الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منافذ العلمية السياسية مغلقة كما هي شوارع بغداد

ماجد فيادي

2012 / 4 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق



تراكم التجارب تقود الى التعلم والاستفادة من الأخطاء، يرافقها زيادة الخبرة في معرفة مواطن الضعف، التي تؤدي الى تعقيد الأمور وخلق الأزمات، لهذا يمكن للخبرة أن تستخدم اجاباً لتفادي المشاكل أو سلباً لخلق الأزمات، ولو نظرنا الى ما يعيشه العراق منذ تشكيل أول حكومة بعد سقوط الصنم لليوم من أزمات سياسية، تخلقها أطراف عديدة، مرة على يد المحتل، وأخرى دول الجوار الشقيقة وغير الشقيقة وكلها مسلمة والحمد لله، نجد أنها نفذت بواسطة الأحزاب الحاكمة، مرة لتحقيق مصالح هذه الأطراف، واخرى لتحقيق مصالح الأحزاب نفسها، لكن دائما على حساب المواطنة والمواطن.
يتسائل المواطنون، لماذا جاءت العملية السياسية؟ حسب فهمي للسياسة، أنها تعمل على وضع القوانين وفق الدستور لخلق مناخ اقتصادي ثقافي معرفي ديمقراطي، لإنعاش حركة رأس المال وتوفير فرص العمل وجعل المواطنة والمواطن يعيشان في بيئة تقف بوجه كل المخططات للنزول بهذا البلد نحو الأسفل، كفسح المجال أمام الإرهاب أو خلق مناخ لغسيل الأموال وانتعاش الفساد المالي والاداري واستنزاف ثروات البلد المادية والبشرية وانتشار التخلف وتراجع الثقافة، يمكن القول أن العملية السياسية تخطط لتفادي الكوارث الطبيعية والبشرية في آن واحد.
لكن إذا كان الدستور موضع خلاف بين الأحزاب وهو في نفس الوقت موضع اتفاق على ضرورة تعديله، إذا الأساس الذي ننطلق منه وهو الدستور يعد حمال أوجه، وقد كان كذلك لرغبة من قبل القوى السابقة الذكر في ابقاء الحال على ما هو عليه لأطول فترة ممكنة، حتى تحين الفرصة لأحدهم في تحديد شكل الدولة العراقية، فما العمل؟
طبيعي أن نجد في أي نظام سياسي تعدد في وجهات النظر، تختلف حسب قدرة ونشاط الأحزاب في كل بلد، من يتصدر العملية السياسية هو من يحصل على أكبر تأييد جماهيري، لكن المشكلة في العراق أنه جديد على الديمقراطية، ويحمل على أكتافه العديد من المشاكل القديمة والجديدة، جرى تغذيتها بدل ركنها جانباً من قبل اغلب الأحزاب السياسية التي تصدت للعملية السياسية، ما أنعكس سلباً على تشكيل الحكومة في ثلاثة مرات لم نملك غيرها، جاءت جميعها عبر آلية الانتخابات، لتضعنا اليوم بقيادة رئيس الوزراء الحالي نوري المالكي، وهو يشغل عدد من المناصب وفق الدستور.
إذا قلنا الى أين يسير بنا المالكي، لم نجانب الحقيقة، وإذا قلنا الى أين يأخذنا البرلمان فلن يخطئنا أحد، لكن الحكومة نتاج البرلمان، وهي تعمل بما لديها من قوانين مشرعة من قبله، والبرلمان يقول أنه يشرع القوانين التي تصل مسوداتها من الحكومة، لهذا نحن ندور في دوامة السؤال التاريخي الدجاجة والبيضة؟؟؟
من خلال هذه الفوضى يبدو لي أن السيد المالكي قد انتبه الى حقائق فرضت عليه سياسة نعيشها اليوم، سياسة يتفق معها مؤيديه ويختلف معها مناهضوه، يقف على رأس هذه الفوضى رغبة المالكي في الاستمرار بالتصدي لموقع رئيس الوزراء لأسباب عديدة، في مقدمتها ما يحيط به من حاشية، ارتكبت أخطاء تدفعها لمنع المالكي من ترك السلطة خوفاً من فضحها، كما لا ننسى وقوف المالكي سانداً لهذه الحاشية وتحمله مسئولية ما قامت به من أخطاء، يقابله ضغط غير مقبول من غرمائه، ليس لسبب سوى إثبات فشله والقفز على السلطة محله، طبعا المواطنة والمواطن في آخر القائمة من الأولويات.
ولكي يوؤمن المالكي نفسه عمل على وضع مكابح لغرمائه، مستفيداً من الخلافات التي بينهم وتباطئهم في تشريع القوانين التي تقف بوجه المالكي أو أي مسئول جديد، فراح يعيين مسئولي الهيئات المستقلة بالوكالة، تعين وزراء بالوكالة، سحب صلاحيات العديد من الهيئات بتعيين مؤيدين له، حتى وصل الى مواقع متقدمة في قدرته على ضرب المرافق التي تعطي للعملية السياسية ديمومتها، مثل الهيمنة على الجيش والشرطة، التحكم بالقضاء، شل حركة هيئة الانتخابات المستقلة، ربط بعض الهيئات بديوان رئاسة الوزراء، التحكم بالاعلام الرسمي، السيطرة على لجنة الطاقة، في النهاية يتحمل كل الأطراف السياسية المشتركة بالحكومة المسئولية لأنهم وقفوا الى جانب المالكي ضد الشعب العراقي في تظاهرات ساحة التحرير.
يتضح للعديد من المتابعين السياسيين عمل المالكي على أن يدب الشلل في العملية السياسية، لكي يبقى أطول فترة ممكنة رئيساً للوزراء، وفي النهاية يضع العراقيين أمام الأمر الواقع في القبول به لدورة انتخابية جديدة، بحكم قدرته على شل كل شيئ فيما لو ترك منصبه، هذا المخطط جاء بناءً على قراءة صحيحة لمزاج العراقيين، في سخطهم من أداء حكومته خلال السنوات المنصرمة، وما قوله في انتصاره بفكر السيد الصدر على الملحدين والشيوعيين والرأسمالين والعلمانيين، سوى محاولة لارضاء الزعامات الدينية بعد أن رفضت إستقبال السياسيين لما قدموه من سوء في الاداء، بأنه الضامن لتطبيق الفكر الديني في العراق.
يتجلى تنفيذ الخطة بعدم تقديم مقترح تعديل قانون الانتخابات للبرلمان، الذي أقرت المحكمة الدستورية ببطلانه، كذلك قانون الأحزاب، وأضاف له محاولة تعطيل هيئة الانتخابات المستقلة، الجهة المخولة وفق الدستور لإقامة الانتخابات، وما ادعائه بإقامة الانتخابات المبكرة إذا ما طلب الشعب ذلك غير ذر الرماد في العيون. سعى أطول فترة ممكنة لمسك وزارتي الدفاع والداخلية، وبعد ضغط سياسي وجماهيري وافق على وزير دفاع بالوكالة يمكنه السيطرة عليه (هذا الوزير سحب أموال أعمار شارع الرشيد ليضعها في صفقة سلاح) أما الداخلية فما زال مهيمناً عليها. من أشكال تحكمه بالقضاء أن جرى تجميد قضايا مهمة ترتبط بحاشيته وتفعيله قضايا تدين منافسيه، مثل تبرئة فلاح السوداني وتعطيل قضية تهريب إرهابيين من سجن البصرة، يقابله تفعيل قضية الهاشمي وقضية فرج الحيدري. تحكم المالكي بالاعلام العراقي بعدة طرق كإعادة تشكيل هيئة الاعلام التي أصبحت ذراعه في فرملة منافسيه، يتضح هذا بقضية قناتي البغدادية والسومرية، كذلك بمنع التغطية الاعلامية لتظاهرات ساحة التحرير والاعتداء على الصحفيين، ومحاولتين لغلق جريدة طريق الشعب، وإثارة قضايا في المحاكم ضد مؤسسة المدى وعدم التوصل لقاتل الشهيد هادي المهدي. أما الطاقة فقد سيطر عليها عبر تعيين غير قانوني لنائب رئيس الوزراء السيد حسين الشهرستاني، الذي لا تخرج أي ورقة تتعلق بالنفط والغاز والكهرباء إلا بموافقته. كل هذا يشير الى سعي المالكي في البقاء أطول فترة ممكنة في السلطة يبسط بها نفوذه، وهذا ما أشار له أهم حلفائه السيد مقتدى الصدر في تعليقه على قضية فرج الحيدري ”أن المالكي لا يريد إجراء الانتخابات بعمله هذا“.
يبدو أن المالكي يعمل بطريقة المقامر، أو يسير بدرب الصد ما رد، فأما يحقق ما يدور في خلده وما يدفعه إليه حاشيته، أو أنه سيخسر كل شيئ، لان تركه لمنصب رئيس الوزراء يعني خسارة كل شيئ أيضاً.
هنا يعود السؤال الى أين تسير العملية السياسية، والى ماذا يأخذنا المالكي ومنافسيه، خاصة أن عمل الحكومة والبرلمان صار يتصف بتصفية الحسابات، بدل العمل على تقديم الخدمة للمواطنين، خصوصأ أن قانون الأحزاب وتعديل قانون الانتخابات معلقان، قانون النفط والغاز لم يقر، قانون الاستثمار مجمد، المحكمة الاتحادية موضع خلاف، لا يزال العمل بقوانين مجلس قيادة الثورة المنحل، والكثير من المعلقات التي تعرقل الحياة في العراق.
بهذا لم يعد من الممكن أن ترفع حواجز العملية السياسة إذا لم يتخذ الشعب العراقي المبادرة بيده، في الضغط على الحكومة والبرلمان، بالتهيئة للانتخابات المبكرة وفق قانون أحزاب وقانون انتخابي جديد، يحترم حقوق العراقيين جميعا، وهي الوسيلة الوحيدة لرفع الحواجز عن شوارع بغداد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحليل اصاب كبد الحقيقه
علي عدنان ( 2012 / 4 / 17 - 08:17 )
-طريق المقامره - اما رئاسة الوزراء او النهايه
ولي خلاف واحد سيدي العزيز وهو مطالبتك الشعب بالضغط على البرلمان لوضع الامور او العوده بالامور الى نصابها
المالكي وحاشيته (علما انه رئيس وزراء لحزب الدعوه وليس لكل العراقيين)يعرفون جيدا ان شعبنا لن يضغط على برلمان يخاف على امتيازاته لاناس كل همهم مصالحهم الشخصيه لانه ببساطه شعب تتقاذفه الاهواء والطائفيه والجهل والاميه
لايكون اعتمادك على الشعب سيدي ولا على البرلمان فلا نتيجه من وراء ذلك
سوف تسير الامور كما حللتها تماما والعراق مقبل على دكتاتوريه جديده لافكاك منها بتاتا


