الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طرائف يسارية

مصطفى مجدي الجمال

2012 / 4 / 27
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


في هذه الظروف شديدة الالتباس والخطر التي تمر بها مصر.. لا ضرر من التمعن في بعض المواقف التي تصدر عن بعض اليساريين المصريين فيما يشبه العبث الطفولي وبما يعكس الأزمة العميقة التي يمر بها اليسار من انخفاض في الشعبية وتدهور الروح المعنوية والانقسامات الذاتية..
لا أستهدف هنا التهجم أو الشماتة في أحد.. وإنما أتأمل مجرد التأمل..
في البداية إنه لمما يثير الشعور بالشفقة قبل أي شيء آخر أن يوجد هذا العدد من المرشحين اليساريين (كلهم من الشخصيات المحترمة) لمنصب رئيس الجمهورية، على الرغم من النتائج الهزيلة التي حققها اليسار في الانتخابات البرلمانية الأخيرة. فهل يجد القارئ منطقًا في هذا؟
وإذا تمعنا أكثر سنجد أن المرشح عن حزب التحالف (أبو العز الحريري) قد فرض ترشيحه فرضا على الحزب ووضعه أمام الأمر الواقع.. والدليل على هذا أن أعضاء الحزب موزعون في تأييد أكثر من مرشح وينخرطون في الدعاية لهم.
ومن الطريف أن يرفع مرشح حزب التحالف دعوى قضائية ضد ترشيح خيرت الشاطر (المرشح الأساسي لجماعة الإخوان المسلمين) لكن قيادة حزب التحالف بادرت بالتنصل من هذه الدعوى، ولم تراعِ الأثر البائس لهذا الموقف على مرشح الحزب للرئاسة.
أما حزب التجمع فقد أصر في توقيت متأخرعلى ترشيح مرشح آخر (هشام البسطويسي) رغم فرصه الضعيفة والهزال التنظيمي والجماهيري الذي اعترى حزب التجمع ولا يتوقع معه أن يضيف للمرشح شيئا.. وبدا كأن هذا الترشيح هو مجرد نكاية في مرشح حزب التحالف الذي سبق أن خرج مع من خرجوا من عضوية حزب التجمع.. وكأن انتخابات الرئاسة هي مجرد مجال كي تقول قيادة التجمع الحالية: "نحن هنا". كما لم تستشر قيادة التجمع أحدا من أعضائه في هذا الترشيح وجدواه.
أما المرشح الثالث (خالد علي) فلم يستشر أيا من الأحزاب والقوى اليسارية فيما عدا الحزب الشيوعي المصري (وهو يمر بأزمة وجودية عميقة) وبعض المنظمات الحقوقية وعناصر في الحزب الديمقراطي الاجتماعي.. ولكنه قدم نفسه بصفته مرشح شباب الثورة معتبرا أن عامل السن حاسم في النجاح، ورغم ما كشفت عنه الانتخابات النيابية من عدم قدرة "شباب الثورة" على تحقيق نتائج انتخابية حاسمة.
وحاول خالد علي أن يتقرب أكثر من الشباب فخطب فيهم مرة مهددًا باللجوء للكفاح المسلح، فكان أن خذله جمهور الشباب المستمع بهتاف "سلمية.. سلمية".. ثم كان من هذا المرشح أن ذهب للدفاع (في المحكمة) عن مرشح السلفيين المستبعد (حازم أبو اسماعيل) ومرشح الإخوان (خيرت الشاطر).. ويبدو أنه أراد من هذه التحركات "الاستعراضية" كسب أصوات السلفيين أو الإخوان، مهما ادعى أنه محامٍ وأن هذه المواقف من حقه وواجبه.
وعلى صعيد اليسار الناصري لا يزال المرشح "حمدين صباحي" يحاول لملمة الجراح التي أصابته جراء التحالف الذي عقده حزبه (الكرامة) في الانتخابات البرلمانية مع جماعة الإخوان المسلمين، ونجح له أعضاء بفضل أصوات ودعاية أسهمت فيها الجماعة المذكورة بالقسط الأكبر..
