الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قصيدة النثر ومعطلات التعبير

مثنى كاظم صادق

2012 / 4 / 23
الادب والفن


قصيدة النثر ومعطلات التعبير
مثنى كاظم صادق
تعرف قصيدة النثر ـ بحسب سوزان برنار ـ بأنها ( قطعة نثرية ، موجزة بما فيه الكفاية ، موحدة ، مضغوطة ، كقطعة من بلور ، خلق حر ، ليس لها من ضرورة ، غير رغبة كاتبها في البناء ، خارجا عن كل تحديد ، شيء مضطرب ، إيماءاته لانهائية ) ومن هنا بدأت الإشكالية ، بدءا من التسمية ( قصيدة ) ومفارقتها لعنصر مهم من عناصر الشعرية وهو ( الوزن ) .أما التسمية ، ففيها أنماط منها ( نثر مركز ) كما يرى حسين مردان ، ومنها ( نثر القصيدة ) بحسب رؤية الدكتور عبد الكريم راضي جعفر ، وغيرها كثير من التسميات التي لسنا بصددها أو المفاضلة بينها ؛ لأن التسمية ( قصيدة النثر ) قد استقرت على هذه التسمية ، وأصبحت قارة في التنظيرات الأكاديمية . إن كتاب قصيدة النثر يرون أن الوزن والقافية من معطلات التعبير ؛ فاحتاجوا إلى البديل ؛ كي يؤسسوا لمصطلح ( قصيدة ) المضاف إلى ( نثر ) فقالوا بالإيقاع البديل ( الداخلي ) الذي يراه بعضهم نوعا من الوهم ولما كانت الشعرية ـ كما يرى ابن سينا ـ متحققة من علتين هما : الأقاويل المخيلة (المجاز) زائدا الوزن ؛ فستفارق قصيدة النثر ـ على وفق هذا المفهوم ـ إحدى أهم مقومات أو عناصر الشعرية ألا وهو ( الوزن ) لكن بمقابل ذلك لا يمكن مطلقا عد كل كلام موزون شعرا ، بدليل خروج الشعر التعليمي من دائرة الشعر ، وخروج بعض الآيات القرآنية الكريمة التي تقع في دائرة الوزن من الدائرة نفسها ، ويقع ضمن هذا الخروج ، الكلام الموزون الذي يأتي عفو الخاطر على السنة البعض كقول البقال مثلا ( من يشتري الباذنجان ؟ ) على وزن ( مستفعلن مفعولات ) كما أشار الجاحظ ؛ لأن هذا بحسب الأخير لا يعد شعرا ؛ لأن صاحبه لم يقصد إلى الشعر . إذن من سمات الشعر القصدية سواء أكانت القصدية فنية أم موضوعية ، لكن ما المانع أن تدخل ( قصيدة النثر ) تحت مظلة الشعر حتى لو فارقت الوزن ؟ والجواب لا مانع إذا توافرت فيها شروط الشعرية الجديدة .
فكم من قصائد نثر تهز الوجدان وتحرك الأذهان ؛ لأنها تنماز بلغتها الإشراقية واستعاراتها الطريفة ، وكثافتها المضغوطة التي تبعث على التأمل ، ومن ذلك ما نقرأه عند شعراء من هذا الفن على أننا هنا يجب أن نفرق بين قصيدة النثر الموحية ، ذات الطول المحدد الموجز ، وبين ما كتبه جبران والريحاني ، مما اصطلح عليه ( الشعر المنثور ) الذي يتسم بالإسهاب والإطناب والوصفية ؛ وهذا ما لا يتوافر في قصيدة النثر كما يذهب أدونيس ، إذ فرق بين قصيدة النثر والشعر المنثور؛ بأن قصيدة النثر تتسم بالإيجاز ( اللغة المكثفة ) والتوهج ( الإشراق في الصياغة ) والمجانية ( غايتها الذاتية ) . شئنا أم أبينا فإن قصيدة النثر قد فارقت الوزن ؛ لأنها وجدت فيه معطلا خانقا من معطلات التعبير عما يريد الشاعر أن يبوح به من معان قد يقف الوزن مصدا لها ؛ لكن الهم الأساس الملقى على عاتق من يزاول هذا الجنس الأدبي ، أن يجيد بناء ما تبقى من مواد شعرية ، ونقصد بها ( الأقاويل المخيلة ) ويخلق للمتلقي حالة ( تخييلية ) تقترب أو تكاد أن تقترب من الوهج الشعري المشع ، الذي يكهرب الصوغ اللغوي ، وخلاصة القول : إن هذه القصيدة هي نتاج الحداثة ، والتطور الطبيعي للفن ، فلا يرى كاتب السطور بأسا بأن تدخل هذه القصيدة في دائرة الشعرية ، وتصطف مع الشعر حتى لو فقدت جزءا من عناصر القصيدة الكلاسيكية أو الحرة وهو ( الوزن ) فلا أعتقد أنها جنس مشوه ، بل جنس جديد فرض نفسه وارتضته الذائقة الفنية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وفاة الأمير والشاعر بدر بن عبد المحسن عن عمر ناهز الـ 75 عام


.. الفلسطينيين بيستعملوا المياه خمس مرات ! فيلم حقيقي -إعادة تد




.. تفتح الشباك ترجع 100 سنة لورا?? فيلم قرابين من مشروع رشيد مش


.. 22 فيلم من داخل غزة?? بالفن رشيد مشهراوي وصل الصوت??




.. فيلم كارتون لأطفال غزة معجزة صنعت تحت القصف??