الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طبيعة و تركيب الطبقة الكادحة في منطقتنا

عماد علي

2012 / 4 / 27
ملف - المتغيرات فى تركيبة الطبقة العاملة ودورها، والعلاقة مع الأحزاب اليسارية - - بمناسبة 1 ايار- ماي عيد العمال العالمي 2012


تختلف طبيعة و شكل و تركيب و تاريخ الطبقة الكادحة و مميزاطتها في منطقتنا عن الاخرى في العالم اجمع، وفق ابس العوامل و المستندات و الركائز التي انشات عليها، و من المتغيرات التي اثرت فيها و التحولات التي قلبتها احيانا راسا على العقب من حيث الظروف التي مرت بها، و جوهر حياة المنتمين لها عبر المراحل التاريخية المتعاقبة، و ما واكبتها من التغييرات الاقتصادية و الثقافية، و ما لحقتها من التخبطات و توترات الاوضاع السياسية العامة منذ العقود و حتى الحقبات الغابرة . لا يمكن ان نتصور تشابه الظروف العامة و الخاصة للطبقة الكادحة (بما فيها من اعناصر) بين جميع بقاع العالم بشكل مطلق، نظرا لاختلاف مسيرة حياة المجتمعات التي تنتمي اليها بشكل عام ، و هذا الاختلاف او عدم التشابه و التطابق الذي يدعونا الى الابتعاد عن التفكير في دراسة هذه الطبقة بشكل عام بنظرة واحدة في العالم أجمع، و النقاط المشتركة الموجودة لا تفرض نفسها علينا كي نقيٌم ماهي عليه في العالم بتوجه و فكر و وسيلة واحدة . يمكن تعيين و بيان الحدود الطبقية بين الفئات و الشرائح المنضوية تحت مظلة هذه الطبقة بشكل عام في موقع معين دون غيره او باختلاف جوانب معينة عن غيره،و عليه يمكن ان نتكلم عن الطبقة الكادحة من حيث الخطوط العامة دون الدخول في جميع مفاصلها و ما تتركب منها، من اجل عدم تعميمها، او تحديد الطريق العام السليم ان اردنا تعميم الدراسة و التقيم و البحث كي يشمل هذه الطبقة في العالم اجمع . او ان كان الغرض من التقييم هو الكلام عن الطبقة الكادحة العالمية دون المس بالصفات و الخصائص و المميزات المختلفة التي تتميز بها جانب معين او جزء او انتماء ما ضمن هذة الطبقة الشاملة التركيب . يمكن القول تاكيدا، ان اختلاف في مستوى التطور العام لحياة المنتمين بشكل منفصل في هذه الطبقة وفق النظم و القواعد التي تسير عليها البلدان، هوما فرض الاختلاف في ظروف المعيشة ، و هذا يسمح لنا القول باننا يمكننا انطلاقا من هذه القاعدة ان نتعمق في وصفنا، و نعتقد بان من يُحسب على هذه الطبقة في منطقة ما لا يمكن ان يشابه او يوازي مثيله في مناطق اخرى في اية ناحية كانت . و على سبيل المثال لا الحصر، فان البطالة التي تعاني منها اغلب الدول، لا يمكن ان نقيٌمها و نشبٌهها و نحددها بنظرة و اعتقاد و الخصائص ذاتها، فمنها من يحصل على ما يمكنه من العيش بشكل ما و ان كان يؤمٌن حياته بطريقة و اخرى او بحالة ما، و في اكثريتها مهلكة و غير مريحة و لا تتطابق مع متطلبات حياة الانسان، الا ان في مناطق اخرى لم تتمتع هذه الطبقة بذاتها باية وسيلة ضرورية كي تدبر بها على الاقل العيش البسيط فقط .
المتغيرات العالمية ذات تاثير واضح للعيان على هذه الطبقة، و ان كانت بشكل غير مباشر، و يمكن ان تكون في بقعة ما دون غيرها، و عليه؛ يجب الولوج في بحث الاطر الضيقة للمساحة و الطبيعة و الشكل المعين لمن ينتمي حقا الى هذه الطبقة، و الاجدر بنا ان يكون ميدان البحث و القراءة و الاستدلال في منطقتنا، لاننا لا يمكن ان نخرج بشيء لو لم نتعايش الواقع المدروس ، و به يمكن ضمان النتيجة الصحيحة المطلوبة .