أما الطرفة الكبرى فتتمثل في اندفاع عدد كبير من الماركسيين (ومن التروتسكيين بشكل خاص) لتأييد حملة المرشح الإخواني السابق عبد المنعم أبو الفتوح.. الذي رفع شعارات عن مدنية الدولة..الخ لكنه في الوقت نفسه أكد على تطبيق الشريعة الإسلامية ولم يتوجه بكلمة نقد واحدة لجماعة الإخوان التي فصلته من عضويتها بسبب صراعه مع خيرت الشاطر.. بل والأدهى أنه قد نال أخيرًا تأييد قطاعات سلفية خاصة بعد استبعاد المرشح حازم أبو اسماعيل.
وفي الحقيقة ربما يجد اليسار نفسه في جولة الإعادة مضطرا إلى انتخاب شخص مثل أبو الفتوح إذا كان الخيار البديل شخصية أخرى أكثر سوءًا.. ولكن أن يقف شباب ماركسي منذ البداية مع هكذا مرشح.. هو أمر يستحق التساؤل والتعجب..
فريق آخر من اليساريين أراد الهروب من كل هذه الارتباكات والأسئلة الصعبة فرفع شعار مقاطعة انتخابات الرئاسة.. وكأن شعارا كهذا يمكن أن يثمر أي شيء في حقل الممارسة.. وفي الحقيقة لا يعدو أن يكون تهربًا يعفي أصحابه من نتائج أي موقف خاطئ.. حتى وإن زينوا دعوتهم للمقاطعة بالتأكيد على أن موجة ثورية ثانية قد اقتربت وأنها ستطيح بكل شيء وستأتي ببدايات جديدة..
وبعض آخر تلقف دعوة المعارض محمد البرادعي لإنشاء حزب جديد (اسمه حتى الآن حزب الدستور) لينشغلوا في عمليات بناء الحزب وينأوا بأنفسهم عن أدغال الانتخابات الرئاسية، على أساس أن رهانهم هو على الانتخابات التي ستتلو الانتخابات المقبلة التي ربما لا تتم، ومن المحتمل ألا يبقى الرئيس المنتخب على كرسيه كامل مدة ولايته..
أما طبيعة حزب البرادعي كما اتضح حتى الآن فهو حزب فضفاض يجمع أخلاطًا شديدة التناقض، ولكن توحدهم شعارات الديمقراطية والمدنية والحكم الدستوري..الخ. ولا عيب في هذا بالطبع.. إلا أن هذه التركيبة ستنتج غالبًا حزبًا ليبراليًا لا أكثر. وقد يكون من المفهوم أن يتحمس يساريون للبرادعي كشخصية تصلح لرئاسة الجمهورية (رغم انسحابه المبكر من السباق) إلا أنه يظل مثار تساؤل أن يقبل بل ويلهث يساريون من أجل الانضمام لحزب ليبرالي.. رغم الانتقادات المريرة التي يوجهونها للأحزاب اليسارية القائمة بدعوى أنها ليست ثورية ويسارية بما فيه الكفاية..
أهم ملامحتلك المواقف المشوشة، هو تفشي الروح والتفكير البراجماتي ، إلى جانب غلبة العناصر الذاتية على الموضوعية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الابتعاد عن الجماهير
عدنان عباس ( 2012 / 4 / 27 - 08:48 )
لنتفق ان العلمانيين في مصر وهم المطالبين بدوله مدنيه يقفون بالضد من الاخوان والسلفيين
وهم بطيف يبدا من اللبراليين الدمقراطيين الى اقصى اليسار مع مثقفي مصر
تجميع هذه القوى هي مهمه عسيره جدا واولها ابتعادهم عن الجماهير وانزوائهم بقباب عاجيه ديدنها التنظير
فيما السلفيين والاخوان منظمين بشكل يدعو للاعجاب مع قربهم من الناس وتحسسهم مشاكلهم بل ومساعدتهم احيانا في حلها
انتصار الاخوان والسلفيين في اي معركه انتخابيه امر مسلم به
على القوى العلمانيه اذا ارادت حقا انقاذ مصر من ان تتحول الى قندهار ثانيه الاتفاق على مرشح واحد والنزول للجماهير وتوعيتها بخطر الاسلاميين على البلاد وا هدف الاسلاميين ليس الدين وانما السلطه والمال وجر البلاد الى هاوية الفقر والفساد


