الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أخر ما كتب البروفسور جيمس بتراس : الطريق الدامي إلى دمشق: حرب التحالف الثلاثي على دولة ذات سيادة

أحمد النظيف

2012 / 4 / 18
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


هي مقدمة لا بد منها، لكي يعرف القارئ، الذي تبهره مثل تلك الأوسمة، أن من يتحدث عن القيامة/ الأزمة الاقتصادية عام 2012، والحرب ضد إيران، ليس مشعوذاً متفلسفاً بل قامة أكاديمية وفكرية معروفة ومعترف بها كمرجعية في أمريكا الشمالية حتى من قبل بعض أعدائها الفكريين، مع أن المادة يجب أن تقيم بالأساس بناء على قوة أو ضعف ما جاء فيها، لا بناء على اسم صاحبها... جيمس بتراس هو بروفسور متقاعد، له 62 كتاباً، ومئات الدراسات والمقالات التي تم نشرها بعدة لغات وفي ابرز المجلات الأكاديمية وصحف الدرجة الأولى، وقد حصل بتراس على عدة جوائز منها مثلاً جائزة أفضل أطروحة دكتوراه من جمعية العلوم السياسية الغربية عام 68، وجائزة أفضل كتاب عام 2002، وجائزة جمعية علماء الاجتماع الأمريكيين للخدمة المتميزة… ألف مؤخراً كتاباً عما يسمى الربيع العربي و يتحدث فيه عن الأوجه الخفية و السرية و الانقضاض الغربي و الإمبريالي المعاكس على هذه "الثورات و في هذا المقال الذي ترجمه الكاتب السوري محمد عبد الرحمان يتحدث بتراس عن مستقبل الحراك في سورية و يفضح دعاة التدخل الأجنبي و عسكرة الثورة و فيما يلي نصه :

هناك أدلة واضحة ودامغة على أن انتفاضة عنيفة للإطاحة بالرئيس الأسد في سوريا مدعومة بقوى خارجية من المقاتلين الذين قتلوا و جرح الآلاف من الجنود السوريين و رجال الشرطة والمدنيين، وأنصار الحكومة والمعارضة السلمية للاستيلاء على السلطة الغضب الذي عبر عنه الساسة في الغرب ودول الخليج، وفي وسائل الإعلام، حول "قتل المواطنين السوريين السلميين احتجاجا على الظلم، وصمم بشكل ساخر للتغطية على تقارير موثقة عن استيلاء عنيف على القرى والأحياء والمدن من قبل عصابات مسلحة، يلوحون ببنادقهم الرشاشة و يقومون بزرع القنابل على جوانب الطرقات و يحظى الهجوم على سوريا بدعم أجنبي بالأموال و الأسلحة و التدريبات لعدم وجود الدعم المحلي، و مع ذلك، لن تكون ناجحة، و التدخل العسكري الأجنبي المباشر قد يكون ضروريا. لهذا السبب فقد شنت حملة دعائية ضخمة و حركة دبلوماسية لتشويه صورة الحكومة الشرعية السورية. و الهدف هو فرض نظام عميل وتعزيز السيطرة الامبريالية الغربية في الشرق الأوسط في المدى القريب وهذا ما سوف يزيد من عزلة إيران في التحضير لهجوم عسكري من قبل إسرائيل و الولايات المتحدة، و على المدى البعيد، فإنه يقضي على آخر نظام علماني مستقل حليف أو على علاقة ود للصين وروسيا و من أجل حشد الدعم العالمي و المالي من قبل الدول الغربية و إسرائيل و دول الخليج التي تقف خلف هذه الأعمال للاستيلاء على السلطة استخدمت عدة حيل و منها الدعاية المنظمة و ذلك لتبرير آخر لانتهاك صارخ لسيادة بلد ما بعد تدميرها الناجح للحكومات العلمانية في العراق وليبيا.