2 - شكرآ للاخ الكاتب ماجد فيادي
كامل الشطري ( 2012 / 4 / 17 - 15:30 )
اعتقد من يقول ان هم المالكي هوفقط التشبث بالسلطة وبمنصب رئاسة الوزراء فهو يبتعد كثيرآعن الحقيقة فلكل انسان اخطاء ورغبات ومحاسن خصوصآ في مجال السياسة وبناء الدولة واذا نظرنا بواقعية للخارطة السياسية العراقية والصراعات الدائرة بين الكتل والقوى والاحزاب السياسية العراقية المتنفذه المحتلفة نجد انها كلها ابتعدت عن الهم الوطني العراقي وتعزيز الهوية الوطنية العراقية واختارت طريقآ محاصصيآ اخر لتنفيذ مصالح اغلبها ذاتية تصب في مصالحها الشخصية ولولا تصدي السيد المالكي لهذه الاجندات لكان مصير العراق التقسيم والتمزق ثم لماذا هذا الصراخ ضد السيد المالكي من الجميع فبأمكانهم اسقاطة واعتقد انهم لو توحدوا لقادرين ولكنهم غير صادقين ومعتاشين على هذه الفوضي التي خلقوها واستمرارها من مصلحتهم والعرااق لا ينبني إلا بعقول وطنية حقيقية تحترم الشعب العراقي كله وتحافط على وحدة العراق ارضآ وشعبآ وللاسف المشروع الوطني الديمقراطي مؤجل كليآ لعدم وجود الاليات والوسائل القادرة على التغيير
تحياتي للعزيزابو ليليانا

اخر الافلام

.. شهداء وجرحى إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم النصيرا


.. الشرطة الأمريكية تعتقل طلبة معتصمين في جامعة ولاية أريزونا ت




.. جيك سوليفان: هناك جهودا جديدة للمضي قدما في محادثات وقف إطلا


.. سرّ الأحذية البرونزية على قناة مالمو المائية | #مراسلو_سكاي




.. أزمة أوكرانيا.. صاروخ أتاكمس | #التاسعة