الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة المصرية وصياغة الدستور

عائشة خليل

2012 / 4 / 30
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


غيرت الثورة المصرية وجه مصر، وبدأ الحراك السياسي الحقيقي بعد عقود من الركود. ومن المثير رؤية التجربة السياسية تتسع ليتبارى العشرات في السباق الرئاسي، والأحزاب المختلفة تنشأ، وعامة الشعب يدلون بدلوهم في مضمار كان مغلقًا أمامهم لسنوات طوال، ولكن الأكثر إثارة أن نرى الحراك السياسي يمتد ليشمل نساء الوطن.
قدمت حركة (بهية يا مصر) قائمة تضم مائة وخمسين اسمًا لسيدات مصريات رشحتهن الحركة للانضمام إلى لجنة صياغة الدستور. والقائمة التي ضمت ابتداء مائة اسم، اتسعت لتضم خمسين آخرين، مع التنويه أن تلك ما هي إلا مجرد بعض الأسماء، فأرض الوطن زاخرة بأخريات. وتنوعت الأسماء بين كاتبات، ومبدعات، وأساتذة الجامعات في مختلف التخصصات، وإعلاميات، وفنانات، وناشطات، وغيرهن الكثيرات.
وإنها لمبادرة رائعة أن تطرح الحركة (أو الائتلافات المختلفة) مثل تلك القوائم، كي لا يتناسهم من يدعون ملكية الحقيقة، ويدعون أن الوطن خلو من المؤهلات للتصدي لتلك المهمة الجسيمة. فجميعنا يعرف أن الثورة المضادة (ضد الحركة النسوية) تستخدم أساليب مختلفة للقضاء عليها، كما أوضحت الكاتبة الصحفية سوزان فَالُودِّي في كتابها الذي يحمل ذات العنوان (الثورة المضادة) والذي حصل على جائزة النقاد عام 1991. تستخدم الثورة المضادة: المقاطعة، والازدراء، والاستهانة، والإجحاف، والقوالب السلبية الجاهزة، وغيرها. ولقد رأينا بعض ذلك ممثلا في نتائج انتخابات مجلسي الشعب والشورى، حيث لم تحصل السيدات على أكثر من ٢٪ من التمثيل البرلماني، فأين هي المرأة المصرية التي قاسمت الرجال أيام وليالي التحرير أثناء الثورة المجيدة من "برلمان الثورة"؟ لقد ارتد المجتمع البطريركي إلى أصوله والتزم بالقواعد الاجتماعية الذكورية، فلم تدفع الأحزاب المصرية - حتى الأكثر ليبرالية بينها - بالنساء إلى طليعة القوائم الحزبية، مما نتج عنه تلك النتيجة المزرية.
ولذا فقد كانت سعادتي غامرة برؤية النساء المصريات (كأفراد، وكتجمعات، وكتكلات، وكأحزاب) يأخذن زمام المبادرة ويعددن قائمة بمائة وخمسين شخصية كمرشحات للجنة إعداد الدستور. ولقد سعدت قبلها بأيام حين قرأت مشروع إعداد بعض نصوص الدستور قامت به مؤسسة المرأة والذاكرة، أو ما بات يعرف بِـ "مجموعة عمل النساء والدستور". حيث أقامت ورشات عمل لمجموعة متنوعة من النساء الناشطات والحقوقيات والباحثات، والتي قرئن فيها دساتير مصر السابقة (٢٣، ٥٤، ٥٦، ٧١) كما اطلعن على دساتير دول أوربا الشمالية: السويد، والنرويج، وألمانيا، ودستور جنوب أفريقيا، والأكوادور. وبالطبع لم تأت اختياراتهن اعتباطًا، فمن المعروف أن الدول الإسكندنافية بها أعلى نسبة عالمية من مساواة بين الرجل والمرأة، كما أن دستور جنوب أفريقيا معروف بأنه من أكثر الدساتير حداثة. وبعد الدراسة المتأنية لتلك الدساتير صغن مواد دستورية أضفين فيها البعد الإنساني على مواد الدستور المقترح (وذلك بإضافة لفظة "مواطنة" للفظة "مواطن") ليعكس الطبيعة الحقيقية للمجتمع المصري الذي يتكون من رجال ونساء. ومع أن هذه قد تبدو إضافة هامشية للبعض، فإنني أرى أنها من الأهمية بمكان، فعكس التكوين الفعلي للمجتمع سيجبر الُمشرع المصري على أخذ النساء على محمل الجد، كما ستلغي تلك الإضافة "حجب النساء" الذي تمارسه البطريركية كتكتيك إلغائي، تحت ذريعة أن جمع المذكر السالم يعود على الرجال والنساء معًا. كما تدخلت المجموعة في بعض البنود الأكثر تحديدًا، فحرصن على الحفاظ على روح الدساتير المصرية، مع إضافة مبادئ تؤكد على المساواة وعدم التمييز، وحقوق المرأة في المشاركة السياسية، والعمل، والتعليم، والحرية الشخصية، والرعاية الصحية.
ثم قامت المجموعة (مجموعة عمل النساء والدستور) بإرسال المسودة إلى حقوقيين وحقوقيات لمراجعتها. ومن ثَمْ أقمن ندوة لمناقشة موسعة لما اقترحن من مواد معدلة، ودعون لها تحالف المنظمات النسوية. وبعد أن أقرت مؤسسات المجتمع المدني تلك التعديلات المقترحة، وأعلن تأييدهن لها، دعت مجموعة العمل المجموعات النسائية الجديدة (ومنها حركة "بهية يا مصر" التي أعلنت القائمة سابقة الذكر) للانضمام إلى المبادرة. وتعمل مجموعة عمل النساء والدستور الآن على عرض الوثيقة على لجان المرأة بالأحزاب الليبرالية واليسارية، وعلى الجمعية التأسيسية لوضع الدستور حتى يضمن إدراج بنودها في الدستور القادم.
وعلينا أن نحيى روح المبادرة هذه، كما نحيى مبادرة بهية يا مصر على تهيئة قائمة مقترحة بعضوات مطلوب انضمامهن إلى الجمعية التأسيسية للدستور. فبمثل تلك الخطوات والمبادرات ترسم سيدات مصر وفتياتها الطريق قدمًا لغد تتبوأ فيه المرأة المصرية مكانها المنشود في الوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في أول تجمع انتخابي بعد محاولة الاغتيال.. ترمب: أتعرض لاستهد


.. السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز يقدم مشروع قرار لوقف بيع أسل




.. ستارمر يواجه تحقيقا بسبب عدم تصريحه عن شراء كبير متبرعي حزب


.. بيان الشبيبة بخصوص أحداث الهروب الجماعي نحو سبتة المحتلة




.. الأمين لحزب التقدم والاشتراكية محمد نبيل بنعبد الله في تصريح