الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشبكات الإجتماعية وهوس البساطة

حميد المصباحي

2012 / 4 / 28
العولمة وتطورات العالم المعاصر


الشبكات الإجتماعية,نشاط تواصلي حضاري,تختلف غاياته باختلاف الجماعات الناشطة به,إذ لايمكن حصر هذه الأنشطة,لتعددها,وتداخل اهتمامات الفاعلين,لكن يمكن إجمالا تعداد أهم هذه الفعاليات البشرية التواصلية,ما بين الترفيه,كمتعة وتبادل موضوعاتها,أغاني صور,وأخبار حول الكثير من القضايا,الدولية والوطنية والعربية,لكن الملاحظ أن فئة المثقفين التحقت بالشبكات الإجتماعية,تحمل هي الأخرى همومها,وسخريتها السوداء من الواقع المعاش,السياسي والإقتصادي,وحتى اختلافاتها,التي تدبرها بطرق غريبة,مقارنة مع همومها,إذ صارت تمارس الشات,أو فاكسات الثقافة,تختصر الفكر والنقد بشكل يبدو لي غريبا,وكأنها تأقلمت مع طبيعة الشبكات الإجتماعية,التي تشترط اختزالا مثيرا حول الكثير من القضايا,وفق منطق ما قل ودل,بحيث لم تعد مجالات الحياة المعاصرة,تسمح بالكثير من التفكير,إذ على كل واحد التعبير عن رأيه,دون أن يكلف نفسه أي شكل من أشكال المساءلة,عدا تلك الأسئلة الشبيهة بتعبئة خانات استطلاع الرأي,التي لاتطالب بأي تبرير أو تعليل منطقي,مما سمح بالهيامات الذاتية,الزاخرة بكل التفاهات الحكائية,الممتعة لفئات معادية للثقافة والمعرفة الإنسانية,رغم أن شبكات التواصل الإجتماعي تستهلك الكثير من الوقت,الذي يصرح روادها أنهم بحكم انشغالاتهم ليس لديهم الكثير منه,مما يعني أن المسألة ليست مسألة زمن,فلدينا منه الكثير,فهو زمن عربي,بطيئ جدا,نحن على ما أعتقد أمام عادة جديدة,وعالمنا العربي,أكثر العوالم انبهارا بالجدة,فكل جديد مسارع قبل صانعيه لاقتنائه,ولا عيب في ذلك بتاتا,فالعيوب ليس مصدرها هو,بل غاياته التي يوظف لخدمتها,صحيح,أن للمتواصلين الحق في تحديد غاياتهم المشتركة,كفئات اجتماعية,وجماعات تحاول بناء المشترك,وفق آلياتها التواصلية الخاصة حتى حسب السن,والجنس والإهتمامات,فهذا أمر طبيعي جدا,لكن أليس للمثقفين حقلهم الخاص؟ولهم اهتماماته ورهاناتهم,ولغتهم ورقيهم الحضاري والتواصلي؟أم أنهم انجرفوا مع اهتمامات الحس المشترك والعام,الذي يفرض احتراف البساطة حد السذاجة لتسهيل عمليات التواصل مع الكل بغية اكتشاف عالم الناس العاديين؟أم أن منطق العادات غلب على منطق الغايات الثقافية النبيلة,والتي تتطلب مجهودا ذهنيا وفكريا,ربما أراد هذا الصنف من المثقفين اكتشاف الهامش,ومعايشة البسطاء إمعانا في التواضع والتحول إلى سوسيولوجيين يدرسون بشبكات التواصل الإجتماعي ذهنيات المتواصلين والمتحاورين,لأن فهم الناس شرط ضروري للتحكم فيهم,وحسن توجيههم,ربما هذه الرهانات كلها غائبة,لأن التقنية كما قيل عنها في فلسفات الحداثة,ليت آلات محايدة,بل إنها تحمل في طياتها أخطر فكر,ذاك الذي يحجب الحرية بتوسيع مجالها,بحيث تصير بهلاميتها صعبة التحديد,والمطالب غير المحددة,صعبة التحقق,لكنها مغرية وجذابة حد الهوس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستارمر يتولى رئاسة وزراء بريطاينا بعد 14 عاما من حكم المحافظ


.. اشتعال النيران في منزل بكريات شمونة شمال إسرائيل إثر سقوط صو




.. ما دلالات تقدم المرشح الإصلاحي بزشكيان على منافسه المحافظ جل


.. هل يرغب نتيناهو بالتوصل لاتفاق بشأن وقف الحرب على غزة؟




.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