الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رغم أنف «أبوالهول» وخطر الحماية

نوال السعداوى

2012 / 4 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



شعار «الحماية» فى التاريخ يعنى الاحتلال الأجنبى والاستبداد الوطنى فى الدولة والعائلة.

الثورات الشعبية قتلوها «فى الشرق والغرب» تحت اسم «الحماية».

واليوم من يحمى الثورة المصرية؟ القوى السياسية التى لعبت دورا «فى إجهاضها» مع المجالس المتتالية «العسكرى، الاستشارى، الدستورى، الشرعى، البرلمانى، القانونى، الانتخابى، والصناديقى»؟

منذ أيام «١٤ إبريل ٢٠١٢» قتل أمين الشرطة بناته الثلاث بسم الكوبرا، بعد أن أرسل لزوجته ورقة الطلاق لأنها لم تلد ذكرا، وكم من أب مقدس منذ أيام ضرب الأم التى ربت أولاده وأحفاده ورماها بالطلاق، ليتزوج طفلة من عمر حفيدته، وكله بالقانون وشرع الله!

قانون الأسرة المستبد المطلق لرب العائلة الصغيرة هو أساس قانون الدولة المستبدة لرب العائلة الكبيرة.

تولى المجلس العسكرى إجهاض الثورة منذ ١١ فيراير ٢٠١١، ومعه القوى السياسية الملتحقة بالدين والمعارضة والوطنية والثورية، يدورون كالنحل فى فلك المجلس العسكرى، والاستشارى، والنيابى، والدستورى والشورى، والتفاوضى، والتوحيدى، والتعددى، يروحون ويجيئون، ببدلهم الأنيقة وأحذيتهم الجلدية اللامعة ذات البوز المدبب، وشواربهم الحليقة أو دقونهم الحرة الطليقة، قصيرة أو طويلة، يتأرجحون بين الحكومة والمعارضة، بين الدين والدولة، بين اليسار واليمين والوسط، يراجعون حساباتهم، ينسحبون ويرجعون، يتشاورون، ويعودون، يشعرون بالأمان فى حضن السلطة الدافئ، عن الشارع والخرطوش والغاز الخانق، مثل آبائهم وأجدادهم، منذ ثورة النساء والفلاحين ولابسى الصنادل فى عهد مينا الأول حتى ثورة العبيد والجوارى، وثورة عرابى ثم ثورات ١٩١٩، و١٩٥٢، و١٩٧٧، و٢٠١١.

كل الثورات المقبلة ستجهض بجهودهم، وبإذن رب السماوات، حتى يتعلم الشعب المصرى أنه لن يحميه إلا نفسه، وتتعلم النساء والبنات ألا ينتظرن «الدكر» ليحميهن من الذئب.

الشخصيات «العامة» فى مصر «عامت» فوق جسد الثوار والثائرات، ودمائهم وعيونهم وأفئدتهم، تعلموا السباحة مع التيارات فى البحار، يأكل السمك الكبير الصغار المواليد.

العقل الشعبى المصرى يتعرض لعملية غسيل إعلامية تعليمية، ترعبه من نار الجحيم بأمر الله، والسجن والنفى والنفخ بأمن الدولة، والدبابات. تفقد الأغلبية الشعبية «الوعى» بسبب «الخوف» المزمن، تقدس رجلا يملك اللحية والزبيبة أو تليفونيا مباشرا مع السماء، أو رجلا مكفهر الملامح يملك المخابرات والدبابات، أو رجلا حليقا أنيقا طائرا عبر البحار لإنقاذ الشعب.

يتخبط الشعب، لا يعرف الصدق من الكذب، والحماية والإنقاذ من الخيانة، والكذب مثل الزوجة المحجبة الغريرة.

عرس الديمقراطية هللوا له، كان خطة واضحة لتزييف إرادة الشعب تحت اسم الصناديق المقدسة بعد الرب.

الثوار والثائرات دعوا لمقاطعة الانتخابات، نادوا: الدستور أولا، لكن القوى السياسية، أحزاباً قديمة وجديدة، راحت تدعو للصناديق وعرس الديمقراطية، تم تقسيم صفوف الثورة، لم يبق إلا القلة فى الميدان فانقض عليهم بلطجية النظام.

هل كانت القوى السياسية المخضرمة أكثر سذاجة من الثوار الشباب؟

اعترفوا «فيما بعد» بأنهم أخطأوا، المجلس العسكرى خدعهم؟ كيف يخدع العسكر أساتذة القانون وفقهاء الدستور والأدب والطب والدين والاقتصاد والسياسة والتاريخ وعلم الكون والذرة؟

يتفاوضون مع السلطة دون تفويض باسم الثورة! تشير إليهم السلطة بإصبعها فيهرولون إليها، كما كانت الأحزاب القديمة تتفاوض مع النظام السابق باسم الشعب، واليوم يدعون لانتخابات الرئاسة.

