الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهام المقدسة لبوش والزرقاوي!

باتر محمد علي وردم

2005 / 1 / 26
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


لو قدر لي أن أوجه إلى الرئيس بوش سؤالا واحدا فإن هذا السؤال سيكون: " هل تؤمن حقيقة بما تتحدث عنه حول دورك في نشر الحرية والديمقراطية في العالم؟" وأعتقد بأن الجواب على هذا السؤال يظهر حقيقة عقلية الرئيس الأميركي وطريقة تفكيره. من الثابت أن معظم المقربين لجورج بوش يؤكدون بأن الرجل يؤمن بأن الله قد اختاره لمهمة مقدسة هي نشر الديمقراطية ومقاومة الإرهاب، طبعا حسب المعايير الأميركية والصهيونية التي تجعل من القناعات الأميركية والإسرائيلية خيرا مطلقا في مواجهة الشر المطلق، وهو يعتقد بأن كل أعماله خير وأنه لا يمكن أن يرتكب خطأ حتى لو تسبب في مقتل مئات الآلاف من الأبرياء.
وهذه هي المشكلة الحقيقية مع جورج بوش، حيث لا يمكن التفاهم معه بالإقناع والمنطق، فكما استخدم كلمة الحرية أكثر من عشرين مرة في خطابه الأخير، وكما يستشهد بالكتاب المقدس في كل خطاباته فهو ليس إلا "متعصب ديني" يعتقد بأنه ينفذ مهمة مقدسة أوكلها له الله.
وهنا نرى شخصية الرئيس الأميركي في أعمق تجلياتها الشبيهة تماما بأبي مصعب الزرقاوي، الذي يعتقد أن الله قد أوكل له مهمة محاربة الكفار والمرتدين، وأخيرا أضاف المسلمين الشيعة إلى القائمة، وأنه لا يمكن أن يرتكب أي خطأ في هذا المجال حتى لو تسببت أعماله في مقتل آلاف الأبرياء سواء من العراقيين والمسلمين الآخرين أو حتى الأجانب الأبرياء، فالمهمة المقدسة في محاربة "الكفار" تعني نشر الدمار في كل مكان.
ربما تكون نشأتا بوش والزرقاوي مختلفتين اجتماعيا ما بين إبن عائلة ثرية نافذة في مجالات تجارة النفط والسياسة، وعائلة بسيطة فقيرة. ولكن كلا منهما كان فاشلا في حياته قبل "المهمة المقدسة" ونداء الرب. كان بوش غارقا في الكحول، وفشل في إدارة كل شركات النفط التي عمل فيها وتكبدت كلها الخسائر، ولكن التجلي الرباني حدث له في مرحلة متأخرة من حياته، وبدأ في الصلاة وارتياد الكنيسة ثم أصبح حاكما لولاية تكساس وبعدها رئيسا لأكبر دولة في العالم، فكيف يمكن له أن يصمد أمام فكرة "الانتقاء الرباني" في خضم هذا التغير الهائل في حياته والذي جعل من سكير وفاشل رئيسا للولايات المتحدة!
لم يكن الزرقاوي أيضا إلا واحدا من آلاف الشباب الأردنيين والعرب الذين يعانون الضياع الفكري والانغماس في المشاكل والسوابق الإجرامية، حتى بدأ مرحلة التدين وجاءه في المنام حلم يقول له بأن الله اختاره لمهمة محاربة الكفار عن طريق العنف والقتل، وها هو الآن يصبح محركا لتنظيم قوامه آلاف الشبان يساهم في صياغة تاريخ المنطقة، حتى لو كانت هذه الأعمال مغموسة بدماء الأبرياء.
عندما يعتقد شخص أن الله اختاره لمهمة ما، فلن يلتفت إلى الضحايا والآلام والقتلى والبكاء والدموع والدمار، بل سيبقى يعمل على نشر الدمار من أجل تحقيق هذه المهمة، ولهذا فإن فكر الإدارة الأميركية لا يختلف في خطورته عن فكر تنظيم القاعدة، فكل شخص في "المؤسستين" يعمل على تحقيق هدفه بأقسى الطرق وأبشعها.
الإسلام دين عظيم، ونظام حياة أثبت نجاحا عبر العصور ولكن التعصب والمغالاة تنتج المشاكل، ويمثل الزرقاوي أسوأ نموذج لما يتسبب به التعصب الذي ينشر الموت والقتل تحت شعارات الإسلام. وفي المقابل فإن الديمقراطية نظام حكم سياسي ممتاز، يتيح الفرص لكل الناس ويحقق معادلة الحقوق والواجبات، ولكن فيه نواقص كثيرة أمهما الخضوع لسطوة المال والنفوذ السياسي الذي أوصل جورج بوش لقيادة أقوى دولة في العالم ووضع العالم كله في مواجهة هذا الفكر اليميني-الصهيوني المتعصب الذي ينشر الدمار تحت شعارات الديمقراطية.
أعان الله الناس في المنطقة والعالم على مواجهة مهام بوش والزرقاوي المقدسة والتي تلحق الدمار والأذى بآلاف الأبرياء، ونتمنى أن نمتلك جميعا القوة والجرأة لمواجهة مشروع بوش-الزرقاوي ومقاومته في كل المجالات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصير مفاوضات القاهرة بين حسابات نتنياهو والسنوار | #غرفة_الأ


.. التواجد الإيراني في إفريقيا.. توسع وتأثير متزايد وسط استمرار




.. هاليفي: سنستبدل القوات ونسمح لجنود الاحتياط بالاستراحة ليعود


.. قراءة عسكرية.. عمليات نوعية تستهدف تمركزات ومواقع إسرائيلية




.. خارج الصندوق | اتفاق أمني مرتقب بين الرياض وواشنطن.. وهل تقب