الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قمرٌ لليلِ المدينة

صبري هاشم

2012 / 4 / 17
الادب والفن



عذبٌ هذا النَّسيمُ
وأنا سأبوحُ مِن خلالِ سِحْرِ الليلةِ
لقمرٍ يجري في مستقرٍّ له
ربما في بحيرةِ ماء
به يُحيطُ غنجُ الفاتناتِ
والنّجمُ ـ مِن حولِه ـ بنصالٍ زرقاء
يحرسُ العرشَ .
لا توغلْ بالصمتِ حبيبي
فحفيفُ الرِّيحِ يُداعبُ في صدرِ الأسحارِ
أُرجوحةَ عاشقٍ ويُطلقُ مِن أسْرِ المكانِ
همساً عليلاً .
يا هذا البرّيُّ المُشاكسُ
لا ترتقِ كَثِيباً مِن كُثْبانِ العزلةِ
فالطهرُ صعبُ المُرتقى
حاولْ ثانيةً
حاولْ أنْ ترتقيَ
فالبريّةُ لما تزل مُنذ عرفناها بتولاً
لم تُجَهّز لحفلٍ ما
ونحن مُذ تعلّمْنا تزويرَ التواريخِ
بذاكرةِ الزُّنجِ نتبرجُ
وبعَرَقِ الغوغاء نتطيّبُ
ونحن ـ في موقدِ الأجيالِ ـ نُذكي
نارَ الوهمِ الثوريّ
ونُباركُ انفلاتَ " الثّوّارِ "
***
كنّا بعضاً مِن أعرابٍ
يشتمُنا النصُّ ونصبرُ
ينعتُنا بما ليس فينا ونسكتُ
ونظلُّ الدهرَ نحوقلُ
كذبَ النصُّ
وكذبَ " النصّاصون "
فما أشدَّ نفاقَكَ أيُّها النصُّ !!
ما أسوأَ رائحةَ التاريخِ !
***
السماءُ مُختالةٌ
وعذبٌ هذا الليلُ
فاقبلوا يا أهلَ البصرةِ
صباياكم على حدودِ الغيابِ نهدتْ
وفتيانُكم في عرضِ بريّةٍ على غلمةٍٍ باتوا
فمَن يُقرّبُ النارَ مِن الهشيمِ ؟
هل كُنتم تطلون برائحةِ الطّلعِ حيازمَ تلك السّفائن ؟
أتُطيبون بزهرِ الليمونِ جسدَ الليلِ ؟
هذا ديدنُكِ طريدون
فافتحي بعدَ العطرِ للماردِ العظيمِ الكسندر فخذيكِ .
هذا جنونُكِ مُنذ أنْ أطلّتْ جيوشٌ له قادمة مِن دلمون .
ثمة مَنْ يُخْبرُ عن الخليفةِ الثاني :
إنّهُ كان يُعفّرُ ـ قبلَ السّجودِ ـ جبهتَهُ الكريمةَ
بتربةٍ جُلبتْ له مِن أرضِ البصرةِ ويحمدُ اللهَ .
هذا خيالٌ تأريخيٌّ .
فالبصريون لم يأتوا بقِبلةِ الفضيلةِ
***
ظلَّ النّخلُ يسرُّ الناظرَ
فيحطُّ الطيرُ رحالَهُ بعد ترحالٍ طويلٍ
ظلَّ النّخلُ وظللنا
فما بالُنا ضللنا والسّماءُ شهيةٌ هذا الليل ؟
عذبٌ هذا النّسيمُ
ونحن نتحوّطُ لغانياتٍ مع الأسحارِ تأتي
في أسماعِنا يسكبْنَ أنغاماً ممتعةً
ويقمْنَ بيننا أصولَ المَقامِ
***
أمامَ الليلِ بهيامي سأعترفُ
فهذا النسيمُ أصيلٌ
وظلالي عبثاً تُجاسدُ شبحَ امرأةٍ
مِن أغوارٍ سحيقةٍ جاءت
عذبٌ هذا الليلُ
وثمة قمرٌ ـ بالقربِ منّي ـ يتنهّدُ شهوةً
في القولِ يتهذّبُ
فيما النخلُ يوسوسُ لساقيةٍ
كي تبدأَ بالسقيِّ
أو تبحثَ عن ساقٍ لمائدةٍ عامرةٍ
لن يسجدَ لصلاةِ السّحرِ نجمٌ
فلتأتِ الأكوانُ
تحطُّ على بابي
***
هنا أقامَ البصريون صرحاً للخصبِ
وها هنا اندلعت نيرانُهم
وتفجّرت عيونُ أشواقِهم
فلنشربْ خمرةَ ما في النّبعِ
ونسهرْ
ثم نشربْ ونسكرْ
تحت غوايةِ قمرٍ يتعهّر
***
عذبٌ هذا النّسيمُ
وسماءُ البصرةِ قارّةٌ مِنْ لؤلؤٍ مسحورٍ
كنّا نؤسسُ بيوتاً مِن وجعِ التأريخِ
ونرشُّ بماءِ الزّهرِ وجهَ المدى
والآن غادرْنا الزّمانَ
فلمَن تُخيطُ شراعاً وقد تركْنا السّفينةَ
والزّنجُ على الأرضِ أحرقوا الأخضرَ
ثم اليابسَ ؟
كان الملكُ العظيمُ الكسندر يتصيّدُ وحيداً في بريّةٍ
فيما الصّبايا تتنزّهُ في أجمةِ وعولٍ
اصطادها الخيالُ
والصحراءُ التي نَرَى لم تكن سوى جنّاتٍ
مِن أعنابٍ وشجرِ رمّانٍ
وأقاحٍ تتفتحُ مثلَ ثريّاتٍ
ظلَّ النخلُ باسقاً حتى حين احتطبْنا بعضاً منه
لأمرٍ ما
أو لنسجرَ تنوراً لجسدٍ أسرجناهُ على قارعةِ الليلِ.
مِن أرضِ دلمون هل عادَ الساسةُ الأفذاذُ ؟
كنّا قد ترنحّنا أمامَ الحان
واحتسينا آخرَ ما في الكؤوسِ
والليلُ
كان الليلُ عذباً
والسماءُ
أصفى مِن كلِّ الخلجان

16 ـ 3 ـ 2012 برلين

***








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استشهاد الطفل عزام الشاعر بسبب سوء التغذية جراء سياسة التجوي


.. الفنان السعودي -حقروص- في صباح العربية




.. محمد عبيدات.. تعيين مغني الراب -ميستر آب- متحدثا لمطار الجزا


.. كيف تحول من لاعب كرة قدم إلى فنان؟.. الفنان سلطان خليفة يوضح




.. الفنان السعودي -حقروص- يتحدث عن كواليس أحدث أغانيه في صباح ا