الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحركة العمالية والنقابية في العراق / قراءة في امكانات التغيير

عبد جاسم الساعدي

2012 / 4 / 28
الحركة العمالية والنقابية


الحركة العمالية والنقابية في العراق
قراءة في امكانات التغيير
لا تخرج الحركة العمالية والنقابية في العراق وفي العالم، عن مصادر وروافد الحراك الاجتماعي والثقافي، شانها شأن الكائنات الحية لها عوامل التفاعل والتأثير من خلال حركة النضال والاحتجاج والتنظيم وعمق التواصل الشعبي والابعاد الفكرية والانسانية والاستغراق في الحضور والانتقال الى مراحل جديدة.
ولا يمكن مقارنة الحركة العمالية والنقابية في العراق إبان العهد الملكي ابتداء من ثلاثينيات القرن الماضي وحتى ثورة 14 تموز الوطنية العام 1958، بما جرى في عهد الاستبداد والوحشية التي عرف بها النظام السابق وما جرى ايضا بعد الاحتلال منذ العام 2003 حتى الان.
لقد اصاب العراق شلل ثقافي واجتماعي وتراجع في درجات الوعي. ويعاني التفكك والعزلة والانكفاء والخوف، ناهيك عن الارهاب والعنف والميليشيات والجماعات المسلحة.
فالعقود الاربعة، بل الخمسة ذات تراكم اجتماعي، لا نجد غير علماء الاجتماع والفلسفة ومراكز البحوث لقراءة طبيعة ومكونات هذا التراجع. وحركات التغيير الجديدة في العراق والقوى المدنية والشعبية ستكون قادرة على الحضور والتأثير بفعل تنامي مظاهر الاحتجاج والتظاهر والنقد والسؤال، والاستفادة بقدر كبير من حجم التشريعات والقوانين والحرية النسبية التي نلاحظها في الاعلام والكتابة والحوارات المتتالية. فالصراعات اليوم وبخاصة بعد العام 2003، صراع ثقافي فكري، لا يحتمل العنف والغاء الاخر او الاقصاء ابداً.
لقد تغيرت مشاهد الحركة العمالية والنقابية، لضعف القوى المدنية والتقدمية وبطء انتقال الشباب الى فضاءات العمل والمسؤولية والوعي بالتغيير، وتراجع "اليسار" الذي يصاب هو الاخر، بالتشرذم والعزلة والاضطراب، لعدم وضوح رؤية العمل بعد العام 2003.
ان ثورة الرابع عشر من تموز العام 1958، كانت نقطة تحول تاريخية في الثقافة العراقية والبرامج التعليمية ومؤسسات الإدارة والبحث العلمي وانها اضافت رصيدا مهما الى ثروة العراق العلمية، تصلح ان تكون نموذجا جميلا في الاقتداء به والاطلاع عن كثب على الانجازات التي تحققت في ميادين الفن والابداع والكتابة والتأليف والنصّ الشعري والتطور الاكاديمي والبحث الادبي.
فنحن الان في غنى عن سرد الاسماء اللامعة، لان تراثها وانجازاتها وحضورها الثقافي في ميادين الحياة على تنوعها يكفي للدلالة على انتمائها الى العراق من دون تعصب مذهبي او قومي، ولا نبالغ اذا قلنا ان العقود الاربعة الماضية لم تستطع ان تنجب نخبة تتمتع بتلك المزايا و السمات العراقية الجميلة مثلما حظيت بها اجيال الرابع عشر من تموز وما كانوا يتمتعون به من تواضع ومعرفة وتواصل مع ثقافات العالم والمحيط وإدراك لاهمية الحرية والحوار والنقد لبناء مجتمع يخلو من الخوف والعنف والتطرف. انهم اشاعوا ثقافة المحبة والتسامح وثقافة "السؤال" والمساواة" واشتغلوا على تحرير المجتمع من قيود التخلف والتهميش واسهموا في اصدار قوانين جديدة ذات طابع انساني متطور مثل قانون الاحوال الشخصية العام 1959 الذي يعتبر حتى الان نموذجا تدافع "المرأة" في العراق لاعادة العمل به، وكذلك قانون العمل وحرية "القضاء" و "الصحافة"...
