الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في فلسطين حكومتان وآلاف المتعطلين عن العمل

محمد أبو مهادي

2012 / 4 / 30
الحركة العمالية والنقابية



يحتفل عمال العالم بيومهم الأممي في الأول من أيار من كل عام، هو يوم كفاحي بدأ بتضحيات عمال شيكاغو في العام 1886 م، ليستمر كفاحياً ويشمل الطبقة العاملة في مختلف أنحاء المعمورة وحيثما وجدت منشأة عمل.
الصراع تاريخي مرتبط بوجود عامل وصاحب عمل، ومع هذا الصراع هناك انجازات حققتها الطبقة العاملة بفعل تنظيمها ووحدتها، هذه الانجازات المتراكمة من أجل العيش الكريم والعمل اللائق للعمال مرتبطة ارتباطاً وثيقاً في حجمها بمدى صدقية وجدية ممثلي العمال في مواجهة أصحاب العمل ومواجهة السياسات الحكومية في كل بلد.
الحالة الفلسطينية مختلفة في كل شيء حتى في موضع العمال، رغم تشابه الظرف عالمياً من حيث الاستغلال والظلم الواقع علي الطبقة العاملة، ولكنها مختلفة كنظام حكم حيث تُحكم بنظامي حكم في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، وان أردنا اضافة الاحتلال الاسرائيلي فيصبح ثلاث حكومات، بثلاث اسواق عمل وثلاث سياسات اقتصادية، وثلاث ظروف وانتهاكات يتعرض لها العمال في فلسطين.
لأن الاحتلال الاسرائيلي قوة احتلال فالمعركة معه هي وطنية يشارك فيها كل مكونات المجتمع الفلسطيني حتى يتحرر الشعب وحكومتاه واقتصاداه وتخرج دولته الي حيّز الواقع والاستقرار، ما يمهد للحديث عن علاقات انتاج وتشكّل الطبقات الاجتماعية " طبقة عاملة- طبقة وسطى- طبقة رأسمالية" ولحظتها فقط يمكن الدخول للنقاش عبر بوابة الصراع التاريخي والطبقي بين العامل وصاحب العمل بحديث أكثر منهجية اذا كان حديثاً ماركسياً، أو نقابياً بحلًة ماركسية، كعادة الحديث في هذا اليوم العالمي الذي بدأ يتحلل من طابعه الكفاحي ليصبح موضوعاً احتفالياً.
في الحالة الفلسطينية هناك خليط عجيب لصراع متعدد الأوجه بين ظالم ومظلوم، فالظّلم مركب والظّلام ثلاث حكومات توفر غطاءاً مستمراً للظلم الذي بدأ سياسياً وينتهي اقتصادياً مخلفاً كارثة اجتماعية تطال الغالبية العظمى من أبناء الشعب الفلسطيني وتركهم ضحايا موزعين ما بين نار الفقر والبطالة وجحيم الاستغلال المنظم لمن هم داخل سوق العمل، والمحصلة أن هناك ارقاماً اذا ما نظر اليها مع كل احصاء للقوى العاملة يصدرعن المؤسسات البحثية الفلسطينية، سيكتشف قارئها خللاً كبيراً في السياسات الاقتصادية، خلل مزمن لن تنفع معه كل السياسات التنموية المعلنة من قبل حكومات وفّرت حاضنة وحماية لرأسمال فلسطيني جشع زاد الفقراء فقراً، وراكم من ثرواته على حساب السواد الأعظم من أبناء الشعب الفلسطيني، وليكتشف القارئ أيضاً أن صانعي السياسات الاقتصادية الفلسطينية هم عبارة عن موظفين لصالح القطاع الخاص الفلسطيني، ولن يكونوا في لحظة حكومات توفر الحماية الاقتصادية والاجتماعية لمختلف شرائح الشعب الفلسطيني.
بعض التقارير تحدثت عن أكثر من 600 مليونير جديد في قطاع غزة أُنميت ثرواتهم في سوق سوداء عابرة للأنفاق، في وقت ارتفعت فيه نسبة البطالة في قطاع غزة لتصل الى أكثر من 30% وتزداد نسبة الفقر والفقراء لتصل الى 80% من سكان القطاع حسب تقديرات منظمات دولية ومحلية، دون أي تدخل من حكومة المقالة التي وفرت بيئة دافئة لنمو شريحة الأثرياء وتجار العقارات والحبوب المخدرة.
والحال لا يختلف كثيراً في الضفة الغربية التي نظمت حكومتها عدة مؤتمرات اقتصادية دعت اليها العديد من أثرياء العالم والعرب بعد أن ادعت أن لديها خطة تنموية شاملة تزامنت مع ادعائها ببناء نواة الدولة الفلسطينية، ليكتشف أي باحث تنموي أن هذه الزوبعات جميعها تصب في صالح بعض الاثرياء الذين تربطهم شراكات اقتصادية مع نظراء لهم من دولة الاحتلال وأن بعض الشراكات والشركات تعمل في داخل مستوطنات اسرائيلية أو مرتبطة بشراكات داخل اسرائيل نفسها*، وليكتشف زيف الادعاء بالنمو الاقتصادي أو زيف التنمية التي تم الترويج لها بعد الاصطدام بأرقام البطالة المخيفة، والافقار المنظم المترافق مع زيادة التبعية للاقتصاد الاسرائيلي الذي زاد من تبعيته ما عرف "باتفاق باريس الاقتصادي" الذي وضع قيودا ً على المجتمع والسلطة لا يمكن التخلص منها الّا عبر طريقة يدركها الرئيس محمود عباس ولكنه يستثنيها من "خياراته المفتوحة"، ويستثنيها من رسائله الموجهة لرئيس الوزراء الاسرائيلي !!!
حالة عمال فلسطين صعبة جداً حيث ظروف العمل، ولكن الأكثر صعوبة منها هي حالة 233 ألف متعطل عن العمل معظمهم من الشباب والخريجين الجامعيين، سيصبحون أكثر من نصف مليون عاطل عن العمل بحلول العام 2020م، اذا ما استمرت الحكومات بسياساتها الاقتصادية الحالية، واذا ما استمرت النقابات العمالية غير مستقلة ولا تدافع عمّن تمثلهم، و"أحزاب اليسار" غير يسارية تنظيرها ليبرالياً ، وأحزاب اليمين غير يمينة تدعي وقوفها الى جانب الفقراء، والحكومتان رهينتان للتجّار وأغنياء الأزمات في ظل انقسام تبرّر به مختلف المشكلات الاقتصادية والاجتماعية.
عمال فلسطين ومعهم كل العاطلين عن العمل لا يمكن أن تحل مشكلاتهم المزمنة بالصبر على الابتلاء، أو بالشكوى والتذمّر من تردي الحال حتى زوال الاحتلال، فالعيش بكرامة يتطلب نهضة جماعية في وجه الظلم وصنّاع هذا الظلم، ومصادري الحقوق الاقتصادية بعد أن صادروا الحقوق السياسية، أبناء الشعب بعمّاله وفلاحيه، شيبه وشبابه، رجاله ونساؤه حاجتهم أكثر من أي وقت مضى الي ثورة "الخلاص الجماعي" تنقذ الجميع من كارثة لم يتبنأ بها "شطّار" البلد المثقفين والمحللين ومزوري الرأي العام.

[email protected]
1) راجع كتاب فلسطين وطن للبيع للباحث خليل نخلة، وبعض الابحاث الاقتصادية









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حتى تحقيق مطالبهم كافة.. طلاب في جامعة غينت البلجيكية يواصلو


.. شركة ميكروسوفت تطلب من موظفيها العاملين في الذكاء الاصطناعي




.. محامون ينفذون إضرابا عاما أمام المحكمة الابتدائية في تونس ال


.. إضراب عام للمحامين بجميع المحاكم التونسية




.. توغل صيني في سوق العمل الجزائري