الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هلاّ نزعتم عني هذا الرداء؟

إيمان البغدادي

2012 / 4 / 25
الادب والفن


كشابة صغيرة كنت أقف طويلاً أمام المرأة،ُ أغمض عيوني وأتخيل الكثير من الجميلات بوجوههن الفاتنة وأجسادهنّ الرشيقة وللحظات كنت أتّخيل نفسي واحدة منهنّ لكن هذه الصور الرائعة كانت تُسحق كقشرة بندق جافة لحظة أن أفتح عيوني من جديد لألتقي في كلّ مرة بأنفي الكبير المائل قليلاً إلى جهة اليسار وبوجهي صاحب البشرة المتعبة المليئة بالنمش وكأنها قماشة مستهلكة من النوع الرخيص. أما شعري فهذا لوحده قصة أخرى... فرغم أنني جرّبت معه كل أنواع الشامبو و الزيوت و الكريمات إلا أنه ظلّ صاحب موقف فمهما فعلت يبقى منفوشاً و خشناً و يابساً كأنّه نبتة شوكيّة انتقلت من صحراء قاحلة لتسكن رأسي للأبد.

عندما كنت في المدرسة لم أكن محبوبة بين معلماتي كما كان غالبية زملائي يتهامسون عليّ ويتقهقون. أتذكّر في أحد المرات ما قالته عنّي إحداهن للأخرى: " أوووف كم هي قبيحة، من المؤكد أنّها لن تجد رجلاً يحبّها أو يتزوجها". كان كلامهم يجرحني كثيراً ورغم ذلك كافحت جاهدة لأكون مقبولة من نواحي أخرى، فلقد اجتهدت في مدرستي ثم في جامعتي وكنت لطيفة جداً، لكن رغم ذلك لم أحظى بأصدقاء حقيقيون وبعد أن تعبت من الجميع وجدت ملاذي بين الحلويات كما فكّرت أنه من الممكن أن أصبح أجمل بفضل السكر، وبدأت مشكلة جديدة فما أصبحت أجمل و لا حتى بمقدار حبة برغل ناعمة... على العكس ازداد وزني و كملت محاسني

بعد الجامعة بحثت عن وظيفة لكنني لم أوفّق لأنهم في وطننا العجيب يختارون في الغالب الجامعيات الجميلات و ما أكثرهن... كما أن معظم الشركات كانت تكتب في إعلاناتها صراحة أنهم يبحثون عن موظفات باختصاص كذا و كذا و أن يكنّ صاحبات إطلالة جميلة فأين أنا وأين الجمال؟؟ مرّت الأيام ثم وجدت عملاً في مصنع للصابون وطبعاً هذا العمل ليس له علاقة بمؤهلاتي العلمية لكنني يأست من البحث وأردت فقط أن أعمل.

كأي فتاة في العالم كان في داخلي الكثير من الأحلام و المُنى بأن أعيش حياة طبيعية وأكون محبوبة في هذا المجتمع الذي وجدت نفسي فيه دون إرادة لكن هيهات لم تتحق أحلامي
أعترف أنني يئستُ وأصبحت أعيش بكآبة شديدة، كنت أشعر بجرحٍ عميق ولم أجرؤ بعد كل تلك الصدمات على لمسه أو معالجته. ثـــــم.... ثم جاء آذار العام الماضي حاملاً عصاه السحرية، فبعد سنين طويلة من كآبتي التي بدت وكأنها مؤبّدة شعرت بسعادة لا توصف، شعرت أنني أعيش في عالم آخر وزمان آخر وبين أناس آخرون . فالكل تغيير وأصبح أجمل وأبسط، وكأنهم خلعوا عُقدهم وتحرّروا من سطحيتهم، الكلّ ثار وكأنه يطالب بولادة جديدة تحت شمس الحرية ...فكيف لا أثور معهم وأنا التي شعرت بكل أنواع الظلم والذل وامتهان الكرامة؟ لم يطل انتظاري حتى اتخذت قراري ونزلت للشارع، وكم ذرفت من الدموع وأنا أسمع صوتي يهتف للحرية ويحطّم صمت سنين طويلة من الألم المزدوّج. سعادتي لم تكن توصف وتجاوزت كل لغات العالم... فلقد شعرت أنني كالبقية ولم يعد أحد يعيرني بشكلي الذي لم أنتقيه..و شعرت أننا نضجنا معاً وبدأنا بالسعي وراء هدف سامي و عظيم، وكم عشقت هذه الثورة التي جعلتنا أخفّ وقادرين على التحليق كالعصافير دون كراهية، دون خوف ودون تمييّز.
لكـــــــن ما هي إلا أشهر قليلة حتى بدأت غصّة جديدة تعتصر فؤادي، غصةٌ أكثر إيلاماً ومرارة، فلقد لاحظ البعض شيئاً لم أُلقي له بالاً في حياتي. انتبهوا أنني من عائلة فلان(.....) وهذا يعني بالنسبة لهم أنني من نفس طائفة القاتل الذي نتظاهر من أجل أن إسقاطه، وللأسف فقد نجح النظام بمحاصرة بعض الطوائف و تشويه سمعتها موجّهاً إليها الكثيرمن إشارات الاستفهام. وبناء عليه وجدت نفسي في معمعة جديدة وكأنني المسؤولة عن تصرفات بعض الشخصيات من أبناء هذه الطائفة.. فهذا اتهمني بالخيانة وذاك اتهمني بالغدر رغم أنني لم أّوفّر مظاهرة إلاّ وشاركت بها وعبثاً باءت محاولاتي بإقناعهم أنه ليس لدي شأن بأحد، فأنا مثلما لم أختر وجهي القبيح الذي اضطررت أن أعيش معه طيلة عمري لم أختر أيضاً أن أنتمي لهذه الطائفة أو لذاك الدين أو أن أحمل هذه الجنسية .. هذه كلها أشياء لم يستشرني بها أحد.. الشيء الوحيد الذي أُتيح لي اختياره وكان بملئ إرادتي هو أن أكون بين صفوف الثوار في ساحات الحرية فهلاّ خرجتم من تلك الدائرة المفرغة التي يحاول النظام القاتل زجّنا داخلها؟ وهلاّ قبلتموني بينكم كإنسانة فقط بغض النظر عن كلّ تلك الحمولات التي لم يكن لي يداً باختيارها؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -مستنقع- و-ظالم-.. ماذا قال ممثلون سوريون عن الوسط الفني؟ -


.. المخرج حسام سليمان: انتهينا من العمل على «عصابة الماكس» قبل




.. -من يتخلى عن الفن خائن-.. أسباب عدم اعتزال الفنان عبد الوهاب


.. سر شعبية أغنية مرسول الحب.. الفنان المغربي يوضح




.. -10 من 10-.. خبيرة المظهر منال بدوي تحكم على الفنان #محمد_ال