الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شرق اوسط برعاية تركية

جورج حزبون

2012 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية



ذكرت صحيفة ( توداي زمان ) التركية على لسان وزير خارجية تركيا اثناء كلمته امام برلمان بلاده يوم 19/4 يقول / يتشكل شرق اوسط جديد وسنواصل قيادته ، ستكون تركيا رائدة في ارساء السلام ..... / جاء ذلك اثناء مناقشة تطورات الوضع في سوريا ودافع عن سياسية تركيا ازاء ما يحدث في سوريا .
كان واضحاً من اللحظة الاولى لبدء التحرك الشعبي السوري ، ان لتركيا مهمة محددة ضمن المشروع السياسي الاستراتيجي العام ، وخطط الناتو التي التي تشمل تركبا عضويته ،ولماذا تم اختيار سوريا لانطلاق برنامج التغير ، بسبب الموقع الجيوسياسي لها ، ولكونها تمثل القاعدة الاولى للفكر القومي العربي راهنا بالطبع بكل مكوناتها ولا اقصد النظام فقط !، فمنذ بداية القرن العشرين ، وقد انطلقت الحركة القومية لمواجهة الاستبداد العثماني ونهج التتريك من سوريا ، واستند الشريف حسين حتى يطلق اشارة الثورة الى موقف دمشق ، وكان ولده فيصل دائم الحضور فيها للتنسيق ثم بعد هزيمة العثمانين تم اعلانه ملكاً على سوريا ، حتى رفضت ذلك فرنسا التي كانت سوريا حصتها حسب اتفاق الحلفاء ، وربما بسبب ذلك اقطعت اقليم الاسكندون لتركيا ، وفصلت لبنان نهائياً ، وانجزت بريطانيا حصتها من العملية بتسليم فلسطين لاقامة اسرائيل ، وسلخ اقليم عربستان لصالح ايران .
بقراءة موضوعية نلاحظ ان السبب الاساسي للحرب العالمية الثانية ، كانت نتائج الحرب العالمية الاولى ، والاتفاقات الموقعة في فرساي لتقسيم اوروبا بين الحلفاء ، او المنتصرين بالحرب ، والاتفاقات المجحفة للدول المهزومة ، فكانت الثانية محاولة لتصويب او لتغير تلك النتائج ، لكنها افرزت وقائع جديدة ، اهمها بروز الدور الاميركي ، والمكانة التي حققها الاتحاد السوفياتي وانقسام العالم للتحالفات الجديدة ، بما عرف بالحرب الباردة ، والان بعد انتهاء تلك الحرب وتغير النتائح الحربين الاولى والثانية، وتوفر ظروف وامكانيات لاستكمال مهام تلك الحروب عبر صياغة جديدة للعالم ، وحسب مقتضيات الحال الاقتصادي والمالي العالمي ، كان لا بد من اجراء ذلك التغير .
وبالتأكيد لا بد ايضاً من دراسة واقع المنطقة ليجيء المتغير متوافقاً مع الاهداف والغايات ، ولا بد من ان يستند التغير الى تحالفات محلية لتكون بديلا ولو مرحليا لانهاء الوضع الراهن والمتمثل ، في بروز قوى محلية متطرفةاصولية مستندة الى الدولة الشيعية الاسلامية بالمنطقة ( ايران ) والتي تملك قدرات اقتصادية وبشرية تؤهلها لهذا الدور ، ناهيك عن انها تملك طموحات قومية لا تخفيها ، لرد اعتبارها التاريخي كامبراطورية فارسية ، وفي ذات الوقت هناك قوة اخرى تملك هذا الطموح ، وهي الدولة الاسلامية السنية التركية ، التي فقدت امبراطوريتها وايضا قيادتها الروحية للعالم الاسلامي( الخلافة ) ، ولم تستطع القوى القومية العربية من انجاز مهمتها بوحدة قومية عربية ، ولم يستطع اليسار الاقليمي ان يشكل له حضوراً فاعلاً ، فانتعشت الحركات الاسلامية بمختلف المشارب الفكرية الاصولية ، وبدأ يظهر لها حضوراً سياسياً ، بل وصراعات منهجية ، استدعت لها الخلافات الاسلاموية التاريخية منذ ما سمي بالفتنة الكبرى .
ومع التوقف الراهن لمصر عن دورها ، وانتقال الثقل للقرار السياسي العربي لبلدان التحالف الخليجي بقيادة السعودية ، وخروج بغداد من المعادلة ، كان الخيار سوريا ، ولم يستطع نظامها قرأة الخارطة السياسية ، وزاد من الاستبداد بدل الانفتاح والديمقراطية ، مبرراً موقفه بانه معرض لهجمة عدوانية ، لم يقابلها بقاعدة شعبية صلبة موحدة ، بل افرط في ضربها ، وتحالف مع حزب الله اللبناني معارضا لكافة القوى الديمقراطية في لبنان ومناصبها العداء ، حتى اصبحت التفجيرات ، والاغتيالات للقوى التقدمية بلبنان تشير بالاتهام الى النظام السوري ، فسهل على الجميع مهمة مواجهته والعمل على اسقاطه بشعارات شعبية وتحالف مع الجماهير السورية المضطهدة ،حتى اصبح لا يكاد يحتفظ بوجوده او القبول به محاوراً للمعارضة لفتح صفحة