الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تراجيديا السياسة العربية.. عن ما جرى و يجري للعجوز و الحيتان في المستنقع العربي

محمد بقوح

2012 / 4 / 30
كتابات ساخرة


إن بحر السياسة لعميق جدا. و إذا تحدثنا عنه بصيغة المذكر، في العالم المتخلف، الذي ننتمي إليه، من طبيعة الحال، المتخلف راهنا عن الركب الإنتاجي و الحضاري و الإنساني، فلا مناص من تحويل وجهة حديثنا، إلى بحار سياسية عربية مشوهة من صنف المستنقعات البشرية، التي لا يفقه في خباياها الحقيقية - إن كانت لها خبايا حقيقية - سوى حيتانه الخبيرة، و قروشه الهرمة، في حقل لعبة مدّ السياسة، و جزْر سياسة اللعبة.. و لم تكن جودة اللعب السياسي أبدا، مرهونة بلون الشيب، الذي يطفو فجأة على رأس اللاعب السياسي، أو بتحرير ضفرات شريط اللحية، المصقولة أو المزركشة باللون الأبيض و الأسود، المعلق بلطف في ذقن هذا الرجل السياسي العجيب.. أو بطلعة فريدة لانحناء أعزل، في ظهره المسطح، و الذي استوى، بقدرة قادر، ثم عاد خائبا، فبات على شكل قوس قزح مندهشا.. بل هي، أي السياسة، .. الجميع يقول أنها كائن حربائي، لا يمكن الثقة فيه.. سلوك قد يكون نافعا، في اليوم الأسود، كالدرهم الأبيض تماما.. و السياسي، رجل مراوغ و مخادع إلى أقصى حد، فهو قادر على وضع قدمه الأولى، بلطف كبير، داخل دائرة المصلحين و الديمقراطيين النزهاء، و قادر أيضا أن يضع بثبات مماثل قدمه الثانية خارج الدائرة، و مع ضدهم المفسدين و أكبر لوبيات البلد و الوطن. كل هذا يتم بالنسبة إليه دون أن يعرف، أو أن يشعر به أحد. أو لنقل، أنهم يضعون أقنعة في النهار، و مع غروب الشمس يتحولون إلى ملامحهم الحقيقية.. ملامح وجوه خفافيش الليل. هو بمثابة شبح العصر، الذي يجب القيام بمناظرات وطنية هامة، من أجل التعريف به، و الكشف الفعلي عن حقيقة هويته السياسية، و محاسبته.. و ليس الاكتفاء بتعليق لوائح إسمية لعناوين وجوهه المزورة.. تلك اللاوطنية و اللاشعبية.

