأساس.
ان شهادتك الرائعة باحترافي الكتابة والابداع واختيارك التعليق بين «الاحتراف «الهواية والاحتراف وما بينهما» تضعني في موقف مسؤول وبمنطقة مهمة وحساسة لا اتخلى فيها عن الهواية ومحبتي للمادة التي اتناولها وجودة النص.
ان بسطك الرأي وكرمك بالسهل الممتنع وهو اصعب انواع الفنون، وكل ما قلت هو وسام افخر به من مبدع كبير متميز بجدارة.
شكرا لك استاذي الفاضل على تفحصك نصوصي ورأيك الثمين. ومحبتي لك


16 - كلمة شكر
محمد بكري ( 2012 / 4 / 20 - 20:59 )
لقد اتحفني لقاء فلذات مني، من ضفاف الفرات الذين اعادوا الي نكهة كتب لها ان تعيش في صقيع وغربة قاسية، ولكن لم ينسى هؤلاء الفلذات نبضات قلب امهم الاصل
الوطن العراق، الوطن ليس ما نحمله في محفظتنا وليس ما يكتب لنا مكرهين بايدي موظف يعمل في مكاتب حكومية ايا كانت. الوطن هو الفرات ويافا وعكا ودمشق وبيروت والخرطوم وحمص وشاعمرو وحطين ومكة والمدينة والقدس وفلسطين، الوطن هو كل العالم وليس جواز سفر ازرق او احمر صدر من هنا او من هناك، الوطن ما نحمله في القلب وما نشده على كواهلنا. واصبحت الاوطان في هذا الزمن الرديئ بحكم الديكتاتوريات والاحتلالات مجازية وليست مكانية. وكما قال الشاعر كما تحب الام طفلها المشوه احبها حبيبتي بلادي، وانا احبكم يا هاشم لانكم انا


17 - الى الاستاذ محمد بكري مخرج الفلم
هاشم مطر ( 2012 / 4 / 21 - 11:37 )
انه لمبلغ كبير من السرور ان اجد توقيعك على المادة النقدية التي كتبت، وتناولت فيها بكلماتك الرائعة اصعب الاحتمالات واشدها صعوبة ووقعا علينا، وهي المواطنة.
واذ ترسم لها ملامح عامة، انما نجد نحن العراقيين تطبيقها (الشرعي) باستهتار الانظمة والدكتاتوريات. فهذه المجموعة المهاجرة-المبعدة عن الوطن ولدت لها اجيال في المنفى الذي كان ارحم من ذوي الأرحام أنفسهم. . ولكن يا استاذي العزيز يبقى السؤال الأثير: الى متى بيقى اهل البلاد بنهولون من الذل وعسف الأنظمة والموروث بانحطاطه وتخلفه، حيثما يشتبك الأمر فتتساوى المصائر بين المحتل القادم من غبرة سنين وبين محتل يسكننا كما الدود الذي ينخر الثمر.
شكرا كذلك على رسالتك المرفقة التي وصلتني كملحق عن طريق (الحوار المتمدن) والتي اثنيت مع عائلتك بسخاء على المقال.
شكرا لك موصولا للعائلة الكريمة لان المادة قد راقت لكم. شهادتك الرائعة اعتز بها فهي تغمرني دفئا. اخص الخالة زهرة باحلى تحية، الأم والبيت والوطن، واذا تشير في رسالتك الى الملامح الانسانية في المقال انما هي من بهاء زهرة، طيبها وجمالها ومحبتها، وعين مبدع كبير هو محمد بكري.
الى ابداع قادم بإنتظاره. محبتي


18 - الى الاستاذ الدكتور عبد الحليم المدني
هاشم مطر ( 2012 / 4 / 21 - 12:19 )
معلمي الأول، مازلت اتذكر وصاياك منذ اربعين عاما، «اكتبوا بإحساسكم، اكتب السهل انه اصعب الفنون». اي جلال تضفيه بحضورك الانيق على ما اكتب، فتزيدني شهادتك فخرا بأنها من إستاذ كبير. افرحتني حقا بأنني قد نجحت باصطحابك في حقول الزيتون والأرض وحكاية زهرة، وكأنك تحضر فيلم الاستاذ بكري. وكان لكلماتك وقع المطر على الأرض ولالتقاطاتك منحى الاستاذ المتمرس والرائي، ربما من المفيد ان اوضع ان الذين كانوا ينظرون الى اللاجئ الفلسطيني بعين الإزدراء هم ابناء البلاد التي هاجر الفلسطينيون اليها ومنها عادت زهرة من مخيم في لبنان الى بلدتها. أقول كذلك ان مع بقاء (القضية) يبقى كذلك معها عدد من المشكلات، ولكن وان اختلفت زوايا الرؤيا -وهو أمر ايجابي- فانما يؤشر الى بقاءها حية في ضمائرنا مع امكانية النقد بمختلف الوجوه.
اشكرك جزيل الشكر استاذي الفاضل على حضورك وجمال روحك، فمازلت استاذا يمنح الكثير لتلامذته. محبتي


19 - انا مثل زهرة ..
صبا مطر ( 2012 / 4 / 29 - 14:58 )

وتبقى داكره الامكنه عصيه على النسيان ... معتقه برائحه الدكريات والوجوه والصور, مربوطه بالف حبل سري بداك الزمان الدي لن يكرر...
حينما قرءات هدا النص الغني جدا بالصور طفت على سطح داكرتي المخدره نسبيا حفنه من الدكريات المعتقه بالالاف الوجوه التي احببتها واحبتني ...وانتشرت في الجو رائحه الامكنه التي كانت !! ... فكان المرور على كل حرف يشبه المرور على حد السكين الحاد .. قاطعا خيط النسيان الدي حاكته الايام باتقان لم ندركه , تاركتا سيول الداكره النازفه في عمق الالم بلا ضماد !!!
انا مثل زهره ومثل الف زهره ..لم اغادر.... وان كنت هنا جسدا في فراغ فان روحي هناك لازالت تحلق في مديات طفولتي وفرحي وصباي..ولم ازل هناك اشم عبق القرنفل في نيسان ...


20 - انا مثل زهرة ..
صبا مطر ( 2012 / 4 / 29 - 15:03 )

وتبقى داكره الامكنه عصيه على النسيان ... معتقه برائحه الدكريات والوجوه والصور, مربوطه بالف حبل سري بداك الزمان الدي لن يكرر...
حينما قرءات هدا النص الغني جدا بالصور طفت على سطح داكرتي المخدره نسبيا حفنه من الدكريات المعتقه بالالاف الوجوه التي احببتها واحبتني ...وانتشرت في الجو رائحه الامكنه التي كانت !! ... فكان المرور على كل حرف يشبه المرور على حد السكين الحاد .. قاطعا خيط النسيان الدي حاكته الايام باتقان لم ندركه , تاركتا سيول الداكره النازفه في عمق الالم بلا ضماد !!!
انا مثل زهره ومثل الف زهره ..لم اغادر.... وان كنت هنا جسدا في فراغ فان روحي هناك لازالت تحلق في مديات طفولتي وفرحي وصباي..ولم ازل هناك اشم عبق القرنفل في نيسان ...


21 - الى صبا مطر
هاشم مطر ( 2012 / 5 / 1 - 09:19 )
سعيد انا باطلالتك البهية، صبا الفتاة التي غادرت ولم تغادر. مع كل فيض المظالم يبقى الوجدان حيا رابضا في مكانه كما نخل البلاد التي لم نغادرها، مشغولا بصفاء يوم عشناه فنحت بذاكرة فتية كما زهرة
شكرا لك ولقراءتك النص فقد اضفتي له شذرة اخرى. محبتي لصبا التي لم تغادر فهي تشبه فعلا خالتها زهرة

اخر الافلام

.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟


.. -بيروت اند بيوند- : مشروع تجاوز حدود لبنان في دعم الموسيقى ا




.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط