الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غريب ما بين عدن و برلين

صبري هاشم

2012 / 4 / 30
الادب والفن


مع الفَجْرِ يأتي الصّيّادون
وقد أَوْدَعوا في جوفِ الليلِ زوارقَهُم فارغةً
ثم على لقاءٍ آخر تَواعدوا
ومع أقاصي النَّهارِ يأتي ناظِمو أطواقِ الفُلِّ ، بائعو القاتِ ، والمُغنون .
يأتي البحّارةُ
مثلما يأتي بالموجِ بحرٌ وبرائحةِ اليودِ .
هنا في عدنَ المنفيةِ برفقٍ إلى طرفٍ في صحراء
أو إنْ شئتم المرميّة إلى أكفِّ اليمِّ ، تتشابهُ الخلجانُ كما تتشابهُ النساءُ :
خليجٌ في التّواهي تصبُّ أدمعَها فيه عيونُ المدينةِ .
خليجٌ في صِيْرَةَ يُلَوِّحُ للغُزاةِ البرتغاليين برايةِ النَّصرِ
ويسكبُ أمامَ دهشةِ القمرِ روعةَ الحيتانِ .
خليجٌ في البُرَيْقَةِ لا ينفتحُ على الرّؤى
فنراهُ يتعرّى كما يتعرّى النّجمُ أمامَ طفولةِ السماءِ .
وخليجٌ عليهِ ما وقفَ الغريبُ ولا طالتْهُ يدُ المُشتاقِ .
إلى عدنَ يأتي البحّارةُ والغرباءُ
ويأتي قراصنةُ بهم استبدَّ البحرُ
يأتي مربو القرودِ والمَهرةُ والهنودُ
ومركبٌ لابنِ ماجد يأتي كي ينتحرَ في مسقطِ الرّأسِ
وفي حوضِ التواهي تشتعلُ في جسدهِ نارٌ .
هنا في عدنَ لا مَدخَلَ يشرحُ صدرَ المدينةِ
ولا وجِدَ متنفسٌ لغريبٍ .
يأتي البحرُ والبحّارةُ وصيّادو السمكِ المسحورِ
ويأتي تجّارٌ مِن قبّةِ السّماءِ .
إلى عدنَ الضائعةِ مثلِ لؤلؤةٍ على وجهِ البحارِ
يأتي الغرباءُ
كما يأتي إلى برلينَ غريبٌ
حيثُ برلينُ دمعةُ الرّبِّ التي سكبَها ذاتَ وداعٍ
وحيثُ يعْبرُ في الصّحوةِ سماواتٍ ومحيطاتٍ
وحيثُ يجتازُ الصحاري
برلينُ دمعةٌ أُريقتْ ذاتَ اشتهاء
برلينُ شهقةُ المحزونِ
لوعةُ ضالٍّ
وقد ظلَّ باحثاً عن طوقِ نجاةٍ
قشّةٌ لغريقٍ
برلينُ محيطٌ بلا قرارٍ
سُوْحُ وغَى
منصّةُ الرّدى
حانةُ قيامةٍ ختمتْ آخرَ أشواقِها بأفولِ الكواكبِ
برلينُ مفازةٌ تفتحُ مغاليقَها لغريبٍ
تُطلُّ عليه بلا وشاحٍ مِن علٍ
تُهديه سوسنةَ الضياعِ
وتُرشدُه نحو المتاهةِ
وبرلينُ محّارةٌ سوداءُ في إثري تجري
لا بظلّيَ تمسّكتْ ولا طالتْ وقعَ حوافرٍ منّي
برلينُ محّارةٌ لعوبٌ في إثري لما تزل تصيحُ :
اُخرجْ أيُّها الغريب
وأنا الغريبُ
غريبٌ في عدنَ
تحملُني إلى عرضِ اليّمِّ سفينةٌ للضائعين .
وعدنُ حاملةُ الأنواءِ .
طيرُ البشارةِ لنسوةٍ يحملْنَ مِن بذورِ القاتِ .
عدنُ صهوةٌ لفارسٍ أخطأَ مَسْكَ اللجامِ
رميةُ رامٍ ما عرفَ طبعَ النّبالِ
غريبٌ في برلين
حين أبحثُ عن وطنٍ بلا جدوى
تسخرُ مِن ضعفيَ المنافي
وعلى وجهي تهبُّ الرّياحُ

16 ـ 4 ـ 2012 برلين
ــــــــــــــــــــــــــــ
[email protected]












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جائزة العين الذهبية بمهرجان -كان- تذهب لأول مرة لفيلم مصري ?


.. بالطبل والزغاريد??.. الاستوديو اتملى بهجة وفرحة لأبطال فيلم




.. الفنان #علي_جاسم ضيف حلقة الليلة من #المجهول مع الاعلامي #رو


.. غير محظوظ لو شاهدت واحدا من هذه الأفلام #الصباح_مع_مها




.. أخرهم نيللي وهشام.. موجة انفصال أشهر ثنائيات تلاحق الوسط الف