الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
ملاحظات حول أزمة الماركسية في الوطن العربي
سلامة كيلة
2012 / 4 / 20ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
(فصل من كتاب "مشكلات الماركسية في الوطن العربي" الصادر عن دار التكوين في دمشق)
دعوة للمراجعة
التأكيد أن الماركسية العربية في أزمة، لا ينبع من تصور نظري، بل ينبع من التنائج التي آلت إليها في الواقع. حيث غدت معظم الأحزاب الشيوعية على هامش الحركة الاجتماعية، وغدت أفكارها غريبة، لا تمت للواقع بصلة. ولأنها غدت كذلك فقد أخذت في التفكك والتفتت، دون ملاحظة اختلافات فكرية وسياسية عميقة، وبدا أن الاختلافات في الغالب هي تنظيمية محدودة. كما انتشرت الماركسية خارج إطار هذه الأحزاب، من خلال تأسيس أحزاب أخرى، أو في إطار الحركة الثقافية، لكن بشكل مبعثر ومتعثر ومرتبك، وإن شكلت كتلة كبيرة، لها تأثيرها.
إن غياب دورها الفاعل، والعجز عن تحقيق أهداف طرحتها الحركة الواقعية، وبالتالي تفككها، ونشوء أحزاب ومجموعات وقوى ماركسية جديدة، متناقضة، وأحيناُ "متناحرة" مع الأحزاب القديمة، ومن ثم العجز عن تأسيس حزب عربي يعبر عن مصلحة الطبقة العاملة العربية، وعن جماهير الفلاحين الفقراء، ويستطيع أن يلعب دوراً فاعلاً في تحقيق مصالحها، في الوقت نفسه الذي يسعى إلى تحقيق أهداف العرب في هذه المرحلة. وكانت النييجة، هذا التشتت والتضارب والتوزع، الذي يكتنف الماركسية العربية، وانتشار "الصراع الفكري" الذي لا يعبر عن اختلاف حقيقي، بل عن تناقض جزئي، في بعض المواقف، وبعض الاستنتاجات، دون ملاحظة اختلاف في المنهجية، منهجية التفكير، حيث ظلت المنهجية التبسيطية (الستالينية/الماوية) هي السائدة. والمشكلة ليست في الاتفاق في المنهجية، بل في المنهجية ذاتها، لأن هذه التبسيطية أدت إلى العجز عن بلورة تصورات مطابقة للوقع، والعجز عن بلورة الأهداف التي تخدم مصلحة الطبقة العاملمة والفلاحين الفقراء، ومصلحة العرب في تطلعهم نحو التحرر والتقدم.
والآن، بعد هذا التاريخ الطويل من توّطن المار كسية في الوطن العربي، وبعد هذا التاريخ الطويل لانتصار الاشتراكية في الاتحاد السوفييتي، ثم اكتساحها ما يقرب من نصف سكان المعمورة، تهتز صورتها، فلا تعود ذلك المثال، النموذج، كما حدث مع البورجوازية من قبل، فيتقهقر الاندفاع العفوي. بل إنه يتجه إلى اللاهوت ذاته، إلى الدين، حيث أصبح يبدو المثال الممكن الوحيد، بعدما تهاوت الأمثلة، وفرغت الجعبة من متاعها الحديث، لتبدو كسرة الخبز القديمة، المتلونة بعفونة القرون، هي الحل، هي المثال، لأنها تشبع معدة فارغة، بغض النظر عما ستفعله بعد لحظات.
إن إشكالية الماركسية العربية، وخفوت بريق المثال العالمي، دفع بهؤلاء الفقراء الذين قفزوا من ظلمات القرون الوسطى واللاهوت، إلى أكثر لحظات الحضارة تقدماً، ونقصد المثال الاشتراكي، دفعهم إلى ظلمات القرون الوسطى من جديد، فتدافعوا زرافات ووحداناً إلى صفوف القوى الظلامية والطائفية، لكي يجذروا شتات القوى الحديثة، ويعملوا على اقتلاع كل جذور الفكر الحديث (القومي، الليبرالي، الاشتراكي). إنهم يرون المثال في الماضي، فيقاتلون من أجله، كما قاتلوا من أجل الاشتراكية، ومن أجل المشروع القومي العربي، من دون أن يعرفوا أن المشكلة ليست في البريق الذي يبهر العيون في لحظة، وإن كان يمكن أن يمثل الحل حقيقة، بل إن المشكلة في فهم مكنون هذا البريق.
إذن، لقد انعكست أزمة الماركسية العربية، وأزمة النظام الاشتراكي، على طبيعة موقف فئات واسعة من الجماهير من الماركسية ومن الاشتراكية، وهنا الأزمة الأعوص والأخطر، فإذا كانت كل الحلول التي تبحث في الاستقلال والتقدم، خارج إطار الحل الماركسي، غيرممكنة، وبالتالي فهي لا تعدو أن تكون وهماً، فإن الحل الماركسي هو الحل الوحيد الممكن. وإن تحقيق التقدم لا يتحقق إلا في إطار البحث في طريق الوصول إلى الاشتراكية. لذلك فإن القفز عن البحث في الأزمة، أو الالتفاف عليها، سوف يعمقها، ويزيد في توريط العرب في مآس وويلات جديدة، لأن الوطن سوف يستمر في لوك ذاته، في تدمير ذاته ما دام الأفق غائباً، والحلول المتداولة تزيد من التفكك والتفتت والتدمير.
إن الخروج من الأزمة إذن، لا يعني فقط تجاوز الماركسية العربية مشكلاتها الذاتية، بل ويعني أيضاَ أن تنفتح الآفاق، أمام خيار في التطور، يغدو أكثر فأكثر، الوحيد الممكن في هذا العصر، الخيار الوحيد القادر لا على استقطاب حركة شعبية واسعة فقط، بل على دفعها نحو تحقيق تقدم فعلي.
لهذا ندعو إلى الحوار وإلى مناقشة كل هذه القضايا، من أجل تحديد جوهر الأزمة التي تعيشها الماركسية العربية، من أجل توضيح أفضل للمشكلات التي رافقتها خلال تاريخها الطويل، ومن ثم ألقت بها في متاهة التفكك.
1_ ضرورة المراجعة التاريخية
إن تاريخ الماركسية في الوطن العربي تاريخ طويل، يمتد إلى أكثر من ثلاثة أرباع القرن، وهناك أحزاب لها من العمر سبعون عاماً، خاضت نضالات مختلفة واتخذت مواقف من كل الأحداث التي عصفت بالوطن العربي مذّاك.
لكن بعد كل هذا التاريخ نقف لنقول إن هناك أزمة في الماركيسية العربية، إذن ما قيمة كل هذا التاريخ؟ وما الفائدة من كل تلك النضالات، إذا لم تنتصر؟ وهذه مسألة ملموسة، بمعنى أنها ظاهرة للعيان. لكن هذه النتيجة تفرض علينا سؤالاً آخر هو: هل كان انتصارها ممكناً ؟ هل كانت الظروف الموضوعية تسمح لها بأن تحقق انتصارها؟ إن كل الإجابات التي أكدت أن الماركسية العربية ليست في أزمة، انطلقت من أن الظروف الموضوعية لم تكن تسمح بانتصار حزب شيوعي في أي من البلدان العربية، وبالتالي فقد قامت الأحزاب الشيوعية العربية بمهماتها (بجدارة)، حيث أسهمت في تحقيق استقلال بلدانها، ودعمت الأحزاب القومية في بناء "الاشتراكية"، ودافعت عن قضايا العمال المطلبية، ودافعت عن الاتحاد السوفييتي!
إذن، يمكن التفريق بين كون الماركسية العربية في أزمة، أو أنها تقوم بدورها الواقعي، بين أنها عجزت عن الانتصار، وأنها لم يكن ممكناً لها الانتصار، يمكن التفريق بين هذا وذاك فقط من خلال البحث في تفسيرها للواقع، وبالتالي في البحث في تصوراتها التي تخص الظروف الواقعية في الوطن العربي، وبالتالي فإن الحديث عن أزمة الماركسية العربية، يحيلنا على البحث في ماهية الماركسية العربية، ماهية التصورات والأفكار الخاصة في الظروف الواقعية في الوطن العربي. إنه يحيلنا على الأفكار، ولكن هل يمكن حصر كل المشكلة في الأفكار؟ هنا يبدو أننا ننحو منحى فكرياً، وبالتالي يكون "تبرير" العجز عن الانتصار، بإعادته إلى الظروف الواقعية، منطقياً إلى أبعد الحدود، بل وماركسياً أصيلاً، لأنه يعيد المسائل إلى أساسها الاقتصادي الاجتماعي، أي الطبقي. لكننا نعتقد أن هذا تبرير ساذج، لأن الطبقة حينما لا تكتسب وعيها الحقيقي، المطابق تتوه في نضالات لا أفق لها، مهما كانت جبارة أو جسورة، لأنها تكون قد خاضت النضال من دون أن تحدد هدفها النهائي، وانطلاقاً من مطالب محدودة لا تغير في وضعها.
إننا هنا نناقش مسألة: هل قدمت الماركسية العربية وعياً مطابقاً لمصلحة الطبقة العاملة العربية؟ بمعنى هل منظومة المفاهيم والأفكار التي أسستها كانت موافقة لمصلحة الطبقة العاملة العربية، ومسايرة للتطور الواقعي؟ أي هل حققت المهمة الأولية الملقاة على عاتق الحزب، أي حزب ماركسي؟
يؤكد لينين أن مهمة الماركسيين تتقوَّم في إدخال الوعي، من الخارج، إلى الطبقة العاملة. ويشير ماركس إلى أن مهمة الفلاسفة تقوّمت في تفسير العالم، بينما المطلوب تغييره أيضاَ. إذن بين هذا وذاك ترتسم مهمة الحزب الماركسي: تفسير العالم وتغييره. وبالتالي من الضروري أن يمتلك الماركسي وعياً علمياً مطابقاً لمصلحة الطبقة العاملة، ويسهم في انتقالها النوعي، (إضافة إلى تطور عامل التنظيم لديها)، من كونها طبقة في ذاتها إلى كونها طبق لذاتها (حسب ماركس في "البيان الشيوعي"). من كونها مجموع شتات مرهق سلفي، ومفاهيم استسلامية، إصلاحية، إلى طبقة موحدة، وواضحة الأهداف، وقادرة على أن تلعب دورها الثوري في أن تصبح الطبقة المسيطرة.
نعود بالتالي إلى التساؤل حول مدى مطابقة الوعي الذي نشرته تلك الأحزاب لمصلحة الطبقة العاملة، ولمسار التطور الواقعي، في مجتمع لم يكن قد دخل المرحلة الرأسمالية بعد، وهو بالتالي لم يحقق الثورة الديمقراطية، ولا الاستقلال السياسي، وظل بعيداً عن أن يصبح مجتمعاً صناعياً، حتى بالصيغة البورجوازية. بمعنى أن هذا الوضع كان يفرض تصوراً أيديولوجياً مختلفاً عن التصور الأيديولوجي الذي رسمه كل من ماركس وإنغلز والخاص بالطبقة العاملة الأوروبية (أي الطبقة العاملة في الدول الرأسمالية المتقدمة)، وبالتالي كان ضرورياُ، وبالاستناد إلى المنهجية الماركسية ذاتها، إنتاج بنية أيديولوجية مطابقة للطبقة العاملة العربية، وفي إطار مجتمع بالكاد بدأ التفكك الإقطاعي يأخذ مداه، وبالكاد بدأ التغلغل الرأسمالي يأخذ مداه، اعتماداً على التوسع الرأسمالي الأوروبي تحديداً. وبالتالي لم يحقق هزيمة الأيديولوجية اللاهوتية السائدة، ولا أنجز تحديث الفكر، فظلت المفاهيم الليبرالية والعلمانية والقومية رجراجة، وبدت مختلطة في أحيان عديدة بالأيديولوجية اللاهوتية السائدة. كما أنه لم يحقق إزالة مخلفات التجزئة الإقطاعية السابقة، وعاش مرحلة إعادة إنتاج هذه التجزئة في صيغة سياسية جديدة.
في هذا الإطار كان أمام الماركسية العربية جملة قضايا، احتاجت إلى بحث وتأسيس نظري، من أجل تحديد مسيرة التقدم، ودور الطبقة العاملة و الطبقات المختلفة فيها. ثم ما هي قدرة البورجوازية على تحقيق التحرر من الاستعمار، وتحقيق انتقال المجتمع إلى مرحلة المجتمع الصناعي الحديث؟ ما هو دور الطبقة العاملة، حديثة النشأة، محدودة العدد، بسيطة الوعي، في مجتمع فلاحي الطابع؟ وما هو موقع المسألة الزراعية في برنامج هذه الطبقة؟ وما هو موقف الطبقة العاملة من المسألة القومية في المجتمعات السابقة للرأسمالية، حيث ظل المجتمع مفككاً، وظلت قضية الأمة فيه غير واضحة المعالم على الصعيد النظري؟ ومسائل من مثل الموقف من السلطة السياسية، طبيعة الحزب ودوره، والدور الفكري الذي من المفترض أن يلعبه، وأساساً ما هي البنى الاقتصادية الاجتماعية، والفكرية السياسية السائدة؟
وإذا كانت البورجوازية المحلية، المتشكلة في إطار السيطرة الاستعمارية، والراقضة لها جزئياً أو كلياً، قد عبرت عن تصوراتها بالإجابة عن بعض هذه القضايا، وإذا كانت، في ضوء إشكالية وجودها ذاته، عاجزة عن تأسيس البنية الأيديولوجية المطابقة لمصالحها ولمصلحة الوطن في الوقت نفسه، لأنها كانت جزءاً عضوياً في إطار النظام الرأسمالي (ثم الإمبريالي) العالمي، وبالتالي كانت تتجاوز مصلحة الوطن من أجل تحقيق مصالحها، فقد كانت مهمة الطبقة العاملة، من خلال حزبها أن تفعل ذلك، أي أن تؤسس البنية الأيديولوجية المطابقة لمصالحها، والمسهمة في تحقيق مصلحة الوطن في الوقت نفسه.
