الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على درب ايار

جورج حزبون

2012 / 4 / 26
ملف - المتغيرات فى تركيبة الطبقة العاملة ودورها، والعلاقة مع الأحزاب اليسارية - - بمناسبة 1 ايار- ماي عيد العمال العالمي 2012


يظل يوم الاول من ايار ، مناسبة كفاحية ثقافية اجتماعية ذات توجه سياسي ، فتلك مناسبة معيارية ، ذات بعد عالمي ، تعيد سنويا تاكيد حقائق الحياة عبر سيرورتها ، بان استقرار العالم وتحقيق العدالة الاجتماعية ، والسلم ، يبدأ عبر انتصار الطبقة العاملة التاريخي والنهائي ، باستلامها السلطة ، وهي الطبقة التي ازداد تأهلها عبر مسيرتها الطويلة باكتساب مهارات نوعية وبنيوية ومهنية ، وبانتقال اعداد متزايدة من ابناء الطبقة الوسطى الى صفوفهم ، فالتطور التقني لم يعد يحتاج الى القوة الجسمانية فقط ، فاحتاج الى مهارات وقدرات وفرها جمهرة من المهندسين والفنين ، بعضهم انطلق من صفوف عمالية ، واخرين من مواقع مختلفة ، لكنهم جميعا عملوا لدى الرأسمال ، والذي غايته الربح فقط ، ولتحقيق ذلك الغاية ، كان لا بد من استلامه للسلطة ،و انشاء قوانين تخدم مصالحة ، اضافة الى حتمية خوضه لصراع تنافسي تناحري ، فتكونت الشركات العابرة للقارات ، والتي تدير وتوثر في اغلبية بلدان القرار السياسي الدولي،مما فاقم الازمات العامة ، ودفع باستمرار اعداد متزايدة من الاوساط الاجتماعية المختلفة الى صفوف الطبقة العاملة ، فتم بذلك اغناء محتواها ، وتاهلها للتقدم نحو استلام السلطة ، مع كل ازمة يدخلها النظام الرأسمالي الاستغلالي القائم على فائض القيمة والربح .
وفي هذا السياق فلا زال كثيرون يعتقدون ببطلان هذه السيرورة ، مستندين الى التجربة السوفيتيه ، دون محاولة دراسة تلك التجربة ، ليس لبرهان صواب رأيهم ، انما للافادة من التجربة لاغناء مسيرة العدالة الاجتماعية ، فالاستغلال يزداد ، والفقر يتفاقم ، ولا بد من وقف تلك المعاناة التي لا يوجد من يستطيع فعل ذلك سوى الطبقة الاكبر والاكثر استغًلالا ، والاكثر وعيا بالضرورة بحكم دورها ومكانتها في علاقات الانتاج ، وليست التجربة السوفيتية ، سوى ثورة افرغتها من محتواها الحروب والصراعات ، وعمليات الاستنزاف المستمرة ، وسباقات التسلح ، بحيث اصبح للعسكر المكان الاول ، وغابة في هذا السياق اولويات التنمية ، وتراجع دور الحزب والطبقة وعاث الفساد حتى السقوط الحتمي للتجربة الاولى الاشتراكية في الحكم ، ومع ذلك لا ننسى ما كان للاتحاد السوفياتي من دور هام في انعاش حركات التحرر ، ودعم البلدان النامية ، كل ذلك على حساب رفاهية الشعب، الذي لم يعد يحتمل هذه التضحيات الهائلة على حساب حياته وتطوره المحق، فكان خيار اعادة البناء وكان الانهيار ، ولا يمكن باي حال اعتبار تلك التجربة سقوطاً للعقيدة والنظرية التي بقيت تمثل خلاصة الفكر البشري ، ، وخاصة في البلدان العربية التي لا زالت تحت الاستعمار والنهب ولم تستفد من تجربتها التي كان مستوجباً لها توطينها حسب الرؤية الماركسية في الظروف العينية، وهنا تقع المسؤولية ابتدأ على الاحزاب الشيوعية العربية ، ثم على اصحاب الرايات الاشتراكية ، التي لم تكن اكثر من عملية استرضاء للجمهور وفق المناخ الدولي ابان الحرب الباردة ، والنتيجة كانت بالضرورة سقوط هذا النهج والاسلوب وافساح الطريق امام التيار الاسلامي .
بالطبع لا يتحقق التغير لمجرد وجود صيرورة حتمية ، بل يتطلب توفر الاداة القادرة على قيادة هذا التغير ، وهو فقط بالحزب الثوري ، ذلك الحزب الذي تنشئه الطبقة العاملة ، ويعتنق فكرها ، ويكون هيئة اركانها العامة ، وهنا بالضرورة ايضاً مستوجب تكوين الحركة النقابية العمالية،التي تنظم وتفعل الدور الطبقي والاجتماعي،في حين يؤدي الحزب الدور الثوري السياسي، والنقابات هي الفاعل الاساسي والتاريخي للاول من ايار ،جسدته من خلال تضحيات توالت وتواصلت ليس فقط يوم مذبحة شيكاغو العمالية الشهيرة بوم الاول من ايار ،بل قبلها وبعدها ، فالرسمال صاحب العمل يبني موقفه على الربح والاستغلال ، والعمال عبر منظماتهم النقابية يصارعون لتحسين ظروف عملهم ورفع اجورهم بحيث تتنامى قدراتهم التنظيمية والفكرية ، والقناعة المعمدة بالتجربة،التي تكونها عبر تلك الحاضنه، ان الوحدة طريق النصر التاريحي على ذلك النهب الرأسمالي المتواصل منذ ان قال احد يوما ما هذا ملكي ، وواصل حتى فهم ان القن والعبد والعامل ملكه ايضاً ، وان تصويب هذا الاستعباد التاريخي الذي اخذ اشكالاً مختلفة دون التخلي عن محتوى منهجه في السلب والنهب، وليس فقط داخل حدوده ، فقد توسع الى حد استعمار شعوبا وبلدان ليبقيها خارج عجلة التطور ليسهل له استدامة استغلال والربح والجشع .
ولكن النقابات ايضا ليست محصنة عن الانحراف ، فالمالك والدولة يعملون باستمرار بالقمع والاغراء على تضليلها واضعافها، مما يعيق طبيعة التطور ويفقد العمال البوصلة، بالقيادات الصفراء مرحليا ومؤقتا ، وقد وضح ذلك تمام ابان ربيع العرب كيف كانت مواقف الاتحاد النقابي ، حتى رفعت شعارات اثناء المسيرات تطالب بحل تلك القيادات ، فنظام عبد الناصر مثلا فرض ان يكون رئيس اتحاد نقابات العمال وزيراً للعمل ، دون قصداً او بقصد تحول الاتحاد الى حزء من النظام ، والامر نفسه في تونس وفي سوريا وغيرها ، والحال في فلسطينليسي ليس مختلف ، فالحركة العمالية التي تعتبر الاولى عربياً وبدأت في العشريبنات وانقسمت في الثلاثنيات والاربعينيات من القرن الماضي ، فكانت جمعية العمال وكان مؤتمر العمال ، الاولى احتواها الحج امين بان اصبح قائدها عضواً في الهيئة العربية العليا ، والثانية اتجهت يساراً حتى تكون على اصولها عصبة التحرر الوطني ،وقد ارسلت الاولى وفدها لمؤتر لندن العمالي ، والثانية لمؤتمر باريس الذي اصبح ممثلا لحركة اليسار والتقدم ، لكن الجمعية بقيادة سامي طه حين مقابلة اللجنة ( الانجلواميركية ) دافع عن حكومة الانتداب البريطاني وبرر تصرافاتها ،لانها اهتمت بالامن بسبب الحركة الصهيونية ولم يكن لديها مجال لتطوير الحياة العامة ، وكان يطمح لتشكيل حزب سياسي على غرار التجربة البريطانية ، وكان واضحا في المؤتمر العمالي الاخير 18/8/1947 حيث احتد الخلاف مع القيداة الحيسنية ، واخيراً اغتيل يوم 12/9/1947 و اختير د. عمر الخليل خلفاً له / كتاب عبد القادر ياسين / تاريخ الطبقة العاملة الفلسطينية / ، ثم اندمجت في الاتحاد العام لعمال الاردن ، ومع بروز م.ت.ف تشكل اتحاد نقابات عمال فلسطين بالخارج ، وفي الارض المحتلة اتحاد نقابات الضفة ، واتحاد نقابات فلسطين ( غزة ) ، وبعد اوسلو وعودة الاتحاد الخارج لم يتم الاندماج ، فاصبح موجوداً ثلاثة والحركة الاسلامية اقامت اتحاد ، وهناك النقابات المستقلة ، حتى اصبح خمسة اتحادات عمالية ، فغابت القضية الطبقية والعمالية ، على حساب الصراعات الثنائية ، وتدهورت حالات العمل واستمرت اعداد عمالية غير منظمة تعمل في اسرائيل ، وتنافست اتحاد الداخل بالعلاقات السياحية ،حتى كانت هناك تعاقدات مع هستدروت اسرائيل من احد الاتحادات على حساب المقتطعات الضرائبية للعمال خلف الخط الاخضر، ومع غياب الحزب الثوري بوصلة الطريق ومعيار العمل ، غاب دور الطبقة العاملة الفلسطينية ، وهذا ما يفسر الى حد كبير ، حالة التردي السياسي والوطني والاجتماعي ، بل ويفسر اسباب استمرار الاستقطاب السياسي بين الحركتين الكبيرتين وغياب البديل الذي كان ولا زال يستطيع وقف الاستقطاب ويوحد الوطن والموقف والطريق .
وهكذا يكون ايار حالة معيارية ، بوصلة كفاحية ، وليس مجرد مناسبة احتفالية ، كما تسعى الانظمة والنقابات الصفراء لتحويلة ، وفي الاول من ايار يجب ان ينعقد مؤتمراً لصياغة برنامج مرحلي في كل بلد وعلى صعيد العالم ، وسيظل ايار منارة تهدي بشعارها الخالد يا عمال العالم اتحدوا ، على طريق انتزاع الحقوق الطبقية والوطنية، وانجاز المهمة التاريخية بتحقيق العدل والمساوة للبشرية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في 


.. دعوات أميركية للجوء إلى -الحرس الوطني- للتصدي للاحتجاجات الط




.. صحة غزة: استشهاد 51 فلسطينيا وإصابة 75 خلال 24 ساعة


.. مظاهرات في العاصمة اليمنية صنعاء تضامناً مع الفلسطينيين في غ




.. 5 شهداء بينهم طفلان بقصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي السعو