الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساؤلات حول ثقافة ما بعد الثورة في سوريا

راميا محجازي

2012 / 4 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


عزيزي القارئ : إذا ما أمعنت النظر الآن في سوريا في هذا الربيع الذي أزهر فيها عطرا جديدا , لن تمل التـأمل بذلك النسج الحضاري المبهر الذي يضفي على معالم الثقافه فيها ألوانا قزحية أصيلة التكوين منذ بداية تاريخيها الجميل , و ما يلهبنا اليوم من مشاعر حزينة إثر ما تمر به اليوم من ألم يجب ألا يكون عائقاً يبعدناً عن العمل بكل جدية و فاعلية لبناء أسس ومرتكزات تكون لبنة جديدة تتمازج ضمنها التركيبات الاجتماعية والعرقية لتطرح نتاجاً متآلف المعايير متناسق الشكل ومحدد المعالم يتناسب والطرح المدني الديمقراطي الذي يعبر عن اتجاه رياح التغيير التي تجتاح سوريا و التي تجتث في كل يوم من حراكها نبتاً فاسداً زرعه النظام الأسدي البعثي الاستبدادي لأكثر من أربعة عقود .
إن ما تحمله سوريا على أرضها من مكونات عرقية لهو بحق ثروة لا بد من استغلالها في المرحلة القادمة بأقصى ما تسمح به إمكاناتنا البشرية , و بكل طاقاتنا و أحلامنا ومواهبنا .
فكل مكون عرقي في سوريا هو حضارة كاملة و تاريخ ولغة وحلم وطموح وفكر عريق أصيل ومختلف ,هو محور قائم بحد ذاته يمكن أن يدعم بقوة بناء مستقبل سوريا الغد , سوريا التي تلزمنا بناءها من جديد بعقول حرة مرنة تستوعب الآخر وتتقبل الجديد الجميل النقي و تلفظ أي عرقية أو محاولات إقصائية لأي مكون من مكوناتها المتميزة وبالتالي كل ما من شأنه الحد مما قد تبدعه عقولنا و تثمر به طاقاتنا .
في مرحلة ما بعد الثورة لا بد لنا من العمل الدؤوب لتحقيق الوطن الحلم , الوطن الأمل لتشع حضارة سوريتنا كجوهره نادرة تجذب إليها كل من يهوى الفكر الحضاري و يعشق كل ما هوجديد و أصيل و متميز .
إن أرض سورية الحبيبة عانت على مدى عقود طويلة من أيادي بغيضة و عقول عقيمة حالت دون الاستفادة من البذور الحضارية المتنوعة التي تنتجها قوميات كان لسواعد وعقول أبنائها الأثر الكبير في تأسيس ملامح سوريا الأصالة ,بل حاولت و بكل عبثية طمس ما فيها من إشراقات وطمس معالمها الثقافيه بذرائع لا تمت للإنسانية بصلة ولا تحقق أدنى طموح من طموحات شعب أرض ثمين الثروات كسوريا .
منذ بداية الحكم البعثي عمل النظام الحاكم بكل طاقته على السيطرة على البناء الفكري للشعب السوري طامحاً من ذلك إلى بناءه بما يتناسب مع نهجه ويساهم في تمكين سيطرته عليه , فقد سعى على سبيل الذكر إلى التـأثير في الأيديولوجيا العامه لجيل الشباب والأطفال بشكل خاص و إلى توجيههم في المسار الذي ينتج عنه جيل أسير مكبوت عاجز وغير قادر على استيعاب الآخر , كان ذلك عبرسيطرته سيطرة كاملة على المناحي الثقافية و المناهج التربوية و التعليمية , وتسييسها بحيث تنتج جيلا مكبل الطموح , مقيد الخيارات, ذا توجه محدود يخدم مصالحها .
لقد وظف النظام لأجل ذلك طاقات هائلة من مؤسسات شعبية تحت مسميات مختلفة ودسها في المجتمع ليرتوي من نهجها أبناؤنا و شبابنا كما ارتوينا نحن من سمومها .
لم يكن هدف النظام منذ بداية سيطرته على الحياة السياسيه في سوريا إحكام قبضته على المرافق السياسية و الثروات الاقتصادية فحسب و إنما كان طموحه أبعد من ذلك فقد عمل على التحكم بالثروات البشرية من أدمغة وعقول واعدة و قام بتهجير الأدمغة واستبعاد العقول المبدعة التي من شأنها نشر الوعي بين أفراد الشعب و تغذيته ثقافياً بما لا يتفق مع أهداف نظام دكتاتوري مستبد .
الشعب السوري أصيل بطبعه عاشق للحرية فطريا لم تستطع أشرس الأنظمة الهمجية في العالم والمتمثلة بالنظام الأسدي أن تكسر شوكته أو تذلّه أو أن تشق صفوف أبنائه لتحول دون تماسكهم و تعاضدهم لأجل رعاية الأرض الأم أرض سوريا .
وما تشهده اليوم أرض سوريا الحبيبة من تماسك وتمازج لا مثيل له بين مختلف القوميات والطوائف الدينية ما هو إلا مشهد حضاري ينم عن مدى وعي الشعب السوري رغم كل المحاولات الفاشلة التي يقوم بها النظام لزعزعة العلاقات بين أبناء الوطن الواحد .
لقد أخفق النظام الأسدي بعد أكثر من أربعين عاماً, في إدراك الماهية الحقيقية لأبناء سوريا , لم بعلم بأن الأرض الأم غذت بنيها على المحبة والتلاحم وأنشأتهم على الايثار والعزة وعلمتهم الكرامة والحرية
عزيزي القارئ :
تساؤلات عديدة تحاول أن تهز إيماننا بآفاق الحرية التي ننشدها من ثورتنا , تساؤلات عديدة تحاول أن تشق تلاحمنا و توهن عزيمتنا حول ثقافة ما بعد الثورة و سياسة مابعد الثورة , ديانة ما بعد الثورة و ثورة ما بعد الثورة ؟؟؟ إن هذه التساؤلات أوالمخاوف التي نعيشها ماهي إلا نتيجة طبيعية لما مررنا به من سنين طويلة من التهميش واللا إنسانية في التعامل مع حقوقنا كسوريين . إنها نتيجة الظلم الاجتماعي والاستبداد السلطوي في كافة مرافق الحياة حتى بات أـمل المواطن السوري أن يعيش أبسط حقوقه وهنا كاد أن ينتهي الحلم .
من عمق مطالب ثورتنا الخلاص من النظام الاستبدادي القمعي الهمجي و ثورة مطالبها الحرية والكرامة الإنسانية , ثورة مطالبها أن تبني دولة العدالة والمدنية والديمقراطية , لايمكن إلا أن تنهي مخاوفنا و تقضي عليها
إذا لنعمل معا بحرية بعيداً عما يقلقنا لنبدع وطنا حراً. فأرضنا الأم تدعونا لأن نكون يداً واحدة ....و وعدنا لن نخذلك أيتها الأرض الطيبة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجزائر: مطالب بضمانات مقابل المشاركة في الرئاسيات؟


.. ماكرون يثير الجدل بالحديث عن إرسال قوات إلى أوكرانيا | #غرفة




.. في انتظار الرد على مقترح وقف إطلاق النار.. جهود لتعزيز فرص ا


.. هنية: وفد حماس يتوجه إلى مصر قريبا لاستكمال المباحثات




.. البيت الأبيض يقترح قانونا يجرم وصف إسرائيل بالدولة العنصرية