هنا نصل إلى نقطة البداية، ونقطة البدء، أي "أزمة الماركسية". إن دراسة موقف الماركسية العربية من مختلف الموضوعات المشار إليها سابقاً، في ضوء دراسة جادة للواقع في إطار صيرورة تطوره خلال القرن الماضي، تبين العجز الذي عانته في رؤيتها لهذا الواقع. إذن نحن في حاجة إلى رصد مختلف مواقفها من هذه الموضوعات من أجل إظهار عدم مطابقتها للواقع، وبالتالي زيفها. إن إشكالية الوعي هذه هي التي تفسر إشكالية رؤية مختلف القضايا. من هنا يأخذ البحث في هذه القضايا المختلفة مساراً آخر، مبتعداً عن الدراسة التاريخية، إلى تحليل المواقف التاريخية، من أجل إظهار إشكالية منهجية، إشكالية العجز عن اكتساب المنهجية الماركسية بالذات. وبالتالي يكون البحث في مسألة العجز عن رؤية الواقع نابعاً من هذا الأساس. وينطرح، بالتالي، البحث في مسائل رؤية الماركسية والدولة، واستلام السلطة، ومن ثم رؤية الوضع الدولي في هذا الوقت. وهي المسائل التي يتعلق بفهمها مصير الثورة. ومصلحة الطبقة العاملة العربية. لكن السؤال الذي يواجهنا هنا هو: لماذا عجزت عن رؤية الواقع؟ لماذا عجزت عن تأسيس وعي مطابق لمصلحة الطبقة العاملة؟ إذا كان الفكر البورجوازي منذ بداية النهضة الأوروبية الحديثة، قد أسس لمناهج حديثة، تجاوزت المنهج الأرسطي القديم، الذي ساد طيلة العصور القديمة (مراحل الرق والإقطاع). فمن أجل أن تؤسس تصورها الأيديولوجي المطابق لمصالحها، بدأت الماركسية من البداية نفسها، فتأسست المنهجية الماركسية، كتضمين وتجاوز للمنهجية البورجوازية، فكان المنهج المادي الجدلي أداة الماركسييين (منذ ماركس وإنغلز) في تأسيس أيديولوجيا مطابقة لمصلحة الطبقة العاملة. بمعنى أن العقل، مع الماركسية، اكتسب قدرة أكبر على تحليل الظروف الواقعية، من أجل الوصول إلى نتائج أكثر علمية.
والبحث في إشكالية عجز الماركسية العربية يفرض البدء من قدرتها على امتلاك المنهجية الماركسية، أي قدرة العقل في الوطن العربي، على الانتقال من منطقه القديم، المنطق النصي، اللاهوتي من جهة، والمنطق الأرسطي من جهة أخرى، إلى اكتساب المنطق الماركسي. طبعاً تبدو هناك فجوة بين المرحلتين (مرحلة المنطق النصي الأرسطي، ومرحلة المنطق الماركسي). ولا شك أن عصر النهضة العربي شهد تغلغل المناهج البورجوازية الحديثة مع تغلغل الفكر البورجوازي الحديث، وبالتالي لم يكن هنا الانتقال قفزة في الهواء، بل توافرت أسسه، أو على الأقل بعض أسسه. لماذا العجز عن اكتساب المنطق الماركسي إذن؟ لماذا عجز العقل عن الانتقال، عن استيعاب المنهجية الحديثة؟
إذا علمنا أن هناك محاولات جادة قامت، ويمكن الإشارة إلى قدرتها على استيعاب هذه المنهجية (فؤاد الشمالي _ نسبياً _ سليم خياطة، رئيف خوري، فهد، لفيف من الشيوعيين المصريين الأوائل..)، محاولات قدمت إجابات متباينة الدقة، لكنها مقاربة للواقع، يكون السؤال: لماذا هزم هذا الاتجاه، وانتصر الاتجاه الآخر، الذي أطلقنا عليه تعبير الماركسية العربية؟ بمعنى: لماذا لم تستطع المجموعة الغالبة من الماركسيين العرب، اكتساب المنهجية الماركسية، رغم أنها ناضلت من أجل تحقيق الاشتراكية؟
نحن معنيون إذن،بدراسة جملة قضايا، مثل كيف تسربت الماركسية إلى الوطن العربي؟ وكيف فهمت؟ طبيعة رؤية الماركسية لدى مثقف المجتمعات المتخلفة، بمعنى كيف قولب الوعي السائد لدى الفئات التي اعتنقت الماركسية، الماركسية ذاتها؟
إذا كان الفكر، كل فكر، يحتاج إلى دراسته وتعلمه، من أجل الوعي به، فإن الماركسية أشد تعقيداً في هذا المجال، فمنذ أن أضحت الاشتراكية علماً، غدا لزاماً علينا معاملتها كعلم، أي أصبح لزاماً علينا دراستها، حسب ما يشير إنغلز، وما يؤكده لينين. وهنا دعوة لتجاوز "الوعي" العفوي، وحث على الدراسة، على التثقف. وبالتالي فالمناضل الماركسي، هو مثقف ماركسي، لهذا كان الماركسيون الأوائل في أوروبا، وروسيا مثقفين، ومن الطبقة البوروجوزية، حسب ما يشير لينين.
أما في الوطن العربي، فيمكن رصد طريقين لاعتناق الماركسية، وتحديداً بعد انتصار ثورة أكتوبر سنة 1917 في الإتحاد السوفييتي، التي قدمت مثالاُ جديداً للتقدم، موازياُ ومتفوقاً على المثال الرأسمالي، وهو متفوق لأن الرأسمالية كانت بدأت في السيطرة والاستعمار، ولما كانت الاشتراكية جاءت نقيضاً لها، فإن الإشكالية الواقعية، أي إشكالية الاضطهاد الاستعماري، فرضت أن يكون المثال الاشتراكي متفوقاً.
الطريق الأول: هو طريق الوعي، حيث جرى الإطلاع على الماركسية ودراستها، والاقتناع بها كمنهجية وكرؤية أيديولوجية. لهذا لاحظنا نشوء مثقفين ماركسيين واشتراكيين، ينادون بتحقيق الاشتراكية، منذ نهاية القرن التاسع عشر (شبلي شميل، فرح أنطون، نقولا حداد، مصطفى المنصوري، حسني العربي، محمد عبد الله عنان، رفيق جبور، ثم سليم خياطة، رئيف خوري، حنا عبد الله نصر، يوسف يزبك، د. جورج حنا) ولقد أنتج هؤلاء تراثاُ فكرياً مهماً، وحاولوا الإجابة عن إشكاليات الواقع، ولكن بنسب متفاوتة.
الطريق الثاني: الانتماء العفوي، نتيجة الشعور بأن الاشتراكية السوفييتية مع ثورة أكتوبر سنة 1917، قد قدمت الحل لإشكالية واقعية عانت منها جماهير الفلاحين الفقراء والمتوسطين، والطبقة العاملة الناشئة، وجمهور من البورجوازيين الصغار "المتعلمين". وحتى بعض البورجوازيين (أولاد البورجوازييين) الذين شعروا بمأزق التطور البورجوازي التقليدي. ولقد أدت هذه الطريقة في الإنتماء، إلى عدم الاهتمام بالاطلاع على الماركسية، من أجل استيعابها واكتساب المنهجية المادية الجدلية (هذا عدا الفئة الأخيرة التي اطلعت لكن من أجل هدف آخر سوف نشير إليه لاحقاً) وتعلقت بشعارات عامة حول الاشتراكية والمساواة، والتحرر، وبالتالي قزّمت الماركسية (والاشتراكية) إلى حدود وعيها، وقلصتها إلى حدود إجابتها عن إشكالياتها البسيطة.
وإذا كانت الاحزاب الشيوعية تأسست من التقاء الفئتين، حيث شارك بعض المثقفين الماركسيين في تأسيس هذه الأحزاب (رفيق جبور، حسني العرابي، محمد عبد الله عنان، في الحزب الشيوعي المصري، وفؤاد الشمالي وسليم خياطة ويوسف يزبك، في الحزب الشيوعي السوري اللبناني ...) فقد شهدنا هزيمة هؤلاء المثقفين في الصراع الحزبي، وبالتالي لفظهم من هذه الأحزاب، حيث ارتد بعضهم، واستمر آخرون كمثقفين ماركسيين "مستقلين" لماذا هزم هؤلاء؟ هذا يفرض علينا البحث في إشكالية وعيهم من جهة، والأسباب الموضوعية التي أدت إلى تلك الهزيمة من جهة أخرى. ومن ثم يمكن صياغة السؤال السابق بطريقة أخرى: لماذا انتصر "التيار العفوي"، أو الخط غير المطّلع على الماركسية؟
لا شك أن الإجابة تحتاج إلى دراسة دقيقة لتاريخ نشوء هذه الأحزاب، وبالتالي طبيعة الفئات التي كونتها، وطبيعة وعيها، ودرجة إطلاعها على الماركسية.و لكن، في ضوء ما سبق يمكن الإشارة إلى فرضية محددة، هي أن طغيان الطابع العفوي للانتماء، جعل الأفراد الواعين بالماركسية قلة، وجعل الاندفاع للنضال المطلبي والسياسي أوسع من القدرة على اكتساب الوعي الماركسي. ولما كان الاندفاع العفوي قائماً على أساس تمثل التجربة السوفييتية، فقد أصبحت المواقف والمفاهيم والتصورات المحددة من قبل الحزب الشيوعي السوفييتي في المرحلة الستالينية، هي مواقف هؤلاء المثقفين عفوياً، حيث فرض الانتماء العفوي تصور أن الحزب الشيوعي السوفييتي،ممثل الطبقة العاملة العالمية . إذن فقوة القاعدة الملتصقة بحسها العفوي بالماركسية الستالينية، كانت تُضعف من دور المثقف الماركسي، الذي يؤسس لأفكار ومفاهيم تبدو مخالفة للمفاهيم والافكار التي أخذت تسود في الاتحاد السوفييتي، كما كانت تنتج "قادة" يتبنون جملة المفاهيم والأفكار المؤسسة من قبل بعض العلماء السوفييت زمن ستالين، خصوصاً أن توسع الانتماء العفوي، وقلة المثقفين الماركسيين المحليين، فرضا إرسال دورات تثقيفية إلى الاتحاد السوفييتي آنذاك، لتتشرب تلك المفاهيم التي أخذت تتبلور هناك منذ أواسط الثلاثنات.
هنا ننحن أمام إشكالية تخلف الوعي الماركسي، الناتج عن الانتماء العفوي، هذا التخلف الذي كان يقوي من تشكيل البنى الحزبية القائمة على أساس "قبلي أو طائفي" أو "محلي"؛ وهي العلاقات الوحيدة الممكنة، ما دام الوعي لم يتقدم بما يجعله وعياً حديثاً. أي كان يدخل البنى الحزبية في دوامة الانتماءات ما قبل القومية، وإن أضفى عليها طابعاً حديثاً. وبالتالي كان يقوي من النزوع نحو السيطرة الفردية للمسؤول الأول (وهذا شكل أوسع من طبيعة سيطرة رب الأسرة في إطار العائلة). هذا من جهة، ومن جهة ثانية، كان يوسع من انتشار الماركسية الستالينية، لا الماركسية الأصلية. مما كان يدخل وعياً غير مطابق لواقع الطبقة العاملة العربية. هنا أصبحت المفاهيم والأفكار المحلية تكراراً لمفاهيم وأفكار الكومنترن في المرحلة الثانية (1935_ 1943) ثم للمفاهيم والأفكار الستالينية، المعممة من قبل الأكاديميين السوفييت. لقد صبح الحزب اشيوعي يعيد إنتاج المفاهيم الستالينية، على أنها مطابقة للواقع العربي، وإن كان يكيفها مع وعي قادته، أي كان يقولبها مع مستوى الوعي الذي اكتسبه هولاء، في الوقت نفسه الذي كان يطرد كل الذين يحاولون تأسيس مفاهيم ماركسية مطابقة للواقع العربي (سليم خياطة، رئيف خوري،...) أو يعمل على إخضاعهم بطرق مختلفة، بغض النظر عن مدى النجاح (فرج الله الحلو).
إن شدة الإعجاب بالتجربة السوفييتية والالتصاق الحار بها، كان يؤسس بنية أيديولوجية وهمية، تمنع الماركسيين العرب من القدرة على أن يلعبوا الدور الثوري المنوط بهم. لقد بُهروا بالتجربة فتجاوزا الوعي بالماركسية، وعاشوا حلم الانتقال الفجائي إلى الاشتراكية (وأحياناُ بقوة الجيش السوفييتي). وأمام هذا الانبهار كانوا يصبون جام غضبهم على كل من كان يحاول تنبيههم إلى حاجتهم لرؤية واقعهم، أو يطرح فكرة تخالف تلك التي تذاع في الاتحاد السوفييتي. لذلك من الضروري البحث في عدد من المسائل المتعلقة بهذا الموضوع، ومنها:
1: إشكالية الفئات الاجتماعية التي اعتنقت الماركسية.
2: دور الماركسية السوفييتية في إنتاج وعي هذه الفئات، في تسويدها (أي جعلها القوة المسيطرة),
3: إشكالية المثقف الماركسي (من فؤاد الشمالي، سليم خياطة، رئيف خوري، إلى فرج الله الحلو).
4: مدى تقارب المواقف التي كانت تحددها مع مواقف البورجوازية المحلية، أي مدى وعيها.
2_ طريق التقدم.
إذن، لقد تمظهرت الأزمة أولاً، في "وعي الماركسية"، في المقدرة على فهمها، وتمثلها، واستيعاب منهجيتها، وبالتالي في اكتساب مقدرة علمية على تحليل الظروف الواقعية، من أجل تحديد آفاق تغييرها. وهذه، كما قلنا، الإشكالية الأساسية، في أزمة الماركسية في الوطن العربي، التي أسست لنشوء إشكاليات أخرى، أهمها العجز عن تأسيس "الوعي المطابق" لمصلحة الطبقة العاملة العربية، وتأسيس "الرؤية المطابقة" لمسار التقدم في الوطن العربي، وبما يسمح بتحقيق أهداف العرب في المرحلة الحاضرة. ولذلك غاب الدور المتميز، الدور الخاص، الذي من المفترض أن تلعبه الماركسية، وأن يقوم به الحزب الماركسي. واندمجت الأحزاب الماركسية في إطار الحركة العفوية للجماهير،من دون امتلاك لتصور، يجعلها تدفع هذه الحركة العفوية إلى الأمام، من أجل أن تحقق أهدافها، بل إن هذه الأحزاب غرقت، هي ذاتها، في العفوية، فربطت مصيرها، بمصير البورجوازية (في المرحلة الأولى) والبورجوازية الصغيرة (في مرحلة تالية). لهذا يُطرح السؤال حول دور الماركسية في مجتمع رأسمالي تابع. وهذه مسألة، كانت من المسائل الإشكالية لأن الماركسية العربية التزمت دوراً،هو أقرب إلى الدور "التنويري" و"العقلاني" يقوم على أساس نفي الدور الفاعل والأساسي للماركسية في تحقيق "مرحلة التحرر الوطني"، واقتصر دورها على عقلنة، وترشيد، وتصحيح سياسات ونشاط قوى أخرى، هي بورجوازية صريحة، أو في المآل الأخير. وبالتالي ظلت على هامش الخيار البورجوازي، وهو الخيار الذي لم يثبت عجزه فقط، وهذا ما نلمسه بوضوح، وإنما كان واضحاً أيضاً أنه عاجز منذ البدء، وهذا ما أشار إليه لينين ، انطلاقاً من تحليله تحول الرأسمالية إلى إمبريالية، وبالتالي اقتناعه بأن عهد الثورات البورجوازية قد ولى مما كان يعني، على صعيد التحليل الماركسي، أن الطبقة العاملة في إطار التحالف مع الفلاحين الفقراء، وفئات واسعة من البورجوازية الصغيرة هي صاحبة الخيار الوحيد الممكن في التطور. ولقد أوضحت التجربة أن كل الأمم التي سارت في هذا المسار وصلت إلى الاشتراكية، وأن الأمم التي حادت عنه ظلت عاجزة عن التقدم، واستمرت كهامش تابع في إطار النظام الإمبريالي العالمي.