فكيف يمكن التحرر من الضغوط الاجتماعية والمذهبية والسياسية المحافظة، ويكتظ العراق بحشود الاميين ومظاهر الشعوذة والجهل والدخول في نفق "المخدرات واليأس" لقد بلغ عدد الاميين في العراق زهاء تسعة ملايين ولن يخرج مع الاسف العراق من ظلام الامية ومضاعفاتها حتى العام 2030 لعدم وجود عقلية علمية متنورة، وضغوط القوى السياسية المشاركة في نظام الحكم وصراعاتها الحادة على مصالحها الشخصية والفئوية، وليس فائدة العراق وتقديم مشروعات اصلاحية... انهم "عالة" على العراق وعلى الحركة العمالية والاجتماعية والنقابية، ولن يجد العراق نفسه ويخرج من تلك القيود الا بفعل القادم من الايام والسنين بحسب الحراك الاجتماعي وفعل الاحتجاج لاعادة بناء المصانع العمالية والمؤسسات وانشاء نظام اقتصادي يعالج البطالة وتسكع الشباب، والمطالبة بضمانات اجتماعية صارمة واخرى صحية...
لهذا تتعرض الحركة العمالية والنقابية الى الانقسام وتعدد القيادات ومصادر الولاءات و "الشخصنة" الماثلة في اصرارها على القيادة من دون حوارات، بينما نقرأ ان تاريخ الحركة النقابية والعمالية بلور قيادات شابة ودخل العراق بفعل الحركة العمالية الى فضاءات الحياة المدنية.
وكانت الطبقة العاملة لعقود طويلة ذات انساغ نضالية وانسانية واجتماعية، تكونت من خلال نضالها الدؤوب لانضاج الحركة النقابية والسمات المدنية لبناء دولة عراقية جديدة.
لم تكن القوى العسكرية والقومية بقادرة على احتواء الحركة العمالية وقتئذ لجذرها الاجتماعي وتطور مسيرتها في خضم صراعات حادة...
الا ان سياسة "البعث" في العراق، كانت علامة على فاشية النظام وقسوة اساليبه كما جرى على اول اضراب عمالي عليه، يمثل الاحتجاج والوعي الاجتماعي والطبقي والسياسي على حزب فتك بقوى النضال الحقيقية في شباط 1963.
فسجل عمال شركة الزيوت النباتية مأثرة العمال النضالية في 5/11/ 1968، اي بعد بضعة اشهر على استلامهم السلطة، واستشهد العامل النقابي "جبار لفتة" وجرح عدد من العمال وتم اعتقال العشرات...
وتحتاج حركات الانتفاضة والثورة والاحتجاج في البلدان العربية الى وقت كاف لبلورة رؤية ثقافية واجتماعية، تمثل الابداع في التواصل والانتقال من حال الركود والعزلة الى حال المشاركة والمسؤولية في حركات عمالية ونقابية واجتماعية في البلدان العربية لبناء منظومة اتصالات جديدة تعتمد على الحوار ومرونة انظمة نقابية وقانونية وتشريعية تؤكد العلاقات بين المنظمات والنقابات العمالية والثقافية والتربوية.
تحية للطبقة العاملة في ذكرى الاول من ايار التاريخي
عبد جاسم الساعدي
نقابي سابق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 10 طلاب بـ-ساينس بو- يضربون عن الطعام لـ 24 ساعة دعماً لغزة


.. إضراب طلاب في معهد العلوم السياسية في باريس عن الطعام بسبب إ




.. في حصيلة غير مسبوقة.. اعتقال 2200 مؤيد لغزة من الطلاب والعام


.. طلاب وأساتذة بجامعة مانشستر يعتصمون للضغط على إدارتها لقطع ع




.. استمرار اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن