الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة لواقع الشباب –المعطل- الثائر بين مصر والمغرب

محمد طلعت

2012 / 4 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


إن أشد ما يزعج عبر السفر والرحال إلى بلادنا العربية أن ترى خيرة البلاد من الشباب جالسون على الأرصفة أو على المقاهي أو متنطعون على نواصي الشوارع والأزقة والممرات الضيقة يناكفون المارة تارة بالتسول أو بفرض إتاوة. وفى أغلب الأحوال تجدهم هامدون ذو نظرات حبلى سفاحا من الحاضر المرير.!

إن ما رأيته في مصر والمغرب من تقارب الثقافة الإنسانية والحلم المشترك بين الشباب في أن ينهض بحاضر أمته؛ فقام بالتغيرات الثورية التي حدثت منذ عام، فغير الشباب المصري النظام المصري المتجسد في آل مبارك وزبانيته، وغير الشباب المغربي واقعهم بالحراك الايجابي يد بيد مع نظامهم الملكي.

قد نجح الشباب المغربي بدوره في النهوض في بلاده وحرك الماء الراكدة بأخذ حقهم المبدئي في التوظيف(بالطبع حركة الشباب المغربي لا نستطيع اختزاله في واقع الرغبة فى التوظيف فقط) كنواة أولى للسعي إلى التغير حيث الحصول على الحق المشروع في العمل، فأن العمل وحده هو الكفيل بالقيام الثوري وتحريكه النشاط الثوري نحو الإصلاح ونهضة البلد. ولذا فلا عجب إن قامت الحكومة المغربية السابقة بالتعهد نحو التوظيف المباشر للأطر المعطلة العليا، بعد أن انعكس هذا التغيير الإصلاحي على فكر الملك وقام بإجراءات دستورية إصلاحية تهدف أمن واستقرار ونهضة المغرب، وهى الثمار التي آتت نضجها نتيجة لجهد الشباب الضاغط نحو التغيير.

ويمكن القول أن جاز لنا التعبير بأن واقع التغيير الثوري الذي قام به الشباب المغربي اعتمد في أساسه على نواة العمل والحصول على حق التوظيف الذي تبنته الدولة حتى تكسر حدة التوتر والصراع الذي قد كان من الممكن أن يأتي بنتائج عكسية لتتحول المغرب إلى مصر أو تونس أخرى.!

باختصار خرج الشباب المغربي فيما يعرف بالربيع العربي بمطالبة الإصلاح والتغيير وأول هذه المطالب كان حقهم في الحصول على العمل وحق التوظيف، وقد كان وتحقق ما سعوا إليه بتعهد الدولة وإلزام الحكومة والحكومات المتعاقبة بهذا التوظيف للشباب وللخرجين الجدد.

أما الشباب المصري فقد ترفع ولم يطلب أي حقوق معيشية. فقط، قام واسقط رأس النظام ورجع، ونام؛ فسرقت ثورته.!

فكانت ثورته على النظام لا على بطالته، ربما كان هذا خطأ ثوري في ثورة شباب مصر حين نهض شبابها بالإطاحة برموز النظام السابق وتركها فى يد العسكر دون أي شروط أو مطالب محددة من أهمها الإصلاح والقضاء على البطالة وتوظيف الأطر العليا المصرية (تعد مصر أكبر نسبة فى الوطن العربي بها حاصلين على درجات الماجستير والدكتوراه والدراسات العليا) ولم يطلب بحقه في العمل والقضاء على بطالته ولم يسعى إلى العمل في المصالح والإدارات العامة بل تركها تعج بالفساد والمفسدين كما هي وعاد مرة أخرى على رصيف الثورة يقتاد الهم والغم والشعارات والأغاني...

أما الشباب المغربي - موقع حديثنا- كان أكثر دينامكية وواقعية مدركا أزمته المعيشية فقد اختار من البداية العمل وفقا لمفهومه الثوري حيث لا ثورة بلا عمل وأن الثورة الحقيقية تبدأ بالعمل وتطهير أماكن العمل من العقول الفاسدة التي لم تقدم شيئا للبلاد سوى أشياء لا تفيد ولم تعمل على تقدم البلاد.
تعامل الشباب المغربي منذ اللحظة الأولى في مظاهراته بحقه المشروع في الحياة وفى بلاده.. وقد جاء القرار السيادي بالموافقة على هذا الحق للشباب.

والآن تساؤلات يطرحها الشباب من خيرة العقول المغربية ومن أصحاب الشهادات العليا والخبرات الدراسية والبحثية المتميزة التي أهلتهم للحصول على أرفع الدرجات العلمية من الماجستير إلى الدكتوراه.. تساؤلات حين تسمعها تشعر بأهانة العلم في أراضى كانت منارة للعلم وتقديسا لطلاب العلم وأصحاب العقول المميزة، فماذا حدث لهذه الأراضي التي بارت حين أهملت عقولها، تراجعت وبات العنف فيها لغة النقاش وعنكب فيها النفاق والتنصل من الوعود مهارة يصفق لها الجميع. بل تجد من يدافع عن الحكومات المراوغة المجهضة فى حق شبابها.

وكم أهمل في بلادنا أصحاب العقول المستنيرة وفى المقابل كان التسيد للتغيب والتلوث السمعي والبصري والقلبي والعقائدي في أغرب الفتاوى الدينية العجيبة التي اختزلت الإسلام في شكل حكومة ما، وأن منح الفرصة لحكومة أو برلمان ما فما هي إلا حسنة سوف يثاب عليه المواطن بأرفع الحسنات حيث ستكون مأواه جنة الرحمن.!
ثمة واقع مشترك في التحايل والمراوغة من قبل الإسلاميين في كل من مصر والمغرب. فالاثنين يحاولون كسب كل شيء دون تقديم أي شيء للشباب.

فقد تآمر الإسلاميين بمصر على الثورة المصرية ككل وليس على الشباب الذي قام بالثورة فحسب، حيث تم تهميش صوت الشباب الثائر أو المعارض بالبرلمان المصري ذو الأغلبية الإسلامية. وكاد يجهض حلم الشباب المصري. فقط الأيام القادمة هي التي سوف تحزم الأمر.

والآن في المغرب في ظل الملك الشاب محمد السادس، قد أعط العهد والأمان لتحرير العقول في التزام دولته بالرعايا الكاملة في توظيف وتوطين الشباب المغربي إيمانا منه بقدرة الشباب العقلية التي إن تمكنت من العمل المناسب في المكان المناسب سوف تصعد بالمغرب إلى مصاف الدول الكبرى.
ومع التزام الدولة بتوظيف الأطر العليا المعطلة المعروفة بأصحاب"محضر يوليوز" ذاك الالتزام الذي لا يمكن التنصل منه بأية حال من الأحوال على المستوى السياسي، لأنه فى حالة التنصل منه من قبل حكومة بنكيران سوف يشعل أزمة سياسية بين الشعب والقصر الملكي الذى رأى فى الملك محمد السادس كطرف أول فى قضيته الحيوية فى توظيف أبنائه مع وعد الملك بإجراء إصلاحات حيوية فى البلاد ومنها توظيف الأطر المعطلة وبناءا عليه فقد قامت الحكومة السابقة بالتعهد بتوظيف المباشر للأطر المعطلة العليا من حاملة الماجستير والدكتوراه وتوظيفهم في الأعمال المناسبة وفقا لتخصصاتهم. فأي تخاذل في هذا الملف الشائك سوف يقع البلاد فى كارثة سياسية. فضلا عن تأزم الوضع الاقتصادي في حالة تنصل حكومة بنكيران فى قرار محضر التوظيف المباشر. مما يضيف إلى طابور العاطلين بالمغرب ما يقرب من 5000 شاب من حاملة الشهادات العليا من الماجستير والدكتوراه وهذا معناه كارثة علمية أخرى بتعطل هذه التخصصات العلمية والأدبية وحرمان المملكة المغربية من مهارات وخبرات وعلم شبابها حيث يمثل فقر مدقع للطرفين، أولا للدولة التي حرمتها الحكومة بحركة غير محسوبة من حرمانها في عدم الاستثماري البشرى لهؤلاء الشباب. وثانيا فقر لهؤلاء الشباب الذين حرموا من العمل في بلادهم.

الكارثة السياسية والاقتصادية التي قد تتسبب حكومة بنكيران في تفشيها عن عدم قصد أو قلة وعى سياسي لقراءة المشهد العام وضغط هذه الأطر بالشارع الذي أوشك على الانفجار قد يدخل البلاد في نفق مظلم. وهو نفس الواقع السياسي المظلم الذي انتهجه البرلمان المصري المسيطر عليه التيار الإسلامي حين لم يفطنوا المشهد السياسي جيدا وأرادوا الاستيلاء على لجنة صياغة الدستور، وحين طمعوا في أسلمة رئاسة مصر، فنكرهم الشعب المصري ورفضهم.. وهذا درس يجب على حكومة بنكيران أن تعيه وتقرأ ملفات حكومات وبرلمانات الجوار الوليدة ذو الصبغة الإسلامية في تونس ومصر ولترى ماذا حدث لها من أزمات قد تعصف بمستقبلها السياسي.

كل ما أتمناه لشباب مصر والمغرب أن يدركوا واقع مطالبهم ويحصروها في العمل أولا فلا ثورة بلا عمل.. كما أتمنى من النظام المصري والمغربي قراءة المشهد السياسي والاقتصادي لواقع الظرف الراهن حتى لا تنفجر قنبلة الشباب مرة أخرى.. فإن انفجرت هذه المرة فلن تبقى على شيء.!

ونصيحة للبرلمان المصري الإسلامي وحكومة بنكيران الإسلامية المغربية: العمل مع العلم هما الحل وهما أصل الدين..!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جلال عمارة يختبر نارين بيوتي في تحدي الثقة ???? سوشي ولا مصا


.. شرطي إسرائيلي يتعرض لعملية طعن في القدس على يد تركي قُتل إثر




.. بلافتة تحمل اسم الطفلة هند.. شاهد كيف اخترق طلاب مبنى بجامعة


.. تعرّف إلى قصة مضيفة الطيران التي أصبحت رئيسة الخطوط الجوية ا




.. أسترازنيكا.. سبب للجلطات الدموية