الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معارضة لا ديمقراطية

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2012 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


لم تفلح المعارضة السورية في التحول إلى بديل ديمقراطي مرتقب للنظام, ولا تزال رهينة بيد مفاهيم البعث الشمولية في مقارباتها السياسية, سيما منها المتعلق بتصورها لسوريا تعددية في المستقبل, ولا تزال غالبية من الأطر المعارضة في حالة الأسرى لخطاب بعثي عروبي ديماغوجي مفوت وإقصائي.

آخر بدع المعارضة السورية ومفاهيمها القاصرة تهويمات برهان غليون رئيس المجلس الوطني السوري التي أطلقها في حوار صحيفة روداو الكردية معه, حيث ألقمنا الرجل ببعض المعزوفات النشاز التي اعتدنا عليها منذ انطلاقة الثورة السورية, وهي تهويمات تلق جذرها في مقاربات الفروع الأمنية السورية للقضية القومية الكردية في سوريا, ولم تستطع غالبية الأطر المعارضة السورية التحليق خارج سربها.

قاموس مواقف غليون متخم بمفردات سلطة البعث والمخابرات ولا تشذ عنها, والحقل المفاهيمي في خطابه الاستعلائي مستمد من الحقل المفاهيمي عينه الذي حارب الشعب الكردي على مدار عقود وطوح به خارج دوائر الإمكان السوري, فسوريا القادمة في وعي غليون ستستمر دولة العنصر العربي, أما المكونات الأخرى فلا مكان لحقوقها تحت الشمس.

لا يترك غليون المزيد من الخيارات للشعب الكردي, فلا كردستان في عرفه, ويعد فدرلة سوريا وهماً ومجرد محاولة كردية بائسة لاعتماد النموذج الكردي في العراق سورياً, ولا يوافقنا على اللا مركزية السياسية, واضح أن ما لم يقله الرجل الذي تحول بقدرة الإخوان المسلمين إلى رأس معارض هو أن لا شعب كردي في سوريا.

في العديد من المناسبات طرح غليون والذين معه أنفسهم بمثابة جهاز وصائي على الثورة السورية والمكونات السورية, عبر جملة من المقاربات الهشة والعابرة تستمد نسغها من عروبوية مفوتة معادية لروح الديمقراطية, يوجههم في مساعيهم لإسقاط نظام لا ديمقراطي وعيٌ لا ديمقراطي ينظر إلى سوريا الغد بعينٍ واحدة, ممتثلاً في ذلك لمخاوف الجيران وانعدام الديمقراطية وانعدام الانفتاح على الآخر المختلف لدى المعارضة العربية السورية.

أكثر من لقاء جمع المجلس الوطني الكردي بالمجلس السوري في الفترة الماضية, لم يحدث خلالها أي تقدم ملموس أو اختراق في الحد الأدنى بين الجانبين, فالمجلس الوطني السوري متمسك برؤيته ولاءاته, والمجلس الوطني الكردي مصمم على تثبيت الحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا الغد ما بعد النظام, والحالة هذه أصبح المجلسان بمثابة خطين متوازيين لا يلتقيان.

إحدى المشاكل العضال في المجلس السوري هي أنه يتعامل بذهنية ( المسبقات ) مع الأطر المعارضة الأخرى, ويريد أن يقود المعارضة كلها رغماً عن أنفها, مستفيداً في ذلك من دعم بعض مراكز القرار العربي والعالمي أكده الاعتراف به في مؤتمر أصدقاء سوريا الذي انعقد في اسطنبول مؤخراً, والتقارب مع المجلس السوري غير كاف في عرفه فالمطلوب الدائم من قبلهم هو الانضمام إلى المجلس السوري, لا انضمام إلى المجلس السوري يعني أنك لست معارضاً وأنك ملعون ومنبوذ في الحاضر المعارض وفي سوريا الغد.

لم تثر تصريحات غليون أيما استغراب لدينا كونها لم تك الأولى في هذا السياق, إنما سبق له أن شبه الكرد بالمهاجرين الآسيويين, وهذا منتهى العقل الفصامي والرؤية الفصامية لسوريا الغد.

الشعب الكردي يعيش على أرضه التاريخية كردستان, وكردستان ألحقت بسوريا بنتيجة اتفاقية سايكس – بيكو وحملة الانتدابات الغربية على المنطقة في بدايات القرن العشرين, وحين انعقد المؤتمر السوري العام 1919 لم تك مناطق كردستان سوريا بداخل الخارطة السياسية السورية, بل ألحقت بها منذئذ, لكن المعارضين العرب السوريين معسكرون في رؤاهم المبتسرة المسبقة, ولا يجيدون التحليق خارج الأحادية والمفاهيم العروبوية, ولا يريدون طمأنة القوميات والأثنيات والطوائف إلى ضمانة غدهم في الغد السوري.

وضع غليون بتصريحاته الكرة في ملعب القوى السياسية الكردية, وعلى هذه القوى اعتماد رؤية متكاملة استراتيجية للحاضر والمستقبل الكردي في سوريا, وعدم التعامل مع هكذا مواقف بين الفينة والأخرى بردود الفعل الآنية واللحظية, أظنهم يعرفون جيداً تلكم المعارضة, ولا ينبغي أن يلدغ كردي من جحر معارضة عربية أكثر من مرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - انما يساعد الله اولئك الذين يساعدون انفسهم
اسماعيل ميرشم ( 2012 / 4 / 20 - 12:44 )
اعتقد ومع الاسف بان اغلب السياسيين لا يعرفوا ولايعترفوا في منطقتنا غير بلغة القوة، سواء كانت الاغلبية البرلمانية او القوة العسكرية والاقتصادية او المكون السياسي وهذه تنطبق تماما على سوريا والنظر والتعامل مع المكون الكوردي على الساحة السورية وفي المنطقة فيما مضى وللعقود القادمة. على الكورد التوحد والاعتماد على الذات وعندها فقط يحسب لهم الاخرين الف حساب وحساب والا لا حق لنا لنلوم الاخرين. تقبل تحياتي واحتراماتي

اخر الافلام

.. لأول مرة منذ 7 عقود، فيتنام تدعو فرنسا للمشاركة في إحياء ذكر


.. غزيون عالقون في الضفة الغربية • فرانس 24 / FRANCE 24




.. اتحاد القبائل العربية في مصر: شعاره على علم الجمهورية في ساب


.. فرنسا تستعيد أخيرا الرقم القياسي العالمي لأطول خبز باغيت




.. الساحل السوداني.. والأطماع الإيرانية | #التاسعة