الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطبقة العاملة السورية أكثر المتضررين من الليبرالية الجديدة

قاسيون

2005 / 1 / 23
الحركة العمالية والنقابية


تحميل العمال مسؤولية الاخفاقات الكبيرة.. واللصوص أبرياء!!
■ الطبقة العاملة مكبلة بقيود تنظيمية وبيروقراطية وتقاد بعقلية موظفين.. وليس بعقلية مناضلين!!
■ الليبراليون «الجدد» يشنون هجوماً على العمال يحمل أخطاراً اقتصادية وسياسية.. تدعمهم قوى داخلية وخارجية..
■ النهب المنظم والفساد المستشري.. تواطؤ سافر بين قوى السوق المعولمة.. والبرجوازية البيروقراطية..
■ القوى الوطنية والحركة النقابية ومسؤولية التصدي لبرامج الليبرالية الجديدة وقوى السوق.
■ الإصلاح يبدأ بمنح الطبقة العاملة حقوقها.. لا بمصادرة مكاسبها والتجني عليها وتفتيتها!!


يتوارد تباعاً عبر الصحافة المختلفة آراء ومواقف عديدة من داخل النظام وخارجه داعية إلى إصلاح وتطوير وتحديث لجملة من المنظومات والقضايا التي تمس الاقتصاد الوطني، والطبقة العاملة السورية، وهذه الآراء والمواقف تلتقي جميعها عند نقطة واحدة جوهرية وهي الخلاص من قطاع الدولة القائم باعتباره قطاعاً متخلفاً، لايمكن أن يجاري الضرورات القادمة والاتفاقيات التي عقدتها سورية مؤخراً، ويبشرنا هؤلاء أن الانهيار قادم وحتمي، إن لم نقبل على خطوات جريئة ومؤلمة اقتصادياً واجتماعياً، وإلا فلا يمكن السيطرة على ماسيحدث فيما بعد.
ويستند هؤلاء بذلك على قضيتين أساسيتين:
1. الخسائر الكبيرة التي مني بها قطاع الدولة وعدم قدرته على السير إلى الأمام والقيام بمهام النمو والتنمية.
2. وجود عمالة زائدة في هذا القطاع تبلغ حسب تقديراتهم من 20 ـ 30% من قوة العمل الأساسية.
الطبقة العاملة واختلال الموازين
لعلنا نستطيع القول إزاء مانسمع ونرى ونقرأ أن تلك المواقف كلام حق يراد به باطل.
أين يكمن ذلك؟ قطاع الدولة عبر السنوات الماضية من عمره لعب دوراً مهماً في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية السورية، ومكنها في تلك الظروف من إمكانية الصمود السياسي، وماكان يمكن لقطاع الدولة أن يلعب هذا الدور لولا وجود توازن قوى على الأرض، أي وجود الاتحاد السوفييتي ودعمه الكبير لسورية اقتصادياً وسياسياً مما مكنه أن يلعب ذلك الدور المهم والكبير، ولكن بعد انهيار الاتحاد السوفييتي واختلال موازين القوى عالمياً تأثر هذا الدور إلى حد كبير إضافة لما فُعل به من تخريب متعمد ونهب واسع. ونتيجة التطور والتوسع في قطاع الدولة تطورت الطبقة العاملة السورية عددياً ونوعياً، وتراكمت لديها خبرات واسعة في الإنتاج، وقيادة العملية الإنتاجية في مراحلها المختلفة.
أيضاً نتيجة ذلك تطور وعيها المهني والطبقي وأصبحت طبقة واعية سياسياً، عبرت عن ذاتها في مراحل مختلفة من الصراع الداخلي والخارجي، ولكن هذا لم يكتمل فكان لابد من كبح هذا التطور وإيقافه عند حدود معينة تكون فيها تابعة بكل المعاني السياسية والتنظيمية وبالتالي يكون دورها محدوداً وإيقاع حركتها مضبوطاً إزاء ما يجري من تطورات سياسية واقتصادية واجتماعية، رغم كل المظاهر الديمقراطية الخارجية التي تبدو للعيان (مجالس إدارة، مجالس إنتاجية، مجلس الشعب...إلخ) ولكن حتى تلك المظاهر تسقط فوراً عند أي معركة تحاول فيها الطبقة العاملة التعبير عن ذاتها وعن حقها وعن موقعها. مكبلة بأشكال تنظيمية بيروقراطية تعمل بعقلية الموظف الذي يؤدي واجبه الوظيفي تجاه من وظفه في هذا الموقع الذي هو بالأساس وبالضرورة يجب أن يكون موقعاً نضالياً.. موقعاً يجري فيه الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة بشكل فعلي.. بشكل كفاحي ليس على الورقو المذكرات فقط.
الليبرالية الجديدة.. خطوات مدروسة
إذا تواجه الليبرالية الجديدة قضيتين أساسيتين كما ذكرنا سابقاً لابد من التعامل معهما سياسياً واقتصادياً، حيث تتناغم الأدوار من أجل ذلك داخلياً وخارجياً.
خارجياً تجري جملة من الضغوط الاقتصادية والسياسية والأمنية تقوم بها الإمبريالية الأمريكية مباشرة لتهيئة الأجواء لقوى الليبرالية الداخلية من أجل تنفيذ برنامجها الاقتصادي والسياسي، يتجلى ذلك بجملة من الأمور:
سياسياً:
1 ـ شن معركة سياسية كبيرة ضد القوى الوطنية الأساسية المعادية للتوجه الليبرالي وذلك من خلال ماينشر على صفحات الصحافة الإلكترونية والورقية من مقالات ومواقف معادية للدور السياسي الذي تقوم به اللجنة الوطنية لوحدة الشيوعيين السوريين في الدعوة لندوة الوطن الأولى والثانية وأيضاً من خلال موقفها المتميز إزاء دعم المقاومة العراقية والفلسطينية، ووصفها بالداعية للإرهاب والمؤيدة له.
2 ـ تحريض قوى داخل النظام متناغمة مع قوى الليبرالية في الخارج من أجل الحد من حركة هذه القوى وتحجيم دورها (أي القوى الوطنية).
اقتصادياً:
شن هجوم واسع على قطاع الدولة وضرورة الخلاص منه نهائياً عبر بيعه في سوق النخاسة بسعر بخس، عبر طرح أشكال مختلفة من الخصخصة ذات الطابع السوري، شركات للاستثمار، شركات أخرى لبيعها أسهماً، وهنا تبرز بعض الأفكار الجديدة يدعو صاحبها للأخذ بها كحل لوضع القطاع العام وذلك بتقسيم قيمة الشركات إلى أسهم وفي الطريق إلى ذلك تحل مشكلة العمال من خلال إعطائهم حصة من هذه الأسهم مقدرة نسبتها 30% حيث تحولهم إلى مالكين لهذه الأسهم وهذا البيع يكون بمثابة تعويض لهم عن خدمتهم في هذه الشركات وهذا التعويض أفضل من التعويض (التافه) الذي تقدمه لهم التأمينات الاجتماعية كما قال صاحب الاقتراح.
عمالياً:
الاعتداء على مكاسب الطبقة العاملة وتحميلها مسؤولية ماوصل إليه قطاع الدولة من تدني بالإنتاج ومخازين عالية وتخلف الخطط الإنتاجية وتأخر تنفيذ خطط الصيانة..إلخ من الاتهامات، ليس هذا فحسب بل إن تقرير الأمم المتحدة أدلى بدلوه في هذا الموضوع فقد توصل إلى نتيجة أن إنتاجية العامل السوري أقل من إنتاجية العامل الأردني بثلاثة أضعاف وأقل من إنتاجية العامل اللبناني بأربعة أضعاف، وأن العامل السوري غير مؤهل للتصدي للاستحقاقات القادمة بسبب ضعف الاستثمار وخصوصاً بالجانب البشري المتمثل بالتأهيل والتدريب وغيره، وأيضاً وجود عمالة فائضة كبيرة تؤدي إلى تحميل قطاع الدولة مبالغ طائلة.
اقتراحات مشبوهة.. والهجوم مستمر
فقد طرح أحدهم وهو عضو مجلس شعب سؤالاً: (هل نحافظ على قطاع عام كلف مئات البلايين في العام، للحفاظ على 100 ألف وظيفة، أم نهمل مليون إنسان عاطل عن العمل؟!! إذا مشكلة القطاع العام هي مشكلة فائض عمالة).
وهناك رأي آخر حول الموضوع نفسه وهو: (ضرورة تقليص حجم العمالة مع الإبقاء على العمال المؤهلين والعائد الناتج من عمليات التسريح، تلك تمكن الحكومة من تقديم معونات اجتماعية لهؤلاء العمال، بالإضافة لخلق فرص عمل جديدة، هذا ماطبقته الدول التي تتبع نهج اقتصاد السوق كافة ).
إذا نحن إزاء هجوم على الجبهات كافة تشنه الليبرالية الجديدة خارجياً وداخلياً مستندة إلى إخفاقات كثيرة من خلال الدور الوصائي الذي مارسته الدولة في المجال الاقتصادي حيث لم يستطع الحد من الفساد المرتكز إلى نهب ثروات البلاد بل فاقمه، هذا الدور وصل إلى حالة عجز عن تحقيق أي حالة نمو والذي هو شرط ضروري للتنمية.
وعلى صعيد آخر كبلت (الدولة) قوى المجتمع وعطلت الحركة السياسية الفعلية وبالتالي أخرجت جهاز الدولة من تحت أي رقابة (افتتاحية قاسيون العدد 234).
ماهو المطلوب وطنياً؟
من خلال ماتقدم بات مطلوباً وطنياً وسياسياً حشد كافة القوى الوطنية التي لها مصلحة في مقاومة برنامج قوى السوق والسوء داخل النظام وخارجه وكذلك الحركة النقابية والطبقة العاملة والتي لها وزن أساسي في عملية التصدي والمواجهة تلك.
