الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الثور المجنّح

جمعة كنجي

2012 / 5 / 1
الادب والفن


الثور المجنّح


بينما كان الثور يرعى في أحد الحقول ، خطرت له فكرة غريبة. تمنى أن يكون ذكياً كالانسان ، سريعاً كالطير ، قوياً كالأسد. وظلّت هذه الفكرة تشغل باله طوال اليوم. وفي المساء ، عندما عاد إلى حظيرته ، رأى رجلاً في الطريق، فقال لنفسه: لو أخبرتُ إنساناً بفكرتي ، فقد يساعدني على تحقيقها! .
وهكذا توجه نحو الرجل وسأله :
أيها الأنسان! كيف أستطيع أن أكون ذكياً مثلك؟!
نظر الرجلُ إلى الثور باستغراب. فهذا الحيوان ذو الرقبة الغليظة ، والجسم الضخم ، يريد أن يكون ذكياً كالأنسان ، فمن يستطيع أن يحقق له أمنيته؟.. وظنَّ الرجل أن الثور يمزح ، فربّت على ظهره ، وقال محاولاً إقناعه :
يا صديقي الثور!. إن أمنيتك صعبة التحقيق ، فلكي تصبح ذكياً كالانسان ، ينبغي أن يكون لك رأس مثل رأس الانسان . وتذكّر بأنه ليس بين البشر إنسان عاقل يمكن أن يتنازل عن رأسه لثور مثلك؟ .

انزعج الثور ، ولوى رقبته الغليظة ، فبدأ وكأنه غارق في تفكير عميق:
لن يصير ذكياً مثل الانسان ، لأنه لن يحصل على رأس مثل رأس الأنسان.. ولكنه يتمنى أيضاً أن يكون سريعاً مثل الطيور. ماذا في ذلك؟. ولعلّ الرجل يستطيع أن يساعده في تحقيق هذه الأمنية فقال الثور للرجل وهو يجتر:
أريد أن اكون سريعاً مثل الطير. أليس هذا ممكناً؟!
ضحك الرجل وهو يقول :
كن عاقلاً يا صديقي الثور . جسمك ثقيل ، ولا يصلح للطيران !
عندئذ قال الثور:
إذا كان هذا أيضاً غير ممكن التحقيق ، فأنا أريد أن أكون قوياً كالأسد!
فردّ الرجلُ قائلاً :
أنت قوي فعلاً يا صديقي . والناس يضربون المثل بقوتك.. ولكنك لن تكون قوياً كالأسد ، فهو حيوان مفترس ، له مخالب حادة ، وأنت حيوان أليف ، تأكل الحشائش ، ولك أظلاف !
حزن الثور لأن الرجل لم يعرف كيف يحقق أمانيه . ومضى بعيداً وهو في غاية الأسى . حطّت على مؤخرته ذبابة ، فضربها بذيله وقتلها. وعندما كان يهمُّ بعبور جدول ، لحق به الرجل وهو يصيح بصوت عالي:
يا صديقي الثور . قف ! قف . لقد وجدتُ الحلَّ .
رقص الثور من شدة الفرح ، واستدار نحو الرجل وسأله :
وما هو الحل يا صديقي الرجل؟ . وهل سأصير حقاً ذكياً كالانسان ، سريعاً كالطير ، قوياً كالأسد ؟؟.
أجاب الرجلُ : بكل تأكيد .
ـ وكيف ؟
ـ جارنا نحّات ، وبأمكانه أن ينحت لك كل ما تريد من الحجر !.
رضي الثور بفكرة الرجل ، ومضى معه إلى بيت النحات . وعندما عرض عليه الثور فكرته ، فرح بها النحات كثيراً ، وطلب منه أن يقيم معه في بيته . وانكبَّ النحات على العمل ، فنحت للثور رأس إنسان ، وصنع له جناحي طير ، ومخالب أسد ، فتحول إلى ثور مجنح .
ومضت قرون عديدة ، ظلَّ الثور المجنح خلالها رابضاً في بيت النحات ، ثم طارَ عبر الزمن ليحلَّ بين الناس في وقتنا هذا . وتعجب كثيرون من رأسه الصخري ، الذي يشبه رأس إنسان ، ولكن الثور كان ذكياً ـ برغم رأسه الصخري ـ وعرف كيف يتحدث للناس عن الماضي السحيق، وازدادت دهشتهم أكثر حين عرفوا أن هذا الثور الشجاع ظلَّ رابضاً يحرس أبواب المدن العراقية القديمة منذ آلاف السنين ولحد الآن.

جمعه كنجي

ـــــــــــــ
الثور المجنّح
منشورات مكتبة الطفل
دائرة ثقافة الأطفال
وزارة الثقافة والفنون. الجمهورية العراقية
تأليف: جمعه كنجي
تصميم: شريف الراس
رسوم: حسام عبد المحسن
دار الحرية للطباعة 1979ـ توزيع الدار الوطنية
ـــــــــــــــــــــ
جمعة كنجي
ـ مواليد 1933 الموصل ، بعشيقة/ بحزاني
- انهى الدراسة الاعدادية - القسم - الادبي - سنة 1953
- خريج الدورة التربوية سنة 1954، عين معلماً في مدارس سنجار والشيخان والموصل .
- بدأ الكتابة في الصحافة العراقية عام 1952، حيث نشر العديد من المقالات في جريدة ( فتى الموصل) وبعدها في أتحاد الشعب وطريق الشعب والفكر الجديد وشمس كردستان ومجلة طبيبك في بيروت.
ـ كان له اهتمام بالتراث ونشر العديد من المواضيع في مجلة التراث الشعبي .
-كتب القصة القصيرة ، وله عدة مجاميع غير منشورة.
-نشر قصص للأطفال من خلال دار ثقافة الطفل عام 1979.
-نشرت له مجموعة قصصية في سوريا بعنوان ذلك المسافر عام 1966 عن دار بترا للطباعة والنشر.
ـ له مخطوطة غير منشورة عن الديانة الأيزيدية .
-مارس العمل السياسي وقاد مظاهرة عام 1956 في الموصل اثناء العدوان على مصر ولوحق بسببها.
ـ اعتقل بسبب نشاطه السياسي لأكثر من مرة في عهود مختلفة كما اودع السجن في عهد 14 تموز بعد ملاحقة عبد الكريم قاسم لليساريين والشيوعيين من عام 1961 ..
ـ فصل من التعليم بعد انقلاب شباط 1963.
ـ التحق بصفوف الانصار ليشارك في تأسيس أول المقرات عام 1963 بعد الانقلاب مباشرة وقاد اول مجموعة مسلحة لمقاومة البعثيين إنطلقت من بحزاني.
ـ تعرضت عائلته للملاحقة والترحيل عام 1987 ومن ثم للتغييب والأبادة بعد اعتقالها في آب 1988 أثناء الأنفال التي شملت زوجته وثلاثة من ابنائه مع والدته وشقيقته وزوجة واولاد شقيقه حسين كنجي ـ ابو عمشه..
ولم يعثر على رفاتهم لحد اليوم رغم سقوط النظام وإكتشاف المئات من القبور الجماعية .
ـ منع من النشر وإستدعي عدة مرات من قبل جهاز الأمن وتعرض إلى سكته قلبية قاتلة يوم 18/10/1986 بعد خروجه من مبنى مديرية أمن نينوى مباشرة .
ـ وضعت جزء من قصصه في الحوار المتمدن وعدة مواقع للانترنيت..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صباح العربية | الفنان السعودي سعود أحمد يكشف سر حبه للراحل ط


.. فيلم تسجيلي عن مجمع هاير مصر للصناعات الإلكترونية




.. جبهة الخلاص الوطني تصف الانتخابات الرئاسية بالمسرحية في تونس


.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل




.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة