الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المرأة في شعر زهير بردى

مثنى كاظم صادق

2012 / 4 / 30
الادب والفن



قد تكون الحياة الشعرية لمعظم الشعراء ، متقدة من أنثى ، سواء أكانت هذه الأنثى في الحقيقة أو محض خيال ، ولعلي لا أبالغ إذا قلت : إن وجود المرأة في القصيدة هو ( حلم ) يتمنى الشاعر ألا يفيق منه ؛ لأنها أحدى مكونات العالم المثالي لديه ، حيث الدفء والتجلي الإلهي كما يراه المتصوفة . وبعد فيشكل ديوان زهير بهنام بردى ( الليل إلى الآن )(1) احتفاء من نوع شفيف خاص بهذا الكائن ابتداء من عتبة الإهداء ( إلى كل من تشبهني بـ : الهذيان / الفوضى / الجنون / إليك حتماً ) إذ تتجلى هذه العلاقة الخاصة وانشغاله بها وبكينونتها ، من خلال الإهداء الموجه النصي الدلالي ، الذي يمكننا قراءته ضمن مستويين الأول : عمق العلاقة بينه وبين الذات الأخرى التي تشبهه والثاني : أسلوبي تركيبي من خلال الحتمية التي وضعها في الإهداء ( إليك حتما ) مما يفضي إلى توكيد هذا التشابه على أن الإهداء ذو ملمح إيهامي فهو في بدايته يحمل الجمع ( إلى كل من تشبهني ) وينتهي بالإفراد ( إليك حتماً ) فهي إذن امرأة واحدة تلخص الجميع .... لكن أتراه يريد أن تكون المرأة شاعرة مثله ؟ ؛ لأن من صفات الشاعر( الهذيان والفوضى والجنون ) أو بتعبير أرسطو أن (الشاعر إنسان مريض في أعصابه ) أو لعله يريد أن تندمج التي تشبهه مع ذاته الشاعرة فيكون هو/هي ـ وهي/ هو من خلال حفاظه على عدم شطبها في قوله المتمرد ( دائما كنت اشطب ما يشبهني ) ص 20 إنه يشطب الأشياء غير العاقلة التي تشبهه إلا هي بدلالة استعماله ( ما ) الدالة على غير العاقل بدلا من استعماله الأداة ( من ) الدالة للعاقل ، إذن فهي خارج منطقة الشطب لأنه سيشطب نفسه معها !! . تشكل المرأة ثيمة مرهونة بالشاعر ، فهما لا ينفكان عن بعضهما ( مادمت / أسير إليك الليلة / أكيد لست حزيناً جداً ) فالمسير إليها يخفف من هذا الحزن الذي يريد أن يخلعه كاملا ، بالوصول إليها ضمن حالة الديمومة في هذا المسير ؛ فنراه يكرر إليك كثيراً فهي الغاية والمنتهى والهدف ( أن امضي إليك ) 13 ( لن أكون لوحدي / من جديد / في الهروب إليك ) ص 14 فينفي زمن وحدته مستقبلاً ، ويؤكد النفي بـ ( لن ) بعدما كان وحيداً من قديم !! ( وحين أشطب سهواً / ما ينفرط من جسدي إليك / حتما / سأسير وقتها إليك الليلة )ص 14 مؤكداً على حتمية السير ، إن هذا الإلحاح بالمسير والمضي والهروب ، قد جعله يتعب ويطلب منها مجازاته على هذا المسير ( أجل تعالي / اقطفي الحب معي / مادمت أسير إليك الليلة ) ص 16 فهي دعوة بصيغة الأمر ، مشروطة بالمشاركة بقطاف الحب ؛ لأنه يسير إليها بغية الاتحاد معها ، وتبياناً لهذا المسير وإظهاراً له وعدم التوقف بحث الخطى إليها ؛ مما جعله يشطر ذاته شطرين للمسير ( سأسير معي إليك ) ص 16 ويبقى الشاعر في هذا المسير الليلي المتعب في عملية تشويق للمتلقي بنهاية هذا السير المضني ، فيقرر هدفه ـ أخيراً ـ من هذا المسير ( لأمسك جمالك الباذخ ) ص 19 فقد شكل المسير إلى المرأة حضوراً واسعاً وثرياً بمعانيه ، ودلالته ، مما يعبر عن انشغال الشاعر كثيرا بها ، واستغراقه في حضرة جمالها الباذخ ؛ لذا جعلها بعيدة عنه في المسافة ؛ ضمن إحساسه أنه موجود بها وموجودة به ، فهذا الجمال الباذخ هو تعويذته الليلية التي يحملها في السير؛ مما ربط هذه الثيمة ـ السير في الليل ـ بثريا نصه الشعري ( العنوان ) الذي أعده كناية كبرى لهذه المجموعة . إن المرأة قد تداخلت كفكرة مشحونة بالعاطفة الذاتية ، حاضرة لا يمكن أن تشطب من خيال الشاعر وذهنه ، لدرجة أنه يقول : ( ما استطعت أن اشطب إلا أناي ) ص 21 فهو لا يجرؤ على شطبها معه ، وهذا ما منح للمرأة في تجربته الإبداعية هذه معناها المتميز .
(1) الليل .... إلى الآن ، شعر زهير بهنام بردى ، تموز للطباعة والنشر ط1 / 2011








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حوار من المسافة صفر | المسرحية والأكاديمية عليّة الخاليدي |


.. قصيدة الشاعر العقيد مشعل الحارثي أمام ولي العهد السعودي في ح




.. لأي عملاق يحلم عبدالله رويشد بالغناء ؟


.. بطريقة سينمائية.. 20 لصاً يقتحمون متجر مجوهرات وينهبونه في د




.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل