الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ملف الطبقة العاملة

محمد بقوح

2012 / 4 / 26
ملف - المتغيرات فى تركيبة الطبقة العاملة ودورها، والعلاقة مع الأحزاب اليسارية - - بمناسبة 1 ايار- ماي عيد العمال العالمي 2012


1-يصعب أن نتحدث اليوم عن مفهوم التركيبة، في إطار الوضعية الحرجة التي تعيشها الطبقة العمالية في العالم العربي. باعتبارها لم يحصل أبدا أن كانت الطبقة العاملة في موقع التركيب، الذي يعني بالنسبة لنا التماسك و التوحد و الانسجام، سواء على مستوى الفكري أو الواقعي الفعلي. لسبب بسيط أن الطبقة العمالية العربية، و المغربية خاصة، كانت دائما في موقع ضعف، في صراعها التاريخي الطويل، ضد سلطة الدولة المستبدة من جهة، و ضد أخطبوط سلط الطبقة البورجوازية المتواطئة، و المنشغلة بذاتها و بمصالحها، من جهة أخرى. بمعنى أننا هنا بصدد وضعية التفكك و التفرق الطبقي العمالي، بدل الحديث عن وضعية التركيب و التواصل و التماسك بالنسبة للطبقة العمالية العربية. و قد نستثني من هذا الحكم القاسي و الواقعي، في حق الطبقة العاملة، جانبا من وضعيتها المتفردة، و زمنها الحي و المثالي، في مناسبة فاتح ماي لكل عام. بطبيعة الحال نمارس هنا نوعا من النقد الذاتي لهويتنا النضالية، باعتبار فئة العمال، هي العمود الفقري للقوة الشعبية أينما كانت.
إذن ظهور الثورة التكنولوجية الاتصالية و المعلوماتية، وجدت الطبقة العمالية في الوطن العربي، منهارة و لا قوة لها على مواصلة الصراع، بكل أشكاله، و الذي كان سابقا ضد المستعمر الأجنبي. لكن، يمكن القول أن تأثير هذه الثورة التكنولوجية المباركة، كان جد إيجابي على الشباب العربي، سواء منهم العمال أو العاطلين عن العمل.

2-هكذا يمكننا أن نتحدث عن بروز طبقة شبابية عمالية نوعية جديدة و قوية، في ظل الاكتساح التكنولوجي و المعلوماتي الكبير، الذي يعيشه العالم و الوطن العربي بشكل خاص، و بالتالي تحقق نوع من التحول التدريجي، فيما يخص الوعي الطبقي لدى الطبقة العمالية الشبابية، التي باتت طبقة جديدة بالمعنى الإدراكي و الفكري لذاتها، كطبقة لها حقوق أساسية و مقدسة، عند مشغلها الذي يلزمه و من واجبه الإنساني و الأخلاقي و المهني، أن يحترم العلاقة التي تربطه بعماله، و ليس بعبيده أو آلاته الآدمية، كما كان سائدا و معتقدا من لدن الطبقة العمالية بالمفهوم التقليدي، الفاقد لدور الوعي بالموقع الطبقي، و المرجعية الفكرية التي هي السلاح الأجدى، لكل فعل عمالي نقدي و طبقي حقيقي متجاوز، لهذا الوضع الطبقي السلبي الذي لا يجوز نعته حتى بلفظ الطبقية. لأنه يفتقر إلى شروطه الواقعية و الفكرية و التاريخية.

3-كلما ارتفعت الهوة بين مستويات و نمط عيش أفراد الشعب الواحد، كلما تطورت و كبرت و طالت أعناق طبقات المجتمع الواحد، و بالتالي ازداد الأغنياء غنى، و أحيانا بصورة فاحشة جدا، و ازداد بالمقابل فقراء هذا المجتمع فقرا، إن لم نقل انحطاطا و انهيارا، الأمر ينعكس سلبا، بكل تأكيد، على بنية المجتمع ككل. حيث تنتشر البطالة ليس فقط في صفوف ذوي مستوى تعليمي متواضع، و لكن أيضا في صفوف ذوي الشواهد العليا كالدكاترة مثلا. و في المقابل تكثر الجريمة سواء المنظمة أو العشوائية، و أيضا البحث عن سبل العيش بكل الوسائل الممكنة.. فتهتز القيم المجتمعية، و تسود الأنانية، و لا تؤخذ بعين الاعتبار في التعاملات بين الأفراد و الجماعات، سوى قيم الاستهلاك و المصلحة الخاصة. هكذا تجد الدولة نفسها، التي لم تكن هذه الوضعية إلا نتيجة سياستها التدبيرية، حقيقة في مأزق خطير، و الذي لا يمكن الخروج منه سوى بدعم دولة المؤسسات، و تغيير السياسة العمومية تجاه الوطن و الإنسان، و ذلك بتحكيم قيم الديمقراطية الفعلية، و ترشيد ثروات البلاد، و محاربة الميز و كل أشكال الفساد، بتحقيق العدالة الاجتماعية، و سلك المساواة أمام القانون الذي يعلى و لا يعلى عليه، في نيل الحقوق و الالتزام طبعا بالواجبات.

4-لم تحقق الثورات العربية أهدافها لصالح الطبقة العاملة، لأن استبداد الأنظمة العربية، لا يزال متجذرا و قويا في تربة العالم العربي، رغم سقوط الرؤوس الكبيرة و انهيار بعض رموزه المفاجئ. بالإضافة إلى وجود ما يمكن تسميته بالخيانة السياسية الحزبية و الفكرية، عند الكثير من السياسيين و المثقفين العرب. نعرف اليوم كيف تم التآمر على حركة 20 فبراير المغربية، من طرف بعض المؤسسين أنفسهم لهذه الحركة الثورية، و الذين كانوا من أحزاب اليسار المغربي العريق، بالتواطؤ مع بعض رموز سلطة الدولة و الدين..؟؟
لكن يبقى تحويل مسار الثورة إلى مصلحة جهات معينة، في البلد الواحد أمر، مرتبط بدرجة و طبيعة صراع القوى، و بمستوى تفاعل الأفكار و قدرة فعل الأيديولوجيات داخل الحقل الاجتماعي العربي، الذي كان الشباب العربي هم شرارته الكبرى.

5-بالإضافة إلى دور سيادة عقلية الاستبداد و التعصب، في عرقلة نجاح الثورة العربية، و بالتالي خدمتها للطبقة العمالية التي كان من الطبيعي، أن يكون العامل هو مشعلها و متلقيها و ليس ضحيتها.. لكن أحيانا تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن. نستحضر هنا سببا آخر مهم، ساهم بشكل سلبي في إفشال مشروع تحقيق الثورة العربية المجيدة لأهدافها، المرتبطة بتحسين مستوى عيش و حياة الطبقة العاملة، و نعني بهذا السبب دور النقابات العمالية الباهت و الضعيف، و الذي لم يتحقق أن ارتقى، في يوم من الأيام، إلى المفهوم الفعلي و الحقيقي لعمل النقابة، باستثناءات نقابية طبعا، ظلت تمارس نضالها من مواقعها المختلفة، و تصارع بشراسة ضد كل أشكال الظلم و الفساد و التفسيد في السراء و الضراء. لكن بالرغم من ذلك فحتمية التاريخ تقول، أن الصراع ضد قوى الطغيان، لابد ذات يوم أن يعيد توازنه الطبيعي، و تعود المياه إلى مجراها الأصلي..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التجسس.. هل يقوض العلاقات الألمانية الصينية؟ | المسائية


.. دارمانان يؤكد من الرباط تعزيز تعاون فرنسا والمغرب في مكافحة




.. الجيش الأمريكي يُجري أول قتال جوي مباشر بين ذكاء اصطناعي وطي


.. تايلاند -تغرق- بالنفايات البلاستيكية الأجنبية.. هل ستبقى -سل




.. -أزمة الجوع- مستمرة في غزة.. مساعدات شحيحة ولا أمل في الأفق