الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام الروحي والتاريخي

حميد المصباحي

2012 / 4 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


الفكر الديني في المغرب,كانت بداياته دعوية,غايته التنبيه إلى ما يقترفه الشخص من أخطاء ناتجة عن جهله,أو سوء فهمه لمقتضيات الإسلام,لذلك اعتمدت الدولة على فقهائها للإرشاد والتوجيه,وحثت الكثير منهم على الإستجابة لما ينتظره المجتمع المغربي من العارفين بأحكام الشريعة,خصوصا في المناطق النائية,لكن فيما بعد,عندما اصطدمت حركة الإخوان المسلمين مع النظام المصري,بدأت كتبها التي صارت تعتبر الإسلام مشروعا سياسيا,لايتحقق إلا ببناء الدولة الإسلامية,التي لاتكتسب في نظرهم هذه الصفة إلا بتطبيق الشريعة الإسلامية,وعدم تعطيل الحدود,كقوانين إلاهية,الرافض لها بمثابة كافر,سواء كان حاكما أو محكوما,هنا وقع التحول,من الدعوي إلى السياسي,لكن لاينبغي أن ننكر أن المغرب ربما هو البلد الوحيد الذي لازالت به حركات دينية لم تقبل بالتحول إلى الإسلام السياسي,وبقيت في حدود الحركة الدينية الدعوية,وليس المقصود بها فقط الزوايا,التي حافظت على دينيتها بدوافع سياسية,واستنادا إلى بعض أبعاد التصوف المغربي,بل هناك حركات غير صوفية ولا تنتمي إلى الزوايا,وهي لازالت حاضرة وفاعلة في المشهد الديني,كحركة الدعوة والتبليغ على سبيل المثال لا الحصر,وهناك أخرى دائمة التنقل بأفرادها إلى كل الدول الإسلامية,وكأنها سياحة دينية,لها مواسمها وربما طقوسها الخاصة لنشر الإسلام بشرح أحكامه وتبسيط المعقد منها حسب السياقات الحضارية والثقافية لللأمم غير العربية,إضافة إلى بعض الميولات الوهابية,التي لم تتحول بعد إلى تنظيمات دينية,بل مجرد حساسيات شخصية,تتمظهر في اللباس وكيفية إحياء الذكريات الدينية وتجنب زيارة المقابر,والتقشف في الطعام,ومقاطعة بعض أنواع الأطعمة الجاهزة,لكن هذه الميولات ليست كلها سلفية جهادية كما يعتقد الكثير من المغاربة,بفعل التشابه الشكلي,فالحركات السلفية الجهادية,تنتمي في مضمونها للإسلام السياسي,رغم توجهها نحو الدول الغربية لمواجهتها,دون نسيان ما يعرف لديها بالدول التي تستعين بها لحكم المسلمين في الوطن العربي والإسلامي,والسؤال المثير هو أي هذه الفرق له أحقية تمثيل الإسلام والحديث باسمه؟
باختصار,إن الإسلام لم يكن واحدا إلا أيام حياة النبي محمد عليه الصلاة والسلام,آنذاك كانت القضايا الخلافية يحسم فيها بالإحتكام إليه مباشرة,إذ كان باب الوحي لازال مفتوحا,والمنزل عليه حي,يفتي ويصحح ويحسم,لكن بعد موته,حافظ المسلمون على رمزية صحبته ومكانتها,رغم الإختلافات التي برزت بين بعضهم في كيفية اختيار الخليفة,الذي اعتبره الكثير من الباحثين اختلافا سياسيا وليس دينيا,فامتد إلى كيفيات تفسير القرآن ودرجات استحضار العقلي في فهمه,وأهمية الأثر النصي في الفهم وحتى الحكم على السلوك البشري,أي حكم مرتكب الكبيرة كما عرف في تاريخ الصراعات على الحكم في الإسلام التاريخي,أي الإسلام كما عيش سياسيا وليس روحيا,منذ ذلك الوقت وكل الحركات الدينية تحاول أن تنصب نفسها مدافعة عن الإسلام الروحي,كما أراده الله وجسده نبيه,متناسية أنها لاتمثل إلا الإسلام التاريخي,بصراعاتها ضد بعضها لانتزاع الشرعية الروحية وتوظيفها في الصراعات السياسية,أي الإنخراط في معترك الإسلام التاريخي,بتنوعه واختلافاته السياسية والتفسيرية وحتى المذهبية العامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستارمر يتولى رئاسة وزراء بريطاينا بعد 14 عاما من حكم المحافظ


.. اشتعال النيران في منزل بكريات شمونة شمال إسرائيل إثر سقوط صو




.. ما دلالات تقدم المرشح الإصلاحي بزشكيان على منافسه المحافظ جل


.. هل يرغب نتيناهو بالتوصل لاتفاق بشأن وقف الحرب على غزة؟




.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