الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عمل الاطفال في الشوارع

نبيل جعفر عبد الرضا

2012 / 4 / 30
الادارة و الاقتصاد


في سياق المؤشرات التي تعكس التناقض بين غنى العراق بموارده الطبيعية وثرواته البشرية والاقتصادية الهائلة والتي تكفي لجعله في مستوى الدول المتطورة وبين المستوى المتدني لحياةالعراقيين في المجالات الحيوية كافة ، تأتي ظاهرة عمل الاطفال في الشوارع كأحد المؤشرات الدالة على هذا التناقض حيث تشير التقديرات الى ان الاطفال الذين هم في سن ( 5-14 ) والذين يمارسون اعمالا مختلفة يشكلون نحو 8% من اجمالي عدد الاطفال وترتفع هذه النسبة الى 12% في الريف مقابل 6% في الحضر وترتفع هذه النسبة بين الذكور الى 11% وتنخفض بين الاناث الى 5% 0 ويزداد الوضع سوءا اذا ماعلمنا ان نحو ربع اطفال العراق يعانون من امراض سوء التغذية، وبالاضافة الى العوامل الوراثية ترتبط ظاهرة عمل الاطفال في الشوارع بما يلي :
1- العامل السياسي : وهو مرتبط بأخطاء النظام السابق والتي نجم عنها الحروب والحصار والدمار الاجتماعي مما اثر على جوانب الحياة كافة ومنها الجانب الاجتماعي 0 لقد برزت ظاهرة عمل الاطفال في شوارع العراق بعد حرب الخليج الثانية وماتلاها من ظروف الحصار الاقتصادي فضلا عن سلطة القمع والقهر التي مارسها النظام السابق ، كل هذه الظروف القاسية القت بظلالها على العائلة العراقية التي فقد العديد منها احد الوالدين وعادة مايكون الاب 0 هذا المشهد السياسي اثر بصورة مباشرة او غير مباشرة على تكوين مشهد اطفال الشوارع لافتقاد الاسرة الى المعيل والمربي
2- العامل الاجتماعي : وهو يرتبط بكبر حجم الاسرة والذي يبلغ نحو 3و7 فرد في الاسرة كمتوسط فضلا عن التفكك الاجتماعي الذي يدفع الاطفال عادة الى العمل في الشوارع
3- العامل الاقتصادي : وهو مايؤدي الى تفاقم مشكلة الفقر الدقع في العراق والتي تطال اكثر من 45% من افراد المجتمع العراقي الذين يعيشون على اقل من دولار واحد يوميا 0 وفي مجال الخدمات هناك وضعا كارثيا اشار ايه بجلاء اول مسح عن الاحوال المعيشية في العراق اجرته وزارة التخطيط والانماء العراقية خلال النصف الثاني من عام 2004 ، ففي مجال الاسكان اظهرت نتائج المسح ان 10% من الاسر العراقية تعاني من الاكتظاظ مما يشير الى عجز في الوحدات السكنية بواقع 5و1 مليون وحدة سكنية 0 وفي مجال الطاقة الكهربائية تعاني نحو 85% من الاسر من عدم استقرار الطاقة الكهربائية 0 واظهرت النتائج ان 54% من الاسر تحصل على مياه صالحة للشرب وان 37% منها فقط ترتبط مساكنها بشبكات صرف صحي مناسبة في حين ان نسبة توفر المياه الصالحة للشرب ترتفع الى 78% في الدول النامية و 86% في الدول العربية عام 2004 0 وفي مايتعلق بتأثير الحروب ظهر عدم انتظام الهرم السكاني ليعكس انخفاضا نسبيا لعدد الرجال بعمر 35- 49 عاما حيث انخفضت نسبة السكان من الذكور لهذه الاعمار بنسبة 12% 0 وفي المؤشرات الصحية قدر معدل وفيات الامهات بنحو 193 لكل 100 ألف ولادة 0 وفي اطار المؤشرات المتعلقة بالقوى العاملة قدرت البطالة بأكثر من 50% 0 ان هذا الانحدار المريع في مؤشرات التنمية البشرية في العراق قد ساهمت وعلى نحو واضح وصريح في تفاقم ظاهرة عمل الاطفال في الشوارع لانها زادت من الضغوط الاقتصادية والمعيشة على العائلة العراقية وهي ضغوط ساهم فيها النظام العراقي والنظام الدولي الراهن على حد سواء ، وفي هذا الصدد يقول الدكتور برهم صالح وزير التخطيط العراقي السابق ( لايكفي الاستنتاج بأن النظام الاستبدادي هو الذي انهك الشعب والوطن في حروبه الداخلية والخارجية وبدد الثروات البشرية والطبيعية بل لابد ايضا من الاشارة بأسف بالغ الى مسؤولية النظام الدولي ) ان هذا الاستنتاج يرتبط باستمرار الحصار الاقتصادي على العراق لمدة 13 عاما دون مسوغ انساني فضلا عن فشل برنامج النفط مقابل الغذاء في وضع ثروات العراق في خدمة ابنائه 0 ان هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي المأساوي في العراق قد افرز مشكلات اجتماعية خطيرة لعل اخطرها انتشار ظاهرة عمل الاطفال في الشوارع 0 حدد قانون العمل في العراق الرقم 151 لسنة 1973 الحد الادنى لسن العمل ب 15 سنة الا ان انتشار ظاهرة الفقر دفعت العديد من الاطفال الى ممارسة العمل في الشوارع ، ففي دراسة قام فريق من الباحثين في جامعة البصرة لحساب برنامج الامم المتحدة الانمائي عن محافظة البصرة توصل الى ان عدد الذين يعملون في الشوارع يبلغ ( 50000 ) خمسون الف شخص ومن بين هؤلاء تم اختيار عينة من ( 2000 ) شخص يعملون في الشوارع وباعمار مختلفة بين رجل وامرأة وطفل وشيخ ،وجد ان 59% هم من الاطفال الذين تقل اعمارهم عن 10 سنوات وقال 73% من الذين يعملون في الشوارع انه يشكل المصدر الرئيس للدخل بينما اعتبر 27% ان عملهم هذا يشكل دخلا اضافيا 0 ويبدو ان ظاهرة عمل الاطفال في شوارع البصرة هي في تزايد مستمر حيث يفضل جميعهم البقاء في هذا النشاط لانه الخيار الامثل امامهم وبالتالي فأنهم مستعدين لتحمل ماينجم عنه من مخاطر حيث ان العديد من الاسر ليس لديها مورد اقتصادي سوى الدخل الذي يحصل عليه اطفالهم من العمل في الشوارع 0 ان عمل الاطفال الذي تفاقم منذ الحصارولحد الآن في البصرة وبقية المحافظات العراقية قد هئ البيئة المناسبة لجنوح الاطفال ، فقد اظهرت احدى الدراسات ان 70% من الاطفال قد ارتكبوا سرقات خلال وقت العمل وان 67% منهم قد ارتكبوا تلك السرقات بمساعدة آخرين وذكر 45% انهم يعانون من ظروف العمل السيئة وقسوة صاحب العمل 0ولذلك يغدو من الضروري وضع حد لعمالة الاطفال في الشوارع وغيرها من اماكن العمل غير المناسبة والتي لاتنسجم مع براءة الاطفال ، فضلا عن ذلك فأن الاطفال عادة مايشكلون الدعامة الاساسية او اللبنة التي يقوم عليها مستقبل أي بلد وهو مايتطلب مزيدا من العناية بالاطفال والارتقاء بهم الى المستوى الذي يحافظ على السلام والاستقرار الاجتماعي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عيار 21 الآن.. سعر الذهب اليوم الجمعة 26-4-2024 بالصاغة


.. أمين عام -الناتو- يتهم الصين بـ”دعم اقتصاد الحرب الروسي”




.. محافظات القناة وتطويرها شاهد المنطقة الاقتصادية لقناة السو


.. الملاريا تواصل الفتك بالمواطنين في كينيا رغم التقدم في إنتاج




.. أصوات من غزة| شح السيولة النقدية يفاقم معاناة سكان قطاع غزة