هل يمشى وراءهم الثوار والثائرات مرة أخرى؟

الأخلاق المغروسة منذ الولادة فى النظام لا تتغير لمجرد سقوط الرأس. هل تغيرت مؤسسة واحدة فى نظام الدولة المصرية بعد الثورة؟

الوجوه القديمة التى سيطرت فى النظام السابق تترشح لمنصب الرئيس تحت اسم الشرعية الدستورية والتعددية الحزبية، تحت اسم التعددية الحزبية والديمقراطية لعبت أحزاب المعارضة «يمين ويسار» دورا رئيسيا فى تثبيت النظام المستبد داخليا، والاستعمار الأمريكى والاسرائيلى.

الحكومة الأمريكية، منذ «ريجان»، وضعت أمام السادات بند «تعدد الأحزاب» شرطا أساسيا لتقديم معونتها العسكرية والاقتصادية لمصر. يربط الاستعمار الأمريكى معونته العسكرية والاقتصادية بالتعددية الحزبية فى بلاد المستعمرات، لماذا؟

سؤال تجاهلته القوى السياسية، وهرولت لتكوين أحزابها، من أجل الفتات: جورنال هزيل، مقر للحزب أو معونة شهرية من الحكومة، ويرقص الحزب المعارض ليفوز الحزب الحاكم بالأغلبية الساحقة، ويقنع هو بواحد فى المائة.

بعد الثورة تكونت بسرعة أحزاب جديدة، ورثت القيم ذاتها عن الأحزاب القديمة، وأنتجت برلمان اللحى وشرع الله وواحدا فى المائة للشيطان والمرأة. لن يحكم هؤلاء مصر بعد الثورة.. شعب مصر انتصر على الفراعنة رغم أنف أبوالهول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من سيء الى اسوا
علي عدنان ( 2012 / 4 / 17 - 07:20 )
كان النظام العسكري الذي حكم مصر منذ 52 سيئا حقا واشاع ثقافة الخوف والاستبداد طوال تلك السنين
بعد الثوره ونتيجه للجهل والاميه والاستبداد الذي اشاعه العسكر انتجت صناديق الاقتراع برلمان اللحى والسبح والكذب وهو اسوا من حكم العسكر
الاسلاميون ليسوا اقوياء اطلاقا ولكن قوى التقدم والدمقراطيه ضعيفه لتمركزها بقبتها العاجيه بعيده عن الناس
كان ذلك هو السبب الرئيسي لانتصار قوى الجهل والظلام
مهماى قيل سيبدتي عن المنظومه العسكريه الحاليه فهي افضل من الاسلاميين اللذين سوف يحولون مصر الى قندهار ثانيه


2 - العقد النفسية في السياسة
محمد بن عبد الله ( 2012 / 4 / 17 - 16:13 )
جاء في المقال هذا السؤال:
(((يربط الاستعمار الأمريكى معونته العسكرية والاقتصادية بالتعددية الحزبية فى بلاد المستعمرات، لماذا؟)))


وأجد الرد على كلام الاستاذة نوال في مقالة اليوم للأستاذ كمال غبريال حيث كتب:
(((أصبحنا بعد الثورة نقارب المواضيع المتعلقة بعلاقتنا بالعالم مثل القروض والاستثمارات الأجنبية بمنهج أنثى تسير في السوق وهي تنظر بشك وريبه وتنتهر كل من يمر قريباً من جسدها أو يمد يده ليصافحها. . هل هي العفة أم الجهل أم الهوس؟!)))
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=303795

أتمنى أن يكون ما كتب شافيا للمصابين بعقدة المؤامرة !!


3 - لماذا لم تترشحي للرئاسة؟
عبد الله اغونان ( 2012 / 4 / 18 - 16:41 )
مادمت بهذه المعرفة بخبايا السياسة لماذا لم ترشحي نفسك , ومن يدري فربما تقع المعجزة وتصبح لدينا رئيسة تصلح كلما افسده هؤلاء؟

اخر الافلام

.. تحدي الثقة بين شيرين بيوتي و جلال عمارة ???? | Trust Me


.. حملة بايدن تعلن جمع 264 مليون دولار من المانحين في الربع الث




.. إسرائيل ترسل مدير الموساد فقط للدوحة بعد أن كانت أعلنت عزمها


.. بريطانيا.. كير ستارمر: التغيير يتطلب وقتا لكن عملية التغيير




.. تفاؤل حذر بشأن إحراز تقدم في المفاوضات بين إسرائيل وحماس للت