إن السياسي العربي الطاغية يفعل ما يفعل متكبرا متجبرا، و كأنه يخدم وطنه، بفضل أحذية شيوخ الاجتماعات السياسية التافهة، و الرحلات المكوكية الأسبوعية المربحة له، في فنادق شعبية تخلت عنها نجومها.. عبر أجنحة الخطب البليغة، من أجل الضبط الجيد لقواعد اللعبة السياسية، و التقرب الأمثل من جحور المواطنين.. لعبة يتقنها من يدرك كيف يملك وسائل التحكم، و ضبط قواعد لعبها الظاهرة و الخفية، موازاة مع لعب السلطة الحاكمة، و المهيمنة بشباكها و شركائها أولا، و بمنظريها و فقهائها التابعين لها ثانيا.. هو ذا الذكاء السياسي المتقدم، الذي تمتاز به حيتان بحر السياسة في العالم العربي، لكن نتائج هذا الذكاء، لا تكون دائما محسومة الضمانات، و في صالح العجوز و الزعيم الراوي، أي الكائن السياسي الأكبر سنا، و الأكثر خبرة و تجربة، في عملية الغوص و كتم الأنفاس، داخل مياه المستنقع السياسي العربي العكرة.. مياه تاريخية كتبت بمداد السلطة الجارية الطاغية و المهيمنة؟
إنه العجوز الحالم، الذي - يبدو لنا - منشغلا راهنا بلمّ أشيائه الصغيرة.. و الفواحة برائحة كريهة.. مستعدا لمغادرة قصر صخور بحر اللعب السياسي الرسمي.. لسبب بسيط، هو أن شروط بقائه، داخل الملعب، و إلى جوار قبب معاناة الشعب السامقة، لم تعد متوفرة و لا ممكنة، في ظل ارتفاع صوت مرضى التغيير و الحرية و التحرير العربي، من كل أشكال الفساد و الميز و التضييق الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي و السياسي و اللغوي.. و مواصلة وجوده الصوري، كلاعب سياسي يدعي الحكمة، لا قيمة لها تذكر، في هذا الزمن العربي الجميل بروائح الثورة البهية. لاعب خدوم بصيغة ( جوكير ) ، الكل يجمع على أنه من صنع الإرث التاريخي، لمملكة نسب الكراكيز، في خطة الديناصورات الآثمة : خط الدفاع و الهجوم، و حراك الخطوط، في نفس الوقت، و في عين كل الأمكنة، مخترقا الحال و المحال، خطة صارت اليوم، مع رياح التغيير الربيعي الحتمية، الآخذة في التكون و التجدر، و التطلع إلى قوة الأمام، التي تقودها سواعد و حناجر الشباب العربي، و كل شباب العالم الحر و المتعطش للحرية و الكرامة. هي نفس السفينة التي قادته إلى القيادة.. سفينة نجاته تنتظره هناك.. تنتظر جميع القروش و سفاكي الدماء. قيادة بدون بوصلة. أو ببوصلة موجهة و مختارة من معدهم المناسب، لسياسة التلصص التي نفذوها بإحكام. و هي السياسة التي رفضها الرأي العام العربي الشعبي قاطبة.. بل يبدو أنها خطة تجاوزها تاريخ الواقع الجديد، و صارت ضمن أسئلة كتاب أخوات كان، لصاحبه عبد القادر الشاوي المغربي المغترب، لأنها فكرة / أفكار أصيبت بالعقم الكلي، و الشلل المسبوق بهذيان الرأس، المثقلة بشيب الفساد.. و لا جدوى المجتمع في الشمال النافع المعاند.. و قد حان الوقت، الآن و هنا، لتنقرض كائنات مصقولة، أو دمى متعبة.. تتحرك حسب الطلب الحزبي و الخارجي، بصفة نهائية، و هو مطلب شبابي و شعبي، مع الولادة الثورية الجديدة المباركة، لتراجيديا فعل الشوارع العربية الياسمينية و الفلية و الفيبرايرية ... قوة الفعل الاجتماعي و السياسي العربي راهنا.. القوة البديلة العارفة بالفطرة، كيف تصارع الكبار/ الضعاف.. و تمزق دائرة الصمت و الخوف التاريخيين، اللذين اعتقلوا بداخله الشعب بالكامل.. لكن ضرورة الحذر من انزياح عرباتها أمر أساسي و يقيني.

إنه عيد مزدوج الهوية. عيد الثورة الربيعية المجيدة، الذي بدأ يزهر و قريبا سيثمر. و عيد بئيس لولادة الحيتان السياسيين الجدد.. و قد بات شأن بقاء الوجوه القديمة، في قيادة زورق السياسة و التسيير العربي، أمر مشكوك فيه، إن لم نقل من المستحيلات. و نعني بقاء زعماء الحيتان و من معه، على صخرة البحر، و الصنارة الحمراء و المسنة بين يديه المرتعشتين، بقاء فيه الكثير من الخطورة، ليس للصياد كشخص، بل أيضا و خصوصا لقبيلته السياسية المرتبكة، و المرفوضة من طرف تسونامي غضب الشباب العربي القادم.. بقاء عجوز البحر الطويل، في ملعب السياسة العربية المزيفة التي ولت، أو في طريق الانقراض، هو تحصيل حاصل عبث لعين، لا محالة، سيجلب صداع الرأس، و صخب الموج المتدحرج، من أعلى قمة جبل الظمأ الشعبي، الذي لن يرحمه هذه المرة، مطلب الإرادة القوية الوطنية الحقة، لصفعة أمواج البحر العاتية القادمة.
لعل الشباب العربي اليوم، سيسجل له التاريخ الحديث، بحروف من ألماس، شرف نجاحه الأكيد، إخراج قبائله و تراث أجداده و شعوبه التواقة للحرية و لا تزال، و التي كانت إلى وقت قريب أوثانا لا حياة فيها، نقول إخراجها من أنفاق ظلم و ظلام السياسة و السياسيين الطغاة، ممن مروا ذات يوم من هنا. لم يعد يتحمل الشعب و الشباب العربي رؤية زعيم قديم، يقود زورقه السياسي الآخذ في التحرر الوشيك. لأن موج البحر لا يبتلع سوى الزعماء.. أو الذين يتوهمون أنهم زعماء وطن كبير، اسمه العالم العربي و الأمازيغي الكبير، يتهافتون على تشريح خيراته المتبقية.. أو ما تبقى من عناصر أحلامه الصغيرة و الكبيرة، و آهاته القديمة و الحالية المغتصبة ؟ هو زمن ولى. و لن يكون بعده زمن يعود فيه التاريخ إلى الوراء. فهبوا أيها المؤرخون و اكتبوا عن تاريخ ما يجري للعجوز العربي و حيتانه الأوفياء. إنه الشباب القوي الذي يصنع مستقبل وطنه الكبير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في