إننا نشير هنا إلى مسألة تفسير الواقع وتغييره: تفسير الواقع انطلاقاً من المنهجية الماركسية، وتغييره بالاعتماد على هذا التفسير نظرياً، وعلى الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء عملياً ، حيث يؤسس هذا التفسير وعياً مطابقاً لمصالحهم. وفي هذا الإطار يمكن النظر إلى عدد من القضايا الاساسية التي حظيت بإجابات خاطئة من قبل الماركسية العربية، والتي تعتبر في أساس التقدم العربي، وبالتالي كانت مظهراُ من مظاهر العجز من اكتساب المنهجية الماركسية، وهذا ما أشرنا إليه في الفقرة الأولى من هذا البحث، لكنها غدت اليوم من القضايا الحاسمة لأنها تشكل جوهر الأهداف التي يتوقف على تحققها كل التقدم العربي. وبالتالي فإن البحث فيها لا يعبر عن بحث في مسائل تاريخية، بقدر ما يعبر في الوقت نفسه عن قضايا راهنة، وذات حساسية كبيرة.
فإذا كانت الماركسية ترتبط بالاشتراكية، على اعتبار أنها أداة الطبقة العاملة ومؤسسة تصوراتها، في مجتمع رأسمالي متقدم، فإن هذا الربط خاطئ في مجتمع رأسمالي تابع، أصبح رأسمالياُ دون أن يحقق الثورة الديمقراطية. ولقد أصبح رأسمالياً من دون أن يحقق الثورة الديمقراطية نتيجة السيطرة الإمبريالية التي أدخلت كل مظاهر الرأسمالية من دون أن تسمح بتحقيق التطور الرأسمالي الحقيقي، من خلال منع تحقيق التطور الصناعي. كما أن ربط المرحلة التي يمر بها الوطن العربي بخيار بورجوازي خاطئ أيضاً. فلا يمكن ربط دور الماركسية بتحقيق الاشتراكية فقط؛ وعدم تحقيق الثورة الديمقراطية لا يعني ربط تحقيقها بالبورجوازية، ورفض أي دور فاعل للماركسية. وهذا ما وقعت فيه الماركسية العربية، التي ربطت الماركسية بالاشتراكية، وربطت الثورة الديمقراطية بالبورجوازية. فألغت دورها الراهن، انتظاراً لحلم جميل، حلم الاشتراكية الخيالية، لأنها غير مرتبطة بمسار واقعي، هذا المسار الواقعي أوكل لطبقة أخرى، هي البورجوازية، وكانت عاجزة عن تحقيقه.
فهل يمكن للماركسية أن تحقق الثورة الديمقراطية، من خلال ارتباطها بالعمال والفلاحين الفقراء، وقيادتها لتحالف طبقي واسع؟ كما أشرنا، طرحت الماركسية، منذ لينين، أن مهمة تحقيق الثورة الديمقراطية ملقاة على كاهل الطبقة العاملة للمجتمع، في ظروف لم تتحقق فيها الثورة الديمقراطية، انطلاقاً من رؤية تقوم على أساس أن يلعب الحزب الشيوعي دوراً قيادياً في ثورة، هي ديمقراطية الطابع، وأن يرى أن الظروف العالمية، ظروف نشوء الإمبريالية، تجعل التقدم منوطاً بدور الحزب الشيوعي، لأن البورجوازية عاجزة، حتى عن تحقيق ثورتها الديمقراطية. وهذه إحدى نقاط الخلاف الجوهرية، ويمكن أن نقول إنها جوهر الخلاف، بين البلاشفة والمناشفة، حيث حددت دوراً معيناً لكل منهما.
ولقد كانت الظروف العامة التي تعيشها الجماهير العربية حينما انتصرت ثورة أكتوبر سنة 1917، هي التي جعلت فئات مختلفة، عمالية وفلاحية ومثقفة، ترى في ثورة أكتوبر طريقاً جديداُ ممكناً، يسمح لها بتحقيق التقدم. فنشأت حالة من التعاطف مع البلشفية ومع الاتحاد السوفييتي. ويمكن القول إن ثورة إكتوبر غدت أمل فئات متسعة من الجماهير العربية. وفي هذا الإطار تسربت الماركسية إلى الوطن العربي، وتشكلت الأحزاب الشيوعية.
لكن، رغم أن طريق ثورة اكتوبر أصبح طريقاً عربياً (لأنه أصبح طريقاً عالمياً بالأساس)، فإن المسألة الجوهرية هنا، هي أن القيمة الأساسية التي عبرت عنها ثورة اكتوبر ظلت غائبة. بمعنى أن القدرة على استيعاب القيمة الرئيسية لثورة أكتوبر، المتمثلة بالرؤية اللينينية التي قادت إلى انتصار الثورة، كانت محدودة. لقد قامت هذه الرؤية على أساس أن التطور العالمي، المتمثل بتحول الرأسمالية إلى إمبريالية، وسيطرتها على مختلف بقاع العالم، سواء من خلال الاحتلال العسكري، أم من خلال الهيمنة الاقتصادية، أن هذا التطور لم يجعل أمام الأمم المتخلفة والمحتلة طريقاً غير الطريق البلشفي القائم على أساس أن على هذه الأمم أن تحقق الثورة، التي هي ثورة بورجوازية الطابع، لا بقيادة البورجوازية، بل بقيادة الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء، من خلال الحزب الماركسي، إذ الماركسية هي الخيار الوحيد الممكن من أجل تحقيق الاستقلال والتقدم، أي من أجل تصفية البنية الطبقية السابقة للرأسمالية، والنهوض بالصناعة.
هنا كانت اللينينية تلقي على الطليعة الماركسية دور القائد لثورة ديمقراطية بورجوازية الطابع، دون انتظار دور البورجوازية، المترددة الجبانة، حسب تعابير لينين ، لأنها، لترددها وجبنها، نتيجة مصالحها المتشابكة مع الإقطاع، والرأسمال العالمي، عاجزة عن تحقيق هذه الثورة.
ولقد تأسس تعاطف الفئات العمالية والفلاحية المتعلمة العربية مع البلشفية، انطلاقاً من أنها غدت تعبّر عن طريق ممكن ووحيد. لكن إذا حاولنا تقييم مرحلة ماضية، يتوضح لنا غياب الأسباب التي تجعل ذلك الطريق ممكناُ ووحيداُ، خصوصاً منذ نهاية الثلاثينات، في الوطن العربي. فقد انتشرت الفكرة القائلة بأن التطور البورجوازي هو الممكن الوحيد، سيراً على التجريد النظري، الذي رُسم فيه التطور العالمي أيضاًَ. خصوصاً إن المشكلة لم تكن مشكلة الاستقلال السياسي فقط، رغم الأهمية التي يمكن أن يكونها، بل إن المشكلة الأهم، كانت مشكلة التطور المستقل، التطور الاقتصادي الاجتماعي الذي يُنهي التخلف التاريخي، ويوجد أمماً صناعية مستقلة ومتطورة. وكان نشوء الإمبريالية يمنع هذه الإمكانية في الإطار البورجوازي. وإذا كان أفول نجم الاستعمار القديم، ومن ثم نهوض الإمبريالية الأمريكية، قد أوجد "فجوة" سمحت بأن تفرض النضالات الجماهيرية، العفوية، المقادة من قبل البورجوازية المهادنة والمساومة، لتحقيق الاستقلال السياسي، لمصلحة هذه القيادة البورجوازية ، وعجزت هذه النضالات، والقيادة البورجوازية عن تحقيق التطور المستقل، بل إن الذي حدث، هو زوال الاستعمار القديم، ونشوء نظام التبعية الحديد.
هنا يبرز السؤال : لماذا انتشر الشعور بأن طريق أكتوبر هو طريق العرب، في الوقت نفسه الذي غاب فيه مغزى ثورة أكتوبر؟ ذلك المغزى الذي صاغه لينين قبل ثورة أكتوبر بسنوات، وألحّ عليه بعد ثورة شباط سنة 1917 والذي صاغه منذ عام 1905 على الشكل التالي: هل نجرؤ على الانتصار؟ البورجوازية عاجزة عن تحقيق الثورة الديمقراطية، وليس هناك غير الماركسية من يحقق هذه المهمة، فهل نجرؤ على الانتصار؟ ولقد انتصر.
ألا تفرض علينا هذه المفارقة إعادة النظر، وبالتالي البحث الجاد في طريق تقدمنا خصوصاً أننا لا نزال نعيش إشكاليات، هي ذاتها الإشكاليات القديمة، والمتمثلة في السؤال حول كيفية تحقيق النهضة/التقدم. أليس الفشل المتكرر لمختلف شرائح البورجوازية العربية (بما فيها البورجوازية الصغيرة) دليل على أن الماركسية هي الخيار الوحيد الممكن، ودليل على صحة استنتاج لينين سابق الذكر؟ إذن لماذا سادت تلك المفاهيم التي تقزّم الماركسية (كما فعل المناشفة في روسيا)؟ ولماذا لم تحسم هذه المسألة فعلاً؟ أليس التفكك الذي أصاب الحركة الشيوعية والقوى الماركسية ناتجاً عن حيدان الدور الذي حددته لذاتها، وعدم تطابق مفاهيمها وتصوراتها وبرامجه مع حركة الواقع بالذات؟
لكن تبقى هذه المسألة إشكالية في الوقت الحاضر أيضاَ، خصوصاً بعد "التطور" الذي أصاب البنية الاقتصادية الاجتماعية، حيث أصبح المجتمع العربي رأسمالياً.
3_ دور الماركسية في مجتمع رأسمالي تابع
ما يمكن أن نقوله اليوم، أن الوطن العربي قد أصبح رأسمالياً، رغم أنه لم يحقق ثورته الديمقراطية البورجوازية. فقد تغلغلت العلاقات الرأسمالية ببطء شديد. وبتعرجات مختلفة، طيلة أكثر من قرن من الزمان. ونشأت الرأسمالية كطبقة مرة على الضد من الرأسمالية الأوروبية المستعمرة، وفي الغالب بالتوافق معها. لهذا كانت تنجدل دائماً حول المركز الرأسمالي، تتحول إلى مكمل له، تصبح حلقة في سلسلة العلاقات الإمبريالية العالمية التي ينسجها، وتغدو جزءاً تابعاً في إطار النظام الإمبريالي العالمي. لهذا لم تكن معنية بتحقيق الثورة الديمقراطية، الثورة السياسية التي تحقق التطابق بين البنية الاقتصادية الاجتماعية، والبنية الفوقية، لأنها لم تعد وطنية بل غدت "عالمية" (أي كوزموبولتية)، تسعى لتأسيس البنية الفوقية المتوافقة مع النظام الإمبريالي العالمي، ما دامت قد غدت جزئاً تابعاً فيه.
إذن، صار الوطن العربي رأسمالياً، من دون أن يحقق الثورة الديمقراطية، بورجوازية الطابع، هذه هي المفارقة التي نعيشها اليوم.
لكن هذا التقدم البطيء للرأسمالية، الذي امتد لأكثر من قرن، لم يكن هادئاً، ولم يجر بالتوافق مع المركز الرأسمالي دائماً، كما أشرنا سابقاً. فقد كانت الفئات البورجوازية تسعى لتحقيق ثورتها الديمقراطية، على الضد من السياسات التي كانت الرأسمالية في المركز تحاول فرضها. لهذا كانت تشارك في الثورات ضد الاستعمار، وتطالب بالتحرر والوحدة والاستقلال لكنها، في المقابل، كانت سرعان ما تتكيف مع السيطرة الاستعمارية، وتندمج شيئاً فشيئاً، في إطار الاقتصاد الرأسمالي العالمي، لتبدو هذه الخطوة "الثورية" فقاعة يذروها جبروت التغلغل الرأسمالي الاستعماري، بحيث تبدأ متناقضة المصالح مع السيطرة الاستعمارية، لكنها لا تلبث أن تتشابك مصالحها.
وإذا كانت التحولات التي حدثت بعد الحرب العالمية الثانية هي الأكثر سطوعاً فقد توضح، رغم كل ما قيل فيها، ورغم كل الشعارات والأهداف التي طرحت في حينها، أنها عبّرت عن شكل من أشكال التطور الرأسمالي. لكنه تطور مستقل من جهة، وكان يدفع باتجاه تحقيق الثورة الديمقراطية البورجوازية من جهة أخرى، حيث سعت فئات من البورجوازية الصغيرة المدينية، لكن الريفية أساساً المشبعة بحلم الملكية الخاصة، والناقمة على أشكال العلاقات الإقطاعية السائدة آنذاك وعلى كبار ملاك الأرض، وكذلك على البورجوازية التي تبلورت قبل ذلك، وأصبحت جزءاً تابعاً في إطار النظام الإمبريالي العالمي، سعت هذه الفئات إلى تدمير البنية القديمة، والبدء بالتصنيع وتحديث المجتمع، في إطار تصورٍ عامٍ يهدف إلى تحقيق الوحدة القومية، وإنجاز الاستقلال السياسي التام.
لكن ما يمكن قوله اليوم، هو أن بعض فئاتها، عادت وتكيفت مع السيطرة الإمبريالية، بمعنى أن التجربة التي تحققت لعقدين من الزمان، أعادت إنتاج الرأسمالية التابعة من دون أن تتحقق الثورة الديمقراطية، بورجوازية الطابع. وبالتالي أسهمت التجربة في تسارع التغلغل الرأسمالي، فأصبح عاماً شاملاً، خصوصاً أنها كنست كل البنية التحتية القديمة، وبالتالي سمحت للعلاقات الرأسمالية بأن تغزو الريف، المعقل الهام للعلاقات الاقتصادية القديمة.
إننا نعيش اليوم، في مجتمع رأسمالي من دون أن يكون قد حقق الثورة الديمقراطية البورجوازية، وهذه مفارقة من الضروري الانتباه لها، وفهم أساسها، وبالتالي ما يترتب عليها من مهمات. ولا شك أن هذه الواقعة تشير إلى الشكل الذي اتخذته الرأسمالية عندنا، كما تشير أساساً إلى أن الذي وصلنا، هو شكل الرأسمالية، أما إنجازها الحقيقي في المجال الاقتصادي، ونقصد الصناعة، فقد غاب عن الوطن العربي، سوى بعض الصناعات الهامشية، والمُقامة على هامش علاقات رأسمالية، والمكون الأساسي لها. ولأنها غابت، لم يكن ممكناً تحقيق الثورة الديمقراطية بورجوازية الطابع، مهما تغلغت العلاقات الرأسمالية، لأن الصناعة هي وسيلة الإنتاج التي، من خلال منظومة العلاقات التي تؤسسها، تفرض الحاجة إلى السوق القومية، وإلى تأسيس البنى الفكرية والسياسية المطابقة والخاصة في أمة محددة.
إن جذر إشكالية التقدم، في صيغته الكلاسيكية، يكمن في غياب التقدم الصناعي، في الوقت نفسه الذي تغلغلت كل منتجات العصر الرأسمالي (السلعة / النقد) لهذا نشأت مفارقة سيطرة العلاقات الرأسمالية من دون أن ينشأ أساس التكّون الرأسمالي (الصناعة) ومن دون أن تتحقق البنية الفوقية المطابقة. وهنا نلمس مشكلتين: غياب الصناعة، وغياب التقدم الفكري السياسي الموازي.
ولا شك أن غياب الصناعة، كان نتيجة أحتكار الرأسمالية في المركز الإمبريالي، وتحكمها في مدى انتشارها: لأنها تنزع إلى التمركز الذي يعني سيطرة فئة قليلة على كتلة رأس المال الأساسية (المحسوبة في إطار عالمي) وعلى وسائل الإنتاج، ولأنها تخشى المنافسة، رغم أن المنافسة هي التي تفضي إلى التمركز والاحتكار، ولأنها تحتاج إلى أسواق لتصريف البضائع التي تنتجها مصانعها، ثم لأنها تريد السيطرة على المواد الأولية المكتشفة في الأمم الأخرى. لكل ذلك حاربت نشوء الصناعة في البلدان المتخلفة، في الوقت نفسه الذي كانت تنشر فيه نمطاً من العلاقات الرأسمالية. هو نمط الرأسمالية التابعة، الذي قوامه، كما أشرنا ، التجارة والخدمات.
وبالتالي، ليست المشكلة في تحقيق الثورة الديمقراطية فقط، وإنما في تحقيق التقدم الصناعي أيضاً، في بناء الصناعة، من أجل أن تكون وسيلة الإنتاج الأساسية، في عصر يعتمد الصناعة وسيلة لإنتاج الحاجات الأساسية للإنسان. إذن كيف يمكن تحقيق الثورة الديمقراطية، وتحقيق التقدم الصناعي معاً؟ لقد كانت البورجوازية الصناعية هي صاحبة مشروع تحقيق الثورة الديمقراطية في أوروبا. أما حينما لا توجد بورجوازية صناعية، ولا تطمح البورجوازية التجارية / الخدمية، إلى بناء صناعة خاصة بها، يكون ضرورياً البحث خارج هذه الحلقة. وهذا يفرض طرح التساؤل: هل الطريق الرأسمالي هو طريق التقدم الوحيد؟ بمعنى هل إن صيغة كلاسيكية ممكنة التحقق، كما كان الأمر في أوروبا؟
رغم أن أمماً عدة كسرت هذه الصيغة "الكلاسيكية"، وكسرت تلك الحلقة المفرغة التي وُضعت فيها، فقد كانت هذه الصيغة "الكلاسيكية" هي المنتشرة في الوطن العربي. هذا ما كان مفهوماً، وماقالت به مختلف الاتجاهات الحديثة، وإن اختلفت في بعض التفاصيل، مع أنها لم تكن تعتبرها تفاصيل، بل جعلتها اختلافات عميقة. فقد كان حلم التطور الرأسمالي، حلماً امتلك كل الأحزاب الحديثة، بما فيها الأحزاب الماركسية، أو على رأسها الأحزاب الماركسية التي تأسس المنطق القديم لديها على أن الثورة، هي بورجوازية الطابع، وبقيادة البورجوازية الناشئة، وعلى مسألة غياب الصناعة، التي هي من فعل البورجوازية دون سواها، وبالتالي فهي المعنية بأن تقيم مجتمعاً صناعياً، من أجل أن تراكم ثروتها. كذلك تأسس هذا المنطق على محدودية عدد الطبقة العاملة، وهامشية ثقافتها، ودورها المحدود في المجتمع. لهذا كان يفترض التقدم، وتحقيق البورجوازية لثورتها، وتطوير صناعاتها، من أجل تهيئة "الظروف الموضوعية" لتحقيق الثورة الاشتراكية، هذه الثورة التي هي وحدها مهمة الطبقة العاملة!
لهذا كان دورها، يتمثّل في دعم البورجوازية المتعارضة مع الاستعمار، العاملة من أجل الاستقلال، ومساندتها والتحالف معها، وتقديم كل مساعدة ممكنة لها، من أجل أن تستقل عن الرأسمالية العالمية، وأن تحدث المجتمع، من خلال مطالبتها ببناء الصناعة، وتحقيق النهوض الصناعي، وإزالة الإقطاع والبنية التقليدية القديمة بمجملها، وتأسيس نظام ديمقراطي ليبرالي حديث. لقد كان تصورها يقوم على أساس ثنائية (صناعة/ديمقراطية)، بمعنى أن هذه الأحزاب امتلكت حلم التطور البورجوازي وفق الصيغة الكلاسيكية أيضاَ، وعملت من أجل أن تحقق البورجوازية ثورتها الديمقراطية. والمشكلة لا تكمن في تحديد بعض الأهداف العامة (الصناعة، إزالة الإقطاع، تحرير المرأة، الديمقراطية، أجر أفضل، وقت عمل من ثماني ساعات...) التي هي صحيحة وضرورية، في مرحلة لم يتطور فيها المجتمع، فظل متخلفاً، وأصبح مستعمراً فتابعاً، ولم تكن المسألة المطروحة مسألة تحقيق الاشتراكية، وإنما كانت مسألة تحقيق الثورة الديمقراطية، بل تكمن المشكلة في أن هذه الرؤية تؤسس، للدوران في حلقة مفرغة، حيث يُلقى عبء تحقيقها على البورجوازية (وكذلك البورجوازية الصغيرة)، هذه الطبقة غير المعنية بالتطور الصناعي، ولا بتحقيق الثورة الديمقراطية، أو العاجزة عن تحقيق ذلك، نتيجة الظروف التي فرضتها الرأسمالية عالمياً. مما كان يعني أن تحافظ هذه الأحزاب على "قواعد اللعبة"، حيث لا تعتبر أن لها دوراً ريادياً في تحقيق الأهداف الديمقراطية العامة، وترسم سياسة تقوم على أساس مطالبة طبقة عاجزة (او غير معنية) بتحقيقها. لكن الحلقة المفرغة هذه كانت تنشرخ نتيجة تفاقم الاستغلال والاضطهاد اللذين نتجا عن سيطرة الرأسمالية العالمية، والكمبرادور المحلي، حيث كان يفرض ذلك تصاعد النشاط الطبقي المناهض لهما معاً، مما كان يفرض حدوث تغيرات، تظل محدودة نتيجة غياب الدور الفاعل لهذه الأحزاب.
وإذا كان يمكن القول إن هذا الطريق لم يكن الطريق الوحيد منذ نصف قرن، فإن الإجابة الدقيقة التي يمكن أن نقولها اليوم هي أن طريق التقدم، هو غير ذلك الطريق. إنه الطريق الذي تلعب فيه الطبقة العاملة والفلاحون الفقر اء، في إطار تحالف طبقي واسع، دور القيادة في تحقيق الثورة "بورجوازية الطابع"، ليس لمصلحة الطبقة البورجوازية، بل لمصلحة هذا التحالف الطبقي الواسع، ومن أجل تهيئة الظروف من أجل الانتقال إلى الاشتراكية. وهذه مسألة هامة، ولا يمكن تجاهلها الآن، لأن إمكانات التطور متوقفة عليها. فإذا كانت التجربة الماضية أوضحت فشل خيارات التطور البورجوازي المستقل، وإذا كانت سيادة الرأسمالية التابعة، أسقطت كل احتمال لتطور بورجوازي مستقل، وعمقت من طبيعة الاستغلال الطبقي، وبالتالي فاقمت من النشاط الجماهيري، أي فاقمت الصراع الطبقي، فإن الماركسية هي القادرة على أن تلعب الدور الأساسي في تحقيق التقدم، (رغم كل الملاحظات التي يمكن أن تقال عن تجربة الدول الاشتراكية)، وبالتالي نؤكد أن خيار الماركسية هو الخيار الوحيد الممكن.
هذه نتيجة تفرض مهام جديدة، لأنها تعني تأسيساً جديداً مختلفاً، لا لأن الرؤية القديمة لدى الماركسيين العرب كانت خاطئة فقط، وإنما لأن تجربة نصف قرن من "التطور" الرأسمالي، أوضحت إمكانات هذا التطور، وحدوده الواقعية، التي تتعارض مع حلم التطور الرأسمالي، المستقل، سواء كما مارسته البورجوازية ذاتها، أم كما رسمه الماركسيون أنفسهم. وبالتالي فقد أسقطت التطورات الواقعية (حدود الرأسمالية وتشكل الرأسمالية التابعة، كشكل وحيد ممكن للبورجوازية في هذا العصر، وتفاقم الصراع الطبقي نتيجة الاستغلال الذي توجده هذه البنية) منظومة المفاهيم التي سادت طيلة نصف قرن، هذه المنظومة التي حوّلت الماركسية إلى "قوة مساعدة" بدل أن تكون قوة تغيير، وإلى مجرّد أفكار أخلاقية بدل أن تكون قوة فعل وأداة تحليل وأحاطتها بالتباسات وتناقضات، جعلتها محطّ رفض وتوجُس. بالأساس أسقطت دورها الثوري، في الوقت نفسه الذي أجّلت فيه إمكانيات التقدم الاقتصادي الاجتماعي، والثقافي.
إذن، لا بد من تاسيس جديد ومن دور مختلف. فأولاً: من الضروري الانتقال من "الماركسية الأكاديمية" التي تهرب من الصراع الاجتماعي، وتتحول إلى "مراكز استشارة"، إلى ماركسية مناضلة، تصبح جزءاًً من الصراع الطبقي، أي أن تعود الماركسية إلى موقعها الأساسي، كمعبّر أيديولوجي من الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء، وبالتالي كمهيء لتطوير النشاط الجماهيري وتنظيمه. ولكي تكون أداة منهجية تسهم في أن يفهم الماركسيون واقعهم. وثانياً: من الضروري الانتقال من "الماركسية العامية" التي تحارب الفكر والثقافة والعلم، والوعي، وتقلّص الماركسية إلى بضعة أفكار مبسطة مبتسرة، إلىالماركسية بما هي علم، (وبالتالي فكر وثقافة ووعي)، لأنها بهذه الميزة تستطيع أن تؤسس الوعي المطابق لمصلحة العمال والفلاحين الفقراء في هذه المرحلة، وفي الوطن العربي. وثالثاً: من الضروري الانتقال من الماركسية "كجملة قوانين". تحدد الواقع العياني مسبقاً، إلى الماركسية كمنهج، كأداة تحليل وبحث، تسهم في فهم الواقع بما هو واقع.
وبالتالي، فلا تزال مهمة الماركسية هي تفسير الواقع. وتغييره معاً. مهمتها أن تنهض بالثورة الديمقراطية، فإن دورها الثوري هذا هو الخيار الوحيد الممكن،من أجل تحقيق التقدم الصناعي، وبالتالي الاقتصادي الاجتماعي والثقافي السياسي، وصولاً إلى تحقيق الاشتراكية. فكيف يمكن أن تلعب هذا الدور، وما التصور الذي يجعل هذا الدور خياراً ممكناً؟
نعتقد أن الظرف الراهن يفرض هذا التحديد، من أجل أن يكون ممكناً للوطن العربي أن يتقدم.
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
التعليقات
1 - أزمة !!؟
جمال السعد
(
2012 / 4 / 21 - 16:45
)
لو لدى الكاتب إدراك حقيقي للماركسية لما ورد على لسانه تعبير -أزمة الماركسية- فالماركسية نظرية علمية لا تأزم إن لم يدركها أصحابها
وأزيد هنا أن عدم تقدم العرب شاهد آخر على صحة الماركسية
أنصح الكاتب ألا يستخدم ماركس في السياسة فيؤذيه
2 - أزمة التطبيق
سيف الدولة
(
2012 / 4 / 23 - 21:02
)
ربما أسباب أزمة التطبيق مرتبطة بفهم النظرية , وفي هذا الوضع يشترك الكل المنتمي للخطاب العربي الكلاسيكي , ذلك أن ثقافة التلقين لا تسمح بالإنتاج الإبداعي.... النظرية الماركسية إبداع ملازمة للتحولات البشرية المنعكسة عن تحولاته للطبيعة المحيطة مما يعني أن الباحث الماركسي في حالة تجدد دائم ولآن ومع الربيع العربي كان يتوجب على الماركسي أن يواكب حركة الجماهير ليكون مستعداً لتحويل الإحتجاج إلى ثورة تغيير شاملة, غير أنه وبكل أسف وكبقية مفكري التراث , لم يفعل أكثر من الهتاف, ولا أعتقد أن هناك من فكر ومشروع جاهز ومواكب لتطلعات الجماهير كان يمكن أن يحول هذا الهتاف إلى برنامج عمل...بل لا زلنا نقراء تاريخ الماركسية دون أن نجد أي بوادر لما يمكن أن يكون........
.. تصريح الأمين العام عقب المجلس الوطني الثاني لحزب النهج الديم
.. رسالة بيرني ساندرز لمعارضي هاريس بسبب موقفها حول غزة
.. نقاش فلسفي حول فيلم المعطي The Giver - نور شبيطة.
.. ندوة تحت عنوان: اليسار ومهام المرحلة
.. كلمة الأمين العام لحزب النهج الديمقراطي العمالي الرفيق جمال