2 - دع الشعب يراهن على الحصان الخاسر
صلاح البياتي ( 2012 / 4 / 27 - 14:30 )
تحياتي لا ضير في مراهنة على حصان الشعب الذي سيخسر حتما..النتيجة الحتمية هي بضعة سنوات اخرى من الضياع ومزيد من التدهور والكثير الكثير من الشعارات الهزيلة والرنانه وايضا مزيد من فقدان القدرة على تنفيذ الوعود والعهود..ذلك هو مأل الأحزاب الدينية التي لا تجيد سوى العزف على اوتار الكلمات والشعارات الدينية الفخمة..دعهم عزيزي ليأخذوا فرصتهم في العض على أصابع الندم


3 - ليس هذا اوان الفرز الايديولوجى
حاتم حسن ( 2012 / 4 / 27 - 18:16 )
المنطق الذي يستند اليه المقال هو انه اما كل شئ او لاشئ
مالعيب في ان يؤيد قطاع من الماركسيين واليساريين مرشح كابو الفتوح
الغريب ان الكاتب نفسه يقر بتراجع اليسار بشكل عام فكريا وتنظيميا- ويضرب
مثلا بانتخابات مجلس الشعب--اذن ماهو المطلوب الان
هل الواقع المصري الحالى يمثل التربه الخصبه لطرح برنامج اشتراكى يعبر عنه مرشح يساري يلتف حوله اليساريون -ولنتصور ان هذا قد حدث بالفعل ما هي النتيجه المنوقعه-هل اعلان ابو الفتوح انه سوف يطبق الشريعه الاسلاميه سببا كافيا
لرفضه -لماذا لاتساله اولا ما هي رؤيته وفهمه للشريعه الاسلاميه-هل افترضت مقدما ان الرجل يقصد بالشريعه نظام الحدود والعقوبات المقرر بالفقه الاسلامي
ومالعمل اذا كانت القوي التى رفعت الشعار -دون تحديد-قد حصلت علي اغلب اصوات الناخبين في انتخابات البرلمان---هذا هو مستوي الوعي لدى الشعب الذي
يمارس مثقفو اليسار السياسه من اجله-هل نطالب باستيراد شعب اخر من الخارج
كى يتوافق مع افكارنا ام ننادي بتاجيل الانتخابات الرئاسيه لحين رفع مستوي الوعي
لدي الجماهير ثم نقوم بعدها بالدفع بمرشح يساري علماني


4 - ليس هذا اوان الفرز الايديولوجى
حاتم حسن ( 2012 / 4 / 27 - 18:16 )
المنطق الذي يستند اليه المقال هو انه اما كل شئ او لاشئ
مالعيب في ان يؤيد قطاع من الماركسيين واليساريين مرشح كابو الفتوح
الغريب ان الكاتب نفسه يقر بتراجع اليسار بشكل عام فكريا وتنظيميا- ويضرب
مثلا بانتخابات مجلس الشعب--اذن ماهو المطلوب الان
هل الواقع المصري الحالى يمثل التربه الخصبه لطرح برنامج اشتراكى يعبر عنه مرشح يساري يلتف حوله اليساريون -ولنتصور ان هذا قد حدث بالفعل ما هي النتيجه المنوقعه-هل اعلان ابو الفتوح انه سوف يطبق الشريعه الاسلاميه سببا كافيا
لرفضه -لماذا لاتساله اولا ما هي رؤيته وفهمه للشريعه الاسلاميه-هل افترضت مقدما ان الرجل يقصد بالشريعه نظام الحدود والعقوبات المقرر بالفقه الاسلامي
ومالعمل اذا كانت القوي التى رفعت الشعار -دون تحديد-قد حصلت علي اغلب اصوات الناخبين في انتخابات البرلمان---هذا هو مستوي الوعي لدى الشعب الذي
يمارس مثقفو اليسار السياسه من اجله-هل نطالب باستيراد شعب اخر من الخارج
كى يتوافق مع افكارنا ام ننادي بتاجيل الانتخابات الرئاسيه لحين رفع مستوي الوعي
لدي الجماهير ثم نقوم بعدها بالدفع بمرشح يساري علماني


