الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشرف ليس بالجسد فقط

محمد الحداد

2012 / 4 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


يظن أغلب أهل الشرق إن لم يكن جميعهم، أن الشرف في الجسد فقط، وهو ما يطرح عندهم بمسمى العفة، وهذه العفة أو الشرف مطلوبة من المرأة فقط، ففي يوم زواجها الأول عليها أن تثبت لزوجها أنه لم يمسها رجل، وأن غشاء بكارتها ما زال على حاله لم تمسه شائبة، أو عضو أو يد دخيل.
والويل كل الويل لها إن لم تستطع اثبات ذلك، فقد يكون مصيرها القتل، أو التشريد، ومصير أهلها الخزي والعار.
فكم من شاب صغير أرغمه أهله على قتل أخته أو قريبته ليغسل شرف العائلة.
والمصيبة أن أحكام أكثر بلداننا الشرقية لا تجرم غاسل الشرف، وربما لا تحجزه حتى لبعض ليالي، لأنه بنظرهم بطل مغوار، حافظ على شرف الأسرة.
ولا ينظر لتلك الجريمة أنها جريمة قتل من الدرجة الأولى، بها تصميم وتخطيط وتنفيذ للقتل، بل هو قتل مستحق.
وبالمقابل ليس مطلوبا من الزوج أن يثبت عذريته لزوجته كما هو ومجتمعه يطالبها به، بل لو لم تكن له سوابق من مغامرات عاطفية في ليال حمراء، ربما لن يستطيع أن يفعل ما يطلب منه في أول ليلة، وكيف له أن يعرف إن لم يرى ذلك سابقا، وجربه مرارا، وإلا فالفشل قاسمه الوحيد.
وهنا العار كل العار إن لم يستطع ذلك الشاب أن يلج عبر غشاء بكارة زوجته، وأن يسفك الدم بتلك الليلة العرجاء، ليلة إثبات الشرف.
فهذه الليلة هي ليلة إثبات شرف البنت أنها لم تمس قبل يومها ذاك.
وبنفس الوقت ليلة إثبات شرف الرجل أنه فحل مغوار.

وهنا الطامة الكبرى بوضع الشابين تحت تأثير تلك العادات البالية.
فالبنت طوال حياتها السابقة محرم عليها أن تحب، وأن تعرف ما هو الجنس، فقط تسمع عنه من الصديقات المتزوجات إن بحهن لها ببعض القصص والمغامرات الليلية تلك.
وإن أحبت شابا، فيجب أن يكون ذاك الحب عذري، بالكلمات و الأشعار فقط، لا قبلات، ولا ليالي ملاح، هذا كله لكي تحافظ على بكارتها لفارسها المغوار، زوجها القادم.
والشاب عليه أن يعرف كيف يعامل زوجته بتلك الليلة، وكيف يفتح الطريق للّيالي القادمة، فيحق له أن يلتقي بهذه وتلك، وأن يمارس الجنس مع هذه أو تلك، المهم بالأمر كله أن يعرف طريقه في ليلته الأولى مع زوجته، وأن لا يُخجل أهله بأنه عذري لا يعرف شيء.
وما الحل إن أحب شابا فتاة وأحبته، واحتاج الاثنان للجنس كما هي حاجتهم للأكل والشرب، ما العمل حينها؟
فهو عليه ضغط أن يحضر نفسه لليلة زواجه بأن تكون لديه خبرة سابقة، ومسموح له أن يقوم بما يريد.
وهي ممنوع عليها كل ذلك، كي تحافظ على نفسها وبكارتها.

والحل؟
ما هو ؟
لا يكون الحل إلا أن يرتمي هو بحضن البغايا، ليس أكثر، أو أن يمارس مع فتاته بغير الطريق السليم الأمامي الذ يفقدها غشاء بكارتها وعذريتها.
وبالنسبة لها، فعليها الصوم.
وقد يطول صيامها أشهرا وسنين.
وقد لا يأتيها العريس أبدا.
فتبقى صائمة طوال الدهر.
أو أن ترتشف بعض لحظات اللذة المحرمة مع حبيبها.
وهنا قد تفقد سيطرتها على نفسها، ويذهب ذلك الغشاء اللعين في مهب ريح الشهوة والنشوة.
أو أن تكون أكثر حيلة.
فتمارس عن طريق لا يحرمها من غشائها.
أو تقوم بتقريعه عند أول طبيب نسائي.

هذه الازدواجية بالمعايير والقيم في الجنس، ومدى فرق مشروعية اباحته بين الرجل والمرأة، أنشأ أمراض نفسية كثيرة، ومشاكل اجتماعية لا حصر لها، ولن يكون حلها بمقالي هذا طبعا، ولا تنتظروا حلا مني ببضع كلمات.

ولكن هل الشرف بالجسد فقط؟!!
فأين شرف الكلمة، أي أن نثبت على ما قلناه وقبلناه و وعدنا به، وإن وجدنا أنفسنا على خطأ، نعتذر عن خطأنا.
وأين شرف العهد، فكيف نعاهد ثم نخلف!!
وأين شرف الاخلاص؟!!
الاخلاص بالعمل
الاخلاص بالعلاقة الاسرية
الاخلاص بالصداقة
الاخلاص بالزمالة
اين نحن من كل هذا؟!
هل ننظر للشرف فقط من زاوية الجسد وغشاء البكارة وعذرية المرأة.
ونترك شرف جسد الرجل وعذريته.
نترك شرف الكلمة للرجل والمرأة.
ونترك شرف العلاقة
ونترك شرف العمل
ونترك شرف الوعد
ونترك شرف الحب

بعد تركنا لكل أنواع الشرف تلك وغيرها كثير، وتمسكنا فقط بشرف الجسد
يأتي سائل يسأل
لم نحن في تراجع وتخلف؟
وغيرنا من الأمم في تقدم و رخاء و ازدهار؟!!
عجبي!!!

محمد الحداد
25 . 04 . 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما زال البركان مشتعلا حماك الله
لينة محمد ( 2012 / 4 / 26 - 07:36 )
أخي الفاضل محمد الحداد
السلام عليك ورحمة الله وبركاته
صدقت المقال جاء على الأوجاع الكثيرة التي تعاني منها الفئة التي تحترم ذاتها وتحترم الأخر الأنسان بغض النظر ذكرا كان أو أنثى سبحان الله الذي لم يفرق بينهما في جميع الممارسات والغريب ان يتم التعامل مع الأنثى بهذه الطريقة التي يجعلها تتحايل على هذا الذكر المشبع بالعقدة الأبدية الذكورة بما ذكرته من (ترقيع لغشاء البكارة) لتثبت له انها العذراء الذي يريد للأسف هذا العالم العربي فقد ومنذ قرون القيم الأخلاقية التي تساهم في تطوره في جميع المجالات بل ما زال يعاني تبعات عصر جاهلي مقيت بكل ما فيه حيث كلمة الشرف مازالت محصورة في الجسد والجسد الأنثوي الذي يعاني من العلامات هذه هي العقلية العربية الموبؤة بالعادات والتقاليد التي جعلت من الذكر يفعل جميع الفواحش ويبقى ذكرا فهو لن يتاثر بالعلامات وأنا أسال الأنثى التي تؤمن ان العلاقات الجنسية يجب ان تتم عبر الشراكة مع الرجل في اطار عقد الزواج اليس من حقها ان تضمن ان الرجل الذي تريد الأرتباط به كما هي لم يعاشر امرأة قط ؟ أم ان الشرف الجسدي محصورا في الأنثى .نعم أريد قلب المعادلة مقال اكثر من رائع


2 - وسيبقى مشتعلا
محمد الحداد ( 2012 / 4 / 26 - 10:44 )
أختي لينة المحترمة
وعليك السلام ورحمة الله وبركاته
سيقى البركان مشتعلا ما دامت ممارسات الأكثرية مشوهة وظالمة
فقد تحدثت فقط عن جزئية بسيطة جدا ولكنها مهمة، هذه الجزئية الظالمة جدا للمرأة، والتي تمثل قمة العنصرية والتمييز الجنسي بين الذكر والأنثى، فمجتماعتنا تمارس التمميز داخل المجتمع، تظلم أكثر من نصف المجتمع من أجل قيمة بالية لا أساس لها من الصحة
تحياتي

اخر الافلام

.. هل تحرك تصريحات بايدن جمود مفاوضات الهدنة في غزة؟| #غرفة_الأ


.. ممثلة كندية تتضامن مع غزة خلال تسلمها جائزة




.. كيف سترد حماس على بيان الوسطاء الذي يدعوها وإسرائيل لقبول ال


.. غزيون يستخدمون مخلفات جيش الاحتلال العسكرية بعد انقطاع الغاز




.. صحيفة الغارديان: خطاب بايدن كان مصمما للضغط على إسرائيل