الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثورة المصرية استحقاقات لم تكتمل وقلق مشروع

محمد نبيل الشيمي

2012 / 4 / 19
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


الشعب المصري ولأنه ظل طوال أربعين عاماً من التغييب المتعمد تحت وهم الاستقرار الذي كان في الحقيقة مجرد موات حيث عمل النظام على تجفيف الساحة السياسية من العمل الجماهيري والمشاركة السياسية إلا من كوادر حزبه الفاسد ... تصور المصريون أن بين عشية وضحاها سيتم إصلاح كل شيء ... رفعت الثورة شعار عيش.. حرية .. عدالة اجتماعية.. لا شك أنها ثورة عبرت وما زالت تعبر عن شوق وتمنيات أجيال من المصريين كابدوا من التخلف والظلم والقهر والإقصاء ومصادرة الإرادة وكبت الحريات .. ولكن كطبيعة أي ثورة فهناك المتربصون وأذناب وذيول النظام البائد الذين يحاولون بكل ما لديهم من وسائل الانقضاض على الثورة وهم في ذلك يدبرون ويدسون .. وتعالو بنا إلى قراءة الواقع الذي تعيشه مصر وهل يمكن إيقاف الثورة ؟
نتفق على أن الثورة لم تكتمل بعد ما حدث فقط هو إزاحة نظام فسد وتعفن واسقط حكم أسرة طغت وعصابه بغت ... عاشت مصر فترة سوداء طالت كل شيء المواطن والوطن والأرض والعرض .. وتفجرت ثورة نبيلة شيعت إلى الأبد عصراً استلب كرامة المصريين وأهدر حقوقهم وعمل بكل إمكاناته على تعميق وتجذير ثقافة الخنوع والذل والهوان ... ولكن بعد أكثر من عام وأشهر على هذه الثورة غدونا جميعاً في حالة توجس وقلق ... فهناك عوائق ومتاهات وصعوبات ... وضباب يحجب الرؤية ودخان يخنق الأنفاس .. النظام البائد جيش أنصاره وخرج من جحوره منظماً مخططاً بعناية لضرب الثورة في ظل فراغ أمني شبه مبرمج أو بالأحرى فراغ متعمد ومشاكل يومية تواجه المواطن بعضها أيضاً متعمداً والبعض الآخر ناتج عن سوء الإدارة .. وإلى جانب ذلك كله تبقى الطائفية بمثابة المستودع الذي يحوى أدوات تفجير الوطن وهو مستودع يتم فتحه كلما رغب المتآمرون احداث الفتن وهي أمور ممكنة وميسرة باستخدام القوى الرجعية الظلامية المتربصة تساندها آلة إعلامية انتهازية ما زالت على وفائها وعطائها للنظام البائد وفلوله فضلاً عن الأعوان النظام الذين مازالوا في مواقعهم ومن خلالهم وبتحريض منهم تستمر الإضرابات والمطالبات الفئوية وعلى الجانب الآخر عدو يختلق الأزمات ويدعي كذباً وبهتاناً أن سيناء أصبحت مرتعاً لتنظيمات إسلامية متشددة وحشد قواته على الحدود ويعلن بوقاحة انه في سبيل حماية حدوده يعطي لنفسه الحق في اجتياز سيناء وهذا في الواقع ورقة ضغط على الثورة وتشتيت للجهود التي تبذل لإعادة الاستقرار وهي ورقة في الوقت نفسه لمساندة عمر سليمان الذي كان العون والسند للرئيس المخلوع (تم أخيراً إزاحته بعد قرار اللجنة الرئيسية باستبعاده من قائمة المرشحين) مع أزمة اقتصادية خانقة تترجم قساوة الواقع الاقتصادي الذي تعيشه مصر حالياً وهي في الواقع أزمة ليست وليدة اللحظة ولكنها نتائج أعوام طويلة لحكم فاسد وأسرة أمسكت بكل مقاليد الأمور ساندت واستندت على مجموعة مافياوبين أطلقوا على أنفسهم رجال اعمال سخروا طاقات مصر لصالحهم علي حساب السواد الأعظم من الشعب حتى بلغ عدد من هم تحت خط الفقر من المصريين أكثر من 35 مليون مواطن مصري وتدنت كافة الخدمات من اجتماعية وصحية وتعليمية وطرق ونقل .... الخ
وفي خلال تلك الفترة المظلمة من تاريخ مصر تم التفريط في الدور التاريخي الذي ظلت مصر تتنبؤه حتى وهي تحت الاحتلال كانت مصر ذات تأثير كايرزمي على كل من حولها وظلت الحصن الحصين للمسيحية والإسلام وخرجت من كل حروبها سخنة بالجراح لكنها لم تمت ... وبالنظر في دفتر أحوال مصر الآن نرى إنها تعيش مرحلة فارقة علي مدي تاريخها كله ... والراصد للأحداث يجد للمواطن عذره خاصة فيما يتعلق بالجانب السياسي في إدارة البلاد .. وكما يقول الكاتب الصحفي محمد البرغوثي في مناظرة تليفزيونية مصر بين الطاعون والكوليرا الطاعون هم فلول النظام البائد الذين خرجو من جحورهم كي يزفوا إلى الشعب الاحباط ويشيعوا اليأس والخوف وهو أمر عار من الصحة تماماً ومجرد دغدغة لمشاعر المواطنين الذين كانو ينتظرون أن تحقق الثورة أحلامهم بين ليلة وضحاها واستغل البائدون ضعف الأداء الحكومي وتشرذم قوى الثورة واختلاف فصائلها كي يثبتوا دعاياتهم المضللة ويقدمون أنفسهم على أنهم المنقذون للوطن وبجانب ذلك فما زال كبار رجال الدولة من أقطاب النظام البائد مستمرون في السيطرة على أوصال الوطن هم على رأس النقابات العمالية وأجهزة الأمن والإعلام والتعليم والقيادات الدينية بخلاف مجموعة رجال الأعمال الذين هم مسئولين بامتياز عن الإضرابات الفئوية وتدبير الأزمات العمالية يدبرون المصائب وقد رأينا أحداث قطع الطرق وحرق المنشآت وقتل الأبرياء كما حدث في مواقع محمد محمود ومجلس الوزراء والبالون وماسبيرو وافتعال المشكلات التموينية .. وهاهم أخيراً يشعلون النار في معامل تكرير البترول في الوقت الذي تعاني فيه من أزمة في المواد البترولية .. وهذا يؤكد لنا أن النظام الفاسد لم يلق بالراية ويعلن بممارساته النكراء أنه ما زال يقاوم .
أما الكوليرا ... فهم جماعة الأخوان المسلمون الذين يعملون على الاستحواذ على كل مقدرات الوطن وإقصاء كل القوى الوطنية عن المشهد السياسي بدء من الاستحواذ على أغلبية مقاعد البرلمان في ظل وهن الجماعات الليبرالية والعلمانية ومن خلال دعاية منظمة خاطبت عواطف المواطنين تحت شعار من ينتخب مسلماً فقد انتخب الله ثم عملوا على الانفراد بوضع دستور البلاد دون مشاركة فاعلة من باقي القوى السياسة والأطياف الدينية والعرقية .. ثم الجريمة الكبرى ترشحيهم لرجل أعمال لرئاسة البلاد دون أدنى اعتبار للمصلحة العامة وهذا التوجه كان أحد أسباب الثورة بعدما زاد حجم الفساد المترتب علي زواج المال بالسلطة وتم رهن أصول الوطن لعدد من رجال مبارك الذين طوعوا وسنوا القوانين التي تخدم مصالحهم (تم استبعاده من قبل اللجنة الرئيسية) ويستخدم الاخوان أغلبيتهم البرلمانية وسيلة ضغط فهم يلوحون بسحب الثقة من الحكومة ... وبنظره إلى الرؤى الاقتصادية لجماعة الأخوان فأنهم يؤمنون بنظام اقتصاد السوق بكل مساوئه وقصر دور الدولة علي الحماية والأمن وعدم التدخل الدولة في إدارة الاقتصاد ولم يدركوا بعد أن الصراع الطبقي سيظل هو المحرك للتاريخ وهو الذي سيحدث التغيير المجتمعي كمحصلة للصراع بين طبقيين طبقة تملك وسائل الإنتاج والثروة والسلطة وطبقة أخرى تعامل كأحد وسائل الإنتاج طبقة مرتهنة تخضع وتعمل وتقبل ما هو معروض عليها ... الأخوان يؤمنون بالليبرالية الاقتصادية ... وهذه الرؤية أثبت فشلها الذريع ولم يعد الأمر وفقاً على دور هامشي للدولة في توفير الأمن والدفاع تحت مفهوم الدولة الحارسة بل أصبح الأمر يتعدى ذلك بكثير فهناك الأمن الاجتماعي المتمثل في توفير الحقوق الطبيعية للمواطن (فرصة عمل / لقمة العيش / السكن والعلاج) ... الأخوان يرون في الخصخصة حلا لمشاكل الاقتصاد المصري علي الرغم مما أصاب الاقتصاد المصري نتيجة الخصخصة غير المدروسة واتي شابها فساد أكدت علي حدوثة محكمة القضاء الاداري والتي رأت في حكمها التاريخي أن الخصخصة لم تتم باجراءات سليمة وكانت بمثابة سرقة منظمة.
... الأخوان لا يرون بأساً من تخفيض سعر صرف الجنيه المصريعلي الرغم من عدم جدوي ذلك الهم الا استفادة بعض المصدرين أصحاب المصالح ... ويؤمنون بضرورة تعديل الهيكل الضريبي بما يخدم المشروعات الخاصة من خلال التركيز على تخفيض فئة الربط الضريبي المباشر على حساب الضرائب غير المباشرة (الإنفاق ) ومن ثم يجني المستثمرون الأرباح ويسدد المستهلكون الضرائب .. نحن بالفعل بين الطاعون والكوليرا.. أعود لأقول .. أن هناك ثورة.. نجحت ولكن بغير استحقاقات كاملة .. ومن ثم فإن هناك قلقاً مشروعاً ولا يعني هذا أن مصر تعود إلى المربع الأول ولن يكون في مقدور الثورة المضادة بجناحيها الداخلي والخارجي أن توقف حركة التاريخ وتضحيات شعب فمصر لن تعود إلى يوم 24 يناير 2011 .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة تعتقل متظاهرين في جامعة -أورايا كامبس- بولاية كولوراد


.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي




.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |


.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ




.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا