الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حسن البنا هل غيّر فكرته قبيل مصرعه؟

حمادي بلخشين

2012 / 4 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


حسن البنا هل غيّر فكرته قبيل مصرعه؟


إدّعى المهندس الإستشاري سيد محمد حسن في مجلة"الوطن العربي" في عددها 1323 الصادر بتاريخ 12ـ7ـ 2002 أن حسن البنا قد غيّر في سنواته الأخيرة منهجه السّلميّ المائع، بالمنهج النبوي الراشد، فكتب ما هذا نصه:" و يمكن القول إن الشيخ البنا قد إستـنفذ في العشر سنوات الأولى الطرق السلمية و الدعوة السلمية في أدبـيّاته الخاصــّة و رسائله، و قد أعلن الرّجل عن توقـّف هذه المرحلة... الشيخ البنا غيّر فكره في العامين 38 / 39 و قال إن الفكر السابق لم يعد يصلح ... كانت وجهة نظره أن الناس كلها عرفت عن الإسلام والدعوة، فمن أراد أن يسلم فليسلم، والآن لا بدّ أن نستعمل منطق القوّة... و من أجل ذلك أنشأ النظام الخاص... و قرّر إنهاء النظام العامّ بعد أن إختار مجموعة من حوالي ستة أشخاص و ضمّهم للجناح الخاص، و إعتبر أن النظام القديم فكرا و ناسا لا يصلحون، وركّز على النظام الخاصّ الذي لم يقده إلاّ حسن البنا... هو [ حسن البنا] إشــتغل عشر سنوات على الدعوة السلميّة، وقد أرسل في هذه الفترة الرسائل و الدعوات لملــك مصر و للوزراء، وقال في مقال له بجريدة النيل:" إننا أرسلنا لهم وكلّمناهم بودّ، فإن إستجابوا فإنهم أنقذوا أنفسهم منّا " إنتهى .

إن هذه الدعوى الغريبة التي طرحها الأخواني سيد محمد حسن، تنقضها مشاركة حسن البنا في إنتخابين رشح لهما نفسه بعد سنة 39 بسنوات، مرورا بسنة 1946 حين بعث الملك فاروق يستشيره في أمر مجيء رئيس الوزارة الجديد إسماعيل صدقي (انظر الحصاد المرّ ص 27) كما ينقضها مدح حسن البنا بعد ذلك الملك فاروق قبيل ثورة يوليو أي بعيد زيارته له في قصره بجملته الشهيرة التي أثارت غيظ الضباط "الأحرار" وهي قوله :" زيارة كريمة لملك كريم " !

ثمّ هل من المعـقول في شيء، أن تصل الى فاروق و وزرائه،(هكذا فجأة وبلا أيّ مقدّمات) رسائل من البنا تتضمن تهديدا صريحا بشنّ الحرب عليهم بحجّة أنه " إستنفذ معهم طاقته في تعريفهم بإلإسـلام" فمن أراد أن يسلم فليسلم"؟! فهل ضمن" التعريف بالإسلام" الذي حصل لديهم من أدبيات الشيخ و خطابه المباشـر لهم، مدح الدستور العلماني و تسمية الملك الكفورعميل الأنكليزي المحتل بالفاروق العظيم؟! ثمّ هل أنّ من نتيجة وعي تلامذة حسن البنا حقيقةالإسلام الذي عرّفّه لهم مرشدهم، إقدام أحد هؤلاء التلامذة العميان على مدح رئيس الوزراء إسماعيل صدقي بنفس الكلمات التي مدح الله بها النبي اسماعيل! فقال فيه:(( وأذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد و كان رسولا نبيّا))! على ما علم من أن ذلك "الإسماعيل الصدّيق النبيّ" كان مجرّد " رأسمالي شريك لليهود متعاطف معهم في قضيّة فلسطين، وعميل للأنكليز وداع للتفاهم معهم علمانيّ حتى النخاع مزوّر للإنتخابات، و باطش بجموع الشعب و ساحق إنتفضاته"(1) .

كما علّل الإخواني سيد محمد حسن إنصراف أتباع البنا كلّيا و إلى يوم الناس هذا إلى تبنّي فكره الأوّل المهادن دون فكره الجهادي، بحجة لا تخلو من طرافة حين كتب: " نعم إنتهت الحركة بإستشهاد البنا لأن النظام الخاص الذي بناه كان كلّه تحت الأرض وليس فوقها .. النظام العلني كان حسن البنا قد تركه لمدة عشر سنوات دون رعاية فكان هناك إنفصال فكري بين النظام العام و حسن البنا، بحيث إن الذين ما زالوا باقين في الإخوان كانوا فكريا متخلفين عشر سنوات عن البنا. فعندما مات، كان الموضوع بين آخرين و كان الشيء المنطقيّ، أن يتولّى النظام الخاص القيادة، و لكن كيف وهم تـحت الأرض، و كلهم مؤمنون بالعمل السريّ ولا يصلحون أن يكونوا رجال دولة و ليسوا مؤهلين لذلك ؟" إهــ

فياليتـني كنت أدري ما حاجة رجال النظام الخاص لأجل مواصلة ما بدأوه، الى دخول أجهزة الدولة ليكونوا من رجالها، ما داموا قد أعرضوا عن الخيار السلميّ؟! ثم لماذا قرروا بالإجماع دخول عصرالغيبية الكبرى التي يقول بهاالشيعة، أي لزوم سراديبهم الى يومنا هذا ؟! ثم لماذا لم نسمع خلال خمسين سنة، و على مساحة الوطن الإسلامي عن نشوء تنظيم مسلح ينسب نفسه لحسن البنا معتمدا سياسته الجديدة التي مات دون تحقيقها؟! كلّ ذلك يحملنا على الجزم بأن رواية سيد محمد حسن لا اساس لها من الصحّة، خصوصا وقد أثنى صاحب الشهادة على جمال عبد الناصر بقوله: " و لو كان أي شخص غير عبد النـــاصر لفعل بهم[الإخوان] ذلك، و أنا أحترمه وأجد فيه بطلا، ولكن لا أؤيده في المجازر التي فعلها ضدّ الإخوان و الشيوعيين" إهـ .

وممّا يدحض هاته الرواية الغريبة، عدم ورودها فيما كتبه اللواء حسن صادق في بحثه المطوّل "جذور الفـتنة في الفرق الإسلامية منذ عهد الرسول حتى إغتيـال السادات" الذي اعتمد فيه على التقارير الأمنية ومحاضر جلسات الشرطة. فلو كانت تلك الرواية صحيحة لتصدّرت محضر إتّهام البنا، الذي لم يسق فيه من أدلّة الإثبات، إلاّ وجود جهازالنظام الخاص الذي أسس لخدمة القضية الفلسطينية.

و مما يدحض رواية سيد محمد حسن و بشكل قاطع، الشهادة التي أدلى بها فريد عبد الخالق و هو ألصق تلميذ بحسن البنا،الى محطة الجزيرة التلفزيونية(2)، والتي ضمت حقائق إخوانية كثيرة من جملتها دحض ادعاء سيّد محمد حسن كون حسن البنا قد إعتزم قبل مصرعه سلوك المنهج النبوي في التغيير، فقد ذكر فريد عبد الخالق أن حسن البنا قد ندم أصلا في آخر أيامه على حشر نفسه في السياسة!، وكان يعتزم التفرغ للتربية الروحية! فعندما سئل فريد عبد الخالق عن تقييمه تجربة الإخوان كان ردّه:"حسن البنا قال كلمة للتاريخ و للإخوان و للعمل الإسلامي، قال آخر كلام له، قال: لو إستقبلت من أيامي ما أستدبرت، لعدت الى ما كنت عليه، أعلّم الإسلام و أربّي الناس عليه " إهــ(3) .
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) ايمن الظواهري الحصاد المرّ ص 107 و 110 .
(2)رفضت متابعتها تقزّزا، ثم اطلعت عليها منسوخة من موقع محطة الجزيرة في الأنترنيت.
(3) روح يا شيخ منّك لله، فهذا لا نرضاك له !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قوات الاحتلال تخرب محتويات منزل عقب اقتحامه بالقدس المحتلة


.. بلينكن: إسرائيل قدمت تنازلات للتوصل إلى صفقة ونتنياهو يقول:




.. محتجون أمريكيون: الأحداث الجارية تشكل نقطة تحول في تاريخ الح


.. مقارنة بالأرقام بين حربي غزة وأوكرانيا




.. اندلاع حريق هائل بمستودع البريد في أوديسا جراء هجوم صاروخي ر