السياق الأوسع: العدوان المتسلسل
الحملة الحالية الغربية ضد نظام الأسد المستقل في سوريا هي جزء من سلسلة من الهجمات ضد الحركات المؤيدة للديمقراطية و العديد من الأنظمة المستقلة من شمال إفريقيا إلى الخليج الفارسي. فكان رد الإمبراطورية العسكرية للحركة الديمقراطية المصرية التي أطاحت ديكتاتورية مبارك بدعم استيلاء المجلس العسكري الحاكم في السلطة و حملة القتل و التعذيب و السجن، و اغتيال أكثر من 10،000 من المتظاهرين المؤيدين للديمقراطية و هي تقوم بمجابهة حركات جماهيرية مماثلة للديمقراطية في العالم العربي، فمن ناحية تقوم بدعم الطغاة المستبدين في الخليج لسحق الانتفاضات في كل منها كما في البحرين واليمن والمملكة العربية السعودية، و على المقلب الآخر تساهم بالاعتداء على الحكومة العلمانية في ليبيا حيث سلطات حلف شمال الأطلسي شنت هجوما جويا واسع النطاق وبالقصف البحري لدعم عصابات مسلحة من المرتزقة وبالتالي تدمير الاقتصاد الليبي والمجتمع المدني مما أدى لإطلاق العنان للمرتزقة المسلحة و العصابات الوحشية للسيطرة على الحياة الحضرية في ليبيا و تدمير البلدات الصغيرة. فكانت مهمة قوى حلف شمال الأطلسي القضاء على النظام العلماني للعقيد القذافي، و كان الحلف شاهداً على قتله و تشويهه من قبل المرتزقة كما أشرف على جرح و سجن و تعذيب و القضاء على عشرات الآلاف من أنصار القذافي المدنيين و العاملين في الحكومة. دعمت منظمة حلف شمال الأطلسي الحكومة العميلة بأن شرعت لها القيام بمذبحة دموية ضد المواطنين الليبيين من جنوب الصحراء الكبرى ذوي الأصول الأفريقية و كذلك فرعي الصحراء العمال المهاجرين الأفارقة تلك الجماعات التي استفادت من برامج القذافي الاجتماعية السخية فكانت تلك السياسة الإمبراطورية من الخراب و الحكم في ليبيا بمثابة "نموذج" بالنسبة لسوريا: من ناحية خلق الظروف لانتفاضة جماهيرية بقيادة الأصوليين المسلمين ، مولت و دربت من قبل الغرب و المرتزقة في دولة الخليج.

الطريق الدامي من دمشق إلى طهران
بحسب وزارة الخارجية "إن الطريق إلى طهران يمر عبر دمشق": إن الهدف الاستراتيجي لمنظمة حلف شمال الأطلسي هو تدمير حليف إيران الرئيسي في الشرق الأوسط، لفرض سلطة مشابهة لملكيات دول الخليج والغرض من ذلك هو لتحل محل الجمهورية العلمانية ديكتاتورية دينية تابعة؛ وكذلك الأمر بالنسبة للحكومة التركية والغرض من ذلك هو تعزيز أنظمة قابلة للإملاءات مشابهة لنموذج أنقرة للرأسمالية الإسلامية فيتم إدخال تنظيم القاعدة والسلفية المتحالفة معها والأصوليين الوهابيين و تشكيل نظام سني يحكم فيه رجال الدين لتطهير سورية من العلمانيين والعلويين والمسيحيين، وتكون بمثابة الترامبولين لإسقاط السلطات في العالم الإسلامي، وعلى إسرائيل تقسيم سوريا المليئة بالدماء ما سيضمن المزيد من هيمنتها في المنطقة. وهذا لم يكن متاحاً التفكير فيه من دون التبصر أو التنبؤ بماهية العلاقة بين الصهيونية والولايات المتحدة وقد طالب السناتور جوزيف ليبرمان بعد أيام من الهجوم "ألقاعدة في 11 سبتمبر 2001 "أولا يجب علينا أن نذهب إلى العراق ثم إلى إيران وسوريا" قبل النظر في الإجراء الفعلي للعمليات المجموعات المسلحة المناهضة لسوريا عبارة عن قوات تضم مجموعة متنوعة من وجهات النظر السياسية المتعارضة فيما بينها و المتحدة فقط بمسألة كراهيتهم المشتركة للنظام السوري العلماني المستقل الوطني الذي حكم المجمع، والمتعدد الأعراق بحسب نسيج المجتمع السوري على مدى عقود. الحرب ضد سوريا هي منصة انطلاق لمبدأ عودة مزيد من العسكرة الغربية وتمتد من شمال إفريقيا إلى الخليج الفارسي، وتدعمها حملة دعائية منهجية وتكون مهمة حلف شمال الأطلسي الحضارية إعلان الديمقراطية والإنسانية نيابة عن الشعب السوري.

الطريق إلى دمشق معبّد بالأكاذيب
تحليل موضوعي للتركيبة السياسية والاجتماعية للمقاتلين المسلحين في سوريا يدحض أي ادعاء بأن الانتفاضة تسعى لتحقيق الديمقراطية لشعب ذلك البلد. طبيعة المقاتلين الأصوليين الاستبدادية تشكل العمود الفقري للانتفاضة. دول الخليج التي تقوم بتمويل هذه العصابات الوحشية هي في حد ذاتها تقوم على الملكية المطلقة..حتى الغرب، بعد أن وقف شاهداً على نظام العصابات و تحكمهم الوحشي بشعب ليبيا تنتفي إمكانية جعل أي مطالبة من باب "التدخل لأسباب إنسانية" ..الجماعات المسلحة تقوم بالتسلل إلى المدن والمراكز السكانية لاستخدام المدنيين كدروع أو منصات يشنون منها هجماتهم على القوات الحكومية. و هي تقوم بتهجير الآلاف من المواطنين من متاجرهم و منازلهم و مكاتبهم لكي يستخدمونها كمقرات عسكرية لهم. تدمير حي بابا عمرو في حمص هي حالة كلاسيكية من عصابات مسلحة تقوم باستخدام المدنيين كدروع أو كمزود للدعاية للمساهمة في تشويه صورة الحكومة. هؤلاء المرتزقة المسلحة ليس لها مصداقية وطنية مع كتلة الشعب السوري. وتقع واحدة من المؤسسات الدعائية الرئيسية الخاصة بهم في قلب لندن، ما يسمى ب "مرصد حقوق الإنسان في سورية"، حيث تتم بتنسيق وثيق مع الاستخبارات البريطانية لتحويل أو قلب قصص الفظائع الرهيبة لتحريك المشاعر لصالح تدخل منظمة حلف شمال الأطلسي. الملوك والأمراء من دول الخليج يقومون بتمويل هؤلاء المرتزقة..تركيا توفر القواعد العسكرية لهم و تسيطر على تدفق الأسلحة و الحركة عبر الحدود من قادة ما يسمى ب"الجيش السوري الحر" . الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا تقدم السلاح والتدريب والمقاتلين والتغطية الدبلوماسية. كما تمّ إدخال الأصوليين، بما في ذلك مقاتلي القاعدة من ليبيا والعراق وأفغانستان، ليحتدم الصراع. هذه ليست "الحرب الأهلية". هذا عبارة عن نزاع دولي يضع تحالفا ثلاثيا شيطانياً من إمبرياليين منظمة حلف شمال الأطلسي طغاة دول الخليج والأصوليين الإسلاميين ضد نظام مستقل وطني علمانيا لأسلحة ذات المنشأ الأجنبي آلات الدعاية والمقاتلين المرتزقة يكشف عن الإمبراطورية الشريرة المؤلفة من قوى متعددة الجنسيات في نهاية المطاف تلك الانتفاضة العنيفة ضد الدولة السورية تمثل حملة منظمة من قبل الامبريالية لإسقاط حليف لإيران وروسيا والصين ولو على حساب تدمير الاقتصاد السوري والمجتمع المدني أو تفتيت البلاد وإطلاق الحروب المذهبية الدائمة لإبادة الأقليات المسيحية والعلويين وغيرهم ، وكذلك مؤيدي الحكومة العلمانية أعمال القتل والنزوح الجماعي للاجئين ليست نتيجة العنف غير المبرر التي ترتكبها دولة المتعطشة للدم السوري ضبطت الميليشيات المدعومة من الغرب الأحياء بقوة السلاح، ودمرت خطوط أنابيب النفط، و قامت بتخريب طرق النقل و قصفت المباني الحكومية. من خلال هجماتهم التي عطلت الخدمات الأساسية الحاسمة للشعب السوري بما في ذلك التعليم، والحصول على الرعاية الطبية والأمن والمياه والكهرباء والنقل وبناء عليه فإنها تتحمل معظم المسؤولية عن هذه "الكارثة الإنسانية" هم و حلفائهم الإمبريالية وكذلك المسئولون في الأمم المتحدة الذين ألقوا اللوم على الأمن السوري والقوات المسلحة الذين كانوا يقاتلون للحفاظ على الاستقلال الوطني لدولة علمانية في حين أن المعارضة المسلحة هي التي ترتكب أعمال العنف باسم مصدر تمويلها الخارجي - في واشنطن، الرياض، تل أبيب وأنقرة ولندن.

استنتاجات
الاستفتاء على نظام الأسد الشهر الماضي وتوجه الملايين من الناخبين السوريين شكل تحد لتهديدات الامبريالية الغربية، التي كانت تدعو لمقاطعة الاستفتاء . هذا يشير بوضوح إلى أن أغلبية السوريين يفضلون تسوية سلمية عن طريق التفاوض ورفض أعمال العنف الإرهابية من قبل المرتزقة المدعومة من الغرب وتركيا ودول الخليج وقد قام المجلس الوطني السوري بالرفض رفضاً قاطعاً للدعوات الروسية والصينية لحوار مفتوح وبدء المفاوضات مع نظام الأسد الذي قبل بالحوار تنفيذاً لتعليمات حلف شمال الأطلسي و ديكتاتوريات الخليج التي تمولهم لمواصلة العنف من أجل تغيير النظام وهي السياسة التي قد تسببت في وفاة الآلاف من السوريين وتهدف الولايات المتحدة و أوروبة من خلال فرض عقوبات اقتصادية لتدمير الاقتصاد السوري، على أمل أن الحرمان الحاد سيدفعان بالسكان الفقراء في أحضان العنف ووكلائهم. في تكرار لسيناريو ليبيا، حلف شمال الأطلسي يقترح "تحرير" الشعب السوري من خلال تدمير اقتصاد سورية، والمجتمع المدني والدولة العلمانية وإن أي انتصار عسكري غربي في سوريا بمثابة الدافع القوي لتنمية النزعة العسكرية في المنطقة ( عسكرة المنطقة ) وسوف تشجع الغرب ,الرياض وإسرائيل لإثارة حرب أهلية جديدة في لبنان. بعد هدم سوريا، فإن واشنطن والاتحاد الأوروبي والرياض وتل أبيب تشكل عدة محاور للانتقال إلى مواجهة دموية مع إيران التدمير المروع في العراق، تلاها انهيار ما بعد الحرب في ليبيا يوفر قالب مرعب لما هو محضّر لشعب سوريا: انهيار حاد من مستوى معيشتهم، وتجزئة بلادهم، والتطهير العرقي، وحكم من قبل عصابات الطائفية والأصولية ، وانعدام الأمن الكلي في الأرواح والممتلكات كما أن التقدميين واليساريين أعلنوا من ليبيا النضال الديمقراطي الوحشي للمتمردين ومن ثم انسحبوا وغسلوا أيديهم من أعمال العنف الدموي التي مورست ضد السود الليبيين والتي هي عبارة هن ترديد للجمل التي تدعو للتدخل العسكري ضد سورية نفس أولئك الليبراليين ، التقدميين والاشتراكيين والماركسيين الذين يدعون الغرب للتدخل في "الأزمات الإنسانية" في سوريا من مقاهيهم ومكاتبهم في مانهاتن و باريس سوف يفقدون حماستهم واهتمامهم للنتائج الدامية لمرتزقتهم المنتصرين بعد قصف دمشق وحلب ومعظم المدن السورية من قبل قوات حلف شمال الأطلسي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي


.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا




.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه