الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خفايا الانتخابات الفرنسية :دروس اجتماعية وثقافية مستفادة

علي شفيق الصالح

2012 / 4 / 27
دراسات وابحاث قانونية



يتابع الكثير من العرب الانتخابات الرئاسية الفرنسية, التي هي الشغل الشاغل لاهتمام الفرنسيين هذه الايام, وأظهرت نتائج الجولة الاولى دروساً ومفاجآت يمكن الاستفادة منها الآن أو في المستقبل, خاصة حصول المرشح الاشتراكي فرانسوا هولاند على غالبية الاصوات، وتوقعه خلافة الرئيس الحالي في الجولة الثانية, مع أن أمله ضعيف.



ومن المنظور الاجتماعي والثقافي وبعيداً عن السياسة, يمكننا الاستفادة من الجولة الأولى للانتخابات الفرنسية كحدث مهم يجري في بلد عريق في الثقافة والديمقراطية ويقع في قلب أوربا التي تعصف بها أزمة المديونية


يمكن هنا للمواطن المؤهل أن ينافس أي مرشح حتى لو كان من ينافسه ما زال في سدة الرئاسة دون ذرة خوف , فقد حصل فرانسوا هولاند على حوالي 28.6 في المئة من الاصوات بينما حصل الرئيس الحالي ساركوزي على 27.1 في المئة من الأصوات.







وقد واجه الرئيس ساركوزي، الذي ظل في السلطة منذ عام 2007، تسعة مرشحين منافسين في جولة الاقتراع الأولى.







تعد هذه المرة الأولى منذ بداية الجمهورية الخامسة عام 1958 لا يتفوق فيها رئيس فرنسي في الفوز بدورة رئاسية ثانية من الجولة الأولى للانتخابات.







بالرغم من مصادفة الانتخابات مع العطلة المدرسية الربيعية, فقد كانت نسبة مشاركة الناخبين عالية وبلغت حوالي 80 في المئة.







ظهر نوع من التطرف في التصويت, وبالخصوص تفوق مارين لوبين مرشحة أقصى اليمين، على مرشح جبهة اليسار جان لوك ميلانشون وتبوأها المركز الثالث بعكس توقعات الاستطلاع. ويعود ذلك الى المخاوف المتصاعدة للناخبين من أزمات منطقة اليورو, ويدل على أن التطرف يحصل عادة وقت الأزمات.







تتعلم هنا كيف تواجه الخسارة في المنافسة وتحولها الى نجاح, فقد استطاع مرشح اليسار ميلانشون وباقي المرشحين الذين انسحبوا بعد الجولة الاولى التركيز على مزاياهم, وتحدثوا بثقة عن نظرتهم للمستقبل دون أن يدعوا أحداً يشعر بهزيمتهم ! فمثلاً ميلانشون وصف نفسه بأنه يملك قرار فرص نجاح هولند المنافس للرئاسة, ووصفت مارين لوبين نفسها بأنها المنافسة الاولى لليسار الفرنسي.





وصدق المثل العربي الذي يقول: افرح بالموجود ولا تحزن على المفقود.







تبقى الثقافة في فرنسا لها تأثير مهم على الأجواء الانتخابية, ولهذا يسعى هولند ليكون ثاني رئيس اشتراكي لفرنسا في الجمهورية الخامسة بعد الرئيس الراحل متران, محاولاً الاستفادة من مكانة هذا الرجل لدى المثقفين وعموم الناس.







أظهرت الجولة الاولى اختلافاً واضحاً بين نتائج صناديق الاقتراع وتوقعات الاستطلاع, مما يدل على أثر الازمات المالية والاقتصادية اليومية على سرعة تغير الرأي العام والتوقعات.







لا أحد يلومك هنا أن تغير مسارك اذا أخطأت ما دمت تعترف بخطئك, لذلك أن لم يلم الفرنسيون الرئيس ساركوزي حينما قال لا أحد يعتب على أي فرنسي أثرت الأزمة الاقتصادية على اختياراته الانتخابية لمعاناته وعائلته منها ,ولوح الى حصول تغيير في توجهاته الاقتصادية طمحاً في كسب هذا وأمثاله.





لم تحصل مارين لوبين إلا على أصوات محدودة في ضواحي المدن والمناطق الفقيرة الاخرى التي يقل حظ شبابها من فرص التعليم والعمل.







الكل يتوقع أن يسعى الفائز في الجولة الثانية مهما كانت توجهاته الى احداث تغيير في علاقة فرنسا بأوربا حال توليه الرئاسة, وخاصة فيما يتعلق بالعلاقة مع المانيا وخطط التقشف حيث مل الفرنسيين من مشاكل اوربا التي ظلت تراوح في مكانها منذ ثلاث سنوات دون أمل في حل قريب.







لا يكفي تفوق المرشح في جانب معين من الحياة واشتهاره في المجتمع لتحقيق الفوز بمنصب الرئاسة لأن ادارة البلاد تحتاج الى برنامج شامل يدعمه حزب ومرشح قريبين من الناس وقادرين على حل مشاكلهم, وهذا ما أثبته فشل المنسحبين الخمسة اصحاب الاصوات القليلة جداً وفي مقدمتهم مرشحة انصار البيئة ايفا جولي التي لم تحصل سوى 2,2 بالمئة من الاصوات.







البساطة ومحبة الناس لا تكفي للفوز بالرئاسة, لذلك بالرغم من تمتع فرانسوا هولاند بهذه الصفات ومنافسته في شبابه عام 1981على مقعد ولاية كوريز مخضرما سياسيا هو جاك شيراك الذي أصبح فيما بعد رئيسا, مما حقق لهولاند نجاحاً باهراً, الا أن البعض لا يرى فيه كفاية المكانة اللازمة لرئيس فرنسا, ومنهم ابنة منطقته برناديت زوجة جاك شيراك.







والأهم من هذا قد ثبت لنا من جديد أن التنافس على المناصب في الدول المتحضرة يتحقق من خلال حملات الانتخابات وصناديق الاقتراع وليس من خلال التحايل والغش ولا فوهات البنادق أوالهراوات.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس


.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف




.. لحظة اعتقال الشرطة أحد طلاب جامعة ييل الأمريكية المتضامنين م


.. اشتباكات واعتداءات واعتقالات.. ليلة صعبة في اعتصام جامعة كال




.. تقرير: شبكات إجرامية تجبر -معتقلين- على الاحتيال عبر الإنترن