5 - المفروض مرشح يساري واحد
Sami AL Batnawy ( 2012 / 4 / 27 - 18:17 )
بدون مرشح يساري واحد سيعض الجميع على اصابعهم لكن ذلك سيتم بعد فوات الاوان لان الاسلاميين بعد الانتخابات سيوضفون مواقعهم في السلطة لترسيخ وجودهم في السلطة


6 - تابع -ليس هذا اوان الفرز الايدبولوجي
حاتم حسن ( 2012 / 4 / 27 - 18:46 )
التناقض الرئيس الان هو بين معسكر الثوره ومعسكر الثوره المضاده وليس بين
العلمانيون والتيار الغالب في الشعب المصري الذي تشكل وعيه علي مدار سنوات
طويله داخل اطار الثقافه الاسلاميه التقليديه بكل تجلياتها والتى لاتتوائم كثيرا مع فكر وقيم الحداثه الغربيه القائمه في حانب منها علي تهميش الدين في نطاق السلوك الشخصى --هذا هو الواقع الموضوعي شئنا ام ابينا
دعك من تيار الاسلام الساسي الذي يستخدم الشعارات الدينيه استخداما براجماتيا
اذن لديك مرشحون ينتمون للمعسكر الاول الذي يعنى القطع مع النظام القديم بكل تجلياته من فساد واستبداد وعماله للغرب وتواطؤ مع الدوله الصهيونيه ضد مصالح الشعب المصري وباقي الشعوب العربيه ومن انحياز مطلق للطبقات الاكثر ثراء ضد مصالح القطاع الواسع من محدودى الدخل
اذن الموقف العلمى والموضوعي السليم -وبدون مماحكات نظريه عقيمه-هو الوقوف خلف المرشح القادر علي حشد الاطياف المتنوعه من انصار الثوره خلفه
وهو بهذا لديه فرصه اكثر من غيره للوصول لموقع الرئاسه ودفع الزحم الثوري للامام باتجاه توجيه الضربه الاخيره لنظام مبارك
وظنى ان ابو الفتوح هو الاقرب لهذا


7 - خلطٌ غير مشروع
بشير السباعي ( 2012 / 5 / 2 - 13:30 )
الخلط بين التروتسكيين وتلامذة توني كليف المنشق على الأممية الرابعة والتروتسكية المبدئية منذ عام 1949 ليس من شأنه سوى تكثيف مناخ الالتباس والتشوش!


8 - الخلط مسألة نسبية
مصطفى مجدي الجمال ( 2012 / 5 / 2 - 17:34 )
لست أنا الذي يطلق الأسماء على التيارات والأفراد. فمن حق كل تيار أو فرد أن يتسمى بما يشاء.. وبعد ذلك من حقك وحقي إصدار الأحكام القيمية.. فاللينينيون والستالينيون والجيفاريون والماويون يسمون أنفسهم بالماركسيين.. ولا أملك حيلة إزاء هذا.. لا يمكنني إصدار أحكام بإخراج أحد من ا-لملة- التروتسكية أو أحدد مدى دقة التزامه بها.. وأنا لم أقل أن كل التروتسكيين يتبنون الموقف المعني وإنما قلت إن عددًا منهم.. وعمومًا تصحيحك وتصحيح الصديق الرائع علاء عوض يسعدني.. حتى لا يظلم هذا التيار بالكلية.. ومعذرة عن ذنب لم أقترفه.. تحياتي وتقديري

اخر الافلام

.. السودان الآن مع صلاح شرارة:


.. السودان الآن مع صلاح شرارة: جهود أفريقية لجمع البرهان وحميدت




.. اليمن.. عارضة أزياء في السجن بسبب الحجاب! • فرانس 24


.. سيناريوهات للحرب العالمية الثالثة فات الأوان على وقفها.. فأي




.. ارتفاع عدد ضحايا استهدف منزل في بيت لاهيا إلى 15 قتيلا| #الظ