الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عدم الاستقرار في العراق سيستمر طالما وجد ساسة مأجورين

لؤي الخليفة

2012 / 4 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


في بداية القرن الماضي وبالتحديد في العام 1907 التقى رئيس وزراء بريطانيا انذاك " هنري كامبل با نورمان " بمسؤولي سبع من الدول الاوربية التي كانت تعاني من تدهور كبير في اقتصادياتها واوضاعها الداخلية , وقال مخاطبا اياهم ... " اتريدون ان نبقى في القمة ام نستمر في السقوط نحو الهاوية " , فرد الجميع ... " بكل تأكيد القمة افضل " هنا طاب كامبل من معاونيه توزيع خارطة على الحضور كان قد اعدها مسبقا, فيما اتجه هو صوب خارطة كبيرة كانت معلقة على الجدار مشيرا الى دائرة خطت باللون الاحمر , وقال تأملوا هذا المكان جيدا ... في هذا المكان توجد كل مقومات القوة والنجاح لاقامة الدولة المتكاملة بدءا من الثروات والمعادن الهائلة التي تحويها والموقع السيتراتيجي وانتهاءا بشعوب المنطقة التي تجمعهم مشتركات عدة قد تكون اهمها اللغة والجغرافيا والدين ... دول هذه المنطقة مشتته وشعوبها يعضهم الجوع وجل وقتهم يخصصونه للبحث عن الماء والخبز ... في هذا المكان يوجد كل ما نحتاجه نحن وبما يضمن لنا البقاء على القمة , وهذا لن يتحقق الا من حلال العمل على بقاء دول المنطقة هذه ضعيفة مشتته جاهلة باثارة النزاعات فيما بينها لتبقى في حالة من عدم التوازن والا نجعلها تشعر بالاستقرار , وانتم خير من يعلم ان الاستقرار هو من يجلب النهضة , واؤكد لكم ان نهضتهم ستكون على حسابنا نحن وستخنقنا ... وقد كانت الخارطة للمنطقة العربية .
واليوم وبعد مرور حوالي المائة عام على هذا اللقاء , يرى المراقب للوضع العراقي ان البلد غير بعيد عن مثل هذا المخطط فثمة دول وقوى كانت تعمل دون كلل في هذا الاطار وقد تصاعدت وتيرته بعد عام 1958 حيث لم يسمحو للبلد ان يعيش استقرارا كي يبني نهضته ومما يؤسف له وجود البعض ممن يسهل لهؤلاء المضي قدما في مخططاتهم التأمرية ... ولو عدنا قليلا الى الوراء لوجدنا ان عام 1963 شهد انقلابا اسودا قاده حزب البعث ضد حكومة عبد الكريم قاسم الوطنية , وما ان ابعد هذا الحزب عن السلطة حتى عاد ثانية في العام 1968 ليطيح بحكومة وطنية اخرى كانت تعد لانلخابات نيابية ودستور دائم وقانون للاحزاب ... ولا اجد ضرورة لتفصيل ما جرى في تلك الحقبة المظلمة ذلك ان الجميع يعلم ان حربا ضروسا نشبت مع ايران وتم غزو الكويت وكان حصيلتيهما اكثر من مليون عراقي قتيل ومثلهم معوق ... لتأتي بعدها امريكا وتضرب لمرات عدة كل ما كنا نملكه من بنى تحتية ومنشات صناعية ... فصرنا دون ماء ولا كهرباء , بدون غذاء او دواء وراح الموت يحصد بالاف العراقيين وخاصة الاطفال الذين راح البعض يتاجر بهم بعد ان كان يكدس جثامينهم في المستشفيات ويستعرض بهم بين الفينة والاخرى في شوارع بغداد ... وعدنا كما قال وزير خارجية امريكا هنري كيسنجر وقت ذاك لطارق عزيز وزير خارجية العراق الى القرون الوسطى حيث الفوانيس والجِول والمهافيف ... هذا ناهيك عما كان النظام يمارسه من عمليات قتل واعدامات ومقابر جماعية وهدم للقرى والتهجير ... واستمر الحال يسوء والمأساة التي حملها لنا البعث تكبر وتشتد حتى صرنا في عام 2003 هذا العام الذي اعطى النظام والحزب الحاكم الضوء الاخضر للغزو الامريكي للعراق .
ورغم تلك المعاناة الطويلة التي تكللت باحتلال بغيض جثم فوق صدور العراقيين , كان ثمة امل يراودهم بعد سقوط الصنم ان ينحو البلد منحا جديدا , ويستفيد القادة الجدد من التجربة المرة السابقة التي استمرت نحو اربعين عاما ... ان يعمل الجميع بروح الفريق الواحد ليعوضوا هذا الشعب المسكين بعض من معاناته والامه ولكي يهنأ بموارده الجمة ... غير ان الحال صار يسير نحو الاسوأ , وما هو اكثر ايلاما انه ليس ثمة امل في ان يشهد اي تحسن سيما وان هناك من هو مستعد بل وجاهز ليبيع نفسه وخدماته لمن يدفع وبغض النظر عمن يكون شريطة ضمان مصالح شخصية ضيقة او منصبا ... وكان هؤلاء خير عون لتلك الدول التي لا تريد استقرارا للعراق وخاصة بعض من دول الجوار التي باتت تمتلك العديد من تلك الاوراق تلوح بها بين الحين والاخر ... فأي امل يرتجيه المرء من اناس صاروا يحرصون على تنفيذ كل ما يطلب منهم الاجنبي لقاء دراهم معدودة , فنراهم تارة يهددون باغراق البلاد بالدم وتارة بتمزيقه ودفعه الى المجهول ... فكانوا حقا اليد الضاربة للاعداء الذين لا يريدون لنا سوى الفوضى وعدم الاستقرار ... لقد بات المواطن على دراية تامة من هو الوطني الغيور على بلده من العميل الذي لا هم له سوى تنفيذ ما يؤمر به وهدم ما يمكن هدمه ... وعطل هؤلاء كل ما كان يمكن تحقيقه فيما لو عمل الكل لخدمة الوطن والشعب , حتى استعصى الامر على من كان يريد البناء حقا فعجز عن بناء مدرسة ... فكيف الامر اذا كان البناء الذي نريده هو بناء وطن دمرته الحروب ومزقته الخلافات وهجر ابنائه في الشتات يستجدون هنا وهناك وبلدهم هو الاغنى في العالم .
لقد اشتدت وطئة الهجمة الشرسة ضد بلدنا في الاونة الاخيرة وبالذات بعد انعقاد القمة العربية , ذلك ان البعض من دول الجوار تجددت مخاوفه من ظهور العراق ثانية كقوة محورية وفاعلة في المنطقة , وراحوا يلعبون ثانية على الورقة الاثنية والطائفية ومن خلالعملائهم الذين بواسطتهم تمكنوا من ايقاف عملية البناء والتنمية طيلة الاعوام الماضية في بلد يملك كل مقوماتها ... وازاء ذلك , ولطالما ان الامور حسبما يبدو خرجت من اطارها ولن تستقم , فأن على الحكومة الحالية ,حكومة الشراكة الوطنية التي اثبتت فشلها بكل جدارة استغلال فترة العامين المتبقيين من عمرها واختيار احد حلين لا ثالث لهما وهما اما الذهاب الى حكومة اغلبية تتحمل مسؤولية وطن وشعب وتؤمن له حاجاته ومتطلباته وخدماته الضرورية بتفان واخلاص وانهاء المهازل المقرفة التي نعيشها كل ساعة ومحاسبة المقصرين والمفسدين ... وهذا الحل حسبما اعتقد هو افضل من الاخر الذي يحتاج الى شجاعة فائقة لمصارحة الشعب عن عجزها وعدم استطاعتها اداء واجباتها وفشلها في مسعاها رغم كل ما بذلته من جهود وتترك الساحة لمن هو اجدر وقادرعلى أدارة شؤون البلاد ادارة سليمة ...
وبالمقابل فأن على الطرف الاخر ان يكون هو الاخر شجاعا ويطبق اقواله الى افعال ويسحب الثقة عن الحكومة او يصمت وينصرف للتعاون الجدي في بناء الدولة والتوقف عن اطلاق البالونات الفارغة التي بات يمقتها المواطن ويعرف دوافعها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيش الاحتلال الإسرائيلي يكثف غاراته على مدينة رفح


.. مظاهرات في القدس وتل أبيب وحيفا عقب إعلان حركة حماس الموافقة




.. مراسل الجزيرة: شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي على منازل لعدد


.. اجتياح رفح.. هل هي عملية محدودة؟




.. اعتراض القبة الحديدية صواريخ فوق سديروت بغلاف غزة