الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الانتخابات السورية ومزاد الأوهام...!؟

جهاد نصره

2012 / 4 / 28
مواضيع وابحاث سياسية


من المسلَّم به في المنطق السياسي أن الحديث عن سورية المتجددة كان يستوجب من السادة المكلَّفين بوضع قانون الانتخابات العامة الأخذ قبل كل شيء بواقع انتفاء البيئة السياسية الاجتماعية التي من دون توفرها لايمكن الحديث عن إجراء انتخابات تنافسية جادة..! إنه لمن البديهي القول إن سورية المتجددة هذه تستوجب مجلساً تشريعياً متجدداً يضفي المصداقية على حزمة الوعود والتشريعات والإجراءات المتلاحقة والمفترض أنها جاءت في سياق عملية سياسية تهدف إلى الخروج الآمن من الأزمة الوطنية الدموية التي تشهدها البلاد..! إضافَة إلى أن الوصول إلى مثل هذا المجلس تحديداً سيكون مؤشراً بالغ الأهمية على جدية المسار السياسي وسيمثِّل خطوة نوعية على طريق تعزيز الداخل الوطني الذي أفقدته سياسات الحقبة الماضية منعته والكثير من عناصر وحدته...!؟
منذ أن هيمن حزب البعث على كافة مناحي الحياة السورية لم يعد ممكناً الحديث عن وجود كتل انتخابية حقيقية خارج حدود هذه الهيمنة وهو الأمر الذي يفسّر ظاهرة انحسار المشاركة الشعبية في كل الانتخابات التي كانت تحصل على مدى السنين والتي كانت تعرف نتائجها قبل إجرائها وفورصدورالقوائم الجبهوية التقدمية..! واليوم، وقد اندلعت الأزمة بعد طول تراكم فإن استمرار الآليات السابقة سيقدم دليلاً صارخاً على عدم مصداقية الحديث المتواتر عن سورية المتجددة وربما يصح القول بعد أن تمَّ تأجيل مؤتمر الحزب أكثر من مرة أن هذا التأجيل يأتي في سياق انعدام هذه المصداقية أولاً ومن واقع أن القيادة المزمنة أدركت أنها باتت تواجه استحقاقات كبيرة وجوهرية وحساسة لم تكن في وارد توقعها ثانياً...!؟
طيب يتساءل العقلاء: كيف للمرشحين المعارضين والمستقلين وأعضاء الأحزاب الجديدة أن يتمكنوا من خوض انتخابات تنافسية مع البعثيين وشركائهم بعد خمسين سنة من الهيمنة الاقصائية التي ترجمت بأقصى أنواع الحظر السياسي والمدني والحقوقي...!؟ وكيف سيتسنى لهم ذلك فيما حزب البعث ابتلع ولا يزال كافة المنظمات المدنية والنقابية والمهنية والنسائية والشبابية والطلابية وغيرها..؟ ثم إنه وحده المتواجد في جميع الإدارات والشركات والمنشآت العامة..كما في كل البلدات والقرى والبوادي والحارات.
إن استمرار العمل بذات النهج وبنفس الآليات السابقة يعني استمرار ثقافة ومفاعيل المادة الثامنة التي ألغيت من الدستورالجديد تحت ضغط الأزمة المتفجرة وهذه الاستمرارية تتنافى كلياً مع الحديث عن سورية المتجددة فالتجدد لا يحصل بالنصوص وحدها..! ومنذ أيام قدمت الاحتفالات بمناسبة ذكرى تأسيس حزب البعث دليلاً فاقعاً على استمرار هذه الثقافة التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه..! لقد كان من الأجدى في هذه المناسبة أن تتساءل قيادة البعث عوضاً عن التغني بمليونية الحزب عن حقيقة هذه المليونية بعد أن كشفت الأزمة عدم الجدوى من وجود عشرات الآلاف من الأعضاء الحزبيين في محافظات ومدن درعا وحمص وحماة وادلب وتلكلخ ودير الزور وعموم مناطق جبل الزاوية وريف دمشق...!؟
إن سورية المتجددة تعني من ضمن ما تعنيه وجود أحزاب نوعية جديدة وليس أحزاب مليونية تنتج أزمات وكوارث وطنية كل بضعة عقود..! وسورية المتجددة هذه تعني مجلس تشريعي منتخب حقاً وليس مجلساً يتم الاتفاق المسبق على أسماء معظم أعضائه..! أما تغيير تسمية القوائم لتصبح قوائم الوحدة الوطنية أو غير ذلك بدلاً من الجبهة الوطنية التقدمية فإنه استخفاف بعقول الناخبين إن لم نقل ضحكاً على ذقونهم..وقد كشف البيان الانتخابي الذي أصدرته قيادة البعث والذي تعد فيه الشعب السوري بمحاربة الفساد ورفع مستوى معيشته بعد خمسين سنة من حكمه الميمون عن مزيدٍ من هذا الاستخفاف...!؟
إن سورية الجديدة تعني مجلساً نيابياً يراقب ويساءل ويحاسب ويسحب الثقة باعتباره سلطة تشريعية مستقلة وليس ديكوراً إدارياً لزوم السلطة التنفيذية والجهات الوصائية مثلما كان عليه الحال طوال العقود الخمسة الماضية من عمر البعث..! ومثل هذا المجلس سينتظر لزوماً المساءلة والمحاسبة من ناخبيه..! إن وجود مجلس على هذا النحو يعني أنه يستطيع بالفعل تشريع القوانين الكفيلة بتجفيف ثقافة الفساد والمفسدين التي كانت ولا تزال علّة العلل..! ثم إن سورية المتجددة هذه تعني وجود مجلس تنضوي فيه النساء والشباب بالحجم الذي يتناسب مع بنية المجتمع السوري.. وبصريح العبارة نقول: إن سورية هذه تعني أن يرى الشعب السوري بكل مكوناته مجلساً نيابياً يمثِّلهم ولا يمثِّل عليهم...!؟
طيب: الآن وبعد أن اتضح من خلال المتابعة والتدقيق أن الحال في هذه الدورة التشريعية المفصلية لكونها الأولى بعد إقرار الدستور الجديد، سيكون على نفس النحو والإملاء السابقين، فإنه وبكل الأسف والقلق والترقب نقول: إن المسار السياسي القائم لن يوصل إلى حلٍ معقول للأزمة الوطنية الشاملة..! ويبدو أن جل ما تصبو إليه السلطة من خلال العملية السياسية التي باشرتها هو محاولة احتواء الأزمة، وتأجيل مفاعيلها، والأخطر من ذلك كما يظهر للعيان يكمن في محاولة الهروب من استحقاقاتها..!؟
إنه وبناءا على ما تقدم نرى أن الترشح إلى هذه الانتخابات لن يعني أكثر من مساهمةً في بيع الأوهام، للخارج الإقليمي والدولي في المقام الأول، ولكافة السوريين كتحصيل حاصل..!؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصادر: ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق لإقامة الدولة 


.. -الصدع- داخل حلف الناتو.. أي هزات ارتدادية على الحرب الأوكرا




.. لأول مرة منذ اندلاع الحرب.. الاحتلال الإسرائيلي يفتح معبر إي


.. قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم مناطق عدة في الضفة الغربية




.. مراسل الجزيرة: صدور أموار بفض مخيم الاعتصام في حرم جامعة كال