الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جرائم البوعزيزي ,غازي الباجي مثلا

محمد مقصيدي

2012 / 4 / 20
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


لم أكن واضعا في مخيلتي حتى وقت قريب , أن تغير تونس الفتاة بهذه السرعة ثيابها التي من قوس قزح , كي تلبس البرقع الأسود . ولم أتصور أن الكرسي قادر أن يجعل من قامة السيد منصف المرزوقي مجرد ظل شاحب يظهر بالكاد من خلف لحية الغنوشي . قبل ساعات قليلة , وصلتني رسالة هاتفية من الصديق التونسي غازي الباجي , يخبرني أنه تم إعتقاله وهو الآن في سجون أحد دول أوربا الشرقية " لا يمكنني هنا ذكرها , حفاظا على سلامته " .
غازي الباجي , مناضل حرية الرأي والعقيدة , الذي حكمت عليه المحاكم التونسية بحكم لا يمكن أن يصدر إلا من تلامذة أسامة بنلادن , محاكمة يتحمل مسؤوليتها كاملة البوعزيزي . حيث حكمت عليه الشهر الماضي مع صديقه جابر الماجري بسبع سنوات سجنا ونصف وغرامة مالية , بتهمة تعكير صفو النظام العام والنيل من الأخلاق الحميدة , وذلك بسبب كتاب كان قد نشره إلكترونيا بعنوان " وهم الإسلام " . وبعد أن إعتقلت شرطة الغنوشي , الرسام الكاريكاتيري جابر الماجري ومارست عليه كل أنواع التعذيب , تمكن المناضل الصديق غازي الباجي من الفرار إلى الجزائر ثم تركيا , ليصل إلى اليونان .
كان يروي لي قبل البارحة , ونحن نجلس في الحديقة الوطنية المجاورة لمبنى البرلمان اليوناني , عن جرائم الإسلام السياسي بعد الثورة , عن ثقافة الكراهية والتعصب في الدول العربية باسم مكة , عن الإضطهاد الذي تتعرض له عائلته هناك في المهدية من طرف بشر لا يعرفون إلا السيف والحور العين , عن الطريق الشائك الذي قطعه من الجزائر إلى اليونان التي وصلها عاريا عبر النهر بعد أن أمسكته شياطين الموت من قميصه . وكان يروي أيضا , عن عزيمته الفولاذية في مواصلة طريق الحرية إلى آخره , عن الأحلام بين أصابعه التي يجب أن ينثرها في براري المستقبل , وكان قد أدرك في مدة قصيرة أن اليونان بأزمتها الإقتصادية والسياسية لا يمكنها أن توفر له الحد الأدنى من شروط الإنسانية , لذلك كان قد قرر الرحيل , ليس بحثا عن الحياة , بل هربا من الموت مرة أخرى .
ورغم حكم السبع سنوات ونصف السوريالي الذي يحمله على كتفيه , فلم تمنحه سفارات دول حقوق الإنسان التي لجأ إليها من أجل الحماية حق اللجوء السياسي , ورغم أن قضيته تطرقت إليها آلاف الجرائد والمواقع والقنوات التلفزيونية والمنظمات الدولية , فلم يستطع أن يجد خيطا يتبعه ليصل إلى الباب . لم يكن أمامه غير حل واحد ووحيد للخروج من حصار الجدران القاتلة هو رحلة هروب ثانية رغم مخاطرها . الرحلة التي قادته إلى السجن حاليا , حيث نجهل تماما كل ما يمكن أن تصير إليه الأمور , وقد أخبرني أنه تعرض للضرب والتعنيف من طرف الشرطة .
ليس المهم أن نحكي عن البوعزيزي أو انتشار الإسلام السياسي كالسرطان بعده في خلايا أوطاننا المريضة بالديكتاتوريات والجهل . المهم الآن , أن يقف العلمانيون متآزرين من أجل صديقنا المناضل غازي الباجي , وأن تتحمل المنظمات الحقوقية مسؤوليتها من أجل الوصول إلى حل عملي يساهم في إخراج المناضل غازي الباجي من محنته التي نأمل أن تكون عابرة , والضغط على تونس من أجل إيقاف تعذيب جابر الماجري على الأقل الذي يقضي عقوبة الحبس في سجونها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - وهم غازي
عبد الله اغونان ( 2012 / 4 / 20 - 17:17 )
من باع هويته ودينه وامته يعيش في وهم اذلم يكن يعرف مجتمعه ومايقع فيه من تحولاتبالدمقراذية التي تتشدقون بها انتصرت النهضة في تونس ومصرو في ليبيا والمغرب والكويت وسوريا .... وغيرها
ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين
والله اكبر

اخر الافلام

.. البيت الأبيض: واشنطن لم تتسلم خطة إسرائيلية شاملة تتعلق بعمل


.. اتفاق الرياض وواشنطن يواجه تعنتا إسرائيليا




.. إسرائيل وحماس تتبادلان الاتهامات بشأن تعطيل التوصل إلى اتفاق


.. خطة نتياهو لتحالف عربي يدير القطاع




.. عناصر من القسام يخوضون اشتباكات في منزل محاصر بدير الغصون في