الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا...التهديدات الامريکية تؤتي ثمارها

نزار جاف

2005 / 1 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


منذ أن بدأ الرئيس المصري الراحل مشواره السلمي مع إسرائيل و حقق الذي عجزت الشعارات العروبية عن تحقيقه ولاسيما حين إسترد سيناء بکاملها ، ظهر تأثير هذا الامر واضحا على معظم الدول العربية ، وخصوصا على تلک التي کانوا يسمونها بالدول " التقدمية و الثورية" نظير سوريا و العراق و ليبيا و السودان و اليمن الجنوبية . هذه الدول التي رفضت إتفاقية " کامب ديفيد" التي أبرمتها مصر مع إسرائيل بمبررات تقود معظمها الى خلفيات قومية إنفعالية أو تأثيرات دولية من قبيل عدم الرضا السوفيتي آنذاک عن تلک الاتفاقية لعدم إعطائها أي دور يذکر في العملية السلمية المذکورة وقد حاولت سوريا الاستفادة من الموقف السوفيتي و توضيفه لخدمة مخططاتها السياسية. وقد تصدرت قائمة الرفض بشکل خاص سوريا التي أسست ماسمي حينه " دول جبهة الصمود و التصدي" التي لم تستطع من تأريخ إنشائها و لحد تلاشيها کمساحيق تجميل حملت قسرا على وجه بشع لتجميله، من تقديم أية منجزات سياسية على الارض سوى طنين الکلام و بريق الشعارات . والحق أن سوريا" البعث المصحح" لم تکن بالاساس ترفض السلام مع إسرائيل لکنها کانت تعارض الصيغة المصرية لأنها تمت دونها ، أو نتعبير آخر کانت تريد إرجاع الجولان أسوة بسيناء ، إلا أن الاسرائيلين ولعدم ثقتهم أساسا بسوريا الاسد " الثعلب في الواقع" لم تجد فائدة ترجى من إبرام إتفاق مماثل مع دولة غير مضمونة الجانب و خصوصا فيما يتعلق بمستقبلها السياسي . وبعد إنهيار الکتلة الشرقية صارت السياسة السورية رهينة بمزايدات الواقع السياسي العربي ، وجاء الاحتلال البعثي للکويت متنفسا لسوريا التي کانت تعاني من شبه عزلة آنذاک ، لتلقي بنفسها في الساحة بصورة تناغمية مع جحافل جيوش دول التحالف القادمة لتحرير الکويت ولکن تحت شعار " دعم التضامن العربي " و رفض الاحتلال لکونه خرق لمقررات الجامعة العربية ! وحاول الاسد الاستفادة من قضية تحرير الکويت من خلال المزيد من الاقتراب من الدول العربية المحسوبة على أمريکا وعلى رأسها السعودية . ذلک الاقتراب کان لتحريک عملية السلام بإتجاه حث إسرائيل على القبول بالانسحاب من الجولان . لکن لم يتحقق شئ من ذلک سيما و أن سوريا بدخولها اللعبة السياسية مع أيران في جنوب لبنان ناهيک عن تورطها الاساسي في سهل البقاع ، لم تجعل من مسألة الانسحاب الاسرائيلي من الجولان صعبا و إنما في حکم المحال . وجاء موت الاسد من دون أية نتائج سياسية " وحتى عسکرية " لتجعل السورين على مفترق طرق تؤدي جميعها الى واشنطن ! وقد توضح أن بشار الاسد الذي رافق حفل تنصيبه خلفا لأبيه ضجة إعلامية بأنه هناک حملة إصلاحية سيقودها الرئيس الشاب ولکن تمضي الايام ولاجديد تحت الشمس ! فکل الذي يجري هو وفق السياق القديم و سياسة عدم الوضوح مازالت هي السائدة و المهيمنة على سوريا . وکان سقوط النظام البعثي في العراق کفيلا بجعل سوريا تحت المجهر و بدأت الاجندة السورية تطرح على قدم وساق خصوصا بعد أن باتت مسألة التدخل السوري في الشأن العراقي بعد سقوط صدام واضحة وضوح الشمس في عز النهار . وکرد فعل سياسي أمريکي معد له سلفا بدأ الضغط الامريکي ـ الاوربي على سوريا لسحب قواتها من لبنان وفک إرتباطاتها مع الفصائل المتطرفة ، وقد زار العاصمة دمشق لهذا الغرض أکثر من مسؤول أمريکي و نقلوا رسائل واضحة جدا من الادارة الامريکية الجديدة الى بشار الاسد . ولکن ورغم کل تلک البهرجة الاعلامية الرافضة في الظاهر لتلک التهديدات الامريکية ، لکن التصريح الاخير لوزير الخارجية السوري برفض سوريا لأيواء قادة البعث المنهار في العراق و قبولها و دعمها للعملية السياسية في العراق کان يعني وفق العرف الدبلوماسي أن سوريا رضخت للمشيئة الامريکية على أرض الواقع ، ولم يقف الامر عند هذا الحد وإنما تجاوزه الى تصريح آخر بقبول إقامة علاقات دبلوماسية مع إسرائيل شريطة إنسحابها من الجولان .و هذا التصريح الاخير له أهمية خاصة فهو يعني في وجهه الاخر أن دمشق باتت مستعدة للجلوس مجددا على طاولة المفاوضات مع جارتها العبرية وفق الشروط الامريکية . فدخول نفق المفاوضات مع إسرائيل أفضل من دخول نفق التهديدات الامريکية التي لا نهاية لها سوى الهاوية !

کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية: حماس والفصائل جاهزة لإبرام اتفاق يتضمن وقفا دائما لإطل


.. مؤتمر صحفي في ختام أعمال قمة سويسرا بشأن السلام في أوكرانيا




.. الحرس الثوري أعلن في وقت سابق عدم التدخل في انتخابات الرئاسة


.. انتخابات الرئاسة الأميركية.. في انتظار مناظرة بايدن وترامب ا




.. جيك سوليفان: وسطاء من مصر وقطر يعتزمون التواصل مع حماس مجددا