وفي هذا السياق نرى المعركة الأخيرة التي جرت في مجلس الشعب حول تعديل المادة 137 ذات دلالات واضحة ومؤشرات هامة تعكس إلى حد ما الفرز الذي يجري في البلاد، رغم أن المادة العتيدة لم يجر إلغاؤها تماماً باعتبارها مادة تعبر بشكل واضح عن رغبة قوى السوق والسوء ببقائها كما هي، مسلطة على رقاب الطبقة العاملة يمكن استخدامها في أي لحظة طوارئ يحتاجون لها.
نعم إن بقاء المادة 137 هي إعلان حالة طوارئ دائمة في صفوف الطبقة العاملة رغم الانتصار الجزئي الذي تحقق بإلغاء الفقرة الثانية منها، (ربط عملية التسريح بلجنة ثلاثية)، إن ذلك ماكان ليحدث لولا النضال الطويل الذي خاضته القوى الوطنية والحركة النقابية من أجل إلغاء تلك المادة، منذ اللحظة الأولى لصدور قانون العاملين الأساسي عام 1985 هذا أولاً وثانياً اشتداد الهجوم الذي تشنه قوى السوق والسوء، والخطر الذي تشكله تلك القوى على البلاد والشعب مما أدى إلى ذلك الاصطفاف.
هذا سيتكرر في مواقع متعددة كلما اشتدت المعارك الوطنية والطبقية في البلاد على أساس برنامجين نقيضين، برنامج قوى السوق والسوء، وبرنامج القوى الوطنية الذي لم يتبلور إلى الآن بشكل كاف مما يشكل إعاقة لعملية المواجهة مع البرنامج النقيض الذي يسير بتسارع في الداخل متناسب مع تسارع الضغوط الخارجية التي تجري في اتجاهات متعددة.
العمال.. مارد في قمقم!!
إن الطبقة العاملة السورية أكثر المتضررين من برنامج قوى السوق، وبالتالي فإن عبء النضال الأساسي سيقع على عاتقها، باعتبارها معنية بالهجوم الواسع الذي تشنه الليبرالية الجديدة على مكاسبها وحقوقها وتفتيت وحدتها من عمال قطاع خاص وعام، وخضوع كل منها لقانون، وخضوع كل منها لشروط عمل مختلفة وظروف عمل مختلفة أيضاً مما يضعف إمكانية الطبقة العاملة بالدفاع عن مصالحها وحقوقها ومكتسباتها (حيث يخضع عمال القطاع الخاص لأكثر من قانون).
ومن هنا فإن القوى الوطنية والحركة النقابية معنية إلى حد كبير بتطوير أشكال النضال الاقتصادي والسياسي بإشراك الطبقة العاملة في هذه المعركة وعدم إبقائها محيدة ومهمشة لاحول ولاقوة لها كما هو سائد إلى الآن.
إن الظروف تغيرت، ولابد من رؤية الواقع الجديد والتعامل معه ومع متغيراته وهذا يطرح على الحركة النقابية مهام جديدة تتمثل بالتصدي الحازم لمجمل الطروحات التي تنال من مصالح الطبقة العاملة وحقوقها ووحدتها وعدم التصالح مع تلك الطروحات من خلال القبول بمبدأ الاستثمار والمساهمة في ملكية الشركات عبر الأسهم التي ستباع للعمال تحت شعار تمليك العمال الشركات، الآن تلك الشعارات البراقة يراد منها تكثيف الاستغلال والمزيد من الاحتكار والمزيد من الهيمنة.
لقد حدد اتحاد عمال دمشق في تقريره الاقتصادي الذي قدمه إلى أعمال المجلس العام بدورته الثامنة، أن السبب الرئيسي في ضعف الأداء الاقتصادي وارتفاع معدل البطالة...إلخ سببه الرئيسي الفساد وأنه لابد من عملية التصدي لهذا الفساد كمهمة وطنية ونضالية حيث قال التقرير (.. متمسكين بأدوات هذا التغير والذي يعتبر العمال والطبقات الشعبية أدواته العملية والفعلية).
نعم العمال هم أدوات التغيير العملية والفعلية، فهل تستطيع القوى الوطنية والحركة النقابية، إن تخرج هذا المارد من قمقمه لمواجهة كل قوى الشر وأدواته مهما تزينت وتجملت وحسنت من وجهها القبيح.
■ عادل ياسين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وجه سياسي جديد لبريطانيا.. العمال يسحقون المحافظين في نتيجة


.. زعيم العمال -ستارمر- يصل إلى قصر باكنغهام ليُكلف من الملك تش




.. نايجل فاراج: الحكومة العمالية المقبلة ستكون في ورطة قريبا


.. السودان.. نقابة الصحفيين: 90% من الصحفيين فقدوا وظائفهم وأمل




.. مني عبد الوهاب: نعتمد على خبرات العاملين بالشركة المتحدة في