الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العفوية في النموذج اللبناني بين روح الرهان الانتظارية والواقعية السياسية

حسن عماشا

2012 / 4 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


تسود في الأوساط الشبابية الناشطة من خارج بطانة القوى الحاكمة، العفوية السياسية. وهي منهج له تاريخه في مقاربة القضايا الضاغطة على الأوضاع اليومية والازمات المتفاقمة. ويتسم عادة باللهاث خلف الأحداث والتي بأكثريتها المطلقة تكون من فعل القوى المهيمنة نفسها وتستهدف من خلالها جذب الانتباه نحوى مسائل يومية تلهي عن البحث في جوهر الأزمات. وتشتت الجهود والطاقات التي يفترض بها ان تتوظف في خدمة مشروع تغيير حقيقي لمواجهة التحديات في الارتقاء والتقدم.
وبين العفوية وروح الرهان الانتظارية. والعمل الايجابي المبني على رؤى ومشاريع واقعية، هوة كبيرة لا يردمها الا رؤى استراتجية تحيط بالمناخ الجيوسياسي العام وترسم الخطوط العريضة لبناء مقومات البقاء والارتقاء للدولة والمجتمع.
لسنا بحاجة الى جهد كبير لإدراك التحديات الحقيقية التي تواجه مجتمعنا. وهي قضايا نواجهها كل يوم. منها ما هو وطني يتمثل بالاستهداف والتهديد الصهيوني. ومنها ما هو اقتصادي سياسي وهذا بدوره يؤسس لاستقلال حقيقي ومساحة اكبر من الحرية والنمو على مختلف الصعد.
غير ان ما نواجهه لدى الغالبية العظمى من الناشطين ومن مختلف الأعمار (ونعني هنا من هم خارج بطانة القوى المهيمنة). هو التعامل مع التحديات الأساسية بانتقائية لفظية والتهرب من موجباتها كأن يقال: اننا مع المقاومة دون القيام بأي فعل يعزز من نموها وتطورها وتحصينها. خصوصا بوجه التحريض الداخلي واستهداف سلاحها. بحجج واهية منها الخشية من التصنيف بالاصطفاف السياسي. ويتلطى خلف التأييد اللفظي منطق تشكيك يهدف الى عزل نموذج المقاومة واعتبارها العائق امام تحقيق القضايا المطلبية في حين أن المشككين لا يبذلون أية جهود في مواجهة القضايا التي يعتبرونها في الأولوية.
او مقاربة الازمات الاقتصادية – الاجتماعية بتعميم مفرط يجهل الفاعل والمستفيد المستأثر بالقيمة العظمى من الناتج القومي. بشعارات عامة مضلله لا تحمل أي تفسير. مثل: "الطبقة السياسية" و "المحاصصة الطائفية" ، الخ..
بعيدا عن مناقشة هذه الشعارات او غيرها ان استعمالها والخضوع لمنطقها ادى على الدوام الى تيئيس الجمهور المتضرر من امكانية التغيير من جهة والى توحيد االقوى الحاكمة من جهة اخرى بوجه اي حركة مطلبية. وخلقت بيئة مؤاتية لركوب موجات التحركات المطلبية من قبل شرائح القوى المهيمنة عندما تكون خارج السلطة.
فهل يعاني المشككون من ضيق الأفق وعدم ادراكهم لحقيقة التحديات ؟.
ام انهم واعون فعلا لتلك التحديات ولا يريدون ان يلتزموا موجباتها ؟.
ان تبني خيار المقاومة من اولى موجباته هو العمل الدؤوب على تعميم ثقافتها وفضح كل المشككين بجدواها او تجاهل العدوان الصهيوني. لكن التبني الحقيقي لهذا الخيار يعني اولا: على الصعيد الداخلي، مواجهة القوى التي تعمل على تعميق الشروخ بين فئات الشعب لمصالح فئوية ضيقة وارتباطات خارجية معادية للمقاومة. ثانيا: على الصعيد الخارجي، يعني تحمل تبعات تأييد المقاومة تجاه الدول التي تصنفها كحركة ارهابية وفي مقدمتها الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية فضلا عن العديد من الدول العربية.
ما يعني ايضا من جهة اخرى النظر بإيجابية للقوى والدول الداعمة لها وفي مقدمتها إيران وسوريا في المنطقة وروسيا والصين وكوبا وفنزويلا الخ .. من الدول التي تقر بمشروعيتها.
لا حياد في هذه القضية وأي تنصل من موجباتها لا يعني الا شيئا واحدا هو النفاق السياسي المكشوف ولا يمكن اعتباره وجهة نظر خاضعة للنقاش. وهو بلا افق لأنه لن يكسب من جمهور المقاومة تأييدا وإذا ما نجح لفترة بكسب بعض التعاطف سرعان ما ستكشفه الأحداث.
اما تجاه التحديات الداخلية الاقتصادية والاجتماعية، نجد هؤلاء يكثرون من الشكوى على الأوضاع الإقتصادية والاجتماعية المتفاقمة واستشراء حالة الفساد في كل جوانب الحياة لكنهم ايضا يتهربون من التحديد الواضح للجهات المسؤولة بشكل مباشر عن هذه الأوضاع فيتهمون من هم يحاولون الحد من الانزلاق نحو المزيد من الازمات (وإن كانوا قاصرون على هذا الصعيد) لخدمة القوى التي تستأثر فعلا بالحصة الأكبر من الموارد العامة والتي أرست أسس الفساد المنظم وانتجت مؤسسات رديفة للوزارات تحكمها مافيات وتتوزعها قوى النظام الرئيسية من صناديق وهيئات الخ.. وتتمركز مرجعياتها جميعها بيد رئيس الحكومة الخاضع بدوره لمجلس الطائفة التي ينتمي اليها والتي يعود لها القرار بشأن تلك الهيئات والمجالس تبعا لميزان القوى فيها.
إن المحاولات البائسة لتشكيل تيار ثالث بين 8 و14 آذار بحسب التصنيف الاعلامي (الغير علمي) للإصطفاف السياسي في لبنان. كانت بداياته تكونت في العام 1990 مع اعادة تركيب السلطة من قبل الرموز والقوى التي تم استبعادها من المشاركة لإعتبارات عدة لا مجال للخوض فيها هنا، ولأن هذه الرموز والقوى أقصى طموحها هو المشاركة في الواقع القائم كانت عاجزة عن رسم خيارات واضحة تجاه الانقسام اللبناني بين اتجاهين رئيسيين الأول مع خيار المقاومة والثاني مع خيار التسوية بأية شروط ارضاء لمرجعياته العربية والدولية. لأن الغاية الحقيقية هي المشاركة يتجنب أصحاب "الخيار الثالث" الوهمي أن يحتسبوا في اطار أحد الاصطفافين ما يبعدهم عن هدفهم بالمشاركة تجنبا للفيتو الذي قد يضعه أحد الأطراف.
ومنذ ذلك كانت تنشأء تجمعات وتضمحل دون ان تترك أثر في الحياة السياسية ولا زالت تظهر من جديد تجمعات من نفس الطبيعة دون استفادة من التجارب السابقة وتلتف حول رموز جديدة تستهلكها وتنتهي معها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا تعلق كل المبادلات التجارية مع إسرائيل وتل أبيب تتهم أر


.. ماكرون يجدد استعداد فرنسا لإرسال قوات برية إلى أوكرانيا




.. مظاهرات مؤيدة للفلسطينيين: جامعة -سيانس بو- تغلق ليوم الجمعة


.. وول ستريت جورنال: مصير محادثات وقف الحرب في غزة بيدي السنوار




.. ما فرص التطبيع الإسرائيلي السعودي في ظل الحرب الدائرة في غزة