الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على خلفية حبس الزعيم

معاد محال

2012 / 4 / 30
الادب والفن


الآن -وبعد أن هدأت العاصفة نسبيا-، أستطيع أن أقول أن المنتفعين من الدين والمسترزقين به لا يملون ولا يكلون في البحث عن وسائل جديدة تمكنهم من الظهور والشهرة وليبقى وجههم دائما في الأماكن البارزة من الصحف، وليكون لهم رأي ولتكون لهم كلمة مسموعة في كل مجال من مجالات الحياة، في العلم وفي الاقتصاد وفي السياسة، وغالبا ما يكون هذا التطفل غير مرحب به من طرف المهتمين والعاملين في هذه المجالات، وإن كنت أرى بين الحين والآخر في البرامج التلفزيونية الاجتماعية رجل الدين يجلس جوار الطبيب وعالم النفس يقول كلمته في ظاهرة الإدمان أو الدعارة أو الشذوذ الجنسي. واليوم، يمتد هذا الزحف ليطال المجال الفني السينمائي ليدلوا فيه –هو الآخر- بدلوهم، والأكيد أن قضية سجن عادل إمام هي فرصة ذهبية يجب استغلالها ليشرحوا للناس كيف يكون الفن وكيف يكون الإبداع، وهي مناسبة ليضعوا له قيود وضوابط وأحكام، وربما قد تنتج هذه الضجة ما يمكن تسميته: "ناقد فني إسلامي" على غرار "باحث في الإعجاز العلمي" في مجال العلوم، توكل إليه مهمة الحكم على الأعمال الإبداعية أهي حلال أم حرام، هل هي إباحية تبرر المنكرات والمفاسد الاجتماعية أم تهاجم الدين من خلال عرض وجهات نظر مخالفة للشريعة. فيصبح أتباع هؤلاء يحكمون على الأفلام وعلى اللوحات الفنية وعلى المسرحيات بكل ثقة وغطرسة وتعصب، وفي نفس الوقت لا يقدمون على حلق شعر أجسادهم ومضاجعة زوجاتهم قبل الاستشارة مع شيخهم.
إن أي عمل فني، كيفما كان نوعه وكيفما كانت مرجعيته، لا يمكن أن يخرج عن نطاق البحث عن الحقيقة دون أن يدعي امتلاكها، وهذه الخطوة يسبقها الإحساس بالغموض ثم الشك فطرح السؤال، وأنا أعتقد أن للعلم والفن نفس المنهجية، فكلاهما يبدآن بالإحساس بالغموض والحيرة ثم يخوضان في البحث والاكتشاف، غير أن الأول يتعامل مع المظاهر الطبيعية المادية والثاني يتعامل مع ما هو نفسي وداخلي للإنسان، لكن الغاية هي واحدة ألا وهي جعل حياة الناس أفضل، والمبدع بطبيعته-شأنه شأن العالم- شخص فضولي يرافقه الغموض دوما ولا تفارقه النظرة الطفولية الفضولية للعالم مهما بلغت إنجازاته، والتاريخ والحاضر يشهدان بأن تفوق أية أمة مرهون بعدد العلماء والمبدعين المتواجدين فيها. والأعمال السينمائية التي كان لعادل إمام دور رئيسي فيها لا تخرج عن ذلك النطاق، أما ما يجعلها في نظر بعض رجال الدين "ازدراء للأديان"، هو كونها تتعامل بحياد وأحيانا بأسلوب نقدي مع آرائهم وتصوراتهم، كيف لا وهم يرون في أنفسهم الدين نفسه؟، أما يروجون له عن كونها أعمال تهاجم الدين هو ادعاء غير صحيح، فلا النصوص الدينية ولا شخص الرسول ولا الذات الإلهية تعرضت لها هذه الأعمال، وفي المقابل كان لها موقف من بعض مظاهر التدين كالحجاب واللحية وغيرهما وهي مظاهر غير مقدسة وعليه فهي قابلة للنقد والمناقشة والسخرية أيضا باعتبارها حق و شكل من أشكال النقد، فإذا كانوا يرون بأن آراءهم وأفكارهم مقدسة فتلك مشكلتهم، إن طبيعتهم قريبة من طبيعة الحكام الديكتاتوريين الذين يرون في كل شخص لا يتفق معهم أو ينتقد سلوكهم عدو يجب محاكمته.
وأما عن الفكرة التي كان يطرحها أحد الإخوان في الفضائيات بأن هذه الأعمال قد سطحت العقل العربي وجعلته تافها فهي تستحق وقفة تأمل، فقضية تسطيح العقل العربي نتركها مهمة البحث عن أسبابها للباحثين والمختصين والتي لا شك ستضع في قفص المسئولين عنها بعض المشايخ الكرام أصحاب الفتاوى التي جعلت الناس يركزون اهتمامهم في قضايا أتفه من التفاهة نفسها مثل لمس المرأة الخضر وقيادتها السيارة. أما عن الأعمال فتلك مسئولية المشاهد الذي لا يرى في العمل الفني سوى الجسد العاري أو القبل دون أن يكون مؤهلا لإدراك الجوهر أو المغزى من العمل، وأما عن علاقة الصورة العارية بالتعاليم الدينية فتلك مسألة فقهية، فكما يعلقون على بعض الجوانب بعبارة "لا حياء في الدين" ، فما المانع إذن من التطرق إلى مسائل تثير بعض الحساسية لدى المشاهد العربي ونعلق عليها بدورنا بعبارة "لا حياء في الدين" إذا كانت النية حسنة.
وتبقى مسألة محاكمة عادل إمام عن أعمال يعود تاريخ بعضها إلى أكثر من عشرين سنة فهو أمر يستحق الدهشة حقا، فإذا كانت تلك الأعمال جرائم فأين هم المشاركون في الجرم من كتاب ومخرجين؟ وأين هو ذلك الشيطان الأخرس الرقيب على الأفلام الذي كان يجيزها قانونيا؟ لماذا لم يحاكم هؤلاء أيضا؟
في انتظار إيجاد جواب مقنع لهذه الأسئلة أود أن أقول أن رجال الدين يريدون إقناعنا بأن فهمه صار مستعصيا ويستحيل دونهم، كي يبقوا مسيطرين متحكمين، لا يطلبون منا سوى فتح الأفواه اندهاشا بما يقولون كالحمقى والبلهاء، بينما الدين هو أبسط وأيسر بكثير من أن يخصص له كل هذا القدر من الفضائيات والمنظرين الفتاوى التي لا يحصيها العد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا


.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ




.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث


.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم




.. الفنانة فاطمة محمد علي ممثلة موهوبة بدرجة امتياز.. تعالوا نع