الوعي و المستوى الثقافي العام مع المباديء الاساسية المعتمدة و منها السائدة بشكل عفوي نتيجة تاثيرات حركة التاريخ و تراكماته، و هذا ما لا يدعنا ان نضع تعريفا شاملا واحدا و معينا بشكل علمي مستندين على القواعد المنصوص عليها في التوجهات و النظريات اليسارية بشكل عام، و ما يطبق من القوانين و ان كانت منبثقة من الدساتير او كنتيجة طبيعية للعلاقات العامة و ما تفرضه علاقات الانتاج و مستوى تطورها و درجة تقدمها، و ما يمكن ان يُرى معقدا في مضمونه، هو ما نتلسمه من التمازج و الخلط الكبير بين الشرائح المتنوعة و ما يمكن ان تسمى بالطبقة الكادحة هنا، و لا يمكن ان ننبس ببنت شفة بهذا الشان في مناطق اخرى في العالم. و عليه ، لا يمكن التطرق لدور الطبقة العاملة التقليدية دون البحث في من يكون ضمن هذه الطبقة هنا ، و لا يُعقل وفق القوانين و حتى المعتقدات و الخصائص و المحددات اليسارية ان يُعتبر الفقراء المدقعين مشابهة او ضمن عناصر و محتوى الطبقة الكادحة في العالم اجمع، هذا ان بحثنا هذه المسالة بشكل تجريدي مستندين على النصوص النظرية القحة فقط. و ابسط الاسباب لما ذكرناه سابقا لو اتخذناه حجة لما نعتقده هو؛ معيار الدخل الخاص للفرد في شريحة معينة الذب لا يمكن تعميمه و لا يمكن ضمه اصلا في بعض المناطق الى الطبقة الكادحة ابدا، لانه اي دخل الفرد اكثر ، او في بقعة اخرى اقل بكثير، بحيث لا يمكن ان يُدخل ضمن سلسلة مكونات هذه الطبقة، وخاصة من هم تحت مستوى الفقر المدقع، و هي من الشرائح التي تُحتسب ايضا خارج الطبقة التي تعيش ضمن الطبقة العاملة او الكادحة . لو قورنت جميع العناصر باقرانها في البقاع المختلفة في العالم لا يمكن ان نجد تعريفا و وصفا و تسمية دقيقة لبعض العناصر ، و التي لا يمكن ضمها لاية شريحة او طبقة لحد الان .
العامل الهام في تحديد الانتماء للطبقة الكادحة هو الانتماء العقلي و الفكري و الاعتقادي لما تحدده متطلبات و مصالح الطبقة، اوعلى الاقل يجب التفكير و العمل لمصالح الطبقة على الرغم من الاعتقادات الاخرى التي يحملها العنصر ومنها مناقضة بشكل صريح لما تتسم به الطبقة، او عدم الانتماء لفكر و عقيدة و توجه و عقلية مناقضة تماما و مخالفة للسمات العامة و ما تتميز بها الطبقة الكادحة ، و عدم تفضيل ما يمنع الاحساس بالانتماء و التعايش ضمن تلك الاطر الطبيعية للطبقة الكادحة . على العكس من ذلك تمام ، في هذه المنطقة التي نحن بصددها، اننا نجد اكبر نسبة من هذه العناصر التي يُفترض ان تكون ضمن هذه الطبقة يؤمنون بما لا يتناسب مع بدائيات الانتماء العفوي لهذه الطبقة، لا بل يحسون و ينتمون بالعمق لافكار مناقضة و عكس ما تفرضه مقتضيات هذه الطبقة بشكل واضح، و هم متعلقين بالاضداد ايضا و بما تفرضه الماوراء الطبيعة و في اكثر الاحيان مضحين من اجلها بكل ما لديهم. فهل من احد منا يمكنه ان ينكر الانتماء القومي او الوطني او الديني او القبلي او العائلي او العشائري المسيطر على الطبقة الكادحة عندنا و المعروفة بالطبقة العاملة بشكل خاص في العالم، من حيث ظروف العمل والعقلية و الفكر و الانتماء طبعا ، دون معرفة الحقيقة لحد اليوم .
اما ما نلمسه على ارض الواقع، و ما وصلتنا اليه التطورات الملحوظة في الاتصالات و التقدم التقني الذي غيرفعلا معنى و مضمون و اهداف و طبيعة هذه الطبقة في العالم بشكل عام، و تاثرت بها منطقتنا بشكل خاص و بطفرة ملحوظة ( مظهريا فقط) لاسباب قد فرضت الحال على هذه المنطقة دون غيرها في العالم المتقدم اصلا، و لربما لاسباب سياسية قحة ، على الرغم من عدم نضوج و اكتمال مرحلة الانتماء و الوصول الى حال التي يمكن وصفها بحالات شاذة فقط ،بينما تظهربسمات الطبقة الكادحة الحقيقية من حيث الفكر و العمل على ارض الواقع. اي هذا التطور التكنولوجي فرض على الجميع و من ضمنهم الطبقة العاملة او الكادحة تجاوز المرحلة بشكل سريع و بنسب كبيرة جدا، و هذا ما غيٌر مجريات و تسلسل المراحل التاريخية، و هذا ما يتطلب البحث و التدقيق لبيان ما يمكن ان توصف به الطبقة الكادحة في الشرق الاوسط بشكل خاص، لتوضيح الامر و تسليط الضوء على السمات التي تتميز بها هذه الطبقة هنا دون غيرها، و هنا بالذات، لم تؤثر هذه التطورات على الطبقة الكادحة بشكل جذري و عميق، كماهو غيرها كمٌا، بل احدثت تغييرات معينة في النوعية و الطبيعة و مضمون ومحتوى الطبقة من بعض الجوانب . فلم يبق لهذه الطبقة معيارا عموميا خاصا لقياس عملية الانتاج بعد تنامي و تفوق دور الشرائح الاجتماعية و حتى الثقافية و المعرفية الاخرى، من حيث جوهر العملية و المعادلات التي استندت عليها اليسارية في تاريخها . عدا ما تفرضه البطالة و البطالة المقنعة من الامور التي تفرض قياسات جديدة عند البحث في مسيرة الطبقة الكادحة في هذا العصر و في هذه المنطقة بالذات، ان لم نخض في كيفية ايجاد المنافذ المناسبة للخروج من الازمات و لازاحة العوائق امام عمل قافلة هذه الطبقة و التي تختلف شكلا و تركيبا عن المناطق الاخرى في العالم .
هذا هو التخبط الواضح في توصيف الانتماء الى الطبقة الكادحة، الذي يفرض نفسه على المنتمين و حياتهم وانتماءاتهم السياسية، لذا ليس بعجيب ان نجد اكبر كمية او نسبة ممن يحتسبون على هذه الطبقة ظاهرا و هم منتمون اصلا و حقيقة لقوى و تيارات تخالف اصلا اعتقاداتهم مصالحهم ، لو استندنا عند تقييمنا لهذه الطبقة على ماهية الطبقة الكادحة الحقيقية و بشكل علمي صريح، و على غير ما يمكن ان يكونوا عليه كما هو الحال، فهم مرتاحوا البال و الضمير و العقلية و لم يشكٌوا ولو بلحظة بانهم سائرون على التوجه و الانتماء الخاطيء.
اذا استثنينا تاثيرات الثقافة العامة، فهل من المعقول ان ينتمي الكادح او العامل لفكر و عقيدة جل عمله و توجهاته يقف ضد اهداف و مصالح المنتمي اليه بذاته، سواء علم او لم يعلم ما هو فيه، هذا ما يحدث هنا، و هذا ما يفرض علينا ان نعتقد، بانه ليس هناك تعريف مناسب لمثل هذا النوع من ما يمكن ان نسميه الكادح وفق النظم و القوانين المعتمدة في النظام اليساري الحقيقي .
استنادا على ما سبق، ايمانا منا باحقية الطبقة الكادحة في نيل مبتغاه بشكل يليق به مهما كان سائرا في التوجه الخاطيء، فاننا متشائمون في هذا الامر، لما نراه على ارض الواقع من الطبيعة و العقلية و الثقافة و العمل والانتماء و التضحيات في الجانب الخاطيء، و هذا ما يتطلب تصحيح المسار العام بطريقة ما ، انا لا اعرف الطريقة و الكيفية للحل في ظل ما اقراه من الوضع العام وحال هذه الطبقة . وربما نعتقد بحصول القفزات عندما يطغي التطور التكنولوجي على تفاصيل و ثنايا و مميزات حياة هذه الطبقة بشكل كامل و لم تبق من الصفات التي نراها اليوم . حينئذ، يمكن ان نقترب من مقارنتها باقرانها و سماتهم في كافة مناطق العالم ، و الا لم نلمس ما يمكن تحديد اطاره و شكله بما يناسب هذه الطبقة و مصالحهم، و الدليل القاطع في هذا العصر هو الثورات العربية التي لم تحقق الاهداف التي تقع لصالح هذه الطبقة و ان كانت هي الوقود الخاص و الشرارة و القوة الرئيسية التي تقدم و استهل و ضحى من اجل نجاح الثورات .
ان اعتمدنا على التاريخ و فرضنا قليلا من التفاؤل على الذات، و ان تعمقنا فيما اقدمت الطبقة الكادحة عليه عبر الحقبات و العصور المنصرمة، نكشف ولو بنسبة ضئيلة بان الطبقة الكادحة في منطقتنا تحمل من القوة و تتسم من الصفات يمكنها الخروج من الاوحال كثيرا، و هي القادرة على تجسيد الارضية للوصول الى الواقع الطبيعي لها، انها تمتلك من الارادة لتمكنها من اخراج و خلق النور من عتمة الظلمة و تسوتلد الامل من رحم المآسي و الويلات و الظروف غير المهيئة لتحقيق الاهداف، و انها الطبقة التي تخطف الحياة من وحل الموت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. توترات متصاعدة في جامعات أمريكية مرموقة | الأخبار


.. !الرئيس الألماني يزور تركيا حاملا 60 كيلوغرام من الشاورما




.. مئات الإسرائيليين ينتقدون سياسة نتنياهو ويطالبون بتحرير الره


.. ماذا تتضمن حزمة دعم أوكرانيا التي يصوت عليها مجلس الشيوخ الأ




.. اتهام أميركي لحماس بالسعي لحرب إقليمية ونتنياهو يعلن تكثيف ا