الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مأزق الاخوان المسلمين

اسلام احمد

2012 / 4 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


ليس لدي أدنى شك أن جماعة الإخوان في مأزق حقيقي وضعت نفسها فيه ذلك أنه منذ قيام الثورة التي لحق بها الإخوان قامت الجماعة بتغليب مصلحتها الشخصية على حساب مصلحة الوطن , الأمر الذي أفقدها الكثير من شعبيتها وذلك من خلال سلسلة من الأخطاء يمكن إجمالها فيما يلي :

١_بدأ الأمر حين قام المجلس العسكري بتشكيل لجنة لتعديل الدستور برئاسة المستشار طارق البشري صاحب الميول الإسلامية كما ضمت في كيانها بعض أعضاء جماعة الإخوان بشكل بدا معه أن ثمة صفقة بين المجلس العسكري و الإخوان (راجع مقالنا هل ثمة صفقة بين المجلس العسكري والإخوان؟ 19 يناير 2012) وصولا لإصدار إعلان دستوري قاتل الإخوان من أجل التصويت عليه بنعم بدعوى نصرة الدين! , وهي صفقة بدا لاحقا أنها تقضي بتوزيع مبكر للغنائم بحيث يصير البرلمان للإسلاميين بينما ينفرد المجلس العسكري بتشكيل الحكومة وهو ما حدث إذ تمكن الإسلاميون بالفعل من الفوز بأغلبية مقاعد البرلمان بنسبة تقترب من 70% ومن ثم سيطروا على السلطة التشريعية , والخطأ هنا يكمن ليس فقط في شق الصف الوطني بالاستفتاء المشئوم وإنما في مخالفة القواعد الدستورية التي تقضي بأن يتم وضع الدستور قبل أي انتخابات مما أدخل البلاد في مأزق دستوري كما سيأتي

٢_ ولما كانت المادة 60 من الإعلان الدستور تعطي البرلمان حق تشكيل اللجنة التأسيسية لكتابة الدستور فقد حرصت جماعة الإخوان على رفع شعار (مشاركة لا مغالبة) لبعث رسالة تطمين لكل القوى السياسية متعهدة بأن يكون تشكيل اللجنة متوازنا ومعبرا عن كل فئات الشعب , غير أن الأمر اختلف حين تم تشكيل اللجنة إذ فوجئنا باستئثار جماعة الإخوان بها بالكامل بل وقيام الدكتور سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب برئاستها! , الأمر الذي دفع كثير من المؤسسات الى الانسحاب منها مثل الأزهر والكنيسة والمحكمة الدستورية العليا بالإضافة إلى بعض الشخصيات العامة , وصولا لقيام مجلس الدولة بإصدار حكم يقضي بعدم دستورية اللجنة المنبثقة عن البرلمان ومن ثم تم حل اللجنة وعدنا إلى نقطة الصفر , علما بأنه لم يعد يتبقى سوى شهرين على انتهاء المرحلة الانتقالية مطلوب فيهما إنجاز الدستور وانتخابات الرئاسة وهو ما يضعنا أمام أحد احتمالين كلاهما سيئ : الأول أن يتم سلق الدستور , الثاني أن يتم انتخاب الرئيس قبل الانتهاء من وضع دستور يحدد صلاحياته وشكل نظام الحكم!

٣_سبق للإخوان أن أعلنوا مساندتهم لحكومة الجنزوري التزاما بالإعلان الدستوري الذي يعطي للمجلس العسكري حق تشكيل الحكومة وإقالتها , ثم قاموا بتغيير موقفهم مطالبين بأن تقوم أغلبية البرلمان بتشكيل الحكومة كما هو متعارف في الأعراف البرلمانية! , رغم أن نظام الحكم في مصر لا يزال رئاسيا وليس برلمانيا حتى إشعار آخر

٤_كما حرصت جماعة الإخوان منذ بداية المرحلة الانتقالية على التأكيد على عدم خوضها انتخابات الرئاسة , أيضا لتطمين قوى الداخل والخارج , ومن هنا جاء إقالتها للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح حين قرر خوض سباق الرئاسة منفردا لذا فقد بدا غريبا ومفاجئا قيام جماعة الإخوان بترشيح المهندس خيرت الشاطر خلافا لما كانت تعهدت بها!

ولأن ترشيح المهندس خيرت الشاطر من شأنه أن يقوم بتفيت أصوات قوى الثورة مما سيصب حتما في صالح مرشح النظام السابق فلم يكن له سوى أحد تفسيرين :

الأول وهو ما أتبناه أن ترشح خيرت الشاطر جاء في إطار صفقة مع المجلس العسكري مع علم الجماعة بصعوبة فوزه وذلك بغية تفتيت أصوات الإسلاميين ومن ثم فوز المرشح الذي ينتمي للنظام السابق سواء كان عمرو موسى أو غيره علما بأن الإخوان عقدوا اجتماعا مع المجلس العسكري قبل أن يتخذوا القرار , أما عن المقابل الذي سيحظى به الإخوان جراء الصفقة فربما يتمثل في تبني نظام الحكم المختلط بحيث تشكل الأغلبية البرلمانية , المتمثلة في الإخوان , الحكومة وتتولى إدارة الأمور الداخلية للبلاد بينما يتولى الرئيس الشئون الخارجية والأمن القومي

التفسير الثاني أن جماعة الإخوان لم تكتف بالاستحواذ على السلطة التشريعية بل تريد الاستئثار بكل مقومات السلطة في مصر بما فيها التنفيذية (الحكومة والرئيس) , وهو ما يدل ليس فقط على جشع الجماعة وإنما ينطوي في تقديري على غباء سياسي إذ يعصب على أي فصيل أن ينهض بمفرده ببلد كمصر يعاني من أزمات داخلية كبيرة ويواجه تحديات خارجية صعبة

في سياق ما سبق ولأن البرلمان الذي تشكل جماعة الإخوان أغلبيته لم يحقق طموح الشعب الذي انتخبه حتى الآن ولم يحقق أيا من مطالبه في الحرية والعدالة الاجتماعية فقد فقدت جماعة الإخوان المسلمين مصداقيتها لدى الناس فضلا عن أنها خسرت كل القوى السياسية الأخرى وهو ما بدا في مقاطعة القوى الثورية لجمعة 13 أبريل بشكل بدت معه جماعة الإخوان منعزلة تماما , لم يتوقف حجم خسارة الإخوان عند هذا الحد إذ تسبب ترشيحها للمهندس خيرت الشاطر بدلا من دعمها للدكتور أبو الفتوح في انشقاق كثير من شباب الإخوان عن الجماعة وبالتالي حدوث تصدع خطير داخل جسدها , في سابقة خطيرة لجماعة يعد مبدأ السمع والطاعة أحد أهم ركائزها

غير أن أمام جماعة الإخوان فرصة تاريخية للعودة الى الحظيرة الثورية مجددا إن هي قامت باتخاذ مجموعة من القرارات تتمثل فيما يلي :

١_قيام جماعة الإخوان باعتبارها تمثل الأغلبية البرلمانية بالضغط من أجل صدور قانون العزل السياسي الى جانب وضع حد أدنى وحد أقصى للأجور بما يحقق العدالة الاجتماعية فضلا عن منع تحويل المدنيين الى المحاكم العسكرية

٢_الدخول في حوار وطني مع بقية القوى الوطنية بما يفضي في النهاية إلى تشكيل لجنة تأسيسية للدستور تعبر بشكل حقيقي عن كل أطياف الشعب

٣_سحب جماعة الإخوان المسلمين مرشحها , سواء كان خيرت الشاطر أو محمد مرسي , وقيامها مع كل القوى الثورية بدعم الدكتور أبو الفتوح باعتباره يمثل الثورة في مواجهة مرشح النظام السابق وذلك منعا لتفتيت الأصوات

أدري أن اتخاذ قرارات كتلك من جانب الجماعة أمر صعب ولكنه إن حدث فسيعيد لجماعة الإخوان مصداقيتها بل لا أبالغ إن قلت أنه سيغفر للجماعة كل الأخطاء السابقة وستدخل جماعة الإخوان التاريخ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و