جديدة في سوريا وافشال الهجمة المعادية التي تستغل الصراع الداخلي ، ولا بد هنا من الاشارة الى اسرائيل في هذه المعادلة ، فهي ليست مجرد حاضرة ، بل عنصراً فاعلاً ومتحالفاً مع كافة المتربصين ، حيث في النهاية ستخرج هي المستفيد الرئيسي من ضرب قوى الحرية الديمقراطية في الوطن العربي، واعادة صياغته على قاعدة حضور اسرائيل دولة مركزية بالمنطقة ، وقد يكون الخاسر الاكبر فلسطين باعتبارها حالة يجب ان تنتهي ، ولم تعد قضية شعب او قضية العرب الاولى ، فالمتغيرات فرضت اولويات اخرى ، والطموحات والمصالح للبدان العربية لم يعد ممكناً ربطها بتلك الحالة المزمنة والمؤرقة ، والمنتجة للحالات الثورية العربية ، فقد اصبح الانتهاء من ( الخطر الايراني ) اكثر اولوية ، وجزر الامارات الثلاث اكثر اهمية من فلسطين ، والتمدد الشيعي اكثر ضرراً من الصهيونية ، وهكذا تغيرت الاولويات والمصالح تلاقت شرقاً وغرباً ، فلم يعد يحتمل حزب الله وكيل ايران ، والواقع اللبناني الراهن لن يستمر، وملوك الطوئف ستنتهي بالضرورة مرحلتهم، وبداية الطريق عبر دمشق ، وهذا المخطط المستهدف من الصعب له ان يتم فقط عبر تحركات شعبية وقد استوفت مهامها ، ومن الصعب الحضور العسكري المباشر على الطريقة الليبية ، فقد يحرض الشعوب التي ترفض استبدال قمع باستعمار ، ولتمرير حالة متدحرجة فان الامال منعقدة على تركيا ، فهي عضو في حلف الاطسي ، وقد اشار رئيس وزرائها ( اردوجان ) الى امكانية تفعيل المادة الخامسة من ميثاق الاطلسي التي تخوله تلقي دعم واسناد من الناتو عند تدخله في سوريا ، والذي قد يمتد الى لبنان لحسم الصراع نهائياً ، مع عدم اغفال امكانية افتعال اسرائيل سبب ما والدخول ولو بشكل محدد في تلك الحرب خاصة جنوب لبنان وجنوب فلسطين ،او تنفذ تهديدها بضرب منشئات ايرات النووية ، لتشتعل حرب محاور تمهد لذلك التغير على حساب الشعوب ، ولعل الاخطر هنا هو اندفاع اسرائيل لتنفيذ مخطط ( الترنسفير ) الذي ظل جاهزاً في برامجها دائماً ، واحتمالية ذلك عبر الاردن الذي واضح انه منتبه لذلك الخطر ويتخذ الاجراءات المتعددة سياسياً وقانونيا وامنياً لوقف تلك الامكانية، ربما اكثر من ذلك فان التغير الشرق اوسطي لن يكون الاردن بعيداً عنه ، تحت احتمالين اما اقامة كونفدرالية بحيث تطمن الجماهير من اصول اردنية ، واما اعطاء الاردن دوراً اكبر مساحة وسياسة فيما قد تؤول اليه الامور ، فهو صاحب نظام مستقر وقوى امنية قادرة وجيش منضبط ، وله اتفاقية وادي عربة مع اسرائيل ، يعترف بها ويعلن السلام معها ، ويسمح بهامش من الحريات ، يهتم الملك في الفترة الاخيرة على توسعه ، وليست محاولات ضمه التي اثيرت اخيراً لدول التعاون الخليجي بعيدة او عصية على الفهم ، حيث ذلك لمجلس يحتاج الاردن بقدر ما يحتاجه الاردن ،ومعادلة الامن والمال هنا تتبادل المصالح ، فقد ظل الاردن ، عصياً على الاضطراب الداخلي رغم محاولات الاسلامين المحدودة ، لكل هذا فان بقاء هذا البلد بنظامه له اهمية قد تصل الى حد توسيع دوره .
وبذلك التصريح يكون وزير خارجية تركيا قد افصح عن قرب مرحلة التحرك المادي ، وان كان سبقه وزير فرنسا تلميحاً ، ويبدو ان التحالفات اكتملت والمخطط وضع ، ولوقفه لم يبقى مجالاً واسعاً بعد ان تم حصر دور ومكانة وفاعلية المعارضة ، وسيكون الاسلام السياسي اهم شعارات المخطط الهادف لتغير الشرق الاوسط بقيادة اسلامية ربما تركية ونموذجها لتكون مثل عصا موسى تلقف كافة الافاعي وتنهي مرحلتها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا ريت يحصل
سامي بن بلعيد ( 2012 / 5 / 1 - 07:33 )
يا ريت يحصل لاننا سنكون بعقل وقلب
بدلاً من ان تقطعنا سكاكين الاسلاميين المتشددين من جهه وسكاكين العلمانيين المتشددين من جهةٌ اخرى

اخر الافلام

.. غزة بعد الحرب.. قوات عربية أم دولية؟ | المسائية


.. سلطات كاليدونيا الجديدة تقرّ بتحسّن الوضع الأمني.. ولكن؟




.. الجيش الإسرائيلي ماض في حربه.. وموت يومي يدفعه الفلسطينيون ف


.. ما هو الاكسوزوم، وكيف يستعمل في علاج الأمراض ومحاربة الشيخوخ




.. جنوب أفريقيا ترافع أمام محكمة العدل الدولية لوقف